٣٤

وَ ما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللّه و ان كنت بين أظهرهم و إن كانوا يستغفرون وَ هُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ و قال الآخرون هذا كلام مستانف روى البخاري عن انس قال قال ابو جهل بن هشام اللّهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء او ائتنا بعذاب اليم فنزلت و ما كان اللّه ليعذبهم و أنت فيهم اخبارا عن نفسه فاختلفوا في تأويلها فقال الضحاك و جماعة و كذا اخرج ابن جرير عن ابن الزي تأويلها و ما كان اللّه ليعذبهم و أنت فيهم مقيم بين أظهرهم بيان لموجب إمهالهم و التوقف لاجابته دعائهم و اللام لتاكيد النفي و الدلالة على ان تعذيبهم عذاب استيصال و النبي بين أظهرهم خارج عن عادة اللّه تعالى غير مستقيم في قضائه خصوصا حال كونك فيهم و قد بعثت رحمة للعلمين و فيه اشعار بانهم يرصدون بالعذاب إذا هاجرت من بينهم قالوا نزلت هذه الآية على النبي صلى اللّه عليه و سلم و هو مقيم بمكة ثم خرج من بين أظهرهم و بقيت بها بقيته من المسلمين يستغفرون اللّه فانزل اللّه و ما كان اللّه معذبهم و هم يستغفرون يعنى فيهم من يستغفرون و هم المسلمون ثم خرج أولئك من بينهم فعذبوا و اذن اللّه في فتح مكة و هو العذاب الأليم الذي وعدهم و يدل على ان كون المؤمنين بينهم و استغفارهم منعهم من العذاب قوله تعالى و لو لا رجال مؤمنون و نساء مومنات لم تعلموهم الى قوله لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما قال ابن عباس لم يعذب اللّه قرية حتى يخرج النبي منها و الذين أمنوا و يلحق بحيث يوم فقال و ما كان اللّه ليعذبهم و أنت فيهم و ما كان اللّه معذبهم و هم يستغفرون يعنى المسلمين فلما خرجوا قال اللّه تعالى ما لهم ان لا يعذبهم اللّه اى ما لهم مما يمنع تعذيبهم إذا زال ذلك و كيف لا يعذبون و هم يصدون الناس عن المسجد الحرام و حالهم ذلك و من صدهم الجاء رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى الهجرة فعذبهم اللّه يوم بدر قال ابو موسى الأشعري كان فيكم أمانان و ما كان اللّه ليعذبهم و أنت فيهم و ما كان اللّه معذبهم و هم يستغفرون فاما النبي صلى اللّه عليه و سلم فقد مضى و الاستغفار كائن فيكم الى يوم القيامة

و اخرج الترمذي و ضعفه عن ابى موسى قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انزل اللّه علىّ امانين لامتى و ما كان اللّه ليعذبهم و أنت فيهم و ما كان اللّه معذبهم و هم يستغفرون فاذا مضيت تركت فيهم الاستغفار الى يوم القيامة و قال بعضهم هذا الاستغفار راجع الى المشركين اخرج ابن ابى حاتم عن ابن عباس قال كان المشركون يطوفون بالبيت و يقولون غفرانك غفرانك فانزل اللّه تعالى و ما كان اللّه ليعذبهم الآية

و اخرج ابن جرير عن يزيد بن رومان قالت قريش بعضها لبعض محمد أكرم اللّه من بيننا اللّهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء فلما امسوا ندموا على ما قالوا فقالوا غفرانك اللّهم فقال اللّه سبحانه و ما كان اللّه ليعذبهم و هم يستغفرون الى قوله لا يعلمون و قال قتادة و السدى معنى ما كان اللّه معذبهم و هم يستغفرون ان لو استغفروا لم يعذبهم اللّه لكنهم لم يستغفروا و لو أقروا بالذنب و استغفروا لكانوا مؤمنين نظيره قوله تعالى ما كان ربك ليهلك القرى بظلم و أهلها مصلحون و قيل معنى الاية ان اللّه تعالى يدعوهم الى الإسلام و مصاحبة الرسول و الاستغفار بهذا الكلام كالرجل يقول لغيره لا أعاقبك و أنت تطيعنى اى أطعني حتى لا أعاقبك

و قال مجاهد و عكرمة و هم يستغفرون اى يسلمون يقول لو اسلموا ما عذبوا و روى الوالبي عن ابن عباس ان معناه و فيهم من سبق له من اللّه انه يومن و يستغفر و ذلك مثل ابى سفيان بن حرب و صفوان ابن امية و عكرمة بن ابى جهل و سهيل بن عمرو حكيم بن حزام و غيرهم و روى عبد الوهاب عن مجاهد و هم يستغفرون يعنى و في أصلابهم من يستغفر و قيل أراد بالعذاب في قوله تعالى و ما كان اللّه ليعذبهم عذاب استيصال و في قوله تعالى و ما لهم ان لا يعذبهم اللّه العذاب بالسيف و قيل أراد بنفي العذاب عذاب استيصال في الدنيا و بوقوع العذاب عذاب الاخرة وَ ما كانُوا أَوْلِياءَهُ قال الحسن كان المشركون يقولون نحن اولياء المسجد الحرام فنصد من نشاء و ندخل من نشاء فرد اللّه عليهم بقوله و ما كانوا أولياءه اى اولياء البيت إِنْ أَوْلِياؤُهُ اى البيت إِلَّا الْمُتَّقُونَ من الشرك الذين لا يعبدون فيه غير اللّه و قيل الضمير للّه تعالى وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٤) ان لا ولاية لهم عليه كانه نبه بالأكثر ان منهم من يعلم ذلك و يعاند او أراد بالأكثر الكل كما يراد بالقلة العدم «١».

(١) عن رفاعة بن رافع ان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال لعمر رضى اللّه تعالى عنه اجمع لى قومك فجمعهم فلما حصروا باب النبي صلى اللّه عليه و سلم دخل عمر عليه قد جمعت الان قومى فسمع ذلك الأنصار فقالو قد لزل في قريش الوحى فجاء من المتمع و الناظر ما يقال لهم خرج النبي صلى اللّه عليه و سلم فقام بين أظهرهم فقال هل فيكم من غيركم قالوا نعم حليفنا و ابن اختينا و موالينا قال النبي صلى اللّه عليه و سلم حليفنا منا و ابن أختنا منها و موالينا منا و أنتم تسمعون ان أوليائي الا المتقون فانكنتم أولئك فذاك و الا فانظروا يأتي الناس بالأعمال يوم القيامة و يأتون الأثقال فيعرض عنكم ١٢-.

﴿ ٣٤