|
١٣ شَرَعَ لَكُمْ يا امة محمد صلى اللّه عليه و سلم مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ يا محمد وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسى يعنى ان دين الإسلام الذي شرع اللّه لامة محمد صلى اللّه عليه و سلم ليس امرا مبتدعا بل هو دين الأنبياء كلهم فان الحق لا يكون الا واحدا و ماذا بعد الحقّ الّا الضّلال و ما أنكر من اهل الكتاب الا تعنتا و عنادا عن ابن مسعود قال خطّ لنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خطا ثم قال هذا سبيل اللّه ثم خط خطوطا عن يمينه و شماله و قال هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو اليه و قرا و انّ هذا صراطى مستقيما فاتّبعوه الاية- رواه احمد و النسائي و الدارمي و ذلك الدين هو الايمان باللّه وحده و بصفاته و بانبيائه و كتبه و ملائكته و البعث بعد الموت و بكل ما جاء به الانبيا و الإتيان بما امر اللّه به و الانتهاء عما نهى عنه- و هذا امر جامع للشرائع متفق عليها و النسخ فى بعض الاحكام العملية لا يستلزم اختلاف الأديان الا ترى ان النسخ قد يكون فى دين نبى واحد فان النبي صلى اللّه عليه و سلم صلى الى بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم صلى الى الكعبة فكما ان هذا لا يقتضى اختلاف الأديان فكذلك الاختلاف فى الفروع فى شرائع الأنبياء لا يقتضى اختلاف الدين فان مال الكل الإتيان بما امر اللّه به و الانتهاء عما نهى عنه أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ ان مفسرة لاوحينا و وصّينا فان فيها معنى القول او مصدرية و المصدر منصوب بدل من ما وصّى مفعول شرع او مرفوع خبر مبتدا محذوف اى هو يعنى خذوا ما أتاكم الرّسول بلا زيغ و انحراف وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ باتباع الآراء الأهواء او بالتعصب و العناد فان افتراق امة محمد صلى اللّه عليه و سلم الى ثلاث و سبعين فرقة انما نشأ باتباع الآراء و الأهواء و هو المراد بما ذكرنا من حديث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انه خط خطا و قال هذا سبيل اللّه و خطوطا و قال هذه سبل على كل منها شيطان و ترك اليهود و النصارى الايمان بمحمد صلى اللّه عليه و سلم انما نشأ من العناد و التعصب و عن على رضى اللّه عنه قال لا تتفرقوا فالجماعة رحمة و الفرقة عذاب- و عن ابى ذر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه- رواه احمد و ابو داود و عن ابن عباس رضى اللّه عنهما قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يد اللّه على الجماعة- رواه الترمذي بسند حسن و عن معاذ بن جبل قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأخذ الشاذّة «متفرقة منه ره» و القاصية «دور رفته منه ره» و الناحية «يسكو رونده منه ره» و إياكم و الشعاب و عليكم بالجماعة و العامة رواه احمد كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من الدين القويم الناطق بالتوحيد و ترك الأصنام اللّه يَجْتَبِي اى يصطفى إِلَيْهِ اى الى دينه او الى ما تدعوهم اليه او الى نفسه مَنْ يَشاءُ سواء وجد من المجتبى سعى و ارادة اولا وَ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (١٣) اى يقبل اليه قالت الصوفية من يجتبيه و يجذبه الى نفسه من غير اختياره فهو مراد اللّه و هم الأنبياء و الصديقون و من أناب الى اللّه فهداه اللّه فهو المريد و هم اولياء اللّه الصالحون من عباده-. |
﴿ ١٣ ﴾