٦

وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ الاية فقرأ حتى بلغ إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ فجاء هلال فشهد يعنى لا عن و النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول ان اللّه يعلم ان أحدكما كاذب فهل منكما تائب ثم قامت فشهدت يعنى لاعنت فلمّا كانت عند الخامسة وقفوها و قالوا انها موجبة قال ابن عباس فتلكات «١» و نكصت حتى ظننا انها ترجع ثم قالت لا افضح قومى سائر اليوم فمضت- و قال النبي صلى اللّه عليه و سلم ابصروها فان جاءت به اكحل العينين سابغ الأليتين خدلج الساقين فهو لشريك بن سمحا فجاءت به كذلك فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم لو لا ما مضى من كتاب اللّه لكان لى و لها شأن- و في الصحيحين عن سهل بن سعد الساعدي قال ان عويمر العجلاني قال يا رسول اللّه ارايت رجلا وجد مع امرأته رجلا أ يقتله فيقتلونه أم كيف يفعل قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد انزل فيك و في صاحبتك فاذهب فأت بها قال سهل فتلاعنا في المسجد و انا مع الناس عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فلما فرغا قال عويمر كذبت عليها يا رسول اللّه ان أمسكتها فطلقها ثلاثا- ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انظروا فان جاءت به اسحم «٢» أدعج العينين عظيم الأليتين خدلج الساقين فلا احسب عويمرا إلا قد صدق عليها و ان جاءت به احمر كانه و حرة فلا احسب عويمرا إلا قد كذب عليها فجاءت به على النعت الّذي نعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من تصديق عويمر فكان بعد ينسب الى امه

(١) فتلكأت اى توقفت و تبطأت ان يقولها و نكصت النكوص هو الرجوع الى وراء و سابغ الأليتين اى تامهما و عظيمهما من سبوغ النعمة و الثوب و خدلج الساقين اى عظيمهما من مجمع البحار- الفقير الدهلوي.

(٢) اسحم الأسحم الأسود و قوله أدعج العينين الدعجة السواد في العين و غيرها يريد ان سواد عينيه كان شديدا مجمع البخار- الفقير الدهلوي.

و اخرج احمد عن عكرمة عن ابن عباس انه لما نزلت وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً قال سعد بن عبادة و هو سيد الأنصار هكذا نزلت يا رسول اللّه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يا معشر الأنصار الا تسمعون ما يقول سيدكم قالوا يا رسول اللّه لا تلمه فانه رجل غيور و اللّه ما تزوج امراة قط الا بكرا و لا طلق امراة له فاجتر ارجل منّا ان يتزوجها من شدة غيرته قال سعد يا رسول اللّه بابى أنت و أمي و اللّه انى لا عرف انها حق و انها من اللّه و لكنى تعجبت انى لو وجدت لكاعا قد تفخذها رجل لم يكن لى ان أهيجه و لا أحركه حتى اتى باربعة شهداء فو اللّه لا اتى بهم حتى يقضى حاجته- قال فما لبثوا الا يسيرا حتى جاء هلال بن امية رو هو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم فجاء من ارضه عشاء فوجد عند اهله رجلا فرأى بعينيه و سمع بأذنيه فلم يهيجه حتى أصبح فغدا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال يا رسول اللّه انى جئت أهلي عشاء فوجدت عندها رجلا فرايت بعيني و سمعت بأذني فكره رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما جاء به و اشتد عليه و اجتمعت الأنصار فقالوا قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة الان يضرب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم هلال بن امية و يبطل شهادته في الناس فقال هلال و اللّه انى لارجو ان يجعل اللّه لى منهما مخرجا فو اللّه ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يريد ان يأمر بضربه انزل اللّه عليه الوحى فامسكوا عنه حتى فرغ من الوحى فنزلت وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ الآية-

و اخرج ابو يعلى مثله عن انس و ذكر البغوي هذا الحديث و قال في آخره ابشر يا هلال فان اللّه قد جعل لك فرجا قال قد كنت أرجو ذلك من اللّه- فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أرسلوا إليها فجاءت فلما اجتمعا عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قيل لها فكذّبت فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان اللّه يعلم ان أحدكما كاذب فهل منكما تائب فقال هلال يا رسول اللّه بابى أنت و أمي قد صدقت و ما قلت الا حقا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا عنوا بينهما فقيل لهلال اشهد فشهد أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللّه إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ فقال له عند الخامسة يا هلال اتق اللّه فان عذاب الدنيا أهون من عذاب الاخرة و ان عذاب اللّه أشد من عذاب الناس و ان لهذه الخامسة هى الموجبة الّتي توجب عليك العذاب فقال هلال و اللّه لا يعذبنى اللّه عليها كما لا يجلدنى عليها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فشهد الخامسة أَنَّ لَعْنَتَ اللّه عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ- ثم قال للمرءة اشهدي فشهدت أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللّه إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ فقال لها عند الخامسة (و وقفها) اتقى اللّه فان الخامسة موجبة و ان عذاب اللّه أشد من عذاب الناس فتنكات ساعة و همت بالاعتراف ثم قالت و اللّه لا افضح قومى فشهدت الخامسة أَنَّ غَضَبَ اللّه عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ففرق رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بينهما و قضى ان الولد لها و لا يدعى لاب و لا يرمى ولدها- ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان جاءت به كذا و كذا فهو لزوجها و ان جاءت به كذا و كذا فهو للذى قيل منه فجاءت به غلاما كانه أجمل أورق على الشبه المكروه- و كان بعد أميرا بمصر لا يدرى من أبوه-

