٤ فِي بِضْعِ سِنِينَ البضع ما بين الثلاث الى السبع و قيل ما بين الثلاث الى التسع و قيل ما دون العشرة و قال الجوهري تقول بضع و بضعة عشر رجلا فاذا جاوزت العشرين لا تقول بضع و عشرون و لهذا يخالف ما جاء فى الحديث قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الايمان بضع و سبعون شعبة قال البغوي كان بين فارس و الروم قتال فكان المشركون يودّون غلبة فارس على الروم لان اهل فارس كانوا مجوسا أميين و المسلمون يودّون غلبة الروم على فارس لانهم كانوا اهل كتاب فبعث كسرى يعنى پرويز بن هرمز بن نوشيروان جيشا الى الروم و استعمل عليهم رجلا يقال له شهريزاد و بعث قيصر جيشا و امّر عليهم رجلا يقال له يحيس فالتفتا ما ذرعات الشام و بصرى (و هواد فى الشام الى ارض العرب و العجم) فغاب فارس الروم فبلغ ذلك المسلمين بمكة فشق ذلك عليهم و فرح به كفار مكة و قالوا للمسلمين انكم اهل كتاب و النصارى اهل كتاب و نحن أميون و قد ظهر إخواننا اهل فارس على إخوانكم من الروم فان قاتلتمونا لنظهرن عليكم فانزل اللّه تعالى هذه الاية فخرج ابو بكر الصديق رضى اللّه عنه الى الكفار فقال فرحتم بظهور إخوانكم فو اللّه ليظهرن الروم على فارس على ما أخبرنا بذلك نبينا فقال أبيّ بن خلف الجمحي كذبت فقال أنت أكذب يا عدو اللّه فقال اجعل بيننا و بينك أجلا انا جئك (و المناحبة المراهنة) على عشر قلائص منى و عشر قلائص منك فان ظهر الروم على فارس غرمت و ان ظهر فارس على الروم غرمت ففعلوا و جعل الاجل ثلاث سنين فجاء ابو بكر الى النبي صلى اللّه عليه و سلم فاخبره بذلك (و ذلك قبل تحريم القمار) فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما هكذا ذكرت انما البضع ما بين الثلاث الى التسع فزائده فى الخطر و ماده فى الاجل فخرج ابو بكر فراى ابيّا فقال لعلك ندمت قال لا أزايدك فى الخطر و امادك فى الاجل فجعل مائة قلوص و مائة قلوص الى تسع سنين و قيل الى سبع سنين قال قد فعلت- فلمّا خشى أبيّ بن خلف ان يخرج ابو بكر من مكة أتاه فلزمه و قال انى أخاف ان تخرج من مكة فاقسم لى كفيلا فكفل له عبد اللّه بن ابى بكر ابنه فقال لا و اللّه لا أدعك حتى تعطينى كفيلا فاعطاه- ثم خرج الى أحد فرجع أبيّ بن خلف الى مكة فمات بمكة من جراحته التي جرحه النبي حين بارزه- فظهرت الروم على فارس يوم الحديبية و ذلك عند رأس سبع سنين من مناجئتهم و قيل كان يوم بدر قال الشعبي لم يمض تلك المدة مدة عقد المناحبة بين اهل مكة و صاحب قمارهم أبيّ بن خلف و المسلمين و صاحب قمارهم ابى بكر الصديق (و كان ذلك قبل تحريم القمار) حتى غلبت الروم فارس و ربطوا خير لهم بالمدائن و بنوا للرمية فقمر ابو بكر ابيّا و أخذ مال الخطر من ورثته و جاء به و حمله الى النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال له النبي صلى اللّه عليه و سلم تصدق به و اخرج الترمذي من حديث ابى بكر نحوه. (مسئلة):- قال ابو حنيفة العقود الفاسدة كعقد الربوا و غيرها جائزة فى دار الحرب بين المسلمين و الكفار مستدلا بقصة ابى بكر و لان اموال الكفار غير معصوم يجوز أخذها ما لم يكن غدرا بعد الاستيمان. قال البغوي و كان سبب غلبة الروم على فارس على ما قال عكرمة ان شهريزاد بعد ما غلب الروم لم يزل يطيئهم و يخرّب مدائنهم حتى بلغ الخليج- فبينا اخوه فرخان