|
٢١ وَ كَذلِكَ اى كما أنمناهم و بعثناهم ليزداد و بصيرة أَعْثَرْنا اى اطلعنا الناس يقال عثرن على الشي ء إذا اطلعت عليه و اعثرت غيرى اى اطلعته عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا اى ليعلم الذين اطلعنا هو على حالهم أَنَّ وَعْدَ اللّه بالبعث بعد الموت حَقٌّ لان نومهم و انتباهم كحال من يموت ثم يبعث وَ أَنَّ السَّاعَةَ اى القيامة الموعودة لا رَيْبَ فِيها اى فى إمكانها فان من توفّى نفوسهم و أمسكها ثلاث مائة سنين حافظا أبدانها من التحلل و التفتت ثم أرسلها إليها قادر على ان يتوفّى نفوس جميع الناس ممسكا إياها الى ان يحشر أبدانها فيرد عليها إِذْ يَتَنازَعُونَ ظرف لاعثرنا اى أعثرنا عليهم حين كان الناس يتنازعون بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ اى بين امر دينهم قال عكرمة تنازعوا فى البعث فقال قوم للارواح دون الأجساد- و قال المسلمون البعث للارواح و الأجساد جميعا- فبعثهم اللّه و أراهم ان البعث للارواح و الأجساد جميعا- او فى امر الفتية حين أماتهم ثانيا بالموت فقال بعضهم ماتوا و قال بعضهم ناموا نومهم أول مرة- و قال ابن عباس تنازعوا فى البنيان قال المسلمون نبنى عندهم مسجدا لانهم كانوا على ديننا و قد ماتوا مسلمين و قال المشركون نبنى عليهم بنيانا يسكنه الناس و يتخذونه قرية- او على باب كهفهم بنيانا يمنع الناس عن التطرق إليهم ضنّا بتربتهم لانهم من اهل نسبنا كما قال اللّه تعالى فَقالُوا اى المشركون من اهل القرية ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ اى المسلمون بيدوسيس و أصحابه فانهم كانوا اصحاب ملك و ثروة و حكومة حينئذ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً (٢١) يصلى فيه المسلمون و يتبركون بهم- و قوله ربّهم اعلم بهم الظاهر انه اعتراض من اللّه تعالى ردّا على الخائضين فى أمرهم فان كلّا من الفريقين انتسبوا أنفسهم إليهم و هم براء من الكفر و أربابها و لم يكونوا من عوام المؤمنين ايضا و ان كانوا منهم فان الصوفي كائن بائن قال الفاضل الرومي هر كسى در ظن خود شد يار من و از درون من نجست اسرار من و قيل انه من كلام المتنازعين كانهم تذاكروا أمرهم و تناقلوا الكلام فى أنسابهم و أحوالهم و مدة لبثهم- فلمّا لم يهتدوا الى حقيقة ذلك قالوا ربّهم اعلم بهم- (مسئلة) هذه الاية تدل على جواز بناء المسجد ليصلى فيه عند مقابر اولياء اللّه قصدا للتبرك بهم و قد كان الشيخ الأستاذ محمد فاخر المحدث رحمه اللّه يكره ذلك مستدلا بما رواه مسلم عن ابن الهياج الأسدي قال قال لى علىّ الا أبعثك على ما بعثني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ان لا تدع تمثالا الا طمسته و لا قبرا مشرفا الا سوّيته- و ما روى مسلم عن جابر قال نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان يجصص القبر و ان يبنى عليه و ان يقعد عليه- و ما روى الشيخان عن عائشة و ابن عباس رضي اللّه عنهم قالا لما نزل برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فاذا اغتم كشفها عن وجهه و يقول و هو كذلك لعنة اللّه على اليهود و النصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد- قالت يحذّر مثل ما صنعوا قلت هذه الأحاديث تدل على كراهة تجصيص القبور و البناء عليها و جعل القبور مشرفة- و لا دلالة لها على كراهة بناء المسجد بقرب منها- و معنى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد انهم يسجدون الى القبور- كما هو صريح فى حديث ابى مرثد الغنوي قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و لا تجلسوا على القبور و لا تصلوا إليها- رواه مسلم. |
﴿ ٢١ ﴾