٥

وَ إِنْ تَعْجَبْ يا محمّد من تكذيب المشركين إياك فى دعوى الرسالة بعد ما راوا الآيات الباهرة و المعجزات القاهرة مع انهم يعبدون ما لا يضر و لا ينفع من الحجارة بلا دليل فَعَجَبٌ اى حقيق بان يتعجب منه قَوْلُهُمْ أَ إِذا كُنَّا تُراباً بعد الموت أَ إِنَّا اختلف القراء فى الاستفهامين إذا اجتمعا نحو هذه الاية و قوله تعالى أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً «١» ... أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ...- أَ إِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ ... أَ إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ و شبهه و جملته أحد «٢» عشر موضعا فى القران- فقرا نافع و الكسائي و يعقوب الاول استفهاما بهمزتين و الثاني خبرا بهمزة واحدة- و ابو جعفر و ابن عامر بالعكس- و الباقون استفهاما فيهما- الا ان نافعا قرا فى النمل و العنكبوت الاول منهما خبرا و الثاني استفهاما- و كذا ابن كثير و حفص فى العنكبوت و ابو جعفر يوافق نافعا فى أول الصّفات دون الثاني- و ابن عامر فى النمل و النّزعت بعكس هذا و فى الواقعة بالاستفهام فيهما- ثم القراء عند اجتماع الهمزتين على أصولهم- فنافع و ابن كثير- و ابو عمرو يقرءون الاستفهام بهمزة و ياء بعدها- فابن كثير لا يمد بعد الهمزة و ابو عمرو يمد و يدخل قالون بينهما الفا و هشام يدخل بين الهمزتين المحققتين الفا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (٥) و الجملة الاستفهامية بدل من قولهم- او مفعول به له يعنى قولهم هذا المشعر بانكار البعث حقيق بالتعجب- فانهم ينكرون البعث مع إقرارهم بابتداء الخلق من اللّه عزّ و جلّ- و قد تقرر فى القلوب ان الاعادة أهون من الابتداء- و العامل فى إذا محذوف دل عليه أَ إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ تقديره إن عدنا فى خلق جديد كما كنا قبل الموت إذا متنا و كنّا ترابا- او المعنى و ان تعجب يا محمّد على انكارهم البعث بعد إقرارهم ببدء الخلق من اللّه تعالى فقولهم هذا حقيق بان يتعجب منه- فان من قدر على إنشاء ما قصّ عليك كانت الاعادة أيسر شي ء عليه- و الآيات المعدودة كما هى دالة على وجود المبدا دالة على إمكان الاعادة من حيث انها تدل على كمال قدرته و قبول المواد لانواع تصرفاته أُولئِكَ يعنى الذين ينكرون البعث هم الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ لانهم كفروا بقدرته تعالى على البعث- و العاجز لا يصلح لكونه ربا وَ أُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ يعنى هم مقيدون بالضلال لا يرجى خلاصهم- او هم يغلون يوم القيامة وَ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ يوم القيامة دل تكرار أولئك على تعظيم الأمر هُمْ فِيها خالِدُونَ (٥) لا ينفكون عنها و توسيط الفصل لتخصيص الخلود بالكفار كما هو مذهب اهل الحق خلافا للمعتزلة-.

(١) و فى القران تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا- ابو محمّد.

(٢) رعد- بنى اسراءيل- مؤمنون- ا لم سجده- نمل- صّفّت- الواقعة- النّزعت- عنكبوت- منه رح.

﴿ ٥