١٨

حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ وقف الكسائي بالياء فقال وادي و الباقون بغير ياء النَّمْلِ تعدية الإتيان بعلى اما لان إتيانهم كان من عال و اما لان المراد قطعه من قولهم اتى على الشي ء إذا أنفده و بلغ آخره روى عن وهب بن منبه عن كعب كان سليمان إذا ركب حمل اهله و خدمه و حشمه و قد أخذ مطابخ و مخابز فيها تنانير الحديد و قدور عظام تسع فى قدر منها عشر جزائر و قد اتخذ ميادين الدواب له امامه فيطبخ الطباخون و يخبز الخيارون و يجرى الدواب من بين يديه بين السماء و الأرض و الريح تهوى فسار من إصطخر الى اليمن فسلك مدينة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال هذه دار هجرة نبى اخر الزمان طوبى لمن أمن به و طوبى لمن اتبعه و راى حول البيت أصناما تعبد من دون اللّه فلما جاوز سليمان البيت بكى البيت فاوحى اللّه الى البيت ما يبكيك فقال يا رب أبكاني ان هذا نبى من أنبيائك و قوم من أوليائك مرو ابى و لم يصلّوا عندى و الأصنام تعبد حولى من دونك فاوحى اللّه اليه ان لاتبك فانى سوف املؤك وجوها سجدا و انزل فيك قرأنا جديدا او ابعث منك نبيا فى اخر الزمان أحب انبيائى و اجعل فيك عمارا من خلقى يعبدوننى و افرض على عبادى فريضة يدفون إليك دفيف «الدّفيف السير الغير الشديد كذا فى النهاية منه رح» النسور الى و كرها و يجنون إليك حنين الناقة الى ولدها و الحمامة الى بيضها و أطهرك من الأوثان و عبده الشياطين ثم مضى حتى مرّ بواد السدير واد من الطائف فاتى على واد النمل هكذا قال كعب انه واد بالطائف و قال مقاتل و قتادة هو ارض بالشام و قيل هو واد كان يسكنه الجن و أولئك النمل مراكبهم قال فرق الحميرى كان نمل ذلك الوادي أمثال الذباب و قيل كالبخاتى و المشهور انه النمل الصغير قالَتْ نَمْلَةٌ قال الشعبي كانت تلك النملة ذات جناحين و قيل كانت نملة عرجا و قال الضحاك كان اسمها طاحية و قال مقاتل كان اسمها حذمى يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لم يقل ادخلن لان الإنسان إذا تكلم و هو يرى غيره من الحيوانات غير عاقلة فيجعل لها ضمائر الجمادات كما يجعل للنساء ضمائرها الحاقا اياهن بغير ذوى العقول لضعف عقولهن و اما الحيوانات إذا تكلم بعضها بعضا ترى أنفسها من ذوى العقول فتخاطب العقلاء فحكى اللّه سبحانه قول النملة كما قالت لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَ جُنُودُهُ نهى لهم عن الحطم و المراد نهيهن عن التوقف و البروز كيلا يؤدى الى حطمهم اياهن كقولهم لا ارينك هاهنا اى لا تقف هاهنا فهو استيناف او بدل من الأمر لا جواب له فان النون لا تدخله فى السعة وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ انهم يحطمونكم و لو شعروا لم يفعلوا كانها شعرت عصمة سليمان و أصحابه من الإيذاء عمدا. فويل للروافض لم يشعروا شعور النملة حتى نسبوا الظلم الى اصحاب سيد الأنبياء-

فان قيل كيف يتصور الحطم من سليمان و جنوده و كانت الريح تحمل سليمان و جنوده على نساط بين السماء و الأرض قيل كان بعض جنوده ركبانا و منهم مشاة على الأرض تطوى لهم و قيل يحتمل ان يكون هذا قيل تسخير الريح لسليمان. و قال بعض اهل العرفان معناه لا يحطمنكم اشتغالكم بروية جنود سليمان و طمكه و ما أعطاه اللّه من زهرة الحيوة الدنيا فيشغلكم عن ذكر اللّه و يهلككم فسمع سليمان قولها من ثلاثة أميال كذا قال مقاتل و ذلك لما انه كلما كان يتكلم خلق الا حملت الريح فالقته فى مسامع سليمان.

﴿ ١٨