سُورَةُ الْوَاقِعَةِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ سِتٌّ وَتِسْعُونَ آيَةً مكيّة و هى ست و تسعون اية و ثلث ركوعات بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. _________________________________ ١ إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ يعنى إذا حدثت القيامة سماها واقعة لتحقق وقوعها متعلق بمحذوف مثل اذكر او كان كيت و كيت. ٢ لَيْسَ لِوَقْعَتِها اللام فيه للتوقيت كما فى قوله تعالى قدمت لحيوتى يعنى ليس وقت وقوعها كاذِبَةٌ من نفس كاذبة تكذب على اللّه او تكذب فى نفيها كما تكذب الان و جاز ان يكون اللام للاجل اى ليس لاجل وقعتها نفس كاذبة فان من اخبر عنها صدق او ليس لها نفس تحدث صاحبها باطاقة شدتها و احتمالها من قولهم كذبت فلانا نفسه فى الخطب العظيم إذا اشجعته عليه و سولت انه يطيقه و جاز ان يكون كاذبة مصدرا كالعافية و النازلة و اللاغية قال اللّه تعالى لا يسمع فيها لاغية اى لغوا و المعنى ليس لمجيئها كذب يعنى انها تقع صدقا و حقا. ٣ خافِضَةٌ لاعداء اللّه الذين استكبروا فى الدنيا و عتوا عتوّا كبيرا رافِعَةٌ لاولياءه الذين تواضعوا للّه و الاسناد مجازى الى الزمان يعنى يوجد فيها خفض أقوام و رفع آخرين صفتان للواقعة بعد توصيفها لجملة ليس لوقعتها كاذبة على طريقه و لقد امر على اللئيم يسبنى. ٤ إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا اى حركت تحريكا شديدا بحيث ينهدم ما فوقها من بناء و جبل و الظرف متعلق بخافضة او بدل من إذا وقعت. ٥ وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا اى سيقت و سيرت من بس الغنم إذا ساقها كذا قال الكلبي و الحسن و ابن كيسان او المعنى فتت فتا حتى صارت كالسويق المبسوس و هو الملتوت كذا قال عطاء و مقاتل. ٦ فَكانَتْ الجبال هَباءً اى غبارا يرى فى شعاع إذا دخل الكوة مُنْبَثًّا متفرقا. ٧ وَ كُنْتُمْ يا امة محمد صلى اللّه عليه و سلم لان الخطاب معهم أَزْواجاً أصنافا كل صنف يكون او يذكر مع صنف اخر زوج ثَلاثَةً ط الجمل الثلث معطوف على رجت ثم فسر الأصناف الثلاثة فقال. ٨ فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ مبتداء يعنى الذين يوخذ بهم ذات اليمين الى الجنة و قال ابن عباس هم الذين كانوا على يمين آدم حين أخرجت الذرية من صلبه و قال اللّه لهم هؤلاء فى الجنة و لا أبالي و قال الضحاك هم الذين يعطون كتبهم بايمانهم فالميمنة على هذه الأقوال من اليمين ضد اليسار و قال الربيع و الحسن هم الذين كانوا ميامين مباركين على أنفسهم و كانت أعمارهم فى طاعة اللّه فاليمين على هذا من اليمن ضد الشوم ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ط استفهام للتعجب من عظمة شانهم عند اللّه و كمال يمنهم مبتداء و خبر و الجملة خبر لما قبلة العائد المظهر موضع الضمير يعنى ما هم. ٩ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ يعنى اصحب الشمال و العرب يسمى اليد اليسرى الشؤمي و منه يسمى الشام و اليمن لان اليمن عن يمين الكعبة و الشام عن يساره و هم الذين يوخذ بهم ذات الشمال الى النار او كانوا على شمال آدم عند إخراج ذرية و قال اللّه تعالى لهم هولاء للنار و لا أبالي او الذين يعطون كتبهم بشمائلها او الشائم على أنفسهم و كانت أعمارهم فى المعاصي على اختلاف الأقوال ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ط نحو ما ذكر. ١٠ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ الى الإسلام و الطاعة و مراتب القرب الى اللّه تعالى و هم الأنبياء عليهم السلام فانهم مقدموا اهل الأديان الى الايمان و الطاعات و الأمم تبع لهم و من لحق هم من الأمم بكمال متابعتهم و اكتسابهم كمالات النبوة بالتبعية و الوراثة و تشرفهم بالتجليات الذاتية الصرفة الداعية و هم الصحابة رض و بعض التابعين لهم بإحسان و من ثم قال ابن عباس السابقون الى الهجرة هم السابقون فى الاخرة و قال عكرمة قال السابقون الأولون الى الإسلام يعنى الصحابة و قال ابن سيرين هم الذين صلوا الى قبلتين من المهاجرين و الأنصار و قال الربيع بن انس السابقون الى اجابة الرسول فى الدنيا هم السابقون الى الجنة و قال على كرم اللّه وجهه السابقون الى الصلوات الخمس فان مال الأقوال كلها انهم هم الصحابة قال على رض سبقتكم الى الإسلام طراء غلاما ما بلغت أوان حلمى قال المجدد رح الصحابة رض كلهم كانوا مستغرقين فى كمالات النبوة و من التابعين أكثرهم و من اتباع التابعين أقلهم ثم انطمس أنوار النبوة و اختفى اثارها و ظهر كمالات الولاية و استعلى أنوارها السكر و الشطح و كثرة الخوارق المستفادة من التجليات الصفاتية و الظلية حتى إذا مضى بعد الهجرة الف سنة تدارك رحمة اللّه الواسعة أفاض كمالات النبوة بمقتضى طينة النبي صلى اللّه عليه و سلم على بعض اتباعه حتى اشتبه اخر الامة باولها فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم مثل أمتي كمثل المطر لا يدرى اوله خير أم آخره رواه الترمذي عن انس و روى رزين عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه الباقر عن جده قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ابشروا ابشروا انما مثل أمتي مثل الغيث لا يدرى آخره خير أم اوله او كحديقة اطعم منها فوج عاما ثم اطعم منها فوج عاما لعل آخرها فوجا ان يكون اعرضها عرضا و أعمقها عمقا و أحسنها حسنا و عن الدرداء عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال خير أمتي أولها و آخرها و فى أوسطها الكدر رواه الحكيم الترمذي السابقون خير لما تقدم اللام فيما تقدم للجنس و هاهنا للعهد الذهني كما يقال صديقى زيد و المعنى السابقون هم الذين عرفت حالهم و كمالهم و مالهم كقول الشاعر انا ابو النجم و شعرى شعرى او المعنى هم السابقون الى الجنة. ١١ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ج الى اللّه تعالى جملة مستانفة فى جواب ما شانهم و جاز ان يكون السابقون الاول مبتداء و السابقون الثاني تأكيد له و هذه الجملة خبر. ١٢ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ متعلق بقوله المقربون و جاز ان يكون ظرفا مستقرا خبر لاولئك او خبر بعد خبر لقوله السابقون. ١٣ ثُلَّةٌ خبر مبتداء محذوف هم ثلة اى كثير مِنَ الْأَوَّلِينَ يعنى من الصدر الاول من هذه الامة و هم القرون الثلاثة الصحابة و التابعين و اتباعهم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خيرا متى قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم ان بعدهم قوم يشهدون و لا يستشهدون و يخوفون و لا يأتمنون و ينذرون و لا يفون و يظهر فيهم من حصين السمن متفق عليه من حديث عمران بن حصين و كذا روى مسلم عن ابى هريرة و كذا روى النسائي عن عمر رض و عند الترمذي و الحاكم عن عمران بلفظ خير الناس قرنى الحديث و فى الصحيحين عن ابن مسعود مرفوعا بلفظ خير الناس و روى مسلم نحوه عن عائشة و الطبراني و الحاكم عن جعدة بن هبيرة فى الصحيحين عن ابى سعيد الخدري مرفوعا لا تسبوا أصحابي فلو ان أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم و لا نصيفه. ١٤ وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ط و هم ارباب كمال النبوة الذين وجدوا بعد الف سنة كما ذكرنا من قبل و قال اكثر المفسرين ثلة من الأولين يعنى من الأمم الماضية من لدن آدم الى محمد صلى اللّه عليه و سلم و قليل من الآخرين يعنى من امة محمد صلى اللّه عليه و سلم قال الزجاج الذين عاينوا جميع النبيين من لدن آدم و صدقوهم اكثر ممن عاينوا النبي صلى اللّه