|
١١ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ فى القاموس القوم الجماعة من الرجال و النساء معا او الرجال خاصة و تدخله النساء على التبجية و فى الصحاح القوم جماعة الرجال فى الأصل دون النساء و استدل بهذه الاية حيث عطف النساء عليه و يقول الشاعر و ما أدرى لست إخال أدرى أقوم ال حصن أم نساء و فى عامة القران أريد به الرجال و النساء جميعا و حقيقة للرجال لقوله تعالى الرِّجالُ قَوَّامُونَ على النساء كذا قال صاحب المدارك و قال البيضاوي هو مصدر نعت به فشاع فى الجمع او جمع لقايم كزائر و زور و القيام بالأمور وظيفة الرجال و حيث فسر بالقبيلتين كقوم هود و قوم فرعون و قوم نوح و قوم لوط فاما على التغليب او الاكتفاء بذكر الرجال عن ذكرهن لانهن توابع و اختيار الجمع لان السخرية تغلب فى المجامع عَسى أَنْ يَكُونُوا اى من يسخر به خَيْراً مِنْهُمْ اى من يسخر استيناف وَ لا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عطف النساء على الرجال و لم يكتف بما سبق مبالغة فى النهى و لان السخرية و الاستهزاء يكون فى النساء غالبا لضعف عقلهن و جهلهن قال البغوي روى عن انس انها نزلت فى نساء رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عيّرن أم سلمة بالقصر و عن عكرمة عن ابن عباس انها نزلت فى صفية بنت حيى بن اخطب قالت لها النساء يهودية بنت يهوديين و فى رواية فقال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم هلا قلت ان ابى هارون و عمى موسى و زوجى محمد عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَ لا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ المز الطعن باللسان يعنى لا يعب بعضكم بعضا وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ ط التنابز التفاعل من النبز بمعنى اللقب قال البيضاوي النبز مختص باللقب السوء و فى القاموس التنابز التعاير و التداعي بالألقاب يعنى لا تدع بعضكم بعضا للقب السوء قال البغوي قال عكرمة هو قول الرجل للرجل يا فاسق يا منافق يا كافر قال الحسن كان اليهودي و النصراني يسلم فيقال له بعد إسلامه يا يهودى يا نصرانى فنهو عن ذلك قال عطاء هو ان تقول لاخيك يا حمار يا خنزير و روى عن ابن عباس رض قال التنابز ان يكون الرجل عمل السيئات ثم تاب عنها فنهى ان يعير بما سلف من عمله اخرج اصحاب السنن الاربعة عن ابى حبيرة بن الضحاك قال كان الرجل منها يكون له اسمان او ثلثة فيدعى ببعضها فعسى ان يكره فنزلت و لا تنابزوا بالألقاب قال الترمذي حسن و روى احمد عنه بلفظ قال فينا نزلت بنى سلمة و لا تنابزوا بالألقاب قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم للمدينة و ليس فيها إلا و له اسمان او ثلثة فكان إذا دعاه أحد منهم باسم من تلك الأسماء قالوا يا رسول اللّه انه يغضب من هذا فنزلت بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ ج اى بئس الاسم ان يقال له يهودى او يا فاسق او يا شارب الخمر بعد ما ان تاب عن ابى ذر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا يرمى رجل رجلا بالفسوق و لا يرميه بالكفر الا ارتدت عليه ان لم يكن صاحبه كذلك رواه البخاري عن ابن عمر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أيما رجل قال لاخيه كافر فقد باء بها أحدهما متفق عليه و عن ابى ذر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من دعى رجلا بالكفر أو قال عدو اللّه و ليس ذلك إلا جاء عليه متفق عليه و قيل معنى الاية ان السخرية و اللمز و النبز فسوق و بئس