قال البغوي انه قال ابن عباس في سائر الروايات و مقاتل انه لما نزلت وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الاية قرأها النبي صلى اللّه عليه و سلم على المنبر فقام عاصم بن عدى الأنصاري فقال جعلنى اللّه فداك ان راى رجل منا مع امرأته رجلا فاخبر بما راى جلد ثمانين سوطا و سماه المسلمون فاسقا و لا يقبل شهادته ابدا فكيف لنا بالشهداء و نحن إذا التمسنا الشهداء كان الرجل فرغ من حاجته و مرّ- و كان لعاصم هذا ابن عم يقال له عويمر و له امراة يقال لها خولة بنت قيس بن محصن فاتى عويمر عاصما و قال لقد رايت شريك بن السمحا على بطن امراتى خولة- فاسترجع عاصم و اتى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في الجمعة الاخرى- فقال يا رسول اللّه ما ابتليت بالسؤال الّذي سالت فى الجمعة الماضية في اهل بيتي و كان عويمر و خولة و شريك كلهم بنى عم لعاصم فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بهم جميعا- و قال لعويمر اتق اللّه في زوجتك و ابنة عمك فلا تقذفها بالبهتان فقال يا رسول اللّه اقسم باللّه اننى رايت شريكا على بطنها و انى ما قربتها منذ اربعة أشهر و انها حبلى من غيرى- فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم للمرءة اتقى اللّه و لا تخبريني الا بما صنعت فقالت يا رسول اللّه ان عويمرا رجل غيور و انه رانى و شريكا نستطيل السهر و نتحدث فحملته الغيرة على ما قال فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لشريك ما تقول فقال ما تقوله المرأة- فانزل اللّه عزّ و جلّ وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ الاية فامر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى نودى الصلاة جامعة فصلى العصر ثم قال لعويمر قم فقام فقال اشهد باللّه ان خولة زانية و انى لمن الصادقين ثم قال في الثانية اشهد باللّه انى رايت شريكا على بطنها و انى لمن الصادقين ثم قال في الثالثة اشهد انها حبلى من غيرى و انى لمن الصادقين ثم قال في الرابعة اشهد باللّه ما قربتها منذ اربعة أشهر و انى لمن الصادقين ثم قال في الخامسة لعنة اللّه على عويمر (يعنى نفسه) ان كان من الكاذبين فيما قال- ثم امره بالقعود و قال لخولة قومى فقامت فقالت اشهد باللّه ما انا بزانية و ان عويمر المن الكاذبين ثم قالت في الثانية اشهد باللّه ما راى شريكا على بطني و انه لمن الكاذبين ثم قالت في الثالثة اشهد باللّه انا حبلى منه و انه لمن الكاذبين ثم قالت في الرابعة انه ما رانى قط على فاحشة و انه لمن الكاذبين ثم قالت في الخامسة غضب اللّه على خولة (تعنى نفسها) ان كان من الصادقين- ففرق رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بينهما و قال لو لا هذه الايمان لكان في أمرها رأى ثم قال تحينوا بها الولادة فان جاءت باصيهب «١» ابيلج يضرب الى السواد فهو لشريك بن السمحا و ان جاءت باورق جعدا جماليا «٢» فهو لغير الّذي رميت به- قال ابن عباس

(١) اصيهب هو من يعلو لونه صهبة و هى كالشقرة- مجمع البحار- الفقير الدهلوي-.

(٢) و في مجمع البحار حمّاليا هو بالتشديد الضخم الأعضاء التام الأوصال كانه الحمل- الفقير الدهلوي.

