سُورَةُ الْحَدِيدِ مَدَنِيَّةٌ

وَهِيَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ آيَةً

مدنية و هى تسع و عشرون و اية و اربع ركوعات

 بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

_________________________________

١

سَبَّحَ للّه ذكر هاهنا و فى الحشر و الصف بلفظ الماضي و فى الجمعة و التغابن بلفظ المضارع اشعارا بان التسبيح للّه تعالى من مخلوقاته مستغرق بجميع الأوقات لا يختلف باختلاف الحالات و مجى ء المصدر مطلقا فى بنى إسرائيل ابلغ فى هذه الدلالة و التسبيح يتعدى بنفسه لان معناه التنزيه و التبعيد من السوء منقول من سبح إذا ذهب و بعد و قد يتعدى باللام مثل نصحته و نصحت له و جاز ان يكون تعديته باللام للاشعار بان إيقاع الفعل ثبت لاجل اللّه و خالصا لوجهه الكريم ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ط يعم ذوى العقول و غيرهم و قيل المراد منه ما يأتي منه التسبيح و يصح و قيل المراد بالتسبيح من الجمادات و نحوها التسبيح الحالي يعنى دلالتها على تنزه الصانع تعالى عن السوء و الصحيح ان شيئا من الموجودات لا يخلو عن نوع من الحيوة و العلم كما حققناه فى تفسير سورة البقر فى قوله تعالى و ان منها لما يهبط من خشية اللّه فالتسبيح منها مقالى ايضا و ان من شى ء الا يسبح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ حال يشعر بما هو المبتدا للتسبيح.

٢

لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ج فانه هو الموجد لها و المتصرف فيها و الجملة اما حال من مفعول سبح او مستانفة يُحْيِي وَ يُمِيتُ استيناف او خبر لمحذوف اى هو او حال من المجرور فى له وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ من الاحياء و الاماتة و غيرهما قَدِيرٌ تام القدرة.

٣

هُوَ الْأَوَّلُ قبل كل شى ء ليس قبله شى ء فانه هو الموجد للاشياء محدثها كلها وَ الْآخِرُ الباقي بعد فناء الأشياء و لو بالنظر الى ذاتها مع قطع النظر عن غيرها فان وجوده تعالى اصل لا يحتمل الانفكاك و الزوال و وجود غيره مستعار فى حكم اللّه وجود بالنظر الى ذاته فهو الاخر بعد كل شى ء ليس بعده شى ء وَ الظَّاهِرُ فوق كل شى ء ليس فوقه فى الفهور شى ء فان منشاء الظهور الوجود و لا ظهور للمعدوم و وجود كل شى ء مستفاد منه و ظل لوجوده فظهور كل شى ء فرع لظهوره غير انه تعالى لكمال ظهوره و شعشان وجوده اختفى عن الابصار لقصورها كما اختفى الشمس عن عين الخفاش و اختفى الشمس ايضا فى تصف النهار لشدة الظهور و كمال النور عن أعين الناس فمن ادنى تميز يعترف بوجوده تعالى حتى الصبيان و المجانين كما يعترف الناس لوجود الشمس فى النهار وَ الْباطِنُ ج لكمال ظهوره و ايضا باطن كنه ذاته دون كل شى ء ليس دونه شى ء حتى عجز من دركه بصائر اولى الابصار من النبيين و الصديقين الأخيار روى مسلم و ابو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجة و ابن ابى شيبة عن ابى هريرة و ابو يعلى الموصلي عن عائشة انه صلى اللّه عليه و سلم كان يقول و هو مضطجع اللّهم رب السموات و الأرض و رب العرش العظيم ربنا و رب كل شى ء فالق الحب و النوى و منزل التوراة و الإنجيل و الفرقان أعوذ بك من شر كل شى ء أنت أخذ بناصيته اللّهم أنت الاول فليس قبلك شى ء و أنت الاخر فليس يعدك شى ء و أنت الظاهر فليس فوقك شى ء و أنت الباطن فليس دونك شى ء اقض عنا الدين و اغننا عن الفقر

قال البغوي و سئل عمر رض عن هذه الاية فقال معناها ان علمه بالأول كعلمه بالاخر و علمه بالظاهر كعلمه بالباطن وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ يستوى عنده الظاهر و الخفي.

٤

هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ط هذا من المتشابهات و الأسلم فيه تفويض تأويله الى اللّه تعالى و الايمان بما أراد يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ كالبذور و القطر و الكنوز و الأموات و غير ذلك وَ ما يَخْرُجُ مِنْها كالزروع و الانجرة و الندور و المعادن و الأموات عند الحشر وَ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ كالامطار و الملائكة و الاحكام و البركات وَ ما يَعْرُجُ فِيها كالانجرة و الملائكة باعمال العباد و أرواحهم وَ هُوَ مَعَكُمْ معية غير متكيفة أَيْنَ ما كُنْتُمْ ط فان نسبة جميع الامكنة الى اللّه تعالى على السواء وَ اللّه بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيكم عليه.

