سُورَةُ الْحُجُرَاتِ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ ثَمَانِيَ عَشَرَةَ آيَةً مدنيّة و هى ثمانى عشرة اية بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ربّ يسّر و تمّم بالخير روى البخاري و غيره من طريق ابن جريج عن ابى مليكة ان عبد اللّه بن الزبير أخبره انه قدم ركب من بنى تميم على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال ابو بكر امر القعقاع بن معبد و قال عمر بل امر الأقرع بن الحابس فقال ابو بكر ما أردت إلا خلافي و قال عمر ما أردت خلافك فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما فنزلت. _________________________________ ١ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّم ُوا اى قوله تعالى وَ لَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا الاية قرا يعقوب لا تقدموا بفتح التاء و الدال من التقدم بحذف أحد التاءين و الجمهور بضم التاء و كسر الدال من التقديم- قال البغوي هو ايضا لازم بمعنى التقديم مثل بين و تبين و قيل انه متعد و المفعول محذوف ليذهب الوهم الى كل ما يمكن اى لا تقدّموا قولا و لا فعلا- او متروك و نزل الفعل منزلة اللازم يعنى لا يصدر منكم التقديم بَيْنَ يَدَيِ اللّه وَ رَسُولِهِ- بين يدى مستعارة مما بين الجهتين المسامتتين ليمينه و شماله قريبا منه ففيه تمثيل للتقدم الزمانى بالتقدم المكاني و المعنى لا تقولوا قولا و لا تفعلوا شيئا قبل ان يحكمانه قال الضحاك يعنى فى القتال و شرائع الدين لا تقضوا امرا دون اللّه و رسوله قال ابو عبيدة يقول العرب لا تقدم بين يدى الامام و بين يدى الأب اى لا تعجل بالأمر و النهر و النهى دونه- قيل المراد بين يدى رسول اللّه و ذكر اللّه تعظيما له و اشعارا بان التقديم على رسول اللّه كانه تقديم على اللّه تعالى فانه من اللّه بمكان يوجب إجلاله إجلالا به و سوء الأدب به سوء ادب باللّه كما قال اللّه تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللّه يَدُ اللّه فَوْقَ أَيْدِيهِمْ و اخرج ابن المنذر عن الحسن ان ناسا ذبحوا قبل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوم النحر أمرهم ان يعيدوا ذبحا فانزل اللّه تعالى هذه الاية كذا اخرج ابن الدنيا فى كتاب الأضاحي بلفظ ذبح رجل قبل الصلاة فنزلت و عن البراء بن عازب قال خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوم النحر قال ان أول ما ابتدأ فى يومنا هذا ان نصلى ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا و من ذبح قبل ان يصلى فانما هو لحم عجله لاهله ليس من النسك فى شى ء متفق عليه- و عن جندب بن عبد اللّه بلفظ صلى النبي صلى اللّه عليه و سلم يوم النحر ثم خطب ثم ذبح ثم قال من كان ذبح قبل ان يصلى فليذبح مكانها اخرى متفق عليه و بما ذكرنا من الأحاديث احتج ابو حنيفة و مالك و احمد على انه لا يجوز ذبح الاضحية قبل صلوة الامام خلافا للشافعى حيث قال يجوز ذبح الاضحية بعد طلوع الشمس من يوم النحر إذ مضى قدر صلوة العيد و الخطبتين صلى الامام او لم يصل و قال عطاء يجوز بعد طلوع الشمس فقط و هما محجوجان بما روينا و لا دلالة فى الحديثين على ما قال مالك ان لا يجوز الذبح الا بعد الصلاة و بعد ذبح الامام و لعل مالك أخذ هذا القول من قوله تعالى لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّه وَ رَسُولِهِ يعنى لا تذبحوا قبل ذبح الرسول و الامام نايب الرسول صلى اللّه عليه و سلم قلنا الحديث بيان للاية فلا يشترط ما لا يستفاد من الحديث (مسئلة) قال ابو حنيفة يجوز لاهل السواد حيث لا يصلى هناك صلوة العيد ذبح الأضحية بعد طلوع الفجر الثاني خلافا للائمة الثلاثة فانهم قالوا لا يجوز الا بعد حصول اليقين بصلوة الامام عند احمد و الصلاة و ذبحه عند مالك و بعد مضى قدر صلوة العيد و الخطبتين بعد طلوع الشمس عند الشافعي لاطلاق النصوص- وجه قول ابى حنيفة ان التأخير لاحتمال تشاغل به عن الصلاة و لا معنى للتاخير فى حق القرى و لا صلوة عليه و اللّه اعلم- و اخرج الطبراني فى الأوسط عن عائشة ان ناسا كانوا يتقدمون الشهر فيصومون قبل النبي صلى اللّه عليه و سلم فانزل اللّه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا الاية و قد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا تقدموا رمضان بصوم يوم و لا يومين الا رجل كان يصوم صوما فيصومه رواه اصحاب الصحاح و السنن الستة و روى اصحاب السنن الاربعة و علقه البخاري عن عمار قال من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم عليه السلام و قال عليه الصلاة و السلام صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته فان غم عليكم فاكملوا عدة شعبان ثلثين يوما و هو فى الصحيحين و عنه ابى داود و الترمذي و حسنه و ان حال بينكم و بين سحاب فكملوا العدة ثلثين و لا تستقبلوا الشهر استقبالا و اللّه تعالى اعلم و اخرج ابن جرير عن قتادة قال ذكر لنا ان ناسا كانوا يقولون لو انزل فى كذا و كذا فانزل اللّه لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّه وَ رَسُولِهِ- وَ اتَّقُوا اللّه ط فى تضيع حقه و حق رسول و مخالفة امره إِنَّ اللّه سَمِيعٌ لاقوالكم عَلِيمٌ بنياتكم. |
﴿ ١ ﴾