|
١٠ فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ يعنى محمدا صلى اللّه عليه و سلم ما أَوْحى ط من القران و غيره من الوحى الغير المتلو و ضمائر اوحى و عبده و اوحى راجعة الى شديد القوى و هذا التفسير مروى عن انس و ابن عباس و غيرهما من السلف و لا غبار عليه من حيث العربية و قالت عائشة رض و اختاره اكثر المفسرين ان المراد بشديد القوى جبرئيل عليه السلام ذو مرة قال ابن عباس فى رواية اى ذو منظر حسن و قال قتادة و خلق طويل حسن فاستوى جبرئيل و هو يعنى محمد صلى اللّه عليه و سلم عطف على الضمير المرفوع المستتر فى استوى على ما اجازه الكوفيون قال البغوي استوى جبرئيل و محمد عليهما السلام ليلة المعراج و قيل ضمير هو راجع الى جبرئيل كان يأتي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى صورة الآدميين كما كان يأتي النبيين فساله رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان يره نفسه على صورة التي خلقها فاراه مرتين فى الأرض و مرة فى السماء فاما فى الأرض ففى الأفق الأعلى و المراد بالأعلى جانب المشرق و ذلك ان محمدا صلى اللّه عليه و سلم كان بحراء فطلع له جبرئيل من المشرق فسد الأفق الى المغرب فخر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مغشيا عليه فنزل جبرئيل فى صورة الآدميين و ضمه صلى اللّه عليه و سلم الى نفسه و جعل يمسح الغبار عن وجهه و اما فى السماء فعند سدرة المنتهى ليلة المعراج و لم يره أحد من الأنبياء على تلك الصورة الا محمد صلى اللّه عليه و سلم قوله تعالى ثُمَّ دَنا يعنى جبرئيل بعد استوائه بالأفق الأعلى من الأرض فتدلى فنزل الى محمد صلى اللّه عليه و سلم لما خرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مغشيا عليه فكان منه قاب قوسين او ادنى يعنى بل ادنى و القوس ما يرمى به فى قول مجاهد و عكرمة و عطاء عن ابن عباس فاخبر انه كان بين جبرئيل و بين محمد صلى اللّه عليه و سلم مقدار قوسين قال معناه حيث الوتر من القوس و قال ابن مسعود قاب قوسين قدر ذرا عين و هو قول سعيد بن جبير و شفيق بن سلمة و القوس الذراع يقاس بها كل شى ء كذا روى البخاري فى تاويل الاية عن عائشة رض و قال البغوي و به قال ابن عباس و الحسن و قتادة قيل فى الكلام تقديم و تأخير تقديره ثم تدلى فدنى لان التدلي سبب الدنو و الظاهر ان الدنو أعم مطلقا عن التدلي فان الدنو لا يقتضى وصول الشي ء الى منتهى مسافة يريد قطعها الى تحت بخلاف التدلي فانه ماخوذ من الدلو فان التدلي وصول الدلو الى قعر البير و ايضا يعتبر فى التدلي الوصول الى المنتهى مع بقاء تعلقه بالمبدأ يتال ادلى رجله من السرير و ادلى دلوه و الدوالي للثمر المعلق فاوحى جبرئيل الى عبده يعنى عبد اللّه و ما اوحى اللّه اليه و هذا التأويل يأباه العربية و المعقول بوجوه أحدها ان قصة جبرئيل هذه حكاية حال و الكلام فى ان القران ليس شيأ منها مما نطقه محمد صلى اللّه عليه و سلم من تلقاء نفسه بل كله مما اوحى اليه من ربه و جملة شديد القوى مع ما عطف عليه من قوله فاستوى و هو بالأفق الأعلى ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى حال من الضمير المستكن فى قوله الا وحي يوحى و زمان الحال يتحد مع زمان صاحبه فمقتضى الكلام وقوع تلك القصة فى كل مرة اوحى اليه شى ء من القران و الا لا يجوز وقوعه حالا او لا يجوز القول بان القران كله كذلك ثانيها انه يلزم حينئذ انتشار الضمائر فى قوله تعالى فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى و رجوع ضمير عبده الى اللّه سبحانه قرينة لكونه ضميرا وحي راجعا الى اللّه تعالى ثالثها ان الدنو او التدلي من جبرئيل عليه السلام و كونه قاب قوسين او ادنى ليس كما لا للنبى صلى اللّه عليه و سلم فان النبي صلى اللّه عليه و سلم كان أفضل من جبرئيل عليه السلام قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وزير اى فى السماء جبرئيل و ميكائيل و وجه القول بالتأويل الثاني انما هو استبعاد الاستواء و الدنو و التدلي الى اللّه تعالى و لما كان القران ناطقا بان منه آيات محكمات هن أم الكتاب و اخر متشابهات فلا وجه للقول بهذا التأويل البعيد و الاستواء و الدنو و التدلي و كونه قاب قوسين او ادنى بلا كيف على ما يليق بالتنزيه مشهود لارباب القلوب كمشاهدة القمر ليلة البدر فالاوجه فى القول ما قالوا و اللّه تعالى اعلم قال سعيد بن جبير فى قوله تعالى فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى انه اوحى اليه أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى الى قوله و رفعنا لك ذكرك و قيل اوحى اليه ان الجنة لحرمة على الأنبياء حتى تدخلها أنت و على الأمم حتى يدخلها أمتك و الظاهر أن ما اوحى عام و لا وجه للتخصيص. |
﴿ ١٠ ﴾