|
١٢ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ الاية قال السيوطي رواه الثعلبي بغير اسناد و روى معناه الاصبهانى فى الترغيب عن عبد الرحمن بن ابى ليلى و اخرج ابن المنذر عن ابن جريج قالوا زعموا ان قوله تعالى لا يغتب بعضكم بعضا نزلت فى سلمان الفارسي أكل ثم رقد فنفخ فذكر رجلان أكله رقادة و اللّه تعالى اعلم إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ تعليل مستانف للامر و الإثم الذنب الذي يستحق العقوبة عليه و الهمزة بدل من الواو كانه يثم الأعمال و يكسرها و المراد بالظن هاهنا ما يقابل اليقين سواء كان جانب الوجود فيه راجحا أو لا و تحقيق المقام ان الظن على اقسام منها ما يجب اتباعه و هو حسن الظن باللّه تعالى و المؤمنين و المؤمنات و ما يحصل بدليل شرعى فيه شبهة حيث لا قاطع فيه من العمليات و كذا فى العلميات ان لم يعارضه قاطع من احوال المبدأ و المعاد و منها ما يحرم اتباعه كسوء الظن بالمؤمنين و المؤمنات لا سيما بالصالحين منهم و الظن فى الإلهيات و النبوات و حيث يخالفه قاطع و منها ما ليس من القسمين المذكورين كالظن فى الأمور المعاشية و نحوها- و الإثم انما هو بعض الظن يعنى قسم الثاني منها و اللّه سبحانه امر بالاجتناب عن كثير من الظن احتياطا و مبالغة فى اجتناب الإثم و فيجتنب عما هو اثم و عما هو يشبه به قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الحلال بين و الحرام بين و بينهما امور مشتبهة الحديث وَ لا تَجَسَّسُوا الجس فى اللغة المس باليد و التجسس تفحص الاخبار باعتبار ما فيه من معنى الطلب كالتلمس و المراد هاهنا لا تبحثوا عن عيوب الناس و لا تتبعوا عوراتهم حتى لا يظهر عليكم ما ستره اللّه منها عن ابى هريرة ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال إياكم و الظن فان الظن أكذب الحديث و لا تجسسوا و لا تنافروا و لا تحاسدوا و لا تباغضوا و لا تدابروا و كونوا عباد اللّه إخوانا و لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح او ينزل رواه ملك و احمد و ابن ماجة و ابو داود و الترمذي و صححه و عن ابن عمران النبي صلى اللّه عليه و سلم قال يا معشر من أمن بلسانه و لم يفض الايمان الى قلبه لا تغتابوا المسلمين و لا تتبعوا عوراتهم فانه من تتبع عورات المسلمين يتبع اللّه عوراته فيفضحه و لو فى جوف رحله رواه الترمذي و حسنه و ابن حبان قال زيد بن وهب قيل لابن مسعود هل لك فى الوليد بن عقبة تقطر لحية خمرا قال نهينا عن التجسس فان يظهر لنا شى ء ناخذ به وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ط اى لا يذكر بعضكم بعضا بالسوء فى غيبته عن ابى هريرة ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال أ تدرون ما الغيبة- قال اللّه و رسوله اعلم قال ذكر أخاك بما يكره قيل ارايت ان كان فى أخي ما أقول قال ان كان فيه ما تقول فقد اغتبته و ان لم يكن فيه ما تقول فقد بهته متفق عليه و عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده انهم ذكروا عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم رجلا قال لا يأكل حتى يطعم و لا يرحل حتى يرحل فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم اغتبتموه فقالوا انما حدثنا بما فيه قال حسبك إذا ذكرت أخاك بما فيه رواه البغوي- أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً تمثيل و تصوير لما يناله المغتاب