فجاءت بأشبه خلق لشريك- قال الحافظ ابن حجر اختلف الائمة في هذا الموضع فمنهم من رجح انها نزلت في شأن عويمر و منهم من رجح انها في شأن هلال و احتج «١» القرطبي الى تجويز نزول الاية مرتين و منهم من جمع بينهما بان أول من وقع ذلك هلال و صادف مجئى عويمر ايضا فنزلت في شأنهما معا و الى هذا اجنح النووي و سبقه الخطيب- و قال الحافظ ابن حجر يحتمل ان النزول سبق بسبب هلال فلما جاء عويمر و لم يكن له علم بما وقع لهلال علمه النبي صلى اللّه عليه و سلم بالحكم و لهذا قال في قصة هلال فنزل جبرئيل- و في قصة عويمر قد انزل اللّه فيك اى فيمن وقع له مثل ما وقع لك و بهذا أجاب ابن الصباغ في الشامل-

(مسئلة) و بناء على عموم قوله تعالى الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ قال مالك و الشافعي و احمد كل زوج صح طلاقه صح لعانه سواء كانا حرين او عبدين عدلين او فاسقين او أحدهما حرّا عدلا و الاخر عبدا او فاسقا- و كذا سواء كانا مسلمين او كافرين او أحدهما خلافا لمالك فان عنده انكحة الكفار فاسدة لا يصح طلاقه فلا يصح لعانه- و قال ابو حنيفة لا يجوز اللعان مالم يكن الزوج أهلا للشهادة- يعنى حرا عاقلا بالغا مسلما و تكون الزوجة ممن يحد قاذفها يعنى حرة عاقلة بالغة مسلمة غير متهمة بالزنى- فلا يجرى اللعان عنده إذا كان الزوج عبدا او كافرا او محدودا في قذف بل يحد حد القذف ان كانت المرأة ممن يحد قاذفها و الا يعزّر ان رأى الامام- لكن ان كان الزوج أعمى او فاسقا يجوز لعانه لان الفاسق يجوز للقاضى قبول شهادته و ان لم يجب قبوله- و الأعمى انما لا تقبل شهادته لعدم تميزه بين المشهود له و المشهود عليه و هاهنا هو يميز بين نفسه و بين امرأته فكان أهلا لهذه الشهادة دون غيرها و روى ابن المبارك عن ابى حنيفة ان الأعم ى لايلا عن- و كذا لا يجرى اللعان عند ابى حنيفة

(١) و احتج إلخ لعله من غلط الناسخ و الصحيح و جنح إلخ- الفقير الدهلوي-.

إذا كانت الزوجة امة او كافرة او صبية او مجنونة او تزوجت بنكاح فاسد و دخل بها فيه او كان لها ولد ليس له اب معروف او زنت في عمرها و لو مرة ثم تابت او وطئت وطيا حراما بشبهة و لو مرة فحينئذ لاحد و لا لعان بل تعزران رأى الامام- و وجه قول ابى حنيفة في اشتراط كون المرأة ممن يحد قاذفها ان اللعان انما شرع لدفع حد القذف من الزوج كما يدل عليه الأحاديث في سبب نزول الاية حيث قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ابشر يا هلال فان اللّه قد جعل لك فرجا فهو بدل عن حدّ القذف في حق الزوج- و لذلك قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اتق اللّه فان عذاب الدنيا يعنى الحد أهون من عذاب الاخرة فاذا لم يتصور المبدل منه لا يتصور البدل و في اشتراط كون الرجل من اهل الشهادة قوله تعالى وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ حيث جعل الأزواج أنفسهم شهداء لان الاستثناء من النفي اثبات و لو جعل الشهداء مجازا من الحالفين كما قالوا كان المعنى و لم يكن لّهم حالفون الا أنفسهم و هو غير مستقيم لانه يفيد انه إذا لم يكن للذين يرمون أزواجهم من يحلف لهم يحلفون هم لانفسهم و هذا فرع تصور الحلف لغيره و هو لا وجود له أصلا فلو كان اليمين معنى حقيقيا للفظ الشهادة كان هذا صارفا عنه الى مجازه فكيف و هو معنى مجازى لها و لو لم يكن هذا كان إمكان العمل بالحقيقة موجبا لعدم الحمل على اليمين فكيف و هذا صارف عن المجاز و يدل على اشتراط اهلية الشهادة في الرجل و كون المرأة ممن يحد قاذفها حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رواها بن ماجة و الدار قطنى بوجوه الاول ما رواه الدار قطنى بسنده عن عثمان بن عبد الرحمان الزهري عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اربعة ليس بينهم لعان ليس بين الحر و الامة لعان و ليس بين العبد و الحرة لعان و ليس بين المسلم و اليهودية لعان و ليس بين المسلم و النصرانية لعان- قال يحيى و البخاري و ابو حاتم الرازي و ابو داود عثمان بن عبد الرحمان الزهري ليس بشي ء و قال يحيى مرة كان يكذب و قال ابن حبان كان يروى عن الثقات الموضوعات لا يجوز الاحتجاج به و قال النسائي و الدار قطنى متروك الحديث- و الثاني ما رواه الدار قطنى و ابن ماجة بسندهما عن عثمان بن عطاء الخراسانى عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اربع من النساء لا ملاعنة بينهن النصرانية تحت المسلم و اليهودية تحت المسلم و المملوكة تحت الحر و الحرة تحت المملوك و عثمان بن عطاء ضعفه يحيى و الدار قطنى و قال ابو حاتم الرازي و ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به و قال على بن الجنيد متروك قال الدار قطنى و قد تابعه يزيد بن زريع عن عطاء و هو ضعيف ايضا- و قد روى الدار قطنى من طريق اخر عن عماد بن مطر قال حدثنا حماد بن عمر عن زيد بن رفيع عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بعث عتاب بن أسيد ثم ذكر نحوه قال ابو حاتم الرازي عماد بن مطر كان يكذب و قال ابن عدى أحاديثه بواطيل و هو متروك الحديث و قال احمد حماد بن عمرو كان يكذب و يضع الحديث و قال الساجي اجمعوا على انه متروك الحديث و قد ضعف النسائي و الدار قطنى زيد بن رفيع- قال ابن الجوزي و قد روى هذا الحديث الأوزاعي و ابن جريج و هما امامان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قوله و لم يرفعه الى النبي صلى اللّه عليه و سلم قال ابن همام و أنت علمت ان الضعيف إذا تعدد طرقه كان حجة و هذا كذلك و قد اعتضد برواية الإمامين إياه موقوفا على جد عمود بن شعيب- و قال الشافعي قاله تعالى فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللّه إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) يدل على انها ايمان و ليس بشهادات لان كلمة باللّه محكم في اليمين و كلمة الشهادة يحتمل اليمين الا ترى انه لو قال اشهد ينوى اليمين كان يمينا فحملنا المحتمل على المحكم و حمل الشهادة على الحقيقة متعذر لان المعلوم في الشرع عدم قبول شهادة الإنسان لنفسه بخلاف يمينه و كذا المعهود شرعا عدم تكرر الشهادة في موضع بخلاف اليمين فانه معهود في القسامة- و لان الشهادة محلها الإثبات و اليمين للنفى فلا يتصور تعلق حقيقتها بامر واحد فوجب العمل بحقيقة أحدهما و مجاز الاخر فليكن المجاز لفظ الشهادة لما

