٦٦

بَلِ ادَّارَكَ كذا قرا ابو جعفر و ابن كثير و ابو عمرو بهمزة القطع على وزن أكرم من الافعال اى بلغ و لحق عِلْمُهُمْ فاعل لادرك فِي الْآخِرَةِ ظرف لادرك و المفعول محذوف دلّ عليه ما سبق و المعنى انهم لا يدركون وقت قيام الساعة فى الدنيا قط بل يدرك علمهم ذلك فى الاخرة إذا عاينوه او المعنى بل أدرك علمهم اليوم بتعليم الرسل صلى اللّه عليه و سلم إياهم فى شأن الاخرة أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اللّه يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ لكنهم لا يعلمون وقت مجيئها و فرأ الباقون بل ادّرك أصله تدارك يعنى تدارك و تكامل علمهم و حصل لهم اليوم بتعليم الرسول صلى اللّه عليهم و سلم فى شأن الاخرة او يحصل لهم العلم بذلك إذا عاينوه يقال تدارك الفاكهة إذا تكاملت نضجا و حصول العلم القطعي للمؤمنين فى الدنيا ظاهر و للكافرين باعتبار قيام الادلة الموجبة للقطع مقامه بَلْ هُمْ يعنى كفار مكة فِي شَكٍّ مِنْها اى من قيام الساعة بعد وجود ما يوجب القطع من اخبار الرّسول صلى اللّه عليه و سلم المؤيد بالمعجزات و قيل قوله بل ادّرك على طريقة الاستفهام معناه هل تدارك و تتابع علمهم فى الاخرة يعنى لم يتتابع و ضل و غاب علمهم به فلم يبلغوه و لم يدركوه لان فى الاستفهام ضربا من الجحد يدل هذا التأويل قراءة ابن عباس بلى بإثبات الالف المكتوب بصورة الياء ءادّرك بفتح الهمزة للاستفهام و سقوط همزة الوصل اى لم يدرك و فى قراءة أبيّ أم تدارك علمهم و العرب يضع بل موضع أم و أم موضع بل و ذكر على بن عيسى و إسحاق ان بل فى بل ادّرك بمعنى لو و المعنى لو أدركوا فى الدنيا ما أدركوه فى الاخرة لم يشكوا بل هم اليوم فى شك من الساعة بَلْ هُمْ مِنْها اى من الساعة عَمُونَ جمع عمى و هو عمى القلب نفى اللّه عنهم علم الغيب اولا ثم أكّد ذلك بنفي شعورهم بما هو ما لهم لا محالة ثم بالغ فيه بان اضرب عنه و بيّن ان منتهى علمهم و ما تكامل فيه اسباب العلم من الحجج و الآيات مقصور على ان القيامة كائنة لا محالة و هم لا يعلمونها كما ينبغى ثم اضرب عنه و قال بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ منها بعد تكامل الادلة كمن يتحير فى امر لا يجد عليه دليلا فهم لا يستطيعون ازالة الشك ثم اضرب عنه و قال بل هم فى أسوأ حال منه فانهم عمون لا يدركون دليلهم لاختلال بصيرتهم و هذا او ان اختص بالمشركين فمن فى السموات و الأرض نسب الى جميعهم كما يسند فعل البعض الى الكل و قيل الاضراب الاول عن نفى الشعور بوقت القيامة عنهم بوضعهم باستحكام علمهم فى امر الاخرة تهكما و قيل أدرك بمعنى انتهى و اضمحل من قولهم أدرك الشمرة لانها تلك غايتها التي عندها يعدم و ما بعدها إضراب عن علمهم بامر الاخرة مبالغة فى نفيه و دلالة على ان شعورهم بها انهم شاكون فيها ثم اضرب عنه و قال هُمْ مِنْها عَمُونَ ليس لهم صلاحبة العلم أصلا-.

﴿ ٦٦