٥

لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ط ذكره مع الاعادة كما ذكر مع الإبداء لانه كالمقدمة لهما وَ إِلَى اللّه تُرْجَعُ الْأُمُورُ

٦

يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ يُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ ط بان ينقص من أحدهما و يزيد فى الاخر وَ هُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ اى بمكنوناتها ذكر السيوطي فى جمع الجوامع عن على رض فى الدعاء لقضاء الحوائج ان يقرأ الفواتح من سورة الحديث و ثلث آيات من اخر الحشر ثم يقول يا من كذلك و ليس أحد غيره كذلك اقض حاجتى كذلك.

٧

آمِنُوا ايها الناس بِاللّه الذي شانه كما ذكرنا وَ رَسُولِهِ فان الايمان باللّه على ما ينبغى لا يمكن الا بتوسط الرسل وَ أَنْفِقُوا فى سبيل اللّه مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ط اى بعض الأموال التي جعلكم اللّه خلفاء فى التصرف فيها و هو مخلوق مملوك اللّه تعالى او التي استخلفكم عمن قبلكم فى تملكها و التصرف فيها و سيخلفكم فيها غيركم ذكرها اللّه سبحانه بهذا العنوان للحث على الانفاق و توهينه على النفس فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ أَنْفَقُوا فى سبيله لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ الفاء للتعليل و فيه مبالغات فى الوعد حيث أورد الجملة الاسمية و أعاد ذكر الايمان و الانفاق و بنى الحكم على الضمير و نكر الاجر و وصفه الكبير.

٨

وَ ما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللّه ج جملة لا تومنون حال من ضمير المخاطبين و العامل فيه معنى الفعل فى مالكم اى تصنعون غير مومنين به و جملة ما لكم معترضة للتوبيخ وَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ حال من الضمير فى لا تؤمنون يعنى اى عذر لكم فى ترك الايمان و الحال ان الرسول يدعوكم اليه بالحجج و الآيات و البينات وَ قَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ حال مرادف لما سبق او من مفعول يدعوكم يعنى و الحال انه قد أخذ اللّه ميثاقكم بالايمان قبل ذلك حين أخرجكم من ظهر آدم عليه السلام و قال أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا على أنفسنا الاية او المعنى قد أخذ اللّه ميثاقكم على لسان من قبلكم من الأنبياء و فيما سبق من الكتب ان إذا جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به و لتنصرنه قال ء أقررتم و أخذتم على ذلك اصرى قالوا أقررنا قال فاشهدوا و انا معكم من الشاهدين و قيل أخذ ميثاقكم باقامة الحجج و التمكين من المنظر قرا ابو عمرو و أخذ بضم الهمزة و كسر الخاء على البناء للمفعول و ميثاقكم بالرفع و الاسناد اليه و الباقون على البناء للفاعل و نصب ميثاقكم إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ شرط حذف جزاءه تقديره عندى ان كنتم مؤمنين باللّه على زعمكم فامنوا باللّه و الرسول فان الايمان باللّه على ما ينبغى لا يتصور الا بتوسط الرسول و ذلك ان الكفار ايضا كانوا مقرين باللّه تعالى و يزعمون الأصنام شفعاء اليه تعالى فى الصحيحين عن ابن عباس قال وفد عبد القيس لما أتوا النبي صلى اللّه عليه و سلم أمرهم بأربع و نهاهم بأربع أمرهم بالايمان باللّه وحده و قال أ تدرون ما الايمان باللّه وحده قالوا اللّه و رسوله اعلم قال شهادة ان لا اله الا اللّه و محمد رسول اللّه و اقام الصلاة و إيتاء الزكوة و صيام رمضان و ان تعطوا من المغنم الخمس و نهاهم عن اربع عن الحنتم و الدباء و النقير و المزفت و قال احفظوهن و أخبروهن من وراءكم قلت تقدير الكلام عندى أمرهم بأربع و نهاهم عن اربع بعد ما أمرهم بالايمان وحده ثم فسر الايمان بالشهادتين و فسر الأربع المامورة بقوله و اقام الصلاة يعنى أمرهم باقام الصلاة الحديث هذا الحديث يدل ان الايمان باللّه وحده لا يتصور الا بعد الايمان بالرسول و

قال البيضاوي تقدير الاية ان كنتم مؤمنين بموجب ما فان هذا موجب له لا مزيد له و

قال البغوي ان كنتم مؤمنين يوما تاما فالان أحرى الأوقات ان تومنوا لقيام الحجج و الاعلام ببعثه محمد صلى اللّه عليه و سلم و نزول القران.

٩

هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ محمد صلى اللّه عليه و سلم آياتٍ بَيِّناتٍ يعنى القران او غير ذلك من المعجزات الباهرة لِيُخْرِجَكُمْ هو او عبده مِنَ الظُّلُماتِ اى الكفر و الجهل إِلَى النُّورِ ط اى الايمان او العلم وَ إِنَّ اللّه بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ حيث أرسل إليكم رسوله فانزل عليه آياته و لم يقتصر على ما نصب لكم من الحجج العقلية.

