١٦

تَتَجافى حال من فاعل سبحوا اى ترتفع و تتنحى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ اى الفرش التي ينامون عليها يَدْعُونَ حال من الضمير المجرور فى جنوبهم و هو فاعل تتجافى على طريقة دابر هؤلاء مقطوع مصبحين رَبَّهُمْ خَوْفاً من سخطه و عذابه وَ طَمَعاً فى رحمته و ثوابه اخرج هناد عن اسماء بنت يزيد رضى اللّه عنها قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يجمع اللّه يوم القيامة الناس فى صعيد واحد يسمعهم الداعي و ينفذهم البصر فيقوم مناد فينادى اين الذين كانوا يحمدون اللّه تعالى فى السراء و الضراء فيقومون و هم قليل فيدخلون الجنة بغير حساب ثم يعود فينادى اين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع فيقومون و هم قليل فيدخلون الجنة بغير حساب ثم يقوم سائر الخلق فيحاسبون-

و اخرج ابن راهويه و ابو يعلى فى مسنديهما من حديثها نحوه و فيه ينادى اولا بصوت يسمع الخلائق سيعلم اهل الجمع من اهل الكرم قال الحسن و مجاهد و مالك و الأوزاعي و جماعة العلماء هم المتهجدون الذين يقومون لصلوة الليل روى احمد و الترمذي و ابن ماجة و ابن ابى شيبة و ابن راهويه فى مسنديهما و الحاكم عن معاذ قال قلت يا رسول اللّه أخبرني بعمل يدخلنى الجنة و يباعدنى من النار قال لقد سالت من عظيم و انه يسير على من يسره اللّه عليه تعبد اللّه و لا تشرك به شيئا و تقيم الصلاة و تؤتى الزكوة و تصوم رمضان و تحج البيت ثم قال الا ادلك على أبواب الخير الصوم جنة و الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار و صلوة الرجل فى جوف الليل ثم تلا تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ حتى بلغ يعملون ثم قال الا ادلّك برأس الأمر و عموده و ذروة سنامه قلت بلى يا رسول اللّه قال رأس الأمر الإسلام و عموده الصلاة و ذروة سنامه الجهاد ثم قال الا أخبرك بملاك ذلك كله قلت بلى يا نبى اللّه فاخذ بلسانه و قال كف عليك هذا فقلت يا نبى اللّه و انا لمواخذون بما نتكلم به قال ثكلتك أمك يا معاذ و هل يكب الناس فى النار على وجوههم او على مناخرهم الا حصائد ألسنتهم.

و عن ابى مالك الأشعري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان فى الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها و باطنها من ظاهرها أعدها اللّه لمن الان الكلام و اطعم الطعام و تابع الصيام و صلّى بالليل و الناس نيام- رواه البيهقي فى شعب الايمان- و روى الترمذي عن على نحوه و عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أفضل الصيام بعد رمضان شهر اللّه المحرم و أفضل الصلاة بعد الفريضة صلوة الليل- رواه مسلم و روى احمد الفصل الا خير بلفظ أفضل الصلاة بعد الفريضة صلوة فى جوف الليل و روى البغوي عن ابن مسعود رضى اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عجب ربنا عن رجلين رجل ثار عن وطائه و لحافه من بين حبه و اهله الى صلوته فيقول اللّه لملائكته انظروا الى عبدى ثار عن فراشه و وطائه من بين حبه و اهله رغبة فيما عندى و شفقة ممّا عندى و رجل غزا فى سبيل اللّه فانهزم مع أصحابه فعلم ما عليه فى انهزامه و ماله فى الرجوع فرجع حتى أهريق دمه فيقول اللّه لملائكته انظروا الى عبدى رجع رغبة فيما عندى و شفقة عما عندى حتى أهريق دمه و روى البغوي عن ابى هريرة ما قال ابن «١» رواحة و فينا رسول اللّه يتلو كتابه إذا انشق معروف من الفجر ساطع أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا به موقنات انّ ما قال واقع يبيت يجافى جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالكافرين المضاجع و قد ذكرنا ما ورد من الأحاديث فى فضائل صلوة الليل فى تفسير سورة المزّمّل

و اخرج الترمذي و صححه عن انس ان هذه الاية تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ نزلت فى انتظار الصلاة التي تدعى العتمة- و

قال البغوي قال انس نزلت هذه الاية فينا معشر الأنصار كنا نصلى المغرب فلا نرجع الى رحالنا حتى نصلى العشاء مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم- و قال عن انس ايضا قال نزلت فى أناس من اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كانوا يصلون من صلوة المغرب الى صلوة العشاء- أخرجه ابن مردوية عن انس و أصله فى سنن ابى داؤد و هو قول ابى حاتم و محمد بن المنكدر و قالا هى صلوة الأوابين روى ابن نصر عن محمد بن المنكدر مرسلا من صلى ما بين المغرب و العشاء فانها صلوة الأوابين

و اخرج البزار بسند ضعيف

(١) هذا فى كتب الرجال هو عبد اللّه بن رواحة الخزرجي شاعر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و فى الأصل ابن ابى رواحة ١٢.

عن بلال قال كنا نجلس فى المجلس و ناس من اصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم يصلون بعد المغرب الى العشاء فنزلت هذه الاية تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ- و

قال البغوي عن ابى الدرداء و ابى ذر- و عبادة بن صامت هم الذين يصلون العشاء الاخرة و الفجر فى جماعة و روى مسلم و احمد عن عثمان رضى اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من صلى العشاء فى جماعة فكانما قام نصف الليل و من صلى الصبح فى جماعة فكانما صلى الليل كله- و عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لو يعلمون ما فى النداء و الصف الاول ثم لم يجدوا الا ان يستهموا عليه لاستهموا عليه و لو يعلمون ما فى التهجير لاستبقوا اليه و لو يعلمون ما فى العتمة و الصبح لاتوهما و لو حبوا- رواه الشيخان فى الصحيحين و احمد و النسائي.

وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) قيل أريد به الصدقة المفروضة و قيل عام فى وجوه الخير.

﴿ ١٦