|
١٣ وَ اضْرِبْ لَهُمْ اى مثّل لكفار مكة من قولهم هذه الأشياء على ضرب واحد اى مثال واحد و هو يتعدى الى مفعولين لتضمنه معنى الجعل كانه قيل و اجعل لهم مَثَلًا مفعول أول أَصْحابَ الْقَرْيَةِ مفعول ثان بحذف المضاف تقديره اجعل مثلهم اصحاب القرية و هى انطاكية أخرجه الفريابي عن ابن عباس و ابن ابى حاتم عن بريدة و عبد بن حميد و ابن جرير و ابن المنذر عن عكرمة يعنى قل حال اهل مكة مثل حال اهل انطاكية إِذْ جاءَهَا اى تلك القرية بدل اشتمال من اصحاب القرية الْمُرْسَلُونَ (١٣) يعنى رسل عيسى عليه السلام قال البغوي قال العلماء بأخبار القدماء بعث عيسى عليه السلام رسولين من الحواريين الى مدينة انطاكية فلما قربا من المدينة فاتيا شيخا يرعى غنمات له و هو حبيب صاحب عيسى عليه السلام فلمّا سلما عليه قال الشيخ لهما من أنتما فقالا رسول اللّه يدعوكم من عبادة الأصنام الى عبادة الرحمان فقال معكما اية قال نعم نشفى المريض و نبرئ الأكمه و الأبرص بإذن اللّه فقال الشيخ ان لى ابنا مريضا منذ سنتين قالا فانطلق بنا نطلع حاله فاتى بهما الى منزله فسحا ابنه فقام فى الوقت بإذن اللّه صحيحا ففشى الخبر فى المدينة و شفى اللّه على أيديهما كثيرا من المرضى و كان لهم ملك قال وهب اسمه انطفس و كان من ملوك الروم يعبد الأصنام قالوا فانتهى الخبر اليه فدعاهما فقال من أنتما قالا رسولا عيسى قال و فيم جئتما قالا ندعوك من عبادة من لا يسمع و لا يبصر الى عبادة من يسمع و يبصر قال و لكما اله دون الهتنا قالا نعم من أوجدك و الهتك قال قوما حتى انظر فى أمركما فتبعهما الناس فاخذوهما و ضربوهما فى السوق قال وهب بعث عيسى هذين الرجلين الى انطاكية فاتياها فلم يصلا الى ملكها و طال مدة مقامهما فخرج الملك ذات يوم فكبرا و ذكرا اللّه فغضب الملك فامر بهما فحبسهما و جلد كل واحد منهما مائتى جلدة- قالوا فلمّا كذّب الرسولان و ضربا بعث عيسى رأس الحواريين شمعون الصفا على اثرهما لينصرهما فدخل شمعون البلد متنكرا فجعل يعاشر حاشية الملك حتى انسوا به فرفعوا خبره الى الملك فدعاه و رضى عشرته و انس به و أكرمه. ثم قال له ذات يوم ايها الملك بلغني انك حبست رجلين فى السجن و ضربتهما حين دعواك الى غير دينك فهل كلمتهما و سمعت قولهما فقال الملك حال الغضب بينى و بين ذلك قال فان راى الملك دعاهما حتى نطلع ما عندهما فدعاهما الملك فقال لهما شمعون من أرسلكما الى هاهنا قالا اللّه الذي خلق كل شى ء و ليس له شريك فقال لهما شمعون صفاه و أوجزا فقالا لا يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد قال شمعون و ما آيتكما قالا ما تتمنّاه فامر الملك حتى جئ بغلام مطموس العينين و موضع عينيه كالجبهة فما زال يدعوان ربهما حتى انشق موضع البصر فاخذا بندقتين من الطين فوضعاهما فى حدقتيه فصارتا مقلتين يبصر بهما فتعجب الملك فقال شمعون للملك ان أنت سالت إلهك حتى يصنع صنعا مثل هذا فيكون لك الشرف فقال الملك ليس لى عنك من سران الهنا الذي نعبده لا يسمع و لا يبصر و لا يضر و لا ينفع- و كان شمعون إذا دخل الملك على الأصنام يدخل و يصلى كثيرا و يتضرع حتى ظنوا انه على ملتهم فقال الملك للرسولين ان قدر إلهكم الذي تعبد انه على احياء ميت أمنا به قالا الهنا قادر على كل شى ء فقال الملك ان هاهنا ميتا مات منذ سبعة ايام ابن لدهقان و انا أخرته فلم ادفنه حتى يرجع أبوه و كان غائبا فجاء و أبا لميت و قد تغيروا روح فجعلا يدعوان ربهما علانية و جعل شمعون يدعو ربه سرّا فقام الميت و قال انى قدّمت منذ سبعة ايام و وجدت مشركا فادخلت فى سبعة اودية من النار و انا أحذركم مما أنتم فيه فامنوا باللّه ثم قال فتحت أبواب السماء فنظرت فرايت شابّا حسن الوجه يشفع لهؤلاء الثلاثة قال الملك و من الثلاثة قال شمعون و هذان و أشار الى صاحبيه فتعجب الملك فلمّا علم شمعون ان قوله اثر بالملك أخبره بالحال فامن الملك و أمن قوم و كفر آخرون- و قيل ان ابنة الملك كانت توفيت و دفنت فقال شمعون للملك أطلب هذين الرجلين ان يحييا ابنتك فطلب منهما الملك ذلك مقاما و صليا و دعوا و شمعون معهما قرا بسر فاحيا اللّه المرأة و انشق القبر عنها فخرجت و قالت اعلموا انهما صادقان و لا أظنكم تسلمون ثم طلبت من الرسولين ان يرداها الى مكانها فذرا ترابا على رأسها و عادت الى قبرها كما كانت و قال ابن إسحاق عن كعب و وهب بل كفر الملك و اجمع هو وقوعه على قتل الرسل فبلغ ذلك حبيبا و هو على باب المدينة الأقصى فجاء يسعى إليهم يذكرهم و يدعوهم الى طاعة المرسلين فذلك قوله عزّ و جلّ. |
﴿ ١٣ ﴾