٧

وَ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى و هى يوخابذ بنت لاوى بن يعقوب عليه السلام كذا ذكر البغوي اجمعوا على انه ليس بوحي نبوة و ان النبي لا يكون الا رجلا قال قتادة قذف فى قلبها و هو الإلهام فى اصطلاح الصوفية و من جنسه المنام الصادق الموجب لليقين و اطمينان القلب و هو ايضا من قبيل الإلهام و هذه الاية تدل على ان الإلهام ايضا من اسباب العلم و ان كان علما ظنّيا و المعتبر الهام القلوب الزاكية و النفوس المطمئنة و الفرق بين الوسوسة و الإلهام بحصول اليقين و اطمينان القلب أَنْ أَرْضِعِيهِ ان مفسرة لاوحينا لان فيه معنى القول او مصدرية يعنى ارضعى موسى ما أمكنك اخفاؤه

قال البغوي اختلفوا فى مدة إرضاع موسى عليه السلام امه قيل هى ثمانية أشهر و قيل اربعة أشهر و قيل ثلاثة أشهر كانت ترضعه فى حجرها و هو لا يبكى و لا يتحرك فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ بان يحس به فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ فى البحر يريد النيل وَ لا تَخافِي عليه الضياع وَ لا تَحْزَنِي لفراقه إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ من قريب بحيث تامنين عليه وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ روى عطاء و الضحاك عن ابن عباس ان بنى إسرائيل لما كثروا بمصر و استطالوا على الناس و عملوا بالمعاصي و لم يأمروا بالمعروف و لم ينهوا عن المنكر فسلط اللّه عليهم النبط فاستضعفوهم الى ان نحاهم اللّه على يدى نبيه- موسى - قال ابن عباس رض ان أم موسى لما دنى ولادتها و كانت قابلة من قوابل اللاتي و كّلهن فرعون بحبالى بنى إسرائيل مصافية لام موسى فلمّا ضربها الطلق أرسلت إليها و قالت قد نزل بي ما نزل فلينفعنى حبك إياي اليوم قال فعالجت قابلتها فلما ان وقع موسى عليه السلام بالأرض هالها نور بين عينى موسى عليه السلام فارتعش كل مفصل منها و دخل حب موسى عليه السلام فى قلبها ثم قالت يا هذه ما جئت إليك حين دعوتنى الا و من ورائي قتل مولودك و لكن وجدت لابنك حبّا ما وجدت حب شى ء مثل حبه فاحفظى ابنك فانى أراه مدونا.

فلمّا خرجت القابلة من عندها ابصر بعض العيون فجاءوا الى بابها ليدخلوا على أم موسى فقالت أخته يا أماه هذا الحرس بالباب قلفّت موسى فى خرقة فوضعته فى التنور و هو مسجور و طاش عقلها فلم تعقل ما تصنع فدخلوا فاذا التنور مسجور و راوا أم موسى ع لم يتغير لها لون و لم يظهر لها لبن فقالوا لها ما ادخل عليك القابلة قالت هى مصافية لى فدخلت علىّ زائرة فخرجوا من عندها و رجع إليها عقلها فقالت لاخت موسى عليه السلام فاين الصبى قالت لا أدرى فسمعت بكاء الصبى من التنور فانطلقت اليه و قد جعل اللّه سبحانه و تعالى النار عليه بردا و سلاما فاحتملته.

قال ثم ان أم موسى لما رات الحاج فرعون فى طلب الولدان خافت على ابنها فقذف اللّه فى نفسها ان تتخذ له تابوتا ثم تقذف التابوت فى اليم و هو النيل فانطلقت الى رجل من قوم فرعون نجار فاشترت منه تابوتا صغيرا فقال لها النجار ما تصنعين بهذا التابوت قالت ابن لى أخبؤه فى التابوت و كرهت الكذب قال و لم قالت أخشى عليه كيد فرعون فلما اشترت التابوت و حملته فانطلقت انطلق النجار الى الذبّاحين ليخبرهم بامر أم موسى فلمّا هم بالكلام امسك اللّه تعالى فلم يطق الكلام و جعل يشير بيده فلم يدر الأمناء ما يقول فلما أعياهم امره قال كبيرهم اضربوه و أخرجوه فلمّا انتهى النجار الى موضعه رد اللّه عليه لسانه فتكلم فانطلق ايضا يريد الأمناء فاتاهم ليخبرهم فاخذ لسانه و بصره فلم يطلق الكلام و لم يبصر شيئا فضربوه و أخرجوه و وقع فى واد يهوى فيه حيران فجعل عليه ان رد لسانه و بصره ان لا يدل عليه و ان يكون معه و يحفظه حيث ما كان فعرف اللّه منه الصدق فرد اللّه عليه بصره و لسانه فخر للّه ساجدا فقال يا رب دلّنى على هذا العبد الصالح فدله اللّه عليه فخرج من الوادي و أمن به و صدقه و علم ان ذلك من اللّه عزّ و جلّ.