الاسم الفسوق بعد الايمان فلا تفعلوا شيئا توصفوا فيه باسم الفسوق عن ابن مسعود قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سباب المسلم فسوق و قتاله كفر متفق عليه و رواه ابن ماجة عن ابى هريرة و عن سعد و الطبراني عن عبد اللّه بن مغفل و عن عمر بن النعمان بن مقرن و الدارقطني عن جابر و زاد الطبراني عن ابن مسعود و حرمة ماله كحرمة دمه وَ مَنْ لَمْ يَتُبْ عما نهى عنه من السخرية و اللمز و النبز فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ يوضع العصيان موضع الطاعة و تعريض النفس للعذاب و حد ضمير لم يتب نظرا الى لفظة من و جمع ضميرهم الظالمون نظرا الى معناها نسبة المحصن الى الزنا يوجب حد القذف اجماعا و سنذكر مسائل حد القذف فى سورة النور إنشاء اللّه تعالى و نسبة غير المحصن كالعبد و الكافر الى الزنا لا يوجب الحد لانحطاط درجتها بل يوجب التعزير لا شاعة الفاحشة و نسبة المحصن الى غير الزنا لا يوجب حد القذف و يوجب التعذير ان كانت النسبة الى فعل اختياري يحرم فى الشرع و يعد عارا فى العرف و الا لا الا ان يكون تحقيرا للاشراف فمن قال لمسلم يا فاسق يا كافر يا خبيث يا سارق يا فاجر يا مخنث يا خائن يا زنديق يا لص يا ديوث يا قرطبان يا شارب الخمر يا أكل الربوا يعزر قال ابن همام روى انه عليه السلام عزر رجلا قال لغيره يا مخنث و لو قال يا حمار يا خنزير يا كلب يا تيس يا حجام لا يعزر و قيل يعزر و قيل لا الا ان يقر لعالم او علوى او رجل صالح و لو قال يا لاعب بالنرد و يا عشار لا يعزر لانها لا يعد عارا عرفا و ان كان محرما شرعا- (مسئلة) لا يبلغ بالتعزير ادنى الحدود عند ابى حنيفة و الشافعي عفى اللّه عنهما و ادنى الحدود عند ابى حنيفة رح أربعون سوطا حد الشرب فى العبد و عند ابى يوسف ثمانون حد الأحرار و عند الشافعي و احمد عشرون و قال مالك للامام ان يضرب فى التعزير اى عدد ادى اليه اجتهاده و قال احمد يعزر فى الوطي فيما دون الفرج بشبهة اكثر من ادنى الحدود و لا يبلغ أعلاها و فى قبلة اجنبية او شتم او سرقة دون النصاب لا يبلغ ادنى فى الحدود و اللّه تعالى اعلم و ذكر البغوي ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا غزى او سافر ضم الرجل المحتاج الى رجلين موسرين يخدمهما و يتقدم لهما الى المنزل فيهى ء لهما و ما يصلحها من الطعام و الشراب فضم سلمان الفارسي رض الى رجلين فى بعض أسفاره فتقدم سلمان الى المنزل فغلبته عيناه فلم يهى ء لهما شيئا فلما قالا له ما صنعت شيأ قال لا اغلبتنى عيناى قالا له انطلق الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فاطلب لنا منه طعاما فجاء سلمان الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ساله طعاما فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انطلق الى اسامة بن زيد و قل له ان كان عنده فضل من طعام و ادام فليعطك و كان اسامة خازن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و على رحله فاتاه فقال ما عندى شى ء فرجع سلمان إليهما و أخبرهما فقالا كان عند اسامة و لكن بخل فبعثا سلمان الى طائفة من الصحابة فلم يجد عندهم شيئا فلما رجع قالا لو بعثنا إلى بئر سميحة يغار مائها ثم انطلقا يتجسسان هل عند اسامة ما امر لهما به رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فلما جاء الى رسول اللّه قال لهما مالى ارى خضرة اللحم فى أفواهكما قالا و اللّه يا رسول اللّه ماتنا و لنا يومنا هذا لحما قال ضللتم تأكلون لحم سلمان و اسامة فانزل اللّه تعالى. |
﴿ ١١ ﴾