٣ وَ أَذانٌ اى اعلام فعال بمعنى الافعال كالامان و العطاء و منه الاذان للصلوة يقال اذنته فاذن اى أعلمته فعلم و أصله من الاذن اى أوقعت في اذنه و رفعه كرفع براءة على الوجهين (١) و قرئ رسوله بالجر للجوار عن ابن ابى مليكة قال قدم أعرابي في زمان عمر بن الخطاب فقال من يقرأني عما انزل اللّه على محمد فاقراه براءة فقال ان اللّه برئ من المشركين و رسوله بالجر فقال الاعرابى لقد برئ اللّه من رسوله ان يكن اللّه برئ من رسوله فانا ابرأ منه فتبع عمرو قالة الاعرابى ابترا من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال يا امير المؤمنين انى قدمت المدينة و لا علم لى بالقران فسالت من يقرائنى فاقرانى هذه السورة براة فقال اللّه برى من المشركين و رسوله و قال الاعرابى و انا و اللّه ابرا مما برا للّه منه فامر محمد بن الخطاب ان لا يقرا الناس الا عالم باللغة و امر الأسود فوضع النحو ١٢. [.....] مِنَ اللّه وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ «١» الْأَكْبَرِ قال البغوي روى عكرمة عن ابن عباس انه يوم عرفة قال و روى ذلك عن عمر بن الخطاب و ابن عمرو ابن الزبير «٢» رضى اللّه عنهم و هو قول عطاء و طاووس و مجاهد و سعيد بن المسيب قلت و مستند هذا القول قوله صلى اللّه عليه و سلم الحج عرفة أخرجه احمد و ابو داود و الترمذي و النسائي و ابن حبان و الحاكم و الدار قطنى و البيهقي من حديث عبد الرحمن بن معمر و اخرج ابن ابى حاتم عن مسور ابن مخرمة ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال يوم عرفة و هذا يوم الحج الأكبر قال البغوي قال جماعة هو يوم النحر روى عن يحيى بن الخراز قال خرج على رضى اللّه عنه يوم النحر على بغلة بيضاء يريد الجبانة فجاء رجل أخذ بلجام دابته و ساله عن يوم الحج الأكبر فقال يومك هذا خل سبيلها اخرج الترمذي عن على قال سالت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن يوم الحج الأكبر قال و بروى ذلك عن عبد اللّه بن ابى اوفى و المغيرة ابن شعبة و هو قول الشعبي و سعيد بن جبير و السدى قلت و اخرج ابو داود و الحاكم و صححه من حديث ابن عمر انه صلى اللّه عليه و سلم وقف يوم النحر عند الجمرات في حجة الوداع فقال هذا يوم الحج الأكبر قال البغوي و روى ابن جريح عن مجاهد يوم الحج الأكبر حين الحج ايام منى كلها و كان سفيان الثوري يقول يوم الحج الأكبر ايام منى كلها مثل يوم صفين و يوم الجمل و يوم بعاث يراد به الحين و الزمان فان هذه الحروب دامت أياما كثيرة و وصف الحج بالأكبر لان العمرة يسمى بالحج الأصغر كذا قال الزهري و الشعبي و عطاء و اللّه اعلم قالوا هذه الآية تدل على ان ابتداء الأشهر الاربعة يوم الحج الأكبر قلت ليس في آية الاذان الواقع يوم الحج الأكبر التقييد باربعة أشهر حتى يدل على ان ابتداء الأشهر من ذلك اليوم بل قال اللّه تعالى و أذان من اللّه و رسوله الى الناس يوم الحج الأكبر أَنَّ اللّه اى (١) و عن الحسن انه سئل عن يوم الحج الأكبر فقال ذاك عام حج فيه ابو بكر استخلفه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فحج بالناس و اجتمع فيه المسلمون و المشركون فلذلك سمى الحج الأكبر و وافق عبد اليهود و النصارى ١٢. (٢) عن الشعبي ان أبا ذر و الزبير بن العوام سمع أحدهما من النبي صلى اللّه عليه و سلم انه قرأها يوم الجمعة على المنبر فقال لصاحبه متى أنزلت هذه الاية فلما قضى صلوته قال له عمر بن الخطاب لا جمعة لك فاتى النبي صلى اللّه عليه و سلم فذكر ذلك فقال صدق عمر ١٢. بان اللّه بَرِي ءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ٥ وَ رَسُولُهُ قرأ يعقوب رسوله بالنصب عطفا على اسم ان او لان الواو بمعنى مع و الباقون بالرفع عطفا على المستكن في برئ او على الابتداء و الخبر محذوف اى و رسوله برئ و هذا تعميم بعد تخصيص فان الاية الاولى فيها براءة مختصة بالذين عوهدوا و المراد به الناكثين منهم بدليل الاستثناء الآتي و في هذه الآية براءة عامة الى المشركين أجمعين عاهدوا ثم نكثوا او لم يعاهدوا منهم و لذا قال الى الناس فلا تكرار غير ان الذين عاهدوا و لم ينكثوا خارجون عن هذه البراءة ايضا لقوله تعالى فاتموا إليهم عهدهم و ليس في هذه الاية الأمر بالسياحة اربعة أشهر حتى يلزم اعتبار ابتداء المدة من هذا اليوم و عندى ان قوله تعالى براءة من اللّه و رسوله و ان اللّه برئ و ان كانت نازلة في المشركين الموجودين في ذلك الوقت الناكثين