عليه و سلم قلت و هذا التأويل بعيد جدا لاستلزامه كون الأمم السابقة اقرب الى اللّه تعالى و أفضل من هذه الامة فان فضل الامة بكثرة الأفاضل و هذا لايتان قوله تعالى كنتم خير امة أخرجت للناس و قوله تعالى تكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا و قوله عليه الصلاة و السلام أنتم تنمون سبعين امة أنتم خيرها و أكرمها على اللّه رواه الترمذي و ابن ماجة و الدارمي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال الترمذي حديث حسن و روى احمد و البزاز و الطبراني بسند صحيح عن جابر انه سمع النبي صلى اللّه تعالى عليه و اله و سلم يقول انى لارجو ان يكون من تبعني ربع اهل الجنة فكبرنا ثم قال أرجو ان يكون ثلث الناس فكبرنا ثم قال أرجو ان يكون الشطر و روى البخاري عن ابن مسعود مرفوعا أ ترضون ان تكونوا ربع اهل الجنة قلنا نعم قال و الذي نفسى بيده انى لارجو ان تكونوا نصف اهل الجنة و روى الترمذي و حسنه و الحاكم و صححه و البيهقي عن بريدة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اهل الجنة عشرون و مائة صفا ثمانون منها من هذه الامة و أربعون من ساير الأمم و اخرج الطبراني من حديث ابى موسى و ابن عباس و معوية ابن جيدة و ابن مسعود نحوه. ١٥ عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ خبر اخر للضمير المحذوف و الوضن نسج الدرع و يستعار لكل نسج محكم اخرج سعيد بن منصور و ابن جرير و ابن ابى حاتم و البيهقي من طريق مجاهد عن ابن عباس فى هذه الاية قال موضونة بالذهب قال المفسرون هى موصولة منسوجة بالذهب و الجواهر و قال الضحاك موضونة مصفوفة. ١٦ مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ حالان من الضمير فى على اخرج هناد عن مجاهد فى قوله متقابلين قال لا يرى بعضهم قفا بعض و كذا قال البغوي وصفهم اللّه سبحانه بحسن العشيرة و تهذيب الأخلاق و صفاء المودة. ١٧ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ للخدمة وِلْدانٌ قيل غلمان ممن ينشأ للخدمة الجملة حال اخر من الضمير مُخَلَّدُونَ اى لا يموتون و لا يهرمون و لا يتغيرون يبقون ابدا على شكل الولدان قال القراء يقول العرب لمن كبر و لمن شمط انه مخلد و قال ابن كيسان يعنى ولدانا لا يحولون من حالة الى حالة و قال سعيد بن جبير مقرطون يقال خلد جارية إذا خلاها بالخلد و هو القرط و قال الحسن هم أولاد اهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها و لا سيات فيعاقبوا عليها فهم خدم اهل الجنة اخرج ابن المبارك و هناد و البيهقي عن ابن عمر قال ان ادنى اهل الجنة منزلا من يسعى عليه الف خادم على عمل ليس عليه صاحبه و اخرج ابن ابى الدنيا عن انس مرفوعا ان أسفل اهل الجنة أجمعين من يقوم على راسه عشرة آلاف خادم و عن ابى هريرة ان ادنى اهل الجنة منزلة و ليس فيها دنى من يغدو و يروح عليه خمس آلاف خادم ليس منهم خادم الا و معه ظرف ليس مع صاحبه. ١٨ بِأَكْوابٍ الجار و المجرور مع ما عطف عليه متعلق بيطوف و الأكواب جمع كوب و هى الأقداح المستديرة الأفواه لا اذن لها و لا عرى كذا اخرج هناد عن مجاهد و اخرج ابن جرير من طريق العوفى عن ابن عباس الأكواب الجرار من الفضة وَ أَبارِيقَ و هى الأقداح ذات الخراطيم سميت أباريق لبروق لونها فى الصفاء وَ كَأْسٍ اى قدح فيه شراب و ما لا شراب فيه فليس بكأس مِنْ مَعِينٍ خمر جارية من منبع لا ينقطع ابدا. ١٩ لا يُصَدَّعُونَ عَنْها اى لا يصدع روسهم من شربها كما يصدع من شرب خمر الدنيا الجملة مع ما عطف عليه صفة كاس وَ لا يُنْزِفُونَ قرأ الكوفيون بكسر الزاء من الافعال و الباقون بفتحها فى القاموس نزف كعنى ذهب عقله او سكر و منه و لا ينزفون و فى الصحاح انزف القوم ينزف ماء بيرهم يعنى نزحه كله و انزف الشي ء ابلغ من نزفه فمعنى قرائة الكوفيين لا ينفذ شرابهم و معنى قراءة غيرهم لا يذهب عقولهم. ٢٠ وَ فاكِهَةٍ عطف على كاس مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ اى يختارون ما يشتهون. ٢١ وَ لَحْمِ طَيْرٍ عطف على فاكهة مِمَّا يَشْتَهُونَ قال البغوي قال ابن عباس يخطر على قلبه لحم الطير فيصير ممثلا بين يديه على ما اشتهى اخرج البزار و ابن ابى الدنيا و البيهقي عن ابن مسعود قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انك لتنظر الى الطير فى الجنة فتشتهيه فتخير بين يديك مشويا و اخرج ابن ابى الدنيا عن ابى امامة ان الرجل من اهل الجنة ليشتهى الطير فى الجنة فيخر مثل البختي حتى يقع على خوانه لم يصبه دخان و لا تمسه نار فياكل منه حتى يشبع ثم يطير و اخرج البيهقي عن حذيفة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان فى الجنة طيرا أمثال البخت قال ابو بكر انها لناعمة يا رسول اللّه قال أنعم منها من يأكلها و أنت ممن يأكلها يا أبا بكر و اخرج احمد و الترمذي مثله من حديث انس و اخرج هناد عن الحسن قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان فى الجنة طير كامثال البخت يأتي الر جل فياكل منها ثم يذهب كان لم ينقص منها شى ء و اخرج هناد و ابن ابى الدنيا بسند حسن عن ابى سعيد الخدري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان فى الجنة لطيرا فيه سبعون الف ريشا فيحبى فيقع على صحفة الرجل من اهل الجنة ثم ينتغض فيخرج من كل ريشة لون ابيض من الثلج و ألين من الزيد و احلى من العسل ليس فيه لون يشبه صاحبه ثم يطير و يذهب و اخرج هناد عن مغيث بن سمى قال طوبى شجرة فى الجنة ليس فى الجنة دار الا يظلهم غصن من أغصانها فيه ألوان الثمرة و يقع عليها طير أمثال البخت فاذا تمنى الرجل طير ادعاه فيقع على خوانه فياكل من أحد جانبيه شواء و الاخر قديدا ثم يعود طايرا يطير فتذهب. ٢٢ وَ حُورٌ جمع حوراء عِينٌ جمع عيناء قرا ابو جعفر و حمزة و الكسائي بالجر عطفا على جنات بتقدير مضاف اى هم فى جنات و مضاجعة حور عين او على أكواب لان معنى يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب ينعمون بأكواب و بحور عين و الباقون بالرفع على انه مبتداء محذوف الخبر اى فيها حور عين أولهم حور عين كذا قال الأخفش او معطوف على ولدان اى يطوف عليهم حور عين اخرج مجاهد قال الحور التي يجاور فيه الطرف باد مخ ساقها من وراء ثيابها و اخرج فى حور عين قال سواد الحدقة عظم العين و اخرج البيهقي عن أم سلمة قالت قلت أخبرني يا رسول اللّه عن قوله تعالى حور عين قال بيض ضخام شعر العيون بمنزلة الحور اجناح النسر قالت أخبرني يا رسول اللّه عن قوله تعالى. ٢٣ كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم صفاءهن كصفاء الدر الذي فى الاصداف لم تسمه الأيدي و قوله كامثال اللؤلؤ صفة بعد صفة لحور الْمَكْنُونِ المخزون فى الصدف لم تمسه الأيدي قال البغوي يروى انه سطع نور فى الجنة قالوا ضوء ثغر حوراء ضحكت فى وجه زوجها و يروى ان الحور إذا مشت سمعت تقديس الخلاخيل من ساقها و تمجيد الا سورة من ساعديها و ان عقد الياقوت يضحك من نحرها و فى رجليها نعلان من ذهب شراكهما من لؤلؤ يصران بالتسبيح. ٢٤ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ منصوب على المصدرية بفعل محذوف اى يجزون جزاء او على العلية اى يفعل ذلك بهم جزاء لاعمالهم. ٢٥ لا يَسْمَعُونَ فِيها اى فى الجنة حال اخر من الضمير فى على لَغْواً اى باطلا كذا اخرج البيهقي عن ابن عباس و اخرج هناد عن الضحاك انه قال هزلا وَ لا تَأْثِيماً اى نسبة الى الإثم يعنى لا يقال لهم أثمتم و سى ء ما صنعتم و اخرج البيهقي عن ابن عباس و هناد عن الضحاك انه الكذب. ٢٦ إِلَّا استثناء منقطع قِيلًا اى قولا