|
٣٤ وَ اذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللّه وَ الْحِكْمَةِ- رواه ابن ابى حاتم و روى ابن جرير عن عكرمة نحوه و هم استدلوا بسياق الاية و سباقها لكن القول بتخصيص الحكم يهن يأباه ضمير المذكرين و ذهب ابو سعيد الخدري و جماعة من التابعين منهم مجاهد و قتادة و غيرهما الى انهم على و فاطمة و الحسن و الحسين رضى اللّه عنهم لحديث عائشة قالت خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و عليه مرط «يعنى عليه صورة الرجل- منه رح» يعنى عليه صورة الرجل- منه رح مرحل من شعر اسود فجاء الحسن ابن على فادخله ثم جاء الحسين بن على فدخل معه ثم جاءت فاطمة فادخلها ثم جاء على فادخله ثم قال إِنَّما يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً- رواه مسلم و حديث سعد بن ابى وقّاص قال لمّا نزلت هذه الاية نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عليّا و فاطمة و حسنا و حسينا فقال اللّهمّ هؤلاء اهل بيتي رواه مسلم و حديث واثلة بن الأسقع انه صلى اللّه عليه و سلم تلا هذه الاية إِنَّما يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ الاية و قال لعلى و فاطمة و ابنيهما اللّهم هؤلاء اهل بيتي و خاصتى فاذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا- و اخرج الترمذي و غيره عن عمر بن ابى سلمة و ابن جرير و غيره عن أم سلمة ان النبي صلى اللّه عليه و سلم دعا عليّا و فاطمة و حسنا و حسينا لما نزلت هذه الاية إِنَّما يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ فحللّهم بكساء فقال اللّهم هؤلاء اهل بيتي فاذهب عنهم و طهرهم تطهيرا- و هذه الأحاديث و نحوها لا تدل على تخصيص الحكم بهؤلاء الاربعة رضى اللّه عنهم و يأباه ما قبل الاية و ما بعدها و يأباه العرف و اللغة لان الأصل فى استعمال اهل البيت لغة النساء و اما الأولاد و غيرهم فانها يطلق عليهم تبعا لان لهم بيوتا متغائرة غالبا و قد قال اللّه تعالى حكاية عن قول الملائكة لسارة امرأة ابراهيم عليه السلام أَ تَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّه رَحْمَتُ اللّه وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ و الحق ما ذكرنا ان الاية يعم جميع اهل البيت و ان كان سوق الكلام للنساء عن أم سلمة رضى اللّه عنها قالت فى بيتي أنزلت إِنَّما يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ قالت فارسل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى فاطمة و على و الحسن و الحسين فقال هؤلاء اهل بيتي فقلت يا رسول اللّه اما انا من اهل البيت قال بلى ان شاء اللّه- رواه البغوي و غيره هذا الحديث يدل على ان اهل البيت يعم كلهم و كلمة ان شاء اللّه للتبرك و قال زيد بن أرقم اهل بيته من حرم عليه الصدقة ال على و ال عقيل و ال جعفر و ال عباس و ال الحارث بن عبد المطلب وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (٣٣) من نجاسة الآثام بالحفظ فى الدنيا و المغفرة فى الاخرة- بين اللّه سبحانه انه انما نهاهن و امرهن و وعظهن لئلا يقارف اهل بيت رسوله المأثم و ليتصفوا بالتقوى- استعار للذنوب الرجس و للتقوى الطهارة لان عرض المقترف بالمعاصي ملوث كما يتلوث بدنه بالنجاسة و المتقى نقى كالثوب الطاهر النقي- و لكمال المناسبة بين الآثام و الارجاس قال ابو حنيفة يتنجس الماء المستعمل للقربة او لرفع الحدث و لما ثبت انه صلى اللّه عليه و سلم قال من توضأ فاحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره متفق عليه من حديث عثمان و عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا توضأ العبد المسلم او المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء الحديث- رواه مسلم احتجت الروافض بهذه الاية على ان عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين معصومون و هم الخلفاء بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم دون غيرهم و على ان إجماعهم و من دونهم من الائمة حجة قالوا إذا أراد اللّه تطهيرهم فهم معصومون لان مراد اللّه تعالى لا ينفك عن الارادة و الأثيم غير طاهر و العصمة شرط للامامة و ابو بكر و عمر و عثمان غير معصومين بالإجماع فهم الائمة لا غيرهم. و هذا الاستدلال باطل بوجوه الاول ان الاية غير مختص حكمها بعلى و فاطمة و ابنيهما كما ذكرت بل هى نازلة فى أمهات المؤمنين ل كن هؤلاء الكرام داخلون فى حكمهن و الثاني ان الاية لا تدل على العصمة و قد ورد مثل ذلك فى اية الوضوء لجميع الامة حيث قال ما يُرِيدُ اللّه لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَ لكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لا يقال مقتضى اية الوضوء ان اللّه يريد ان يطهر أبدانكم من الأنجاس و الأحداث ان توضأتو و مقتضى هذه الاية يريد اللّه ان يطهركم من الآثام فاين هذا من ذلك لانا نقول انها من واد واحد فان اللّه كما يريد ان يطهر أبدان المؤمنين إذا توضؤا و استعملوا الماء فى مواضعه كذلك يريد ان يطهر اهل بيت النبي صلى اللّه عليه و سلم من الآثام ان اتقوا و لذلك بين لهم طريقة استعمال الماء لطهارة الظاهر و بين لهم التقوى بقوله فَلا تَخْضَعْنَ لطهارة الباطن فكما ان طهارة ظاهر البدن يتوقف على اختيار العبد فى استعمال الماء كذلك الطهارة من الآثام يتوقف على اختياره التقوى و اللّه اعلم و الثالث ان العصمة ليست بشرط الامامة بل يجوز ان يكون الامام غير معصوم مع وجود المعصوم فيهم الم تر ان اللّه تعالى جعل الملك و الامامة لطالوت مع وجود النبي المعصوم فيهم و هو اشموئيل و داود عليهما السّلام إذ قالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ انّ اللّه قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً الى قوله تعالى وَ قَتَلَ داوُدُ جالُوتَ و اللّه اعلم .. وَ اذْكُرْنَ عطف على اطعن اللّه و رسوله و ما بينهما اعتراض للتعليل ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللّه يعنى القران وَ الْحِكْمَةِ يعنى الوحى الغير المتلو و هو السنة و قال مقاتل يعنى احكام القران و مواعظه و قال البيضاوي يعنى اذكرن الكتاب الجامع بين الامرين و هو تذكير لما أنعم اللّه عليهن حيث جعلهن اهل بيت النبوة و مهبط الوحى و ما شاهدن من برحاء الوحى مما يوجب قوة الايمان و الحرص على الطاعة حثا على الايتمار و الانتهاء فيما كلفن به إِنَّ اللّه كانَ لَطِيفاً بكم يعظكم و يعلمكم ما يصلح فى الدين خَبِيراً (٣٤) بكل شى ء يعلم من يصلح لنبوته و من يصلح ان يكون اهل بيته و فى صحبته قال اللّه تعالى الطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَ الطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ و اللّه اعلم ذكر البغوي ان ازواج النبي صلى اللّه عليه و سلم قلن يا رسول اللّه ذكر اللّه الرجال فى القران و لم يذكر النساء بخير فما فينا خير نذكر به انا نخاف ان لا يقبل منا طاعة اللّه فانزل اللّه تعالى. |
﴿ ٣٤ ﴾