عهودهم في غزوة تبوك و غير المعاهدين منهم لكن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص المورد فالآية محكمة ناطقة لوجوب قتال الناكثين و غير المعاهدين ابدا فالمراد بقوله تعالى فسيحوا في الأرض اربعة أشهر من كل سنة و هى الأشهر الحرم بدليل قوله تعالى فاذا انسلخ الأشهر الحرم الآية و قوله تعالى ان عدة الشهور عند اللّه اثنى عشر شهرا في كتاب اللّه يوم خلق السموات و الأرض منها اربعة حرم فان قيل قال قوم القتال في الأشهر الحرم كان كبيرا ثم نسخ بقوله تعالى قاتلوا المشركين كافة كانه يقول فيهن و في غيرهن و هو قول قتادة و عطاء الخراسانى و الزهري و سفيان الثوري و قالوا لان النبي صلى اللّه عليه و سلم غزا هوازن بحنين و ثقيفا بالطائف و حاصر في شوال و بعض ذى القعدة قلنا هذا لقول عندى غير صحيح لان قوله تعالى قاتلوا المشركين كافة من تتمة قوله تعالى ان عدة الشهور عند اللّه اثنى عشر شهرا في كتاب اللّه يوم خلق السموات و الأرض منها اربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم و قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة و لا بد في الناسخ من التراخي و القول بالتخصيص هاهنا غير متصور و القول بان معنى قوله تعالى قاتلوا المشركين كافة فيهن و في غيرهن باطل لانه يدل على تعميم الافراد دون تعميم الزمان و حصاره صلى اللّه عليه و سلم الطائف في بعض ذى القعدة ثابت بأحاديث الآحاد و لا يجوز نسخ الكتاب بها كيف و سورة التوبة نزلت بعد غزوة الطائف و قد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في خطبة يوم النحر في حجة الوداع قبل وفاته بثمانين يوما ان الزمان استدار كهيئة يوم خلق السّموات و الأرض السنة اثنا عشر شهرا منها اربعة حرم ثلث متواليات ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم و رجب مضر الذي بين جمادى و شعبان الحديث رواه الشيخان في الصحيحين من حديث ابى بكرة و يحتمل ان يكون جواز حصار الطائف في ذى القعدة مختصا بالنبي صلى اللّه عليه و سلم أبيح له القتال فيها كما أبيح له القتال في الحرم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوم فتح مكة ان هذا البلد حرمه اللّه يوم خلق السّموات و الأرض فهو حرام بحرمة اللّه الى يوم القيامة و انه لم يحل القتال لاحد قبلى و لم يحل لى الا ساعة من نهار الحديث متفق عليه من حديث ابن عباس و في الصحيحين من حديث ابى شريح العدوى فان أحد ترخص بقتال رسول اللّه فيها فقولوا له ان اللّه قد اذن لرسوله و لم يأذن لكم و انما اذن لى فيها ساعة من نهار و قد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس- (قصّة) لما نزلت هذه في شوال سنة تسع بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عليا ليقرأها على الناس في الموسم روى النسائي عن جابر انه صلى اللّه عليه و سلم بعث أبا بكر على الحج فاقبلنا معه حتى إذا كنا بالعرج ثوب «١» بالصبح فلما استوى للتكبير سمع الرغوة خلف ظهره و وقف عن التكبير فقال هذه رغوة ناقة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الجدعاء لقد بد الرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في الحج فلعله ان يكون رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فنصلى معه فاذا على عليها فقال له ابو بكر امير أم رسول قال لا بل رسول أرسلني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ببراءة اقرأها على الناس في مواقف الحج «٢» فقدمنا مكة فلما كان قبل يوم التروية بيوم قام ابو بكر فخطب الناس فحدثهم عن مناسكهم حتى إذا فرغ قام على فقرأ على (١) تثويب الصلاة خير من النوم گفتن در أذان فجر ١٢. (٢) عن عروة قال بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أبا بكر أميرا على الناس سنة تسع و كتب سنن الحج و بعث معه على بن ابى طالب بآيات من براءة فامره ان يوذن بمكة و بمنى و بعرفات و المشاعر كلها بانه بريت ذمة اللّه و ذمة رسوله من كل مشرك حج بعد العام او طاف بالبيت عريانا و أجل من كان بينه و بين رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عهد اربعة أشهر رسار على راحلة و الناس كلهم يقرأ عليهم القران براءة من اللّه و رسوله و قرا عليهم يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد و اخرج الترمذي عن انس قال بعث النبي صلى اللّه عليه و سلم ببراءة مع ابى ثم دعاه فقال لا ينبغى لاحد ان يبلغ هذا الا