سَلاماً سَلاماً ذا سلامة منصوبة على البدلية على فشوا السلام بينهم اخرج احمد و البزاز و ابن حبان عن ابن عمر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال أول من يدخل الجنة من خلق اللّه فقراء المهاجرين الذين تستربهم الثغور و تنفى بهم المكاره و يموت و حاجة فى صدره لا يستطيع بها قضاء فيقول اللّه تعالى لمن يشاء من ملائكته ايتوهم فحيوهم فيقول الملائكة نحن سكان سمائك و خيرتك من خلقك فتامرنا ان ناتى هؤلاء و تسلم عليهم قال انهم كانوا عبادا يعبدوننى و لا يشركون بي شيئا و تستربهم الثغور و ينفى بهم المكاره و يموت أحدهم و حاجة فى صدره و لا يستطيع بها قضاء قال فياتيهم الملائكة عند ذلك فيدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار اخرج سعيد بن منصور فى سننه و البيهقي فى البعث عن العطاء و مجاهد قال لما سال اهل الطائف الوادي يحمى لهم عسل ففعل و هو واد معجب فسمعوا الناس يقولون فى الجنة كذا و كذا قالوا يا ليت لنافى الجنة مثل هذا الوادي فانزل اللّه تعالى. ٢٧ وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ ما اصحاب اليمين فى سدر مخضود الآيات و اخرج البيهقي من وجه اخر عن مجاهد قال كانوا يعجبون بوجّ ظلاله من طلح و سدر فانزل اللّه و اصحاب اليمين ما اصحاب اليمين فى سدر مخضود و طلح منضود و ظل ممدود و اصحاب اليمين هم اصحاب القلوب الصافية و النفوس المطمئنة اولياء اللّه المتقون و يلحق بهم فى الاخرة عصاة المؤمنين اما بعد مغفرة ذنوبهم بفضل اللّه تعالى و شفاعة الأنبياء و الصلحاء و اما بعد تعذيبهم بالنار و تخليصهم من الذنوب يلتحقون بالمتقين الصالحين فان جهنم يخلص المؤمنين و ينفى عنه خبث ذنوبه و رزائله كما ينفى الكبر خبث الحديد ما أَصْحابُ الْيَمِينِ ط اى عظيم شانهم عند اللّه الجملة خبر مبتداء بتأويل يقال فى شانهم ما اصحاب اليمين او جملة معترضة للتعجب و التفخيم. ٢٨ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ خبر المبتدا او خبر بعد خبر اى مقطوع شوكه او مثنى أغصانه من كثرة الحمل فى القاموس خضد الشجر قطع شوكه و يقال خضد الغصن إذا ثناة و هو رطب اخرج البيهقي عن ابى امامة قال سال أعرابي يا رسول اللّه لقد ذكر اللّه فى القران شجرة يوذى صاحبها فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ما هى قال السدر فان لها شوكا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول اللّه تعالى فى سدر مخضود و يخضد اللّه شوكها فيجعل مكان كل شوكة ثمرة انها تنبت ثمر اثم تفتق لثمر منها عن اثنين و سبعين لونا من الطعام ما منها لون يشبه الاخر و اخرج الطبراني مثله من حديث عتبة بن عبد و اخرج البيهقي عن مجاهد فى قوله تعالى مخضود قال موفر حملا و طلح منضود الموز المتراكم. ٢٩ وَ طَلْحٍ قال القراء و ابو عبيدة الطلح عند العرب شجر عظام لها شوك و فى القاموس شجر عظام و الموز و فى الصحاح شجر الواحد طلحة و فى البيضاوي موزاوام غيلان قال البغوي روى خالد عن الحسن قال قرا رجل عند على رض عنه و طلح منضود قال و ما شان الطلح انما هو و طلع منضود ثم قرا طلعها هضيم قلت انها فى المصحف بالحاء أ فلا تحولها فقال ان القران لا يحاج اليوم و لا يحول مَنْضُودٍ يعنى متراكم بثمره بعضها على بعض اخرج ابن المبارك و هناد و البيهقي عن مسروق قال نخل الجنة نضيد من أصلها الى فرعها و ثمرها أمثال القلال كلما نزعت ثمرة عادت مكانها اخرى و العنقود اثنا عشر ذراعا و ذكر البغوي قول مسروق بلفظ أشجار الجنة من عروقها الى أفنانها ثمر كله فى القاموس نضيد متاعه ان جعل بعضه فوق بعض و فى الصحاح النضيد السرير الذي ينضد عليه المتاع و منه استعير طلح نضيد. ٣٠ وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ ممتد منبسطة كظل قبل طلوع الشمس من الصبح او دائم لا ينسخه الشمس و العرب يقول للشى ء الذي لا ينقطع ممدودا و فى الصحيحين عن ابى هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال ان فى الجنة شجرة يسير الراكب فى ظلها ماية عام لا يقطعها اقرأوا ان شيئتم و ظل ممدود و أخرجه احمد و زاد فى آخره و ان ورقها ليحمر الجنة و اخرج هناد بن سرى فى الزهد و زاد فى آخره فبلغ ذلك كعبا فقال و الذي انزل التوراة على موسى و القران على محمد لو ان رجلا راكبا على حقة او جذعة ثم دار بأصل تلك الشجرة ما بلغه حتى يسقط هرما ان اللّه غرسها بيده و ان أفنانها من وراء سدر الجنة و ما فى الجنة نهر الا و هو يخرج من اصل تلك الشجرة قال البغوي و روى عكرمة عن ابن عباس فى قوله تعالى و ظل ممدود و قال شجرة فى الجنة على ساق العرش يخرج إليها اهل الجنة فيتحدثون فى أصلها و يشتهى بعضهم لهو الدنيا فيرسل اللّه عز و جل عليها ريحا من الجنة فتتحرك تلك الشجرة بكل لهو فى الدنيا. ٣١ وَ ماءٍ مَسْكُوبٍ اى منصب يجرى دايما من غير أخدود كانه لما شبه حال السابقين المقربين فى التنعيم بأعلى ما يتصور لاهل المدن شبه حال اصحاب اليمين أكمل ما يتمناه اهل البوادي اشعارا بالتفاوت بين الحالين. ٣٢ وَ فاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ الأجناس. ٣٣ لا مَقْطُوعَةٍ وَ لا مَمْنُوعَةٍ قال البغوي قال ابن عباس لا تنقطع إذا جنيت و لا تمنع من أحد أراد أخذها و يؤيده حديث ثوبان انه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول لا ينزع رجل من اهل الجنة من ثمرها الا أعيد مكانها مثلها رواه البزاز و الطبراني و ذكر البغوي الحديث بلفظه ما قطعت من ثمار الجنة الا أبدل اللّه مكانها ضعفين و قال بعضهم لا مقطوعة بالا زمان و لا ممنوعة بالأثمان كما ينقطع اكثر ثمار الدنيا إذا جاء الشتاء و لا يتوصل إليها الا بثمن. ٣٤ وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ط قال البغوي قال على رض و فرش مرفوعة على اسرة و قال جماعة المفسرين مرفوعة عالية اخرج احمد و الترمذي و حسنه و ابن ماجة و البيهقي و ابن ابى الدنيا عن ابى سعيد الخدري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى هذه الاية قال ما بين الفراشين كما بين السماء و الأرض و لفظ الترمذي ارتفاعها كما بين السماء و الأرض و مسيره ما بينهما خمس مائة عام و ذكر البغوي نحوه عن ابى هريرة و قال الترمذي قال بعض اهل العلم فى تفسيره معناه ان تفاوت الفراشين فى الدرجات كما بين السماء و الأرض و اخرج ابن ابى الدنيا عن ابى امامة فى هذه الاية قال لو ان أعلاها سقط ما بلغ أسفلها أربعين خريفا و اخرج الطبراني عنه مرفوعا لو طرح منها فراش من أعلاها لهوى الى قرارها ماية خريف و قيل أراد بالفرش النساء و العرب تسمى المرأة فراشا و لباسا على الاستعارة مرفوعة رفعن بالجمال و الفضل على نساء الدنيا او ارتفاعهن على الأرائك يدل عليه قوله تعالى فى عقبه. ٣٥ إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ الضمير عايد الى الفرش ان المراد به النساء و الا فالى غير مذكور معلوم للسامع إِنْشاءً يعنى خلقناهن جديدا اما ابتداء من غير ولادة و اما إعادة قال البغوي قال ابن عباس يعنى الآدميات العجوز الشمط يقول خلقناهن بعد الهرم خلقا اخر. ٣٦ فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عذارى كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن عذارى و لا وجع و اخرج سعيد بن منصور و البيهقي عن الشعبي و اخرج الترمذي و البيهقي عن انس عن النبي صلى اللّه عليه و سلم انا أنشأناهن إنشاء قال عجايز كن فى الدنيا شمطاء رمصاء و اخرج ابن جرير و البيهقي عن مسلمة بن يزيد سمعت النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول