٢٨

لِيَشْهَدُوا متعلق بأذّن او بيأتوك اى ليحضروا مَنافِعَ لَهُمْ دينية او دنيوية و تنكيرها لان المراد بها نوع من المنافع مخصوص بهذه العبادة قال محمد بن على بن الحسين بن على الباقر عليهم السّلام و سعيد بن المسيب المراد بها العفو و المغفرة و عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من حج للّه فلم يرفث و لم يفسق رجع كيوم ولدته امه متفق عليه و قال سعيد بن جبير المراد بها التجارة و هى رواية عن زيد عن ابن عباس حيث قال الأسواق

و قال مجاهد التجارة و ما يرضى اللّه به من امر الدنيا و الآخرة وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللّه كنى بالذكر عن الذبح و النحر لاشتراطه في حل الذبائح و تنبيها على انه المقصود مما يتقرب به الى اللّه فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ يعنى عشر ذى الحجة و هو قول اكثر المفسرين قيل لها معلومات للحرص على علمها بحسابها من أجل كون وقت الحج في آخرها و روى عن على رضى اللّه عنه انها يوم النحر و ثلثة ايام بعده و في رواية عطاء عن ابن عباس انها يوم عرفة و النحر و ايام التشريق و قال مقاتل المعلومات التشريق عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ يعنى الهدايا و الضحايا واجبة كانت او مستحبة لاطلاق النص علق الفعل بالمرزوق بينه بالبهيمة تحريضا على التقرب و تنبيها على مقتضى الذكر احتج الشافعي بهذه الآية على انه لا يجوز ذبح شي ء من الهدايا غير دم الإحصار الا يوم النحر و ثلثة ايام بعده