رجل من أهلي فدعا عليا فاعطاه إياها و عن سعد بن ابى قاص ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بعث أبا بكر ببراءة الى اهل مكة ثم بعث عليا على اثره فاخذنا منه و قال ابو بكر وجد في نفسه قال النبي صلى اللّه عليه و سلم يا أبا بكر لا يودى عنى الا انا او رجل منى ١٢. الناس براءة حتى ختمها ثم خرجنا معه حتى إذا كان يوم عرفة قام ابو بكر فخطب الناس فعلمهم مناسكهم حتى إذا فرغ قام على فقرأ على الناس براءة حتى ختمها ثم كان يوم النحر فافضنا فلما رجع ابو بكر خطب الناس فحدثهم عن إفاضتهم و عن نحرهم و عن مناسكهم فلما فرغ قام على فقرأ على الناس براءة حتى ختمها فلما كان يوم النفر الاول قام ابو بكر فخطب الناس فحدثهم كيف ينفرون و كيف يرمون يعلمهم مناسكهم فلما فرغ قام على فقرأ على الناس براءة حتى ختمها قال البغوي بعث أبا بكر تلك السنة أميرا على الموسم ثم بعث بعده عليا على ناقته العضباء ليقرأ على الناس صدر سورة براءة و امره ان يوذن بمكة و منى و عرفات ان قد برئت ذمة اللّه و ذمة رسوله من كل مشرك و لا يطوف بالبيت عريان فرجع ابو بكر فقال يا رسول اللّه بابى أنت و أمي ا انزل في شانى شى ء قال لا و لكن لا ينبغى لاحد ان يبلغ هذا الا رجل من أهلي اما ترضى يا أبا بكر انك كنت معى في الغار و انك صاحبى على حوضى قال بلى يا رسول اللّه فسار ابو بكر رضى اللّه عنه أميرا على الحج و على رضى اللّه عنه ليؤذن براءة فلما كان قبل يوم التروية بيوم خطب ابو بكر الناس و ورثهم عن مناسكهم و اقام للناس الحج و العرب في تلك السنة على منازلهم التي كانوا عليها في الجاهلية من الحج حتى إذا كان يوم النحر قام على ابن ابى طالب رضى اللّه عنه فاذن في الناس بالذي امر و قرا عليهم سورة براءة «١» و قال زيد ابن تبغ سالنا عليا باى شى ء بعثت في الحجة قال بعثت بأربع لا يطوف بالبيت عريان و من كان بينه و بين رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عهد فهو الى مدته و من لم يكن له مدة فاجله اربعة أشهر و لا يدخل الجنة الا نفس مومنة و لا يجتمع المسلمون و المشركون بعد عامهم هذا روى الشيخان في الصحيحين عن حميد بن عبد الرحمن عن ابى هريرة قال بعثني ابو بكر رضى اللّه عنه في تلك الحجة في مؤذنى يوم النحر يؤذن بمنى الا لا يحج (١) و اخرج الترمذي و حسنه و الحاكم و صححه عن ابن عباس ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بعث أبا بكر و امره ان يناوى بهؤلاء الكلمات ثم اتبعه عليا و امره ان يناوى بهؤلاء الكلمات فانطلقا فحجا فقام على في ايام التشريق فنادى ان اللّه برى من المشركين و رسوله فسيحوا في الأرض اربعة أشهر و لا يحجن بعد العام مشرك و لا يطوف بالبيت عريانا و لا يدخل الجنة الا مومن فكان على ينادى فاذا عيى قام ابو بكر فناوى بها ١٢. بعد العام مشرك و لا يطوف بالبيت عريان قال حميد بن عبد الرحمن ثم اردف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عليا فامره ان يؤذن ببراءة قال ابو هريرة فاذن معنا على في اهل منى يوم النحر لا يحج بعد العام مشرك و لا يطوف بالبيت عريان- (فائدة) هذه القصة صريح في ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لم يعزل أبا بكر عن امارة الحج و انما بعث عليا ينادى بهذه الآيات و كان السبب في هذا ان العرب تعارفوا فيما بينهم في عقد العقود و نقضها ان لا يتولى ذلك الا سيدهم او رجل من رهط فبعث عليا ازاحة للعلة لئلا يقولوا هذا خلاف ما نعرفه فينا في نقص العهود و هذا معنى قوله صلى اللّه عليه و سلم لا ينبغى لاحد ان يبلغ هذا الا رجل من أهلي اخرج هذا اللفظ احمد و الترمذي و حسنه من حديث انس رضى اللّه عنه و ما ذكرنا من القصة بعضها في سند احمد و بعضها في الدلائل للبيهقى من حديث ابن عباس و بعضها في تفسير ابن مردوية من حديث ابى سعيد الخدري و غيره رضى اللّه عنهم فَإِنْ تُبْتُمْ رجعتم من الكفر و أسلمتم فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ فى الدنيا و الآخرة من كل شى ء وَ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ عن التوبة و الإسلام فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّه لا تفوتونه طلبا و لا تعجزونه هربا و تقدير الكلام و ان توليتم يعذبكم اللّه في الدنيا و الآخرة لانكم غير معجزيه وَ بَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣) بالقتل و الاسر في الدنيا و بالنار في الآخرة. |
﴿ ٣ ﴾