قلنا من الوجهين المذكورين- و إذا كان الشهادة بمعنى اليمين لم يكن اهلية الشهادة شرطا للعان-

قلنا كما ان الشهادة لنفسه و تكرار أداء الشهادة غير معهود في الشرع كذلك الحلف لغيره و الحلف لايجاب الحكم ايضا غير معهود في الشرع بل اليمين لدفع الحكم فكما ان جاز لمن له ولاية الإيجاد و الاعدام و الحكم كيف ما اراده شرعية هذين الامرين في محل بعينه ابتداء جاز له شرعية ذلك ابتداء و الشهادة لنفسه قد ورد في محكم التنزيل حيث قال اللّه تعالى شَهِدَ اللّه أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حين سمع المؤذن يقول اشهد ان لا اله الا اللّه اشهد ان محمدا رسول اللّه و انا اشهد و انا اشهد فشهادته بالرسالة شهادة لنفسه- و تكرار الشهادة في هذا المحل انما شرع بدلا عما عجز عنه من اقامة شهود الزنى و هم اربعة و عدم قبول الشهادة لنفسه عند التهمة- و لهذا يثبت عند عدمها أعظم ثبوت كما ذكرنا من شهادة اللّه و شهادة رسوله فلا يبعد ان يشرع الشهادة لنفسه في موضع بواسطة تأكيدها باليمين و الزام اللعنة و الغضب ان كان كاذبا و اللّه اعلم جملة و لم يكن لّهم شهداء اما عطف على الصلة او حال من فاعل يرمون- و الّا أنفسهم بدل من الشهداء او صفة ان كان الا بمعنى غير و الموصول مع الصلة مبتدأ خبره ما بعده- قرا حفص و حمزة و الكسائي اربع شهدت بالرفع على انه خبر شهادة أحدهم

و قرا الباقون على المصدر لبيان عدد المصدر- و التقدير فالواجب شهادة أحدهم او فعليهم شهادة أحدهم اربع شهدت- و قيل شهادة أحدهم مبتدأ خبره محذوف تقديره فشهادة أحدهم اربع شهدت تدفع عنه حد القذف و باللّه متعلق بشهدت لكونها اقرب و قيل بشهادة لتقدمها- و قوله إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ أصله على انّه من الصّادقين فيما رماها من الزنى او نفى الولد او منهما فحذفت الجار و كسرت انّ و علق اللام عنه باللام تأكيدا- و قيل هو جواب قسم محذوف و الجملية القسمية بيان للشهادة.

﴿ ٦