٢ أَ كانَ لِلنَّاسِ عَجَباً استفهام انكار للتعجب- و عجبا خبر كان و اسمه أَنْ أَوْحَيْنا و اللام فى للناس متعلق بمحذوف حال من قوله عجبا- و فى اللام دلالة على انهم جعلوه عجوبة لهم يوجهون نحوه انكارهم و استهزاءهم- و العجب حالة يعترى للانسان من رؤية شي ء على خلاف العادة و وجه الإنكار على استعجابهم ان عادة اللّه تعالى جارية من بدء خلق آدم عليه السلام على بعث الرسل من البشر و من ثمّ انزل اللّه تعالى وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا- و ايضا عادة الملوك جارية بان الكتاب و الخطاب يكون بلسان المخاطبين و الرسول من جنس من أرسل إليهم فانه لا بد للافادة و الاستفادة من المناسبة بينهما- قال اللّه تعالى قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا ... إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ يعنى من احاد رجالهم دون عظيم من عظمائهم- قالوا و ان كان بشرا فغير محمد كان أحق بالرسالة لَوْ لا «١» نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ أحد اشرف من محمد صلى اللّه عليه و سلم يعنون الوليد بن مغيرة من مكة و مسعود بن عمرو الثقفي من الطائف فانزل اللّه تعالى ردا عليهم أَ هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ الاية- و كان هذا من فرط حماقتهم و جهلهم بحقيقة الوحى- و قد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أعظم و أتم و أكمل فى كرائم الأوصاف و فى كل شي ء الا فى المال و خفة الحال أعون شي ء فى هذا الباب و لذلك كان اكثر الأنبياء قبله كذلك أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ ان هى المفسرة او المخففة من الثقيلة فى موضع مفعول أَوْحَيْنا و بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا عم الانذار إذ قلّ من أحد ليس فيه ما ينبغى منه الانذار- و خص البشارة بالمؤمنين لعدم استحقاق الكفار به أَنْ اى بانّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قال عطاء اى مقام صدق لا زوال له و لا بؤس فيه- يعنى منزلة رفيعة يسبقون إليها و يقيمون فيها- سمّيت قدما لان السبق و القيام يكون بالقدم كما سميت النعمة يدا لانها تعطى باليد- و اضافتها الى الصدق لتحققها و للتنبيه على انهم انما ينالونها بصدق القول و النية- و اصدق القول شهادة ان لا اله الا اللّه- و يعود الى ما قلنا ما قال ابن عباس فى تفسير القدم اى اجرا حسنا بما قدموا من أعمالهم- و ما قال الضحاك و اى ثواب صدق فان المنزلة عند اللّه يعبر بالأجر و الثواب- و قال الحسن يعنى به عملا صالحا اسلفوه يقدمون عليه- فهو بشارة بانهم يجدون عند ربهم ما قدموا من الأعمال فالقدم بمعنى التقدم- و قال ابو عبيدة كل سابق فى خير او شر فهو عند العرب قدم يقال لفلان قدم فى الإسلام- و له عندى قدم صدق او قدم سوء- و روى على بن ابى طلحة (١) فى الأصل لو لا انزل. عن ابن عباس هو السعادة فى الذكر الاول- و قال زيد بن اسلم هو شفاعة الرسول صلى اللّه عليه و سلم- قال البخاري قال زيد بن اسلم انّ لهم قدم صدق محمد صلى اللّه عليه و سلم قالَ الْكافِرُونَ تعنتا و عنادا لما راوا من الرسول صلى اللّه عليه و سلم أمورا خارقة للعادة و سمعوا كلاما معجزا عن المعارضة إِنَّ هذا يعنى الرسول صلى اللّه عليه و سلم لَساحِرٌ مُبِينٌ (٢) على وزن فاعل كذا قرا ابن كثير و الكوفيون و قرا الباقون لسحر بغير الف- و الاشارة حينئذ الى القران- يعنى ان هذا الكلام لكونه سحرا يمنعنا عن المعارضة و جاز ان يكون الاشارة الى كل معجزة رأوها-. |
﴿ ٢ ﴾