انا أنشأناهن إنشاء قال الشيب و الابكار التي كن فى الدنيا اخرج البيهقي و ابن المنذر عن الحسن قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا يدخل الجنة عجوز فبكت عجوز فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اخبروها انها ليست يومئذ بعجوز انها يومئذ شابة إنشاء اللّه تعالى ان اللّه تعالى يقول انا أنشأناهن إنشاء و اخرج البيهقي عن عائشة قالت دخل النبي صلى اللّه عليه و سلم على و عندى عجوز فقال من هذه قلت احدى خالتى قال اما انه لا تدخل الجنة عجوز فدخل العجوز من ذلك ما شاء اللّه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال اللّه تعالى انا أنشأنا خلقا أخر و روى الطبراني فى الأوسط من وجه اخر عنها ان النبي صلى اللّه عليه و سلم أتته عجوز فقالت يا رسول اللّه ادع اللّه ان يدخلنى الجنة فقال ان الجنة لا يدخلها عجوز فذهب فصلى ثم رجع فقالت عائشة لقد لقيت من كلمتك مشقة و شدة فقال ان ذلك كذلك إنشاء اللّه إذا أراد ادخالهن الجنة حولهن أبكارا و قال مقاتل و غيره هن الحور العين أنشأهن اللّه لم يقع عليهن ولادة فجعلناهن أبكارا عذارى و ليس وجع هناك. ٣٧ عُرُباً قرأ حمزة و اسمعيل عن نافع و ابو بكر بإسكان الراء و الباقون بضمها و هى جمع عروب اى عواشق لازواجهن متحببات إليهم اخرج ابن ابى حاتم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عربا قال كلامهن عربى أَتْراباً مستويات فى السن فى حديث أم سلمة عند البيهقي قالت قلت يا رسول اللّه عربا قال اترابا قالهن اللواتى قبضهن اللّه عجايز فى الدنيا و مصاء شمطاء خلقهن اللّه بعد الكبر فجعلهن عذارى قال عربا معشقا محببات اترابا على ميلاد واحد فان كلهن بنات ثلث و ثلاثين و كذا أزواجهن و عن ابى هريرة رض عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال يدخل اهل الجنة الجنة جردا مردا بيضا جعدا أبناء ثلث و ثلثين و هم على خلق آدم طوله ستون ذراعا فى عرضة سبعة اذرع رواه احمد و الطبراني فى الأوسط و ابن ابى الدنيا و البغوي بسند حسن و عن ابى سعيد عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من مات من اهل الدنيا من صغير او كبير يردد بين ثلث و ثلثين سنة فى الجنة لا يزيدون ابدا و كذلك اهل النار رواه الترمذي و ابو يعلى و ابن ابى الدنيا و عن معاذ بن جبل ان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال يدخل اهل الجنة الجنة جردا مردا مكحلين بنى ثلث و ثلثين سنة و عن انس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يدخل اهل الجنة الجنة على طول آدم ستون ذراعا بذراع الملك و على حسن يوسف و على ميلاد عيسى و ثلث و ثلثين سنة و على لسان محمد جردا مردا مكحلين رواه الطبراني فى الأوسط بسند جيد و عن المقداد بن الأسود مرفوعا يحشر الناس ما بين السقط و بين الشيخ الفاني أبناء ثلث و ثلثين و خلق آدم و حسن يوسف و قلب أيوب و ذى أفانين رواه الطبراني. ٣٨ لِأَصْحابِ الْيَمِينِ ع متعلق بانشانا او جعلنا او صفة لابكارا و خبر لمحذوف اعنى هن. ٣٩ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ٤٠ وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ط خبر محذوف اى هم كثيرون من الأولين من هذه الامة و كثيرون من الآخرين منهم كذا قال ابو العالية و مجاهد و عطاء بن ابى رباح و الضحاك روى البغوي بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فى هذه الاية ثلة من الأولين و ثلة من الآخرين قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم هما جميعا من أمتي و اخرج مسدد فى مسنده و الطبراني و ابن مردوية من حديث ابى بكرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم فى قوله ثلة من الأولين و ثلة من الآخرين قال هما جميعا من أمتي لكن قال الدارقطني فى عللّه هذا حديث ابى بكرة لم يثبت فمقتضى هذه الاية على هذا التأويل ان امة محمد صلى اللّه عليه و سلم لن يخلو عن اصحاب اليمين كما روى الشيخان فى الصحيحين عن معاوية قال سمعت النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول لا يزال من أمتي قائمة بامر اللّه لا يضرهم من خذلهم و لا من خالفهم حتى يأتي امر اللّه و هم على ذلك متفق عليه فان قيل يعارضه ما روى البغوي بسنده عروة بن رويم مرسلا قال لما انزل اللّه على رسوله ثلة من الأولين و قليل من الآخرين بكى عمر رض فقال يا رسول اللّه أمنا باللّه و برسوله و صدقناه و من ينجومنا قليل فانزل اللّه عز و جل ثلة من الأولين و ثلة من الآخرين فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال قد انزل اللّه فيما قلت فقال عمر رضينا عن ربنا و تصديق نبيّنا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من آدم إلينا ثلة و منى الى القيامة ثلة و لا يستتمها إلا سودان من رعاة الإبل من قال لا اله الا اللّه و كذا اخرج ابن ابى حاتم عنه مرسلا و اخرج ابن عساكر فى تاريخ دمشق من طريق عروة بن رويم عن جابر بن عبد اللّه و اخرج احمد و ابن المنذر و ابن ابى حاتم بسند فيه من لا يعرف عن ابى هريرة قال لما نزلت ثلة من الأولين و قليل من الآخرين شق ذلك على المؤمنين فنزلت ثلة من الأولين و ثلة من الآخرين فان مقتضى هذا الحديث ان الثلة من الأولين من آدم عليه السلام الى محمد صلى اللّه عليه و سلم و قلت لا وجه للحمل على التعارض بين الحديثين فان قوله عليه الصلاة و السلام من آدم إلينا ثلة و مني الى القيامة ثلة لا ينافى قوله عليه الصلاة و السلام هما جميعا من أمتي فانه يمكن ان يقال ان الثلة التي من محمد صلى اللّه عليه و سلم الى القيامة ينقسم الى الثلّتين ثلة من أوليهم و ثلة من أخريهم و المراد بالآية كلا الثلتين من امة محمد صلى اللّه عليه و سلم فان قيل لو كان ثلة من الأولين فى امة محمد صلى اللّه عليه و سلم فما وجه لبكاء عمر بعد نزول قوله تعالى ثلة من الأولين و قليل من الآخرين و لما شق ذلك من المسلمين قلت وجه بكائه رض الترحم على اخر هذه الامة و زعم ان الناجي من اخرى هذه الامة قليل و لذلك سلى بنزول قوله تعالى ثلة من الأولين و ثلة من الآخرين يعنى الى المقربين فى هذه الامة و ان كانوا قليلا لكن اصحاب اليمين منهم كثير و كلا وعد اللّه الحسنى و ليس قوله تعالى ثلة من الأولين و ثلة من الآخرين ناسخا لقوله تعالى ثلة من الأولين و قليل من الآخرين كما يدل عليه ظاهر الحديث فان الاخبار لا يحتمل النسخ و لان النسخ لا بد له من اتحاد المحل و الاية الاولى فى المقربين من اصناف الثلاثة و الثانية فى اصحاب اليمين فكيف يقال بالنسخ و يمكن ان يقال ثلة من الأولين يشتمل أصحابا لجميع الأنبياء و اصحاب محمد صلى اللّه عليه و سلم و من لحقهم من التابعين فانهم السابقون الى الإسلام الأولون فيه ممن بعدهم الذين يقتقون اثارهم فى اتباع الأنبياء يؤيده قوله تعالى و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار الذين اتبعوهم بإحسان و الآخرون هم المتأخر و هذه الامة عند قرب الساعة فالمقربون منهم قليل و اما اصحاب اليمين فكثير منهم و كذا من غيرهم كما ذكرنا قول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انى لارجو ان يكونوا نصف اهل الجنة و قوله عليه السلام ثمانون صفا من هذه الامة و أربعون من ساير الأمم روى البخاري عن ابن عباس قال خرج علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوما فقال عرضت على الأمم فجعل يمر النبي معه الرجل و النبي معه رجلان و النبي معه الرهط و النبي ليس معه أحد و رايت سوادا كثير اسد الأفق فقيل لهؤلاء أمتك و مع هؤلاء سبعون الفا يدخلون الجنة بغير حساب فقال عليه السلام الذين لا يتطيرون و لا يسترقون و لا يكتوون و على ربهم يتوكلون فتقدم عكاشة ابن محصن فقال أمتهم انا يا رسول اللّه قال نعم فقام اخر فقال امنهم انا قال سبقك بها عكاشة قال البغوي و روى عن عبد اللّه بن مسعود عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال عرضت على الأنبياء الليلة باتباعها حتى اتى على موسى فى كبكة بنى إسرائيل راينهم اعجبونى فقلت اى من رب هؤلاء قيل هذا أخوك موسى و من معه من بنى إسرائيل قلت رب فاين أمتي قيل انظر عن يمينك فاذا ظراب مكة قد سدت بوجوه الرجال فقيل هؤلاء أمتك أ رضيت فقال رضيت ربى فقيل انظر عن يسارك فاذا الأفق قل اهل؟؟؟ بوجوه الرجال فقيل هؤلاء أمتك أ رضيت فقلت ربى رضيت رضيت فقيل ان مع هؤلاء سبعين الفا يدخلون الجنة بغير حساب عليهم فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم ان استطعتم ان تكونوا من السبعين فكونوا و ان عجزتم و قصرتم فتكونوا من اهل الظراب فان اعجزتم فكونوا من اهل الأفق فانى قد رأيت ثمه أناسا يتهلوشون كثيرا. ٤١ وَ أَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ ٤٢ فِي سَمُومٍ نحو ما مر فى التركيب و السموم الريح حارة تنفذ المسام وَ حَمِيمٍ متناه فى الحرارة. ٤٣ وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ اى دخان شديد السواد بفعول من الحمة تقول العرب اسود يحموم إذا كان شديد السواد قال الضحاك النار سوداء و اهله سود و كل شى ء فيها اسود و قال ابن كيسان اليحموم اسم من اسماء النار. ٤٤ لا بارِدٍ كساير الظل وَ لا كَرِيمٍ اى لا نافع بوجه ما او كريم المنظر دفع بذلك ما ادلهم الظل من الاستراح. ٤٥ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ فى الدنيا مُتْرَفِينَ اى متنعمين منهمكين فى الشهوات لا يتعبون أنفسهم فى الطاعات. ٤٦ وَ كانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ ج اى الذنب العظيم يعنى الشرك و قال الشعبي الحنث العظيم اليمين الغموس و معنى هذا انهم كانوا يحلفون انهم لا يبعثون و كذبوا. ٤٧ وَ كانُوا يَقُولُونَ أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ قرأ نافع و الكسائي و ابو جعفر و يعقوب أ إذا مستفهما انا بتركه و الباقون بالاستفهام فيها و هم على أصولهم فى التخفيف و التليين و قوله ء إنا لمبعوثون خبرا لإذا او كررت الهمزة على قراءة الجمهور للدلالة على انكار البعث مطلقا و خصوصا فى هذا الوقت كما ادخلت على العاطف فى قوله. ٤٨ أَ وَ آباؤُنَا الْأَوَّلُونَ للدلالة على ان ذلك أشد إنكارا فى حقهم لتقاوم زمانهم معطوف على محل اسم ان بعد مضى الخبر او على المستكن فى مبعوثون و الفصل بالهمزة حسن العطف على المستكن و قرا نافع و ابن عمرو او بالسكون و العامل فى الظرف ما دل عليه مبعوثون لا هؤلاء للفصل بان و الهمزة تقديره انبعث إذا متنا. ٤٩ قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ ٥٠ لَمَجْمُوعُونَ للحساب و الجزاء إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ اى ما وقت به الدنيا من يوم معلوم و الاضافة بمعنى من كخاتم فضة و الميقات ما وقت به الشي ء الى حد و منه مواقيت الإحرام و هى الحدود التي لا يتجاوزها من يريد دخول مكة الا محرما كلمة الى بمعنى اللام يعنى مجموعون لميقات يوم القيامة المعلوم المتيقن مجيئه. ٥١ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا اى يا ايها الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ ٥٢ لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ من الاولى للابتداء و الثانية للبيان قال ابن عباس لوان قطرة من الزقوم قطرت فى بحار الدنيا لفسدت على اهل الأرض معاشهم فكيف من يكون طعامه رواه الترمذي و صححه و النسائي و ابن ماجة و الحاكم و قال عمرو الخولاني بلغنا ان ابن آدم لا ينهش من الزقوم نهشة الا نهشت منه مثلها رواه عبد اللّه بن احمد فى روائد الزهد و ابو نعيم. ٥٣ فَمالِؤُنَ مِنْهَا اى من الشجر نظرا الى معناه فان معناه الشجرة الْبُطُونَ من شدة الجوع. ٥٤ فَشارِبُونَ لغلبة العطش عَلَيْهِ اى على الشجر نظرا الى لفظه او على الزقوم مِنَ الْحَمِيمِ ٥٥ فَشارِبُونَ شُرْبَ قرأ نافع و عاصم و حمزة بضم الشين و الباقون بفتحها و هما لغتان و قال البغوي الفتح على المصدر و الضم على انه اسم بمعنى المصدر كالضعف و الضعف الْهِيمِ يعنى الإبل العطاش كذا روى ابن ابى حاتم من طريق ابى طلحة عن ابن عباس جميع هيمان للذكر و هيمى للانثى كعطشان و عطشى و قيل الإبل التي بها الهيام و هوداء يصيب الإبل لا تروى معه و لا يزال يشرب حتى يهلك كذا اخرج البيهقي عن مجاهد و ذكر البغوي عن عكرمة و قتادة و قال الضحاك و ابن عيينة الهيم الأرض السهلة ذات الرمل قال البيضاوي هو جمع هيام بالفتح و هو الرمل الذي لا يتماسك جمع على هيم كسحب و سحاب ثم خفف و فعل به ما فعل يجمع ابيض و كل من المعطوف و المعطوف عليه أخص من الاخر من وجه فلا اتحاد و. ٥٦ هذا نُزُلُهُمْ فيه تهكم كما فى قوله تعالى فبشرهم بعذاب اليم لان النزل ما يعد للنازل تكرمة له يعنى هذا أول ما يصيبهم يَوْمَ الدِّينِ ط يوم الجزاء فما ظنك بما يصيبهم بعد ما استقروا فى الجحيم. ٥٧ نَحْنُ خَلَقْناكُمْ بعد مالم تكونوا شيئا و أنتم تعرفون بذلك فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ اى هلا تصدقون على البعث بعد الموت فان من قدر على الإبداء قدر على الإعادة او المعنى هلا تصدقون بالخلق متقنين محققين للتصديق بالأعمال الدالة عليه. ٥٨ أَ فَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ اى ما تقذفونه فى الأرحام من النطف. ٥٩ أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ يجعلونه بشرا سويا أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ الفاء العاطفة للعطف على محذوف و الروية يعنى العلم و مفعوله الاول الموصول مع الصلة و هاهنا معطوف عليه و محذوف مقدر و جملة ءانتم تخلقونه أم نحن الخالقون مفعوله الثاني لكنه معلق بالاستفهام و تقديم المسند اليه على الخبر الفعلى فى ءانتم تخلقونه لافادة التخصيص و لان محل الإنكار و التقرير بالاستفهام هو المسند اليه دون النفس الخلق و تعريف الخبر فى نحن الخالقون ايضا لافادة التخصيص تقدير الكلام أ نظرتم فعلمتم ما تمنون فى الأرحام فيصير بشرا أ بكم مختص خلقه أم بنا و الاستفهام لانكار نسبة الخلق الى المخاطبين و الإقرار للّه سبحانه يعنى تعلمون ان الخلق المختص بنا لا بكم. ٦٠ نَحْنُ قَدَّرْنا قرأ ابن كثير بتخفيف الدال و الباقون بتشديدها و هما لغتان بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ يعنى قسمنا الموت عليكم كما قسمنا أرزاقكم على حسب ارادتنا فاختلف اعماركم من قصير و طويل و متوسط او المعنى وقتنا موت كل بوقت معين لا يستاخرون منه و لا يستقدمون و تقديم المسند اليه على الخبر الفعلى لافادة التخصيص يعنى تقدير الموت و توقيتها مختص بنا كما ان خلق كل مختص بنا فهذه الجملة مقررة لمضمون ما سبق وَ ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ حال من فاعل قدرنا يعنى حال كوننا غير مسبوتين اى لم يسبقنا أحد فى تقديره او حال كوننا غير مقلوبين من سبقته على كذا إذا غلبته عليه و أعجزته او جملة معترضة و المعنى لا يسبقنا و لا معجزنا أحد فيهرب من الموت او بغير دفنه. ٦١ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ متعلق بمحذوف حال من فاعل قدرنا تقديره قدرنا بينكم الموت قادرين على ان نبدل منكم أمثالكم مكانكم او