من عرض المغتاب على افحش وجه مع مبالغات الاستفهام الذي معناه الإنكار المستلزم لتقرير النفي و اسناد الفعل الى أحد للتعليق و تعليق المحبة بما هو فى غاية الكراهة و تمثيل الاغتياب يأكل لحم الإنسان و لم يقتصر عليه حتى جعله أخا و لم يقتصر عليه حتى جعله ميتا و تعقب ذلك يقوله فَكَرِهْتُمُوهُ ط تقريرا و تحقيقا لذلك و جملة فكرهتموه جزاء شرط محذوف تقديره ان صح ذلك إذ عرض عليكم هذا فقد كرهتموه و لا يمكنكم انكار كراهة او هى معطوف على الاستفهام المذكور فان معناه نفى المحبة الموهوم عدم الكراهة فلدفع ذلك الوهم عطف عليه- و جاز ان تكون الفاء للسببية و الماضي بمعنى المستقبل و المعنى انه لا يحب أحدكم ان يأكل لحم أخيه ميتا انكم تكرهونه و قال مجاهد لما قيل لهم أ يحب أحدهم ان يأكل إلخ فكانهم قالوا لا فقيل كرهتموه فكانه معطوف على محذوف و الحاصل انكم كرهتم هذا فاجتنبوا ذكره بالسوء غايبا عن انس بن مالك عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال لما خرج بي مررت بقوم لهم اظفار من نحاس يخمشون وجوههم و لحومهم قلت من هؤلاء فقال هؤلاء الذين يأكلون لحرم الناس و يقعون فى اعراضهم- رواه البغوي قال ميمون بيننا انا نائم إذا انا بجيفة زنجى و قائل يقول كل قلت يا عبد اللّه و لم أكل قال بما اغتبت عبد فلان قلت و اللّه ما ذكرت فيه خيرا و لا شرا قال لكنك استمعت و رضيت و كان ميمون لا يغتاب أحدا و لا يدع أحدا ان يغتاب عنده عن عائشة رضى اللّه عنها قلت للنبى صلى اللّه عليه و سلم حسبك من صفية كذا و كذا يعنى قصيرة فقال لقد قلت كلمة لو مزج بها البحر لمزجته رواه احمد و الترمذي و ابو داود عن ابى سعيد و جابر قالا قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الغيبة أشد من الزنا قالوا يا رسول اللّه و كيف الغيبة أشد من الزنا قال ان الرجل يزنى فيتوب اللّه فيغفر له و ان صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه (فائدة) فى كفارة الغيبة عن انس رض ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال ان من كفارة الغيبة ان يستغفر لمن اغتبته تقول اللّهم اغفر لنا و له رواه البيهقي- (فائدة) عن خالد ابن معدان عن معاذ قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من عيّر أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله يعنى من ذنب قد تاب منه رواه الترمذي و خالد لم يدرك معاذا وَ اتَّقُوا اللّه ط بترك ما نهيتم عنه و الندم على ما وجد منكم منه إِنَّ اللّه تَوَّابٌ يقبل توبتكم مبالغ فى قبول التوبة حيث يجعل التائب من الذنب كمن لا ذنب له- رَحِيمٌ بالعباد لا يرضى ان يقع بعضكم فى عرض بعض- ذكر البغوي انه قال مقاتل لما كان يوم فتح مكة امر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بلالا حتى اتى على ظهر الكعبة و اذن فقال عباد بن أسيد الحمد للّه الذي قبض ابى حتى لم ير هذا اليوم و قال الحارث بن هشام اما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذنا و قال سهيل بن عمرو ان يرد اللّه شيئا يغيره و قال ابو سفيان انى لا أقول شيئا أخاف ان يخبر به رب السماء فاتاه جبرئيل عليه السلام فاخبر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بما قالوا فدعاهم و سألهم عما قالوا فاقروا فانزل اللّه تعالى هذه الاية و زجرهم عن التفاخر بالأنساب و التكاثر بالأموال و الازدراء بالفقر و قال. |
﴿ ١٢ ﴾