|
١١ لَهُ اى لمن اسر و من جهر و من هو مستخف و سارب او للّه تعالى ملائكة مُعَقِّباتٌ جمع معقبة من عقّب مبالغة عقبه إذا جاء على عقبه- او من اعتقب فادغمت التاء فى القاف و التاء للمبالغة- و قال البغوي واحده معقّب و جمعه معقّبة ثم جمع المعقبة على المعقّبات كما قيل انثاوات سعد و رجالات بكر- يعنى يتعاقبون فيكم بالليل و النهار إذا صعدت ملائكة الليل جاءت فى عقبها ملائكة النهار و إذا صعدت ملائكة النهار جاءت فى عقبها ملائكة الليل فيكتبون اعمال العباد و يحفظونهم عن الآفات «١»- روى البغوي بسند صحيح عن ابى هريرة ان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل و ملائكة بالنهار يجتمعون فى صلوة الفجر و صلوة العصر- ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسئلهم ربهم و هو اعلم بهم كيف «٢» تركتم عبادى فيقولون تركناهم و هم يصلّون و اتيناهم و هم يصلّون مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ صفة معقّبات اى كائنة من قدام المستخفى و السارب وَ مِنْ خَلْفِهِ يعنى من جوانبه كلها يَحْفَظُونَهُ الضمير راجع الى من- اى يحفظون العبد من الآفات ما لم يأت القدر- فاذا جاء القدر خلوا عنه- قال مجاهد ما من عبد الا و له ملك مؤكل به يحفظه فى نومه و يقظته من (١) عن كنانة العدوى قال دخل عثمان بن عفان على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم- فقال يا رسول اللّه أخبرني عن العبد كم معه من ملك- قال ملك على يمينك على حسناتك و هو امير على الّذي على الشمال- إذا عملت حسنة كتب عشرا فاذا عملت سيئة قال الّذي على الشمال للذى على اليمين اكتب قال لعله يستغفر اللّه و يتوب فاذا قال ثلاثا قال نعم اكتبه أراحنا اللّه منه فبئس القرين- ما اقل مراقبته للّه و اقل استحياؤه منه- يقول اللّه ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ- و ملكان من بين يديك و من خلفك يقول اللّه لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّه- و ملك قابض على ناصيتك فاذا تواضعت للّه رفعك و إذا تحبرت قصمك- و ملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك الا الصلاة على النبي صلى اللّه عليه و سلم- و ملك قائم على فيك لا تدع ان تدخل الحيّة فى فيك- و ملكان على عينيك فهؤلاء عشرة املاك على كل بنى آدم- ينزلون ملائكة الليل على ملائكة النهار لان ملائكة الليل سوى ملائكة النهار فهؤلاء عشرون ملكا على كل بنى آدم و إبليس بالنهار و ولده بالليل ١٢ ازالة الخفا- منه رحمه اللّه تعالى. (٢) فى الأصل كيف تركتم عبدى-. الجن و الانس و الهوامّ- فما من شي ء يأتيه يريده الا قال وراءك الا شي ء يأذن اللّه فيه فيصيبه و قال كعب الأحبار لو لا ان اللّه تعالى و كل بكم الملائكة يدنون عنكم فى مطعمكم و مشربكم و و عوراتكم لتخطفنّكم الجن- او المعنى يحفظون اعماله ان كان الاية فى الملكين القاعدين عن اليمين و الشمال يكتبان الحسنات و السيّئات- كما قال اللّه تعالى إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ- قال ابن جريج اى يحفظون عليه اعماله مِنْ أَمْرِ اللّه قيل هو صفة ثانية لمعقبات يعنى معقبات كائنة من امر اللّه- او ظرف لغو متعلق بقوله يحفظونه اى يحفظونه من أجل امر اللّه تعالى أتاهم بالحفظ- او المعنى يحفظونه من امر اللّه اى من بأسه متى أذنب بالاستمهال او الاستغفار له- و قيل من هاهنا بمعنى الباء اى يحفظونه بإذن اللّه- و قيل المعقبات الحرس حول السلطان يحفظونه فى توهمه من قضاء اللّه تعالى- قال البغوي و قيل الضمير فى قوله لَهُ مُعَقِّباتٌ راجع الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يعنى لمحمّد صلى اللّه عليه و سلم معقبات اى حرّاس من الرّحمن مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّه من شر الشياطين الجن و الانس و طوارق الليل و النهار- و قال عبد الرّحمن بن زيد نزلت هذه الاية فى عامر بن الطفيل و اربد بن ربيعة- و قصتهما على ما روى الكلبي عن ابى صالح عن ابن عباس- انها اقبل عامر بن الطفيل و اربد ابن ربيعة و هما عامريّان يريد ان النبي