٥

ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ يعنى انسبوهم الى ابائهم الذين خلقوا من نطفهم افراد للمقصود من أقواله الحقة هُوَ الدعاء لابائهم أَقْسَطُ عِنْدَ اللّه تعليل لقوله ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ و اقسط اسم تفضيل أريد به الزيادة مطلقا من القسط بمعنى العدل و معناه البالغ فى الصدق

و اخرج البخاري عن ابن عمر قال ما كنا نقول زيد بن الحارثة الا زيد بن محمد صلى اللّه عليه و سلم حتى نزل القران ادعوهم لابائهم هو اقسط عند اللّه فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ حتى تنسبوا اليه فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَ مَوالِيكُمْ اى فهم إخوانكم فى الدين و أولياءكم فقولوا هذا أخي فى الدين و مولائى وَ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ اى اثم فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ اى فيما نسبتم المتبنّى الى المتبنّى مخطئين قبل النهى او بعده على النسيان او سبق اللسان وَ لكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ اى لكن الجناح فيما تعمّدت قلوبكم او لكن ما تعمّدت قلوبكم ففيه الجناح عن سعيد بن ابى وقاص و ابى بكرة قالا قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من ادعى الى غير أبيه و هو يعلم فالجنة عليه حرام- رواه الشيخان فى الصحيحين و احمد و ابو داؤد و ابن ماجة و عن انس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من ادعى الى غير أبيه او أنتما الى غير مواليه فعليه لعنة اللّه المتتابعة الى يوم القيامة- رواه ابو داؤد و قال السيوطي صحيح وَ كانَ اللّه غَفُوراً رَحِيماً (٥) يعفوا عن المخطئ

قال البيضاوي اعلم ان التبنّي لا عبرة له عندنا (يعنى عند الشافعي رحمه اللّه) و عند ابى حنيفة رحمه اللّه يوجب عتق مملوكه و يثبت النسب لمجهوله الذي يمكن الحاقه به- و هذا سهو منه فان عند ابى حنيفة رحمه اللّه لا يعتق المملوك بقوله تبنيتك و جعلتك ابني و كذا لا يثبت النسب إذا قال لمجهول النسب تبنيتك و جعلتك ابني بل عنده ان السيد إذا قال لعبده هذا ابني يعتق عليه سواء كان يولد مثله لمثله اولا تصحيحا لكلامه و حملا له على المجاز كانّه قال هذا حرّ إطلاقا للسبب على المسبّب إذ النبوة سبب للحرية لقوله صلى اللّه عليه و سلم من ملك ذا رحم محرم منه عتق عليه رواه احمد و اصحاب السنن و قد خالف أبا حنيفة صاحباه فيما إذا قال لعبده هو اكبر سنا منه هذا ابني قانهما قالا لا يعتق بناء على خلافية فى الأصول ان المجاز عنده خلف عن الحقيقة فى التكلم دون الحكم فاذا صح التكلم بالحقيقة صح التجوز عنده و عتق عليه و عندهما خلف له فى الحكم فاذا لم يمكن الحكم بالحقيقة لم يصح التجوز خلفا و لم يعتق عليه و من قال لمجهول النسب هذا ابني و هو بحيث يمكن ثبوت النسب منه يثبت نسبه لكونه ماخوذا بإقراره و التزام النسب خالص حقه و لاجل ذلك من قال لمجهول النسب هذا أخي لا يثبت نسبه من أبيه غير انه إذا مات المقر بالنسب على الغير مصرّا على إقراره و لم يكن له وارث اخر يرث المقر له منه لعدم المزاحم و هو مقدم على بيت المال عندنا لا على أحد من الورثة و ان كانوا من ذوى الأرحام و لا على الموصى له بجميع المال و اللّه اعلم.

قال البغوي قيل كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يدعو الناس الى الجهاد فيقول قوم نذهب فنستأذن من ابائنا و أمهاتنا فنزلت.

﴿ ٥