٤٨

وَ اللّه بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٤٤) وَ إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ مقدر باذكر أَعْمالَهُمْ يعنى عداوة النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم و ارادة قتله و قتاله و قد ذكرنا في القصة حضور الشيطان عند قريش في دار الندوة و حين أرادوا المسير فذكرت التي بينهم و بين بنى بكر من الحرب جاءهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم وَ قالَ لهم لا غالِبَ لَكُمُ و لكم خبر لا يعنى لا غالب كائن لكم و ليس صلته و الا انتصب كقولك لا ضاربا زيدا عندك الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ لكثرة عددكم و ما لكم و أوهمهم ان ما يفعلون قربات مجيرة لهم حتى قالوا اللّهم انصر اهدى الفئتين و أفضل الدينين وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ من كنانة فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ المسلمون و المشركون و راى إبليس الملئكة نزلوا من السماء و علم انه لا طاقة له بهم نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ ولى مدبرا هاربا روى الطبراني عن رفاعة بن رافع و ابن جرير و ابن المنذر و ابن مردويه عن ابن عباس قال امر اللّه تعالى نبيه صلى اللّه عليه و اله و سلم و المؤمنين بألف و كان جبرئيل في خمسمائة مجنبة و ميكائيل في خمسمائة مجنبة و جاء إبليس في جند من الشياطين معه رايته في صوره رجال من بنى مدلج و الشيطان في صورة سراقة بن مالك بن جعشم فقال الشيطان للمشركين لا غالب لكم اليوم من الناس و انى جار لكم من الناس و اقبل جبرئيل الى إبليس فلما راه و كانت يده في يد رجل من المشركين انتزع إبليس يده ثم ولى مدبر او شيعته فقال الرجل يا سراقة الست تزعم انك جار لنا وَ قالَ إِنِّي بَرِي ءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللّه وَ اللّه شَدِيدُ الْعِقابِ (٤٥) فذلك حين رأى الملئكة فتشبث به الحارث بن هشام و اسلم بعد ذلك و هو يزعم انه سراقة لما سمع كلامه فضرب الشيطان في صدر الحارث فسقط الحارث و انطلق إبليس لا يلوى حتى سقط في البحر و رفع يديه و قال يا رب وعدك الذي وعدتني اللّهم انى اسألك نظرتك إياي و خاف اى يخلص اليه القتل فقال ابو جهل يا معشر الناس لا يهمنكم خذلان سراقة فانه كان على ميعاد من محمد و لا يهمنكم قتل عتبة و شيبة فانهم قد عجلوا فو اللات و العزى لا نرجع حتى نقرن محمدا و أصحابه بالجبال و لا الفين رجلا منكم قتل رجلا منهم و لكن خذوهم أخذا نعرفهم سوء صنيعهم و يروى انهم راوا سراقة بمكة بعد ذلك فقالوا له يا سراقة اخرمت الصف و أوقعت فينا الهزيمة فقال و اللّه ما علمت شيئا من أمركم حتى كانت هزيمتكم و ما شهدت و علمت فما صدقوه حتى اسلموا و سمعوا ما انزل اللّه فيه فعلموا انه كان إبليس تمثل لهم

قال البغوي قال قتادة قال إبليس انى ارى ما لا ترون و صدق و قال انى أخاف اللّه و كذب و اللّه ما به مخافة اللّه و لكن علم انه لا قوة به و لا منعة فاوردهم و أسلمهم و ذلك عادة عدو اللّه لمن أطاعه إذا التقى الحق و الباطل أسلمهم و تبرأ منهم و قال عطاء معناه انى أخاف اللّه ان يهلكنى فيمن يهلك و قال الكلبي خاف ان يأخذه جبرئيل و يعرفهم حاله فلا يطيعوه و قيل انى أخاف اللّه اى اعلم صدق وعده لاوليائه لانه كان على ثقة من امر اللّه و قيل معناه أخاف اللّه عليكم و اللّه شديد العقاب و قيل انقطع الكلام عند قوله انى أخاف اللّه ثم قال اللّه شديد العقاب عن طلحة بن عبيد اللّه بن كربز رضى اللّه عنه ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم قال ما رأى الشيطان يوما هو فيه أصغر و لا ادحر و لا احقر و لا اغيظ منه يوم عرفة و ما ذلك الا لما يرى من تنزل رحمة اللّه و تجاوز اللّه عن الذنوب العظام الا ما كان يوم بدر فقيل و ما راى من يوم بدر قال اما انه قد راى جبرئيل عليه السلام و هو يزع الملئكة رواه مالك مرسلا و البغوي في شرح السنة و المصابيح و المعالم و اذكر.

﴿ ٤٨