٢ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (٢) فطأطا راسه و اخرج ابن مردوية بلفظ كان يلتفت في السماء فنزلت- و ذكره البغوي انه قال ابو هريرة كان اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يرفعون أبصارهم الى السماء في الصّلوة فلمّا نزل الّذين هم في صلاتهم خشعون رموا بأبصارهم الى مواضع السجود- و اخرج ابن ابى حاتم عن ابن سيرين مرسلا كان الصحابة يرفعون أبصارهم الى السماء في الصّلوة فنزلت قرا ورش بإلقاء حركة همزة أفلح على دال قد و حذف الهمزة- و كلمة قد تثبت ما كان متوقعا- كما ان لمّا ينفيه- و تدل على ثباته إذا دخل على الماضي و لذلك تقرّبه من الحال- و لمّا كان المؤمنون متوقعين الفلاح بفضل اللّه صدّرت بها بشارة لهم- و الفلاح قال في القاموس هو الفوز (يعنى بالمقصود) و النجاة ريعتى من المرهوب) و البقاء في الخير- و هو دنيوى و اخروى و المراد هاهنا الفلاح الأخروي الكامل- و كماله ان لا يعذب أصلا لا في القبر و لا بالمناقشة في الحساب و شدائد يوم القيامة و لا بدخول النار و لا بصعوبة المرور على الصراط- و يفوز الى أعلى المقاصد في الجنان و مراتب القرب و الرؤية و الرضوان من الملك الديان و اما الفلاح في الجملة فغير مختص بالمتصفين بهذه الصفات المذكورة في تلك الآيات- بل هو لكل من قال لا اله الا اللّه قال اللّه تعالى فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ و الايمان و التوحيد نفسه رأس الخيرات- و من هاهنا قال ابن عباس قد سعد المصدقون بالتوحيد و بقوا في الجنة- و روى عن ابن عباس مرفوعا خلق اللّه جنة عدن و دلّى فيها ثمارها و شق ف يها أنهارها ثم نظر إليها فقال تكلمى فقالت قد أفلح المؤمنون فقال و عزتى و جلالى لا يجاورنى فيك بخيل- رواه الطبراني قلت لعل المراد بالبخيل هاهنا هو الكافر فانه يتجل عن أداء حق اللّه تعالى في التوحيد و اخرج ايضا الطبراني بسند اخر جيد عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لما خلق اللّه جنة عدن خلق فيها مالا عين رات و لا اذن سمعت و لا خطر على قلب بشر ثم قال تكلمى فقالت قد أفلح المؤمنون- و اخرج البزار و الطبراني و البيهقي نحوه عن ابى سعيد الخدري مرفوعا و البيهقي عن مجاهد و عن كعب نحوه و الحاكم عن انس نحوه و اخرج ابن ابى الدنيا في صفة الجنة عن انس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خلق اللّه تبارك و تعالى جنة عدن من درة بيضاء و لبنة من ياقوتة حمراء و لبنة من زبرحد خضراء و ملاطها المسك و حشيشها الزعفران و حصاها اللؤلؤ و ترابها العنبر- ثم قال لها انطقى قالت قد أفلح المؤمنون- قال و عزتى لا يجاورنى فيك بخيل- قلت و يمكن ان يقال ان المراد بالفلاح دحول الجنة مطلقا و لو بعد التعذيب و ذلك لجميع المؤمنين كما تدل عليه الأحاديث المذكورة- و التقييد في القران بالصفات المذكورة ليس للاحتراز بل لنمدح- فان شأن المؤمن يقتضى الاتصاف بتلك الصفات و على تقدير كون المراد بالفلاح الفلاح الكامل و كون التقييد بالصفات للاحتراز لا يدل تلك الآيات الا على الوعد بالفلاح الكامل للمؤمنين الكاملين المتصفين بتلك الصفات و لا ندل على نفى الفلاح عن غيرهم من المؤمنين- لانا لا نقول بمفهوم الصفة كما قرر فى الأصول ان التقييد بالشرط او الصفة يجعل ما لا يوجد فيه الشرط او الصفة في حكم المسكوت عنه و هو المراد بالاحتراز لا انه يجعله في حكم المنطوق بنفي الحكم و قد انعقد الإجماع على ان اهل الكبائر من المؤمنين و ان ماتوا بغير توبة مالهم الى الجنة و هم في مشيئة اللّه تعالى ان شاء عذبهم ثم يدخلهم الجنة و ان شأغفر لهم بلا تعذيب- و