١٠

وَ ما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا و اى فائدة لكم يعنى لا فائدة لكم فى عدم الانفاق فِي سَبِيلِ اللّه اى فيما يكون قربة اليه تعالى وَ للّه مِيراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ط يعنى و الحال ان اللّه يرث كل شى ء فيها و لا يبقى لاحد مال و إذا كان كذلك فانفاقه بحيث انه يستخلف عوضا يبقى و هو الثواب اولى و ترك الانفاق و جمع الأموال حتى ينتفع بها غيركم لا يفيدكم أصلا عن عائشة انهم ذبحوا شاة فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم ما بقي منها يعنى بعد الانفاق قالت ما بقي منها إلا كتفا قال بقي كلها غير كتفها رواه الترمذي و صححه و عن ابن مسعود قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أيكم مال وارثه أحب اليه من ماله قالوا يا رسول اللّه ما منا أحد الا ماله أحب اليه من مال وارثه قال ماله ما قدم و مال وارثه ما اخر رواه البخاري و النسائي لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ اى فتح مكة فى قول اكثر المفسرين و قال الشعبي هو صلح الحديبية وَ قاتَلَ ط قبله لا يستوى افتعال بمعنى التفاعل و فاعله من أنفق مع ما عطف عليه المحذوف يعنى لا يستوى من أنفق قبل الفتح و قاتل قبله و من أنفق بعد الفتح و قاتل بعده أُولئِكَ الذين أنفقوا من قبل الفتح و قاتلوا فيه أَعْظَمُ دَرَجَةً عند اللّه ثوابا و تقربا مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ الفتح وَ قاتَلُوا ط حينئذ

قال البغوي روى محمد ابن فضل عن الكلبي ان هذه الاية نزلت فى ابى بكر الصديق رض فانه أول من اسلم و أول من أنفق فى سبيل اللّه و روى البغوي بسند فى تفسيره المعالم عن ابن عمر قال كنت عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و عنده ابو بكر الصديق رض و عليه عباءة فدخلنا فى صدرها بخلال فنزل عليه جبرئيل فقال مالى ارى أبا بكر عليه عباءة فدخلها فى صدرها بخلال فقال أنفق ماله على قبل الفتح قال فان اللّه عز و جل يقول اقرأ عليه السلام و قل له أ راض أنت عنى فى فقرك هذا أم ساخط فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يا أبا بكر ان اللّه عز و جل يقرأ عليك السلام و يقول لك أ راض أنت عنى فى فقرك هذا أم ساخط فقال ابو بكر أسخط على ربى و انى عن ربى راض و كذا روى الواحدي فى تفسيره قلت هذه الاية بمنطوقه تدل على افضلية السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار على من أمن بعد الفتح و أنفق حينئذ و بمفهومه و سياقه يدل على افضلية الصديق على ساير الصحابة و افضلية الصحابة على سائر الناس فان مدار الفضل على السبقة فى الإسلام و الانفاق و الجهاد كما يدل عليه قوله عليه الصلاة و السلام من سن حسنة فاجرها و اجر من عمل بها من غير ان ينقص من أجورهم شى ء و قد اجمع العلماء على ان أبا بكر أول من اسلم و اظهر إسلامه على يده اشراف قريش و أول من أنفق الأموال العظام فى سبيل اللّه و أول من احتمل الشدائد من الكفار و من ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مالا حد عندنا يد الا و قد كافيناه ما خلا ابى بكر فان له عندنا يد يكافيه اللّه تعالى بها يوم القيامة و ما نفعنى مال أحد قط ما نفعنى مال ابى بكر رواه الترمذي من حديث ابى هريرة و عن ابن الزبير عن أبيه قال اسلم ابو بكر و له أربعون الفا أنفقها كلها على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و فى سبيل اللّه رواه ابو عمر و روى البخاري فى حديث طويل ثم يدا لابى بكر فابتنى مسجدا بفناء داره و كان يصلى فيه و يقرأ القران و روى البخاري ان عقبة بن معيط لما راى النبي صلى اللّه عليه و سلم يصلى جعل رداءه فى عنقه و خنقه فاطلع ابو بكر فدفع عنه و قال أ تقتلون رجلا ان يقول ربى اللّه و قد جاءكم بالبينات و روى ابو عمر نحوه و زاد فاخذ الكفار أبا بكر فضربوه ضربا شديدا فلما رجع ابو بكر الى داره فكان كلما وضع يده على شعره سقط شعره مع يده و يقول تباركت يا ذا الجلال و روى ابو عمرو فى الاستيعاب انه أعتق ابو بكر سبعة كانوا يعذبون فى اللّه منهم بلال و عامر بن فهيرة و قال ابو اسحق انه لما اسلم ابو بكر اظهر إسلامه و دعى الناس الى اللّه عز و جل و الى رسوله و كان ابو بكر رجلا مولفا لقومه مجيبا سهلا فجعل يدعو الى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه و يجلس اليه فاسلم بدعائه فيما بلغني عثمان بن عفان رئيس بنى عبد الشمس و زبير بن العوام رئيس بنى اسد و سعد ابن ابى وقاص و عبد الرحمن بن عوف رئيسا لبنى زهرة و طلحة بن عبد