متعلق بقدرنا علة له و على بمعنى اللام يعنى قدرنا الموت لان نبدل منكم أمثالكم و جاز ان يكون متعلقا بمسبوقين و المعنى ما نحن بمسبوقين غير قادرين على ان نبدل أمثالكم فتخلق بدلكم و جاز ان يراد ان نبدل صفاتكم على ان أمثال جمع مثل بمعنى الصفة كما فى قوله تعالى مثل الجنة التي وعد المتقون و قوله تعالى للذين لا يؤمنون بالاخرة مثل السوء و للّه المثل الا على وَ نُنْشِئَكُمْ عطف على نبدل يعنى قادرين على ان ننشأكم بعد الموت فِي ما لا تَعْلَمُونَ اى فى احوال و صفات لا تعلمونها من الثواب و العذاب. ٦٢ وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ عطف على قوله أ فرأيتم ما تمنون النَّشْأَةَ الْأُولى يعنى خلقة الإنسان من المنى و وجوده بعد ما لم يكن شيئا مذكورا فَلَوْ لا الفاء للسببية يعنى إذا علمتم النشأة الاولى فهلا تَذَكَّرُونَ ان منشى ء النشأة الاولى قادر على ان ينشأ نشأة الاخرى فانها اقل صنعا لحصول المراد و لتخصيص الاجزاء و سبق المثال و فيه دليل على حجة القياس. ٦٣ أَ فَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ ط تبذرون حبة. ٦٤ أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ تنبتونه أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ المنبتون. ٦٥ لَوْ نَشاءُ جعله حطاما لَجَعَلْناهُ اى الزرع حُطاماً قال عطاء تبنالا قمح فيه و قيل هشيما لا ينتفع به فى مطعم و غذاء فَظَلْتُمْ أصله ظللتم حذف أحد اللامين تخفيفا تَفَكَّهُونَ اى تعجبون مما ينزل بكم فى زرعكم و هو قول عطاء و الكلبي و مقاتل و قيل تندمون على اجتهادكم و نفقاتكم و هو قول يمان و قال الحسن تندمون على ما سلف منكم من المعصية التي أوجبت تلك العقوبة و قال عكرمه تلاومون و قال ابن كيسان تحزنون و قال الكسائي هو التلهف على ما فات و هو من الاضداد قال العرب تفكهت اى فرحت و تفكهت اى حزنت قلت هو مستعار من أكل الفاكهة و التجنب عن الفاكهة قال فى القاموس تفكه تندم و به تمتع و أكل الفاكهة و تجنب عن الفاكهة ضد. ٦٦ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ قرأ ابو بكر عن عاصم أ إنا بهمزتين على الاستفهام للتقرير و الباقون بهمزة واحدة على الخبر و الجملة بتقدير القول حال من فاعل تفكهون تقديره فظلتم تفكهون قايلون انا لمغرمون اى ملزمون غرامة ما أنفقنا و المغرم الذي ذهب ماله بغير عوض نكرا قال الضحاك و ابن كيسان و قال البغوي قال ابن عباس و قتادة لمعذبون و الغرام العذاب. ٦٧ بَلْ نَحْنُ قوم مَحْرُومُونَ اى حرمنا رزقنا إضراب بذكر الأهم فان غرامة المال أسهل من حرمان الرزق المفضى الى الهلاك. ٦٨ أَ فَرَأَيْتُمُ الْماءَ العذب الَّذِي تَشْرَبُونَ ٦٩ أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ من السحاب واحده مزنة قيل المزن السحاب الأبيض ماءه أعذب أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لقدرتنا. ٧٠ لَوْ نَشاءُ جعلناه أجاجا جَعَلْناهُ أُجاجاً ملحا مرا كذا فى القاموس قيل هو مشتق من الأجيج و هو تلهب النار فان الماء الأجاج يحرق الفم و حذف اللام الفاصل بين جواب ما يتمحض للشروط و هو ان و بين ما يتضمن معناه و هو لو فانها ليست لشرط المحض بل سرى فيها معنى الشرط اتفاقا من حيث إفادتها فى مضمونى جملتها ان الثاني امتنع لامتناع الاول لعلم السامع بمكانه او للاكتفاء لسبق ذكرها فى قوله تعالى لجعلنه حطاما و لم يحذف فيما سبق اختصاصا لما يصدق لذاته و يكون أهم و فقده أصعب لمزيد التأكيد فَلَوْ لا هلا تَشْكُرُونَ أمثال هذه النعم الضرورية من إيجاد الإنسان و ابقائه. ٧١ أَ فَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ ط اى توقدون من وارى النار وريا و أوريته اتقدت يعنى تخرجونها من الزناد و العرب يقدح العودين تحك أحدهما على الاخرى يسمون الأعلى زند و الأسفل زندة شبهوها بالفحل و الطروقة. ٧٢ أَ أَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها التي منها الزناد و هى المرخ و العقاد يستحق المرخ على العقاد و هما خضرا و ان ينقطر منهما الماء فينقدح النار أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ الخالقون لها ابتداء. ٧٣ نَحْنُ جَعَلْناها اى نار الزناد تَذْكِرَةً فى امر البعث فان من قدر على احداث النار من الشجر الأخضر مع ما فيه من المائية المضادة لها بكيفية كان اقدر على إعادة الحيوة و الرطوبة الغريزية فيما كان حيا رطبا من العظام فيبس و بلى او تذكرة للطرق فى الظلام او تذكرة لنار جهنم حيث علقنا بها اسباب المعاش و عممنا إليها الحاجة لتكون حاضرة للناس ينظرون إليها و يذكرون بها نار جهنم فانها أنموذج لها عن ابى هريرة ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال ناركم جزء من سبعين جزء من نار جهنم قيل يا رسول اللّه ان كانت لكافية قال فانها فضلت عليهن بتسعة و ستين جزأ كلهن مثل حرها متفق عليه وَ مَتاعاً و منفعة لِلْمُقْوِينَ ج قيل يعنى للمسافرين النازلين بالقواء و هى الأرض القفر الخالية البعيدة من العمران و انما خص ذكرهم بالانتفاع لان انتفاعهم بها اكثر من انتفاع المقيم فانهم يوقدونها ليلا ليهرب منهم السباع و يهتدى بها الضال و يستدفئون بها؟؟؟ فى البرد و غير ذلك من المنافع و هذا قول اكثر المفسرين و قال مجاهد و عكرمة المراد بالمقوين المستمتعون بها من الناس أجمعين المسافرين و الحاضرين يستضيئون بها فى الظلمة و يصطلون فى البرد و يطبخون بها و قال ابن زيد معناه للجايعين يعنى للذين خلت بطونهم من الطعام من أقوات الدار إذا خلت من سكانها يقول العرب أقويت مند كذا و كذا يعنى ما أكلت شيئا منذ كذا و قيل المراد بالمقوين الأغنياء يقال أقوى الرجل إذا قويت دابته و كثر ماله و صار الى حالة القوة و لا شك ان فيها متاعا للاغنياء و الفقراء جميعا لا إغناء بأحد عنها و لعل وجه تخصيص الذكر بالأغنياء لكثرة الطبخ عندهم و من هاهنا قيل فلان كثير الرماد اى كثير الطبخ كثير الضيافة و اللّه تعالى اعلم. ٧٤ فَسَبِّحْ الفاء للسببية كما تذكرت بدايع صنايعه و انعاماته فتنزهه عما يقول المنكر لوحدانيته الكافرون لنعمه او فسبحه شكرا على نعمائه او تعجيبا من امر الظالمين فى كفران نعمائه بِاسْمِ رَبِّكَ الباء زائدة و لفظ الاسم مقحم و المعنى سبح ربك جاز ان يكون الفاء للسببية و التقدير فسبح بذكر اسمه او بذكره فان اطلاق اسم الشي ء ذكره و اللّه اعلم الْعَظِيمِ ٧٥ فَلا أُقْسِمُ إذ الأمر ظاهر أوضح من ان يحتاج الى قسم و الفاء للسببية او المعنى ذا قسم و لا مزيدة للتاكيد كما فى لئلا يعلم و التقرير فلانا اقسم فحذف المبتدا و أشبع فتحة لام الابتداء و يدل عليه قراءة عيسى بن عمر فلا قسم و قيل قوله لارد لما قال الكفار فى القران انه سحر او شعر او كهانة يعنى ليس الأمر كما تقولون اقسم بِمَواقِعِ النُّجُومِ قرأ حمزة و الكسائي بموقع بإسكان الواو من غير الف على الافراد و الباقون بفتح الواو و الف بعدها على الجمع و المراد بمواقع النجوم ساقطها و تخصيص المغارب فى الذكر لما فى غروبها من زوال اثرها الذي هو أول على إمكانها و حدوثها و وجود موثر لا يزول تاثيره و قال عطاء بن ابى رباح أراد منازلها و مجاريها و قال الحسن أراد انكدارها و انتشارها يوم القيمة و قال ابن عباس النجوم نجوم القران و موضعها اوقات نزولها فانه كان ينزل على النبي صلى اللّه عليه و سلم نجوما متفرقا. ٧٦ وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ جملة معترضة بين القسم و جوابه لَوْ تَعْلَمُونَ اخرى معترضة بين الصفة و الموصوف لكمال الاستعظام و لو للتمنى