٦

النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ يعنى من بعضهم لبعض فى نفوذ الحكم عليهم و وجوب طاعته عليهم فلا يجوز إطاعة الآباء و الأمهات فى مخالفة امر النبي صلى اللّه عليه و سلم و هو اولى بهم فى الحمل على الجهاد و بذل النفس دونه- قال ابن عباس و عطاء يعنى إذا دعاهم النبي الى شى ء ودعتهم أنفسهم الى شى ء كانت طاعتهم للنبى اولى بهم من طاعتهم لانفسهم و ذلك لانه عالم بمصالحهم و مفاسدهم بتعليم اللّه تعالى و لا يأمرهم و لا يرضى منهم الا ما فيه صلاحهم و نجاحهم قال اللّه تعالى حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ بخلاف أنفسهم فانّها امّارة بالسوء الا من رحم اللّه و هى ظلوم جهول فيجب عليهم ان يكون اللّه أحب إليهم من أنفسهم فامره انفذ عليهم من أمرها و شفقته أوفر من شفقتها عليها- قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من والده و ولده و الناس أجمعين متفق عليه من حديث انس و عن ابى هريرة ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال ما من مؤمن الا و انا اولى به فى الدنيا و الاخرة اقرءوا ان شئتم النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فايما مؤمن مات و ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا و من ترك دينا او ضياعا فليأتنى فانا مولاه- رواه البخاري وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ فى تعظيم حقهن و تحريم نكاحهن على التأبيد لا فى النظر إليهن و الخلوة بهن فانه حرام فى حقهن كما فى حق الاجنبيات قال اللّه تعالى وَ إِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ و لا يقال لبناتهن أخوات المؤمنين و لا لاخوتهن و أخواتهن أخوال المؤمنين و خالاتهم- قال الشافعي تزوج الزبير اسماء بنت ابى بكر و هى اخت أم المؤمنين عائشه و لم يقل هى خالة المؤمنين-

قلت و زوج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بناته بعلى و عثمان

قال البغوي روى الشعبي عن مسروق ان امرأة قالت لعائشة يا امه فقالت لست لك بام انما انا أم رجالكم- و كذا اخرج البيهقي فى سننه فبان بهذا انه تعالى أراد تحريم النكاح و فى قراءة أبيّ بن كعب وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ و هو اب لّهم يعنى فى الدين فان كل نبى اب لامته من حيث انه اصل فيما به الحيوة الابدية و لذلك صار المؤمنون اخوة وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّه اى فى حكم اللّه او فى اللوح المحفوظ او فى القران و هو هذه الاية او اية المواريث يعنى فى التوارث و لذلك قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فايما مؤمن مات و ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ صلة لاولى و من تفصيلية و الاية ناسخة لما كان فى ابتداء الإسلام التوارث بالهجرة و الموالاة فى الدين

قال البغوي ... قال قتادة كان المسلمون يتوارثون بالهجرة و قال الكلبي أخي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بين الناس و كان يواخى بين رجلين فاذا مات أحدهما ورثه الاخر عصبة حتى نزلت وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ- و هذه الاية بعمومه حجة لنا على الشافعي فى توريث اولى الأرحام ممن ليس بذي فرض و لا عصبة عنه عدم ذوى الفروض و العصبات و عند عدم أحد من اولى الأرحام يوضع المال فى بيت المال إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ اى اصدقائكم من المؤمنين و المهاجرين مَعْرُوفاً اى وصية فالموصى له من الأصدقاء اولى من الورثة و هذا عام خص منه البعض بالسنة و الإجماع فهو اولى من الورثة فى ثلث المال دون كله و هذا استثناء من أعم ما يقدر الاولويّة فيه من النفع او منقطع و ذلك ان اللّه لمّا نسخ التوارث بالحلف و الهجرة أباح ان يوصى بمن يتولاه بما أحب من الثلث- و قيل من فى قوله تعالى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ بيانية و المعنى وَ أُولُوا الْأَرْحامِ من المؤمنين بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ يعنى لا توارث بين المسلم و الكافر و لا بين المهاجر و غير المهاجر إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ اى اقربائكم وصية و ان كانوا من غير اهل الايمان و الهجرة

قال البغوي هذا قول قتادة و عكرمة و عطاء-

قلت و على هذا يخلوا فعل من اللام و الاضافة و من التفضيلية ثم كون اولى الأرحام من المؤمنين و المهاجرين بعضهم اولى ببعض لا يقتضى نفى التوارث بين المسلم و الكافر لا بالمنطوق و هو ظاهر و لا بالمفهوم لان كون المؤمن اولى لا يدل على نفى ميراث كافر من مؤمن عند عدم وارث مؤمن و اللّه اعلم كانَ ذلِكَ اى ما ذكر فِي الْكِتابِ اى فى اللوح المحفوظ او القران و قيل فى التورية مَسْطُوراً (٦) ثابتا مرقوما.

﴿ ٦