|
٦ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ الى قوله غفور رحيم و روى الطبراني نحوه من حديث جابر بن عبد اللّه و علقمة ابن ناحية و أم سلمة و ابن جرير نحوه من طريق العوفى عن ابن عباس و من طرق اخرى و سلمة و فى حديث أم سلمة عند الطبراني و كذا ذكر البغوي ان الاية نزلت فى وليد بن عقبة بن ابى معيط بعثه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى بنى المصطلق مصدقا و كان بينه و بينهم عداوة فى الجاهلية فلما سمعه القوم تلقوه تعظيما لامر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فحدثه الشيطان انهم يرون قتله فهابهم فرجع من الطريق الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قال ان بنى المصطلق قد منعوا صدقاتهم و أرادوا قتلى فغضب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هم ان يغزوهم فبلغ القوم رجوعه فاتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قالوا يا رسول اللّه لما سمعنا برسولك خرجنا نتلقاه و نكرمه و نودى اليه ما قبلناه من حق اللّه عز و جل فبدأ له الرجوع فخشينا انه انما رده من الطريق كتاب جاء منك بغضب غضبته علينا و انا نعوذ باللّه من غضبه و غضب رسوله قال البغوي فاتهمهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و بعث خالد بن الوليد خفية فى عسكر و امره ان يخفى عليهم و قال له انظر فان رأيت منهم ما يدل على ايمانهم فخذ منهم زكوة أموالهم و ان لم تر ذلك فاستعمل فيهم ما يستعمل فى الكفار ففعل ذلك خالد و وافاهم فسمع منهم أذان صلوة المغرب و العشاء و أخذ صدقاتهم و لم ير فيهم الا الطاعة و الخير فانصرف الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أخبره الخبر فانزل اللّه تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ يعنى الوليد ابن عقبة بِنَبَإٍ اى بخبر ارتداد القوم و تنكير الفاسق و لنبأ لشيوع الحكم كانه قال اى فاسق جاءكم باى نبأ- فَتَبَيَّنُوا قرأ حمزة و الكسائي بالثاء المثلثة ثم الباء الموحدة ثم التا المثناة من الفوق من التثبت بمعنى التوقف فى الحكم مالم يظهر الحال و الباقون بالباء الموحدة ثم الياء المثناة من تحت ثم النون من التبين بمعنى طلب البيان و ظهور الحال و القراءتان متقاربان معنى و تعليق التثبت و التبين يخبر الفاسق يقتضى جواز قبول خبر الواحد العدل لعدم المانع من قبول خبره و الفسق فى اللغة الخروج يقال فسقت الرطبة عن قشرها و فى اصطلاح الشرع قد يطلق على الكافر لخروجه عن الايمان و هو الغالب فى محاورة القران و قد يطلق على من ارتكب الكبيرة او أصر على الصغيرة مالم يتب و هو المراد فى هذه الاية اجماعا قلت و الوليد ابن عقبة رض كان صاحبا لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و لم يكن فسقه ظاهرا قبل هذا الكذب المبنى على فساد ظنه و اتهامه من كان له اعداء فى الجاهلية فلعل المراد بالفاسق هاهنا من لم يظهر صدقه و عدالته فيدخل فيه مستور الحال ايضا او المراد بالفاسق من كان مخبر الشي ء يدل القرينة على كذبه و ان كان المخبر ظاهر العدالة فان ارتداد بنى المصطلق بعد ايمانهم عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم طوعا و قبولهم أحكامه ابعد احتمالا من كذب الوليد عمدا او زعما فاسدا- أَنْ تُصِيبُوا اى كراهة ان تصيبوا او لئلا تصيبوا بالقتل و القتال قَوْماً براء من العصيان بِجَهالَةٍ حال من فاعل تصيبوا يعنى جاهلين بحقيقة الأمر و حال القوم فَتُصْبِحُوا اى تصيروا عطف على تصيبوا عَلى ما فَعَلْتُمْ متعلق بقوله نادِمِينَ و هو خبر لتصبحوا يعنى تصيروا نادمين على أصابتكم قونا براء و الندامة نوع من الغم على ما صدر منك بحيث تتمنى انه لم يصدر الظاهر من سياق الاية ان بعض المؤمنين كانوا زينوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الإيقاع بينى المصطلق و تصديق قول الوليد و النبي صلى اللّه عليه و سلم لم يطعهم و بعث خالدين الوليد للتثبت و تبيين الحال قال اللّه سبحانه خاطبهم بهذه الاية و أمرهم بالتثبت و التبيين كما فعله رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كيلا يصبحوا نادمين و بينهم على انه لا ينبغى لهم تحريص النبي صلى اللّه عليه و سلم و إلجاؤه الى ما تهوى به نفوسهم بل يجب عليهم ان يطيعوه فيما أحبوا و فيما كرهوا يدل عليه قوله تعالى. |
﴿ ٦ ﴾