و مفعول تعلمون محذوف يعنى ليتكم تعلمون عظمته عَظِيمٌ لما فى المقسم به من الدلالة على عظم القدرة و كمال الحكمة و فرط الرحمة و من مقتضيات رحمته انه لا يترك عباده سدى. ٧٧ إِنَّهُ يعنى ما يتلوه محمد صلى اللّه عليه و سلم لَقُرْآنٌ منزل من اللّه تعالى غير منقول كَرِيمٌ عزيز مكرم لانه كلام اللّه و فضل كلام اللّه على ساير الكلام كفضل اللّه تعالى على خلقه رواه الترمذي و المعنى كثير الخير و النفع لاشتماله على اصول العلوم المهمة فى إصلاح المعاد و المعاش قال اهل المعاني الكريم الذي من شانه ان يعطى الخير الكثير او المعنى حسن مرضى فى جنسه. ٧٨ فِي كِتابٍ ظرف مستقر صفة لقران مَكْنُونٍ مصؤن و هو اللوح المحفوظ. ٧٩ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ قيل الضمير فى لا يمسه راجع الى الكتاب لقربه فالمعنى لا يطلع على اللوح الا المطهرون من الكدورات الجسمانية الباعثة غالبا على المعاصي و هم الملائكة و هذا القول غير مرضى فان الانسلاخ من الكدورات الجسمانية ليس من فضائل و لا يعد تطهرا و الا يلزم فضل الملائكة على البشر و هو خلاف الإجماع بل الكدورات الجسمانية هى الحاملة للتجليات الذاتية الصرفة و لذلك اختص النبوة بالبشر فالقول الصحيح ان الضمير راجع الى القران فالمعنى لا يمس القران الا المطهرون من الأحداث فيكون بمعنى النهى و المراد بالقران المصحف سمى قرانا على قرب الجوار مجازا كما فى الحديث انه صلى اللّه عليه و سلم نهى ان يسافر بالقران الى الأرض العدو مت فق عليه من حديث ابن عمر و المراد به المصحف و قد انعقد الإجماع على انه لا يجوز مس المصحف للجنب و الحائض و لا لنفساؤ لا لمحدث خلافا لداود محتجا بحديث ابى سفيان انه عليه الصلاة و السلام كتب كتابا الى هرقل و كان فيه يا اهل الكتاب تعالوا الاية و لا شك ان الكافر نجس قلنا كتب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ذلك العبارة من قبل نفسه امتثالا لامر اللّه تعالى لا من حيث انه كلام اللّه تعالى و من ثم حذف لفظة قل من صدر الاية و لو كان كتب من حيث انه كلام اللّه لما حذف لفظة قل بل لا يجوز له حذفها كما لا يجوز حذفها فى الصلاة و التلاوة و لنا حديث عمرو بن حزم ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كتب الى اهل اليمن كتابا و كان فيه لا يمس القران الا طاهر رواه الدارقطني و الحاكم فى المعرفة و البيهقي فى الخلافيات و روى الطبراني من حديث حكيم بن حزام قال لما بعثني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى اليمن قال لا يمس القران الا و أنت طاهر تفرد به سويد بن حاتم و هو ضعيف و حسن الحار فى اسناده و فى الباب عن ابن عمر مرفوعا رواه الدارقطني و الطبراني و اسناده لا بأس به (مسئله) يجوز مس القران و حمله بغلاف متجاف عند ابى حنيفة رح و قال مالك و الشافعي لا يجوز مع الغلاف ايضا لانه قال اللّه تعالى انه لقران كريم و قال اللّه تعالى فى صحف مكرمة و من التكريم ان لا يمسه غير الطاهر و لو كان عليه غلاف قلنا التكريم اثبت حرمة المس و المس لا يطلق الا إذا كان بلا حجاب و ستر و انما التكريم ما ثبت بالشرع و الزائد عليه تكلف (مسئله) يكره مسه بالكم او الذيل لانهما تابعان لليد لا يجوز مس درهم فيه سورة الا بصرة لان المصحف ما كتب عليه القران (مسئله) و يثبت بهذه الاية بدلالة النص اعنى بالطريق الاولى عدم جواز قراءة القران للجنب و عليه انعقد الإجماع فان المصحف و هو القرطاس الذي كتب عليه نقوش وضع للدلالة على ألفاظ القران و لما ورد لا يمسه الا المطهرون فالفاظ القران اولى و أحرى ان لا يجرى الا على لسان المطهرين و الحائض و النفساء كالخبث عند ابى حنيفة رح و الشافعي و احمد لما ذكرنا و عن مالك روايتان إحداهما انها تقرء الآيات اليسيرة و التي نقلها الأكثرون من أصحابه انها تقرأ ما شاءت و هو مذهب داود هو محجوج بما ذكرنا و بحديث ابن عمر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا تقرء الحائض و لا الجنب شيئا من القران رواه الدارقطني و الترمذي و ابن ماجة و فى اسناده اسمعيل ابن عياش و هو ضعيف و قيل انه قوى و تابعه مغيرة بن عبد الرحمن و ابو معشر بن موسى بن عقبة قال ابن الجوزي مغيرة ايضا ضعيف و قال الحافظ ابن حجر العسقلاني أخطأ ابن الجوزي ان ضعف مغيرة ابن عبد الرحمن و هو ثقة لكن فى طريق مغيرة عبد الملك بن مسلم ضعيف و اما طريق ابو معشر ففيه منهم و ابو معشر ضعيف و له شاهد من حديث جابر رواه الدارقطني مرفوعا و فيه محمد بن الفضل متروك- (مسئله) كان القياس عدم جواز قراءة القران للمحدث ايضا لما ذكر لكن الاستحسان يقتضى جواز القراءة للمحدث لان الحدث لا يسرى فى الفم و لذلك لم يجب المضمضة فى الوضوء بخلاف الجنابة و يدل على جواز القراءة للمحدث حديث ابن عباس انه بات ليلة عند ميمونة و هى خالته قال فاضطجعت فى عرض الوسادة و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و اهله فى طولها فنام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى انتصف الليل او قبله قليلا او بعده بقليل استيقظ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فجلس يمسح النوم عن وجهه ثم قرا العشرة الآيات الخواتيم من سورة ال عمران ثم قام الى شن معلق فتوضأ منها الحديث متفق عليه و حديث على بن ابى طالب لم يكن يحجب النبي صلى اللّه عليه و سلم شى ء من القران سوى الجنابة رواه احمد و ابن خزيمة و اصحاب السنن و ابن حبان و الحاكم و ابن الجار و صححه الترمذي و ابن السكن و عبد الحق و البغوي فى شرح السنة (مسئله) قال البغوي و روى محمد بن الفضل عن الكلبي فى تفسير الاية قال لا يقرأ الا الموحدون قلت الموحد فى اصطلاح الصوفية من لا يكون له مقصود غير اللّه سبحانه و قال المجدد ما هو مقصود لك فهو معبود لك فان المرء يتحمل كل ذل و انكسار و مشقة لتحصيل مقصوده و ذلك هو التعبد و قد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به رواه النووي فى اربعينه و قال عكرمة كان ابن عباس رض ينهى ان يمكن اليهود و النصارى من قراءة القران و قال الفراء معنى الاية لا يجد طعم القران و نفعه الامن أمن به و من هاهنا قال المجدد الالف الثاني ان الصوفي لا يجد بركات القران الا بعد فناء نفسه و تطهر من الرذائل و اما قبل الغناء فقراءة القران له داخل فى عمل الأبرار و بعد فناء النفس و زوالها عينها و اثرها فمراتب القرب الى اللّه سبحانه منوط بتلاوة القران و كذا فى الاخرة بعد دخول الجنة يرتقى و نزعنا ما فى صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقال لصاحب القران اقرأ و ارتق و رتل كما كنت ترتل فى الدنيا فان منزلتك عند اخر اية تقرأها رواه احمد و الترمذي و ابى داود و النسائي من حديث عبد اللّه بن عمر. ٨٠ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ صفة رابعة للقران و هو مصدر بمعنى المفعول كالخلق بمعنى المخلوق. ٨١ أَ فَبِهذَا الْحَدِيثِ يعنى القران أَنْتُمْ يا اهل مكة مُدْهِنُونَ الادهان فى الأصل استعمال الدهن المتليين ثم استعير للمدارة و الملاينة فى الظاهر قال اللّه تعالى ودوا لو تدهن فيدهنون ثم استعمل فى النفاق و هو المراد هاهنا قال فى الفارس دهن نافق و المداهنة اظهار خلاف ما فى الضمير كالادهان و قال البغوي هو من الادهان و هو الجري فى الباطن على خلاف الظاهر ثم قيل للمكذب مدهن و ان صرح بالكفر و التكذيب و كذا قال ابن عباس يعنى يكذبون و قال مقاتل بن حبان كافرون. ٨٢ وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ اى حظكم و نصيبكم من القران أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ قال الحسن فى هذه الاية خسر عبد لا يكون حظه من كتاب اللّه الا التكذيب به و قال جماعة من المفسرين معناه و تجعلون شكركم انكم تكذبون كذا اخرج احمد و الترمذي عن على رض عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال هيثم بن عدى ان من لغته ازدشنوة لارزق فلان بمعنى فاشكر و قيل هذا المعنى بحذف المضاف و تقديره تجعلون شكر رزقكم و المراد بالرزق حينئذ المطر و ذلك انهم كانوا إذا مطروا قالوا مطرنا بنوء كذا و لا يرون ذلك من اللّه تعالى فقيل لهم تجعلون رزقكم اى شكر رزقكم انكم تكذبون يعنى انكم تأتون بالكفر مكان الشكر عن زيد بن خالد الجهني قال صلى لنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم صلوة الصبح الحديبية فى اثر السماء كانت من الليل فلما انصرف اقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم قالوا اللّه و رسوله اعلم قال قال اللّه تعالى من عبادى مومن لى و كافر فاما من قال مطرنا بفضل اللّه و رحمته فذلك مؤمن بي و كافر بالكواكب و اما من قال مطرنا بنوء كذا و كذا فذلك كافر بي و مومن بالكواكب و اخرج مسلم عن ابن عباس قال مطر الناس على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال أصبح من الناس شاكر و منهم كافر و قال بعضهم هذه رحمته وضعها اللّه و قال بعضهم لقد صدق نوء كذا فنزلت هذه الاية فلا اقسم بمواقع النجوم حتى بلغ و تجعلون رزقكم انكم تكذبون و اخرج ابن ابى حاتم عن ابى هريرة قال نزلت هذه الآيات فى رجل من الأنصار فى غزوة تبوك نزلوا الحجر فامرهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان لا يحملوا من مائها شيئا ثم ارتحل و نزل منزلا اخر و ليس معهم ماء فشكوا ذلك الى النبي صلى اللّه عليه و سلم فصلى ركعتين ثم دعى فارسل اللّه سبحانه فامطرت عليهم حتى استقوا منها فقال رجل من الأنصار لاخر من قومه متهم بالنفاق ويحك قد ترى ما دعى النبي صلى اللّه عليه و سلم فامطر اللّه علينا السماء فقال انما مطرنا بنوء كذا و كذا فنزلت و ذكر ابن إسحاق ان هذه القصة كانت بالحجر و روى مسلم عن ابى هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال ما انزل اللّه من السماء من بركة الا أصبح فريق من الناس بها كافرين ينزل اللّه الغيث فيقولون بكوكب كذا و كذا. ٨٣ فَلَوْ لا فهلا إِذا بَلَغَتِ الضمير المرفوع عايد الى غير مذكور لفظا بل حكما فانه معلوم يقينا يعنى إذا بلغت نفس أحدكم الْحُلْقُومَ عند الموت. ٨٤ وَ أَنْتُمْ ايها الحاضرون حول المحتضر حِينَئِذٍ متعلق بقوله تَنْظُرُونَ حاله فى خروج الروح و حالكم معه من العجز حيث لا يمكنكم الدفع عنه و لا تملكون شيئا الجملة حال من فاعل بلغت و العائد المفعول المحذوف لتنظروا. ٨٥ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ قال البيضاوي معناه نحن اعلم إِلَيْهِ اى الى المحتضر مِنْكُمْ عبر عن العلم بالقرب الذي هو أقوى اسباب الاطلاع و قال البغوي اقرب بالعلم و القدرة و الروية و قيل معناه و رسلنا الذين يقبضون روحه اقرب اليه منكم و هذه التأويلات مبنية على زعمهم بان القرب منحصر فى المكانيات و الزمانيات و عدم دركهم قربا غير متكيف لكنه ثابت بالشرع مدرك بفراسة المؤمن لا يدركه العوام و لذلك استدرك بقوله وَ لكِنْ لا تُبْصِرُونَ قربى و جملة و نحن اقرب حال ثان لفاعل بلغت. ٨٦ فَلَوْ لا فهلا تأكيد لما سبق من حروف التحضيض إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ اى غير مجرمين غير محاسبين بالبعث يوم القيامة يعنى غير مبعوثين بزعمكم او غير مملوكين غير مقهورين من دانه إذا اذله و استبعده و اصل التركيب للذل و الانقياد. ٨٧ تَرْجِعُونَها اى النفس الى مقرها حتى ينتفى عن محلها الموت كالبعث او المعنى ترجونها لكونكم غير مقهورين و هذا عامل الظرف و ما ورد به التخصيص بلولا و هى بما فى خيزها و دليل على جواب الشرط إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فيما زعمتم شرط مستغن عن الجزاء بما سبق و هو فى المعنى تأكيد للشرط السابق يعنى ان كنتم صادقين فى انكم غير مدينين كما يدل عليه حجدكم افعال اللّه و تكذيبكم باياته فلو لا ترجعون النفس الى مقرها إذا بلغت الحلقوم و أنتم حينئذ تنظرون و لما سبق ذكر المحتضر المتوفى و انه مجزى مقهور للّه سبحانه غير مقدور لاحد غيره توجه النفس الى انه ماذا يصنع به القاهر المالك القريب المسلط عليه فقال تفصيلا لمجمل أحواله. ٨٨ فَأَمَّا إِنْ كانَ المتوفى مِنَ الْمُقَرَّبِينَ ٨٩ فَرَوْحٌ اما حرف شرط تقديره مهما يكن من شى ء فالمتوفى ان كان من المقربين يعنى السابقين الذين هم أفضل الأصناف الثلاثة المذكورة فى صدر السورة فله روح فروح مبتداء خبره ظرف محذوف و الجملة الظرفية جزاء للشرط و الجملة الشرطية لمبتداء محذوف و الجملة الاسمية جزاء لشرط حذف بعد اما و أقيم جزاء الجزاء مقامه يعنى ان كان من المقربين و حذف الفاء كراهة توالى حرفى الشرط و الجزاء او اكتفى بالفاء الجزائية التي كانت فى الجزاء للشرط الثاني قرا يعقوب فروح بضم الراء و الباقون بفتحها فمن قرا بالضم قال الحسن يخرج روحه فى الريحان و قال قتادة الروح الرحمة لانها كالسبب لحيوة المرحوم و قيل المراد به الحيوة الدائمة و من قرا بالفتح فمعناه الفرح و الراحة كذا قال مجاهد و سعيد بن جبير و قال الضحاك المغفرة و الرحمة وَ رَيْحانٌ يعنى رزق طيب كذا قال مجاهد و سعيد بن جبير و مقاتل قال مقاتل هو بلسان حمير و قال آخرون الريحان الذي يشم قال ابو العاليه لا يفارق أحد من المقربين الدنيا حتى يوتى بعض من ريحان الجنة فبشم ثم يقبض روحه و قال أبو بكر الرزاق الروح النجاة من النار و الريحان دخول دار القرار. وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ ٩٠ وَ أَمَّا إِنْ كانَ المتوفى مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ و هو ثانى اصناف الثلاثة المذكورة. ٩١ فَسَلامٌ لَكَ اى عليك يا صاحب اليمين مِنْ اخوانك أَصْحابِ الْيَمِينِ يسلمون عليك و قال البغوي معناه سلامة لك يا محمد منهم فلا تهتهم لهم فانهم سلموا من عذاب اللّه و انك ترى فيهم ما تحب من السلامة فترضى قال مقاتل هو ان اللّه يتجاوز عن سياتهم و يقبل حسناتهم و قال القراء و غيره فسلام لك يا محمد انهم من اصحاب اليمين او يقال لصاحب اليمين سلام لك انك من اصحاب اليمين. ٩٢ وَ أَمَّا إِنْ كانَ المتوفى مِنَ الْمُكَذِّبِينَ بالقران و النبي صلى اللّه عليه و سلم الضَّالِّينَ لا عن طريق الهدى يعنى اصحاب الشمال و المشامة الثالث من اصناف الثلاثة المذكورة وصفهم هاهنا بأفعالهم زجرا عنها و اشعارا بما أوجب لهم أوعدهم به. ٩٣ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ لا فالذى يعذبهم حميم جهنم. ٩٤ وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ إدخال نار عظيمة. ٩٥ إِنَّ هذا المذكور فى شان المحتضرين لَهُوَ حَقُّ الخبر الْيَقِينِ ٩٦ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ع اى فصل بذكر ربك و امره او فنزهه بذكر اسمه عما لا يليق بعظمة شانه او نزه ربك العظيم و سيجيئ مثل هذين الآيتين اخر سورة الحاقة و قد سبق منى تفسيرها و ذكرت هناك مسائل تسبيحات الركوع و السجود و ما ورد فيهما من الأحاديث و اختلاف الائمة فلا نعيدها و اللّه اعلم عن ابن مسعود قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول من قرا سورة الواقعة كل ليلة لم يصبه فاقة ابدا رواه البغوي و ابو يعلى فى مسنده و البيهقي بسند ضعيف فى شعب الايمان. |
﴿ ٠ ﴾