و قال وهب بن منبه لما حملت أم موسى بموسى كتمت أمرها من جميع الناس فلم يطلع على حملها أحد من خلق اللّه و ذلك شى ء ستره اللّه لما أراد ان يمن على بنى إسرائيل فلمّا كانت السنة التي يولد فيها بعث فرعون القوابل و تقدم إليهن ففتش النساء تفتيشا لم يفتش قبل ذلك و حملت أم موسى ع بموسى فلم ينت بطنها و لم يتغير لونها و لم يظهر لبنها و كانت القوابل لا تتعرض لها فلمّا كانت الليلة التي ولد فيها ولدته و لا رقيب عليها و لا قابلة و لم يطلع عليها أحد الا أخته مريم و اوحى اللّه إليها أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ الآية فكتمته امّه ثلاثة أشهر ترضعه فى حجرها لا يبكى و لا يتحرك فلمّا خافت عليه عملت له تابوتا مطبقا قيل وضعته فى تابوت مطلّى بالقارّ من داخل ممهدا له فيه و أغلقته ثم ألقته فى البحر ليلا- قال ابن عباس و غيره فكان لفرعون يومئذ بنت ليس له ولد غيرها و كانت أحب الناس عليه و كان لها كل يوم ثلاث حاجات ترفعها الى فرعون و كان بها برص شديد و كان فرعون قد جمع لها أطباء مصر و السحرة فنظروا فى أمرها فقالوا لها أيتها الملكة لا تبرئى الا من قبل البحر يوجد فيه شبه الإنسان فيؤخذ من ريقه فيطلح به برصها فتبرا من ذلك و ذا يوم كذا و ساعة كذا حين تشرق الشمس- فلما كان يوم الاثنين غدا فرعون الى مجلس كان له على شفير النيل و معه امرأته آسية بنت مزاحم و أقبلت ابنة فرعون فى جواريها حتى جلست على شاطئ النيل مع جواريها حتى تلاعبهن و تنضح الماء على وجوههن إذ اقبل النيل بالتابوت يضربه الأمواج فقال فرعون ان هذا الشي ء فى النيل قد تعلق بالشجرة ايتوني به فابتدروا بالسفن من كل جانب حتى وضعوه بين يديه فعالجوا فتح الباب فلم يقدروا عليه و عالجوا كسره فلم يقدروا عليه فدنت آسية فرات فى جوف التابوت نورا لم يره غيرها فعالجت ففتحت الباب فاذا هى بصبىّ صغير فى مهدة و إذا نور بين عينيه و قد جعل اللّه رزقه فى ابهاميه يمصهما لبنا فالقى اللّه تعالى المحبة لموسى فى قلب آسية و أحبه فرعون و عطف عليه- و أقبلت ابنة فرعون فلمّا اخرجوا الصبىّ من التابوت عمدت بنت فرعون الى ما كان من ريقه فلطخت ببرصها فبرات فقبّلته و ضمته الى صدرها فقالت الغواة لفرعون ايها الملك انا نظنّ ان ذلك المولود الّذى تحذر منه من بنى إسرائيل هو هذا رمى به فى البحر خوفا منك ان تقتله فهمّ فرعون بقتله قالت آسية قرّة عين لّى و لك لا تقتلوه عسى ان ينفعنا او نتّخذه ولدا و كانت لا تلد فاستوهبت موسى من فرعون فوهبه لها و قال فرعون اما انا فلا حاجة لى فيه. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لو قال يومئذ هو قرة عين لى كما هو لك لهداه اللّه كما هدها فقيل لاسية سميه فقالت سميته موسى لانا وجدناه بين الماء و الشجر؟" فمو" هو الماء- و" سا" هو الشجر ..

﴿ ٧