قلنا هذا القيد خرجت مخرج العادة و نحن لا نقول بالمفهوم و في تفسير الآية اختلاف كما ذكرنا و الحجة لنا على عدم اشتراط يوم النحر و ايام التشريق في هدى التطوع و النذر و الكفارة ما صح انه صلى اللّه عليه و سلم ساق عام الحديبية سبعين بدنة يريد العمرة و كان ذلك في ذى القعدة و لم يكن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يريد المقام بمكة الى يوم النحر و هذا صريح في جواز نحر هدى التطوع في ذى القعدة و إذا ثبت كون النحر فيما عدا يوم النحر طاعة و كل طاعة مقصورة يكون واجبا بالنذر فثبت جواز نحر الهدى المنذور ايضا في غير ايام النحر و كذا دم جزاء الصيد و الكفارات لا يختص عندنا بيوم النحر لان الكفارة لا يكون الا عبادة فاذا ثبت كونه عبادة جاز جعله كفارة و قد قال اللّه تعالى في جزاء الصيد هديا بالع الكعبة من غير تقييد بيوم النحر و لا يجوز قيد في كتاب اللّه إذ هو في معنى النسخ لكن دم القران و التمتع مختصان بيوم النحر و كذا دم الإحصار عند ابى حنيفة خلافا لابى يوسف و محمد و قد مرت المسألتين في سورة البقر في تفسير قوله تعالى و أتموا الحج و العمرة للّه فان أحصرتم فما استيسر من الهدى الى قوله فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدى فَكُلُوا مِنْها امر استحباب و ليس للوجوب اجماعا و قال الشافعي امر بالاباحة و انما قال اللّه تعالى ذلك لان اهل الجاهلية كانوا لا يأكلون من لحوم هداياهم مسئلة اتفق العلماء على ان الهدى إذا كان تطوعا لا يجوز للمهدى ان يأكل منه لحديث طويل لجابر بن عبد اللّه في قصة الوداع و فيه و قدم على ببدن من اليمن و ساق رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مائة بدنة فنحر منها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ثلثا و ستين بدنة بيده ثم اعطى عليا فنحر ما غبروا شر له في هديه ثم امر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فاكلا من لحمها و شربا من مرقها رواه مسلم و هذا الحديث دليل على استحباب الاكل من الهدى إذ لو لم يكن الاكل من هديه مستحبا لما امر ان يجعل من كل بدنة بضعة بل يكفيه لحم من واحدة- مسئلة و اتفقوا على عدم جواز الاكل من جزاء الصيد و لعله لاجل ان جزاء الصيد بدل من الصيد قال اللّه تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم و قد ذكرنا بيان المماثلة من حيث الصورة او من حيث القيمة في تفسير سورة المائدة و لما كان الصيد عليه حراما كان بدله حراما مثله قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قاتل اللّه اليهود ان اللّه لما حرم عليهم الشحوم أجمعوه ثم باعوه و أكلوا عنه متفق عليه من حديث جابر و كذا لا يجوز الاكل من الدم المنذور عند الجمهور خلافا لمالك ح و كذا لا يجوز عند الجمهور الاكل من الدماء الواجبة بالجنايات و الواجب بإفساد الحج و في رواية عن احمد و اليه ذهب اسحق انه لا يأكل من جزاء الصيد و النذر و يأكل مما سوى ذلك كذا ذكر البخاري عن ابن عمر معلقا و الحجة لتحريم الاكل من دماء النذر و كفارات الجنايات القياس على حرمة الاكل من جزاء الصيد و هى مجمع عليها و الجامع انها دماء كفارات فلا بد من تسليمها بجميع اجزائها الى مستحقها لكن قياس المنذور على جزاء الصيد غير صحيح الا ان يقال ان لنذر يقتضى تسليم المنذور بجميع اجزائه- مسئلة و اتفقوا على جواز الاكل من الأضاحي اما على قول ابى حنيفة فلانه دم نسك و قد صح قوله صلى اللّه عليه و سلم في الضحى يأكلوا و أطعموا و ادخروا متفق عليه من حديث سلمه ابن الأكوع و اما عند الشافعي و غيره فلانه دم تطوع مسنون و قد ذكرنا الإجماع على جواز الاكل من دماء التطوع- مسئلة و اختلفوا في دم التمتع و القران فقال ابو حنيفة و مالك و احمد يجوز الاكل منه لانه دم نسك و قد ذكرنا حديث جابر انه صلى اللّه عليه و سلم امر من كل بدنة ببضعه فجعلت في قدر فطبخت فاكلا من لحمها و شربا من مرقها و استدل ابن الجوزي لما روى عبد الرحمن بن ابى حاتم في سننه من حديث على قال أمرني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بهدى التمتع ان أتصدق بلحومها سوى ما ناكل و هذا صريح في الدلالة و قال الشافعي لا يجوز الاكل من دم التمتع و القران و من شي ء من دماء الواجبة سواء أوجبه على نفسه بالنذر او وجب بسبب غير ذلك محتجا بحديث ناحية الخزاعي و كان صاحب بدن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في غزوة الحديبية و حديث ابن عباس و حديث دويب بن حلمه و قد ذكرنا الأحاديث الثلاثة و الجواب عنها في سورة البقرة في تفسير قوله تعالى فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدى قلت و الظاهر ان الاية في جواز الاكل من الهدايا واجبة كانت الهدايا كالتمتع و القران او نافلة كما أشرنا اليه نظرا الى اطلاق اللفظ و خص منها المنذور بالإجماع او يقال الكلام في الحج و المنذور ليس من باب الحج في شي ء و اما جزاء الصيد و دماء الكفارات فانها و ان كانت من باب الحج لكن الظاهر من حال المسلم الاجتناب من المحرمات فهى غير مرادة بهذه الآية إذ المأمور به الحج المبرور و اللّه اعلم- وَ أَطْعِمُوا الْبائِسَ اى الّذي اشتد بوسه و البوس شدة الفقر الْفَقِيرَ بدل من الاول او عطف بيان له.

﴿ ٢٨