الخاشعون قال ابن عباس هم المخبتون أذلاء و قال الحسن خائفون و قال مقاتل متواضعون و قال مجاهد هو غض البصر و خفض الصوت و عن على كرم اللّه وجهه هو ان لا يلتفت يمينا و لا شمالا و قال سعيد بن جبير لا يعرف من على يمينه و لا من على شماله و لا يلتفت من الخشوع للّه تعالى و قال عمرو بن دينار هو السكون و حسن الهيئة و قال جماعة هو ان لا ترفع بصرك عن موضع سجودك و قال عطاء هو ان لا تعبث بشي ء من جسدك في الصلاة- و قيل الخشوع في الصلاة هو جمع الهمة لها و الاعراض عما سواه و التدبر فيما يجرى على لسانه من القراءة و الذكر- و ان لا يجاوز مصلاه و لا يلتفت و لا يغيب و لا يميل و لا يفرقع أصابعه و لا يقلّب الحصى و لا يفعل شيئا مما يكره في الصّلوة و عن ابى الدرداء هو اخلاص المقال و إعظام المقام و اليقين التام و جمع الاهتمام و في القاموس الخشوع هو الخضوع اى التواضع او هو قريب من الخضوع او هو في البدن و الخشوع في الصوت و البصر و السكون و التذلّل- و في النهاية الخشوع في الصوت و البصر كالخضوع في البدن- عن ابى ذر عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال لا يزال اللّه عزّ و جلّ مقبلا على العبد ما كان في صلاته ما لم يلتفت فاذا التفت اعرض عنه رواه احمد و ابو داود و النسائي و الدارمي و عن عائشة قالت سالت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن الالتفات في الصلاة قال هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلوة العبد- متفق عليه و عن انس بن مالك قال قال النبي صلى اللّه عليه و سلم ما بال أقوام يرفعون أبصارهم الى السماء في صلاتهم- فاشتد قوله في ذلك حتى قال لينتهين عن ذلك او ليتخطفن أبصارهم- رواه البغوي و روى مسلم و النسائي عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة الى السماء او ليختطفن أبصارهم و عن جابر بن سمرة بلفظ لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم الى السماء في الصلاة او لا يرجع إليهم أبصارهم- رواه احمد و مسلم و ابو داود و ابن ماجة و عن ابى هريرة ان النبي صلى اللّه عليه و سلم راى رجلا يعبث بلحيته في الصّلوة فقال لو خشع «١» قلب هذا لخشعت «٢» جوارحه- رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول بسند ضعيف و عن ابى الأحوص عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال إذا قام أحدكم الى الصلاة فلا يمسح الحصى فان الرحمة تواجهه رواه البغوي و رواه احمد و ابن عدى و النسائي و ابن ماجة و ابن حبان عن ابى ذر (فصل) و عن انس ان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال له يا انس اجعل بصرك حيث تسجد- رواه البيهقي في سننه الكبير و عنه قال قال لى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يا بنى إياك و الالتفات في الصّلوة فان الالتفات في الصّلوة هلكة فان كان لا بد ففى التطوع لا في الفريضة. (١) عن ابى بكر الصديق رضى اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نعوذ باللّه من خشوع النفاق- قالوا يا رسول اللّه و ما خشوع النفاق قال خشوع البدن و نفاق القلب- و عن مجاهد عن عبد اللّه بن الزبير انه كان يقوم في الصّلوة كانه عود و كان أبو بكر يفعل ذلك ١٢ منه رح. (٢) عن اسماء بنت ابى بكر عن أم رومان والدة عائشة قالت رانى أبو بكر الصديق أ تميل في صلاتى فزجرنى زجرة كدت انصرف من صلاتى قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول إذا قام أحدكم في الصلاة فليسكن أطرافه لا يتميل تميل اليهود فان سكون الأطراف في الصّلوة من تمام الصّلوة- ١٢ ازالة الخفا منه رح-. |
﴿ ٢ ﴾