جالس على سريره يشرب فقال لاصحابه لقد رأيت انى جالس على سرير كسرى فبلغت حكمته كسرى فكتب الى شهريزاد إذا أتاك كتابى فابعث الىّ راس فرخان فكتب اليه ايها الملك انك لن تجد مثل فرخان و ان له نكابة و صوتا فى العدو فلا تغفل- فكتب اليه ان فى رجال فارس خلقا منه فعجل الىّ برأسه فكتب فغضب كسرى و لم يجبه و بعث بريدا الى اهل الجيش انى قد نزعت منكم شهريزاد و استعملت عليكم فرخان ثم دفع الى البريد صحيفة صغيرة امر فيها بقتل شهريزاد فقال إذا ولّى فرخان الملك و انقاد له اخوه فاعطه الصحيفة- فلمّا قرا شهريزاد الكتاب قال سمعا و طاعة و نزل عن سريره و جلس فرخان و دفع الصحيفة فقال ايتوني بشهريزاد فقدمه ليضرب عنقه فقال لا تعجل علىّ حتى اكتب وصيتي قال نعم فدعى بالسقط و أعطاه ثلاث صحائف و قال كل هذا راجعت فيك لسرى و أنت تريد ان تقتلنى بكتاب واحد فرد الملك الى أخيه فكتب شهريزاد الى قيصر ملك الروم ان لى إليك حاجة لا يحملها البريد و لا يبلغها الصحف فالقنى و لا تلقنى الا فى خمسين روميا فانى ألقاك فى خمسين فارسيّا فاقبل قيصر فى خمسين روميا «١» و جعل يضع العيون بين يديه فى الطريق و خاف ان يكون قد مكر حتى أتاه عيون له انه ليس معه الا خمسون (١) و فى الأصل خمسين الف روميا ١٢. رجلا ثم سقط لهما و القيافى قبة ديباج ثم ضربت لهما و مع كل واحد منهما سكين فدعوا بترجمان بينهما فقال شهريزاد ان الذين خربوا مدائنك انا و أخي بكيدنا و شجاعتنا و ان كسرى حسدنا و أراد ان اقتل أخي فابيت ثم امر أخي ان يقتلنى فقد خلقنا جميعا فنحن تقاتله معك فقال قد أصبتما ثم استأثر أحدهما على صاحبه ان السر بين اثنين فاذا جاوزهما فشا فقتلا الترجمان معا بسكينهما فادليت الروم على فارس عند ذلك فابتغوهم فقتلوهم و مات كسرى و جاء الخبر الى النبي صلى اللّه عليه و سلم يوم الحديبية ففرح هو و من معه فذلك قوله الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ الاية- و قرئ غلبت بالفتح على صيغة المعروف و سيغلبون بالضم و معناه ان الروم غلبوا على ارض فارس و المسلمون سيغلبونهم- و فى السنة التاسعة من غلبة الروم غذاهم المسلمون و فتحوا بعض بلادهم و على هذا يكون الغلب مصدرا مبنيّا للفاعل مضافا الى الفاعل و يؤيد هذه القراءة ما اخرج الترمذي عن ابى سعيد قال لما كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس فاعجب ذلك المؤمنين فنزلت الم غُلِبَتِ الرُّومُ .... بِنَصْرِ اللّه بفتح الغين و اخرج ابن جرير عن ابن مسعود نحوه و هذه قراءة شاذة و الاولى هى المتواترة و لعل النبي صلى اللّه عليه و سلم لما غلب الروم على فارس علم بالوحى الغير المتلو انه غلبت اليوم الروم على فارس فى ادنى الأرض و هم اى الروم من بعد ان غلبوا على الفارس سيغلبهم المؤمنون فقرأ على ما رواه الترمذي عن ابى سعيد بفتح الغين من غلبت على البناء و سيغلبون على البناء للمفعول و اللّه اعلم للّه الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ اى قبل غلبة الروم على فارس حين كونهم مغلوبين وَ مِنْ بَعْدُ اى بعد غلبهم عليهم حين كونهم غالبين ليس شى ء منهما الا بقضائه و قدره هذه الجملة تعليل لقوله سيغلبون وَ يَوْمَئِذٍ اى يوم إذا كان الغلبة للروم يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ |
﴿ ٤ ﴾