|
٦٨ وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (٦٨) اى علما و خبرا تميزا و مصدر لان لم تحط به معناه لم تخبره وجه ذلك النفي ان الخضر علم انه يرى منه أمورا منكرة ظاهرا و لا يجوز للانبياء ان يصبروا على المنكرات مالم يظهر عليهم وجه جوازها- قلت و السر في ذلك ان شرائع الأنبياء المرسلين الى الأمم مبنية على قواعد كلية موجبة للصلاح الغالب بالنسبة الى العامة- فينبغى ان يكون وجوه صلاحها ظاهرة بالنسبة الى العامة- و اما الاحكام الّتي يوحى بها افراد الأنبياء الذين لم يبعثوا الى الأمم بل اوحى إليهم لصلاح أنفسهم او امتثال امور بينهم و بين اللّه تعالى فان تلك الاحكام تكون غالبا مبنية على حكمات لا يظهر وجه صلاحها على العامة- و ذلك وجه انكار موسى على ما اتى به الخضر و بناء على مخالفة المشرب (و كون اتحاد المشرب و الانقياد و ترك الاعتراض من شرائط الاستفادة) جعل الخضر عدم استطاعته على الصبر علة لعدم إفادة صحبة الخضر إياه- و وضع العلة موضعه كانّه قال صحبتى لا ينفعك فانّك لن تستطيع معى صبرا. و من هاهنا قالت الصوفية العالية انه يجب على المريد ترك الاعتراض على الشيخ و ان ظهر على يديه منكر ظاهرا بعد ما ثبت عنده انه من اهل الكمال و التكميل فان كان المريد لا يستطيع ذلك لاجل اختلاف المشرب يجب عليه ترك مصاحبته غير منكر كماله- فان قيل كيف يتصور ذلك في الشريعة الحمدية العامة الشاملة المؤبدة الّتي لا يحتمل النسخ و التبديل قلنا هب الأمر كذلك لا يتصور ان يكون شي ء محرما في الدين ليستبيحه «١» أحد فلا يتصور من أحد يدعى الولاية ان يأتى بقتل غلام أبواه مومنان قائلا بان اللّه تعالى الهمنى انه يرهقهما طغيانا و كفرا- لكن قد يكون شي ء مما اختلف فيه اقوال العلماء و كان لصحته وجها مستند الى دليل شرعى كالسماع و الجهر بالذكر فمن اتى به من اولياء اللّه تعالى لا يجوز عليه الإنكار لانه من تقلد عالما لقى اللّه سالما- و قد يكون شى منكرا ظاهرا و ليس هو في الحقيقة كذلك كمن شرب من قارورة ماء مرائيا للناس انه خمر حتى يقل هجوم الخلق عليه و لا يخل؟؟؟؟ (١) و في الأصل يستباحه و ليس يصحيح الفقير الدهلوي-. و قدر يظهر على يدى رجل من اهل اللّه سيئة صغيرة و هو يعترف بكونها سيئة- و قد اجمع العلماء على ان العصمة من خواص النبوة- لا يخل صدور معصية بالولاية فحينئذ ايضا لا ينبغى للمريد ان يعترض على شيخه بل ينكر الفعل فلا يأتى به و لا ينكر كمال فاعله بارتكاب و عامة مواد الإنكار على اولياء اللّه تعالى مقالاتهم المبنية على الكشوف و المشاهدات فتلك المقالات مهما أمكن حملها على محمل صحيح يجب حملها على ذلك قال اللّه تعالى لو لا إذ سمعقوه ظنّ المؤمنون و المؤمنات بانفسهم خيرا- و ان لم يمكن ذلك يحمل تلك المقالات اما على سكر القائل و قد افتى الفقهاء ان السكر إذا حصل بشي ء مباح يكون عذر الا يقع طلاقه و نحو ذلك فكيف إذا حصل بغلبة حب اللّه الّذي هو رأس العبادات و اما على عدم فهم السامع مراد القائل و على ان القائل أراد من كلامه معنى غير ما يفهم منه ظاهرا فان العبارات مقتصرة على بيان معان محسوسة او معقولة مستنبطة من امور محسوسة فاما ما لا نظير له و لا شبيه من حقائق الذات و الصفات إذا تجلت على قلب من له قلب سليم و أراد بيانها و لم يوضع بإزائها ألفاظ- اضطر القائل الى استعارات و تجوزات و تشبيهات غير تامة فلا يجوز للسامع حينئذ ان يحملها على معانيه الظاهرة المخالفة لعقائد اهل السنة حتى ينكر عليه بل يعمل به ما يعمل بالمتشابهات الواردة في كلام اللّه و كلام رسوله صلى اللّه عليه و سلم- و من لم يسلك هذا المسلك لا يزيده الا خسارا كما ان القران لا يزيد الظّالمين الّا خسارا- الا ترى انه من سمع الرّحمن على العرش استوى- و يد اللّه فوق أيديهم فان أنكر كونها قرآنا كفر- و ان اعتقد بكونه تعالى جسما كاد يكون كافرا- فكذلك كلام اولياء اللّه تعالى إذا كان ظاهره مخالفا للشرع لا ينكر عليه و لا يعتقد بظاهره و اللّه اعلم- و لمّا كان موسى عليه السلام شاكا في المصابرة غير واثق من نفسه عليها لم يقطع بذلك و استثنى و. |
﴿ ٦٨ ﴾