١٥

فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَ أَجْمَعُوا اى عزموا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ و جواب لما محذوف يعنى فعلوا به ما أرادوا- و

قال البغوي جوابه وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِ الاية على ان الواو زائدة كما فى قوله تعالى فَلَمَّا أَسْلَما وَ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَ نادَيْناهُ- اى لمّا أسلما ناديناه

قال البغوي قال وهب و غيره أخذوا يوسف بغاية الإكرام- و جعلوا يحملونه فلما برزوا الى البرية القوه- و جعلوا يضربونه فاذا ضربه أحد استغاث باخر فضربه الاخر- فجعل لا يرى منهم أحدا رحيما- فضربوه حتّى كادوا يقتلونه- و هو يصيح يا أبتاه لو تعلم ما يصنع بابنك بنوا الإماء- فلما كادوا ان يقتلوه قال لهم يهودا أ ليس قد أعطيتموني موثقا ان لا تقتلوه فانطلقوا به الى الجب ليطرحوه فيه و كان ابن اثنى عشر سنة و قيل ثمان عشر سنة- فجاءوا به على غير طريق الى بئر واسع الأسفل ضيّق الرأس- قال مقاتل على ثلاث فراسخ من منزل يعقوب- و قال كعب بين مدين و مصر- و قال وهب بأرض الأردن- و قال قتادة هى بئر بيت المقدس- فجعلوا يدلونه فى البئر فيتعلق بشفير البئر فربطوا يديه و نزعوا قميصه- فقال يا إخوتاه ردوا علىّ القميص اتوارى به فى الجب- فقالوا ادع الشمس و القمر و الكواكب تؤنسك فقال انى لم أر شيئا فالقوه فيها- و قيل جعلوه فى دلو و أرسلوه فيها حتّى إذا بلغ نصفها القوه ارادة ان يموت فكان فى البئر ماء فسقط فيه- ثم أوى الى صخرة فيها فقام عليها- و قيل انهم لما القوه فيها جعل يبكى فنادوه فظن انها رحمة أدركتهم فاجابهم- فارادوا ان يرضحوا بصخرة فيقتلوه فمنعهم يهودا-

و اخرج ابن جرير و ابن ابى حاتم عن السدى مطولا ان ال يعقوب كانوا نازلين بالشام- و كان ليس له هم الا يوسف و اخوه بنيامين- فحسده اخوته الى ان قال فلما برزوا الى البرية فذكر نحوه- قيل جعلوه فى دلو و أرسلوه فيها حتّى إذا بلغ نصفها القوه ارادة ان يموت- فكان فى البئر ماء فسقط فيه ثم أوى الى صخرة فيها فقام عليها يبكى- فجاءه جبرئيل بالوحى كما قال وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِ لاطمينان قلبه و الظاهر ان هذا الوحى ليس للاستنباء و الإرسال و التبليغ بل هو كما اوحى إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ الاية و ما هو للتبليغ فهو بعد ذلك حيث قال اللّه تعالى وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً-

و اخرج ابن جرير و ابن المنذر و ابن ابى حاتم و ابو الشيخ عن مجاهد فى قوله تعالى وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِ قال اوحى الى يوسف يعنى وحي الاستنباء و هو فى الجب لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا يعنى لتخبرن إخوتك بما صنعوا بك وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٥) بذلك الوحى و الإيناس و اعلام اللّه إياه ذلك- و قيل معناه و هم لا يشعرون يوم تخبرهم انك يوسف لعلو شأنك و بعده عن اوهامهم و طول العهد المغير للحلى و الهيئات- و ذلك حين دخلوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَ هُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ-

قال البغوي كان يهودا يأتيه بالطعام و بقي فيها ثلاث ليال و اوحى اليه هذه الاية- و بعث اليه جبرئيل ليؤنسه و يبشره بالخروج- و يخبره انه ينبئهم بما فعلوا و يجازيهم عليه و هم لا يشعرون- اخرج ابن ابى شيبة و احمد فى الزهد و ابن عبد الحكم فى فتوح مصر و ابن جرير و ابن المنذر و ابن ابى حاتم و ابو الشيخ و الحاكم و ابن مردوية عن الحسن ان يوسف عليه السلام كان حينئذ ابن سبع عشره سنة- و قيل كان مراهقا اوحى اليه فى صغره كما اوحى الى يحيى و عيسى عليهما السلام- و فى القصص ان ابراهيم حين القى فى النار جرد عن ثيابه- فاتاه جبرئيل بقميص من حرير الجنة فالبسه إياه فدفعه ابراهيم الى إسحاق و إسحاق الى يعقوب فجعله فى تميمة علقها بيوسف فاخرجه جبرئيل و البسه إياه-

قال البغوي قال ابن عباس رضى اللّه عنهما ثم انهم ذبحوا سخلة و جعلوا دمها على قميص يوسف.

﴿ ١٥