صلى اللّه عليه و سلم- و هو جالس فى المسجد فى نفر من أصحابه فدخلا المسجد فاستشرف الناس لجمال عامر و كان اعور و كان من أجمل الناس- فقال رجل يا رسول اللّه هذا عامر بن الطفيل قد اقبل نحوك- فقال دعه فان يرد اللّه به خيرا يهده- فاقبل حتّى قام عليه- فقال يا محمّد مالى ان أسلمت- فقال لك ما للمسلمين و عليك ما على المسلمين- قال تجعل لى الأمر بعدك- قال ليس ذلك الىّ انما ذلك الى اللّه عزّ و جلّ يجعله حيث يشاء- قال فتجعلنى على الوبر و أنت على المدر قال لا قال فماذا تجعل لى قال اجعل لك أعنّة الخيل تغزو عليها- قال او ليس ذلك لى الى اليوم- قم معى أكلمك فقام معه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم- و كان اوصى الى اربد ابن ربيعة إذا رايتنى أكلمه فدر من خلفه فاضربه بالسيف- فجعل يخاصم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و يراجعه فدار اربد خلف النبي صلى اللّه عليه و سلم ليضربه- فاخترط من سيفه شبرا ثم حبسه اللّه عنه و لم يقدر على سلّه- و جعل عامر يومى اليه فالتفت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فراى اربد و ما صنع بسيفه فقال اللّهم اكفنيهما بما شئت فارسل اللّه تعالى على اربد صاعقة فى يوم صحو قائظ فاحرقته و ولى عامر هاربا و قال يا محمّد دعوت ربك حتّى قتل اربد- و اللّه لاملانها عليك خيلا جردا و فتيانا مردا- فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يمنعك اللّه من ذلك- و ابنا قيلة يريد الأوس و الخزرج فنزل عامر بيت امراة سلوليّة- فلما أصبح ضم عليه سلاحه و قد تغير لونه فجعل يركض فى الصحراء- و يقول ابرز يا ملك الموت- و يقول الشعر- و يقول و اللات و العزى لان اضحى الى محمّد و صاحبه يعنى ملك الموت لانفذتهما برمحى- فارسل اللّه تعالى ملكا فلطمه بجناحه فاداره فى التراب- و خرجت على ركبته فى الوقت غدة عظيمة فعاد الى بيت السلوليّة- و هو يقول غدة كغدة البعير و موت فى بيت السلوليّة- ثم دعا بفرسه فركبه ثم أجراه حتّى مات على ظهره فاجاب اللّه تعالى دعاء رسوله صلى اللّه عليه و سلم- فقتل بالطعن و اربد بالصاعقة- و انزل اللّه تعالى فى هذه القصة قوله عز و جلّ سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَ مَنْ جَهَرَ بِهِ وَ مَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَ سارِبٌ بِالنَّهارِ لَهُ يعنى لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم معقّبت من بين «١» يديه و من خلفه يحفظونه من امر اللّه يعنى تلك المعقبات من امر اللّه و كذا اخرج الثعلبي- و اخرج الطبراني عن ابن عباس ان اربد بن قيس و عامر بن الطفيل قدما المدينة على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم- فقال عامر يا محمّد ما تجعل لى ان أسلمت- قال لك ما للمسلمين و عليك ما عليهم- قال أ تجعل لى «٢» الأمر من بعدك- قال ليس ذلك لك و لا لقومك- فقال عامر لاربد انى اشغل عنك وجه محمّد بالحديث فاضربه بالسيف- فرجعا فقال عامر يا محمّد قم معى فقام معه و وقف يكلمه و سلّ اربد السيف فلما وضع يده قائم السيف يبست- و التفت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فراه فانصرف عنهما- فخرجا حتّى إذا كانا بالرقم أرسل اللّه على اربد صاعقة فقتله- فانزل اللّه تعالى اللّه يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى الى قوله شَدِيدُ الْمِحالِ- (١) فى الأصل معقبت يحفظونه من بين يديه و من ... خلفه من امر اللّه. (٢) فى الأصل ا تجعل الأمر إلخ-. إِنَّ اللّه لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ من العافية و النعمة حَتَّى يُغَيِّرُوا اى القوم ما بِأَنْفُسِهِمْ من الأحوال الجميلة بالأحوال القبيحة وَ إِذا أَرادَ اللّه بِقَوْمٍ بعد ما يغيروا ما بانفسهم سُوْءاً عذابا و هلاكا فَلا مَرَدَّ لَهُ مصدر بمعنى الفاعل يعنى لا رادّ له- و العامل فى إذا ما دل عليه الجواب وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (١١) يلى أمرهم فيدفع عنهم السوء و فيه دليل على ان خلاف مراد اللّه محال. |
﴿ ١١ ﴾