٥

بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ إضراب من اللّه تعالى في حكاية قولهم في شان الرسول صلى اللّه عليه و سلم انه بشر لا يصلح ان يكون رسولا من اللّه- الى حكاية قولهم في شأن القران انه أضغاث أحلام- يعنى تخاليط أحلام راها في المنام يعنى ليس بوحي من اللّه منزل- و قيل هذا إضراب من الكفار عن مضمون قولهم أ فتأتون السّحر و المعنى قالوا هو سحر بل هو أضغاث أحلام و كلمة قالوا على هذا تأكيد لفظى لقالوا مقدر مفهوم مما سبق بَلِ افْتَراهُ إضراب من الكفار عن كونه أباطيل خيلت اليه في النام و خلطت عليه الى كونه مفتريات اختلعها من تلفاء نفسه لم يرها في المنام ايضا بَلْ هُوَ شاعِرٌ إضراب ثان منهم عن كونه كلام مفترى الى كونه كلاما شعريّا

قال البغوي أريد ان المشركين قال بعضهم أضغاث أحلام و بعضهم فرية و بعضهم ان محمدا شاعر و ما جاء به شعر و الفرق بين المفترى و الشعر ان المفترى كلام كاذب أراد المتكلم منه حصول التصديق للسامع بنسبة غير مطابقة للواقع و الشعر كلام مركب من مقدمات تأثر في ذهن السامع من الرغبة او الرهبة او الشوق او السرور او الحزن او التعظيم او التحقير او غير ذلك و الغرض منه ذلك التأثير في النفوس دون حصول تصديق أصلا فكانه من قبيل الإنشاء- و قد يجتمع الاخبار صادقا او كاذبا مع مقدمات شعرية مؤثرة في النفوس و ذلك في المثنويات و الاول في الغزليات- و هذه الأقوال من الكفار دليل ظاهر على فساد أقوالهم و انها قضوهات منهم عنادا من غير جزم فَلْيَأْتِنا محمد صلى اللّه عليه و سلم ان كان صادقا في دعوى الرسالة بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (٥) صفة لاية و صحة التشبيه من حيث ان الإرسال يتضمن الإتيان بالآية و ما موصولة او موصوفة و هى صفة لموصوف محذوف و التقدير فلياتنا باية كائنة كالاية الّتي أرسل بها الأولون من الرسل- و كاية أرسل بها الأولون فاتوبها- كالناقة لصالح و العصا و اليد البيضاء لموسى و الاحياء الموتى و إبراء لاكمه و الأبرص لعيسى- اخرج ابن جرير عن قتادة قال قال اهل مكة للنبى صلى اللّه عليه و سلم ان كان ما تقوله حقّا فحول لنا الصفا ذهبا فاتاه جبرئيل فقال ان شئت كان الّذي سالك قومك و لكنه ان كان ثم لم يومنوا لم ينظروا- و ان شئت استأنيت لقومك قال بل استانى لقومى فانزل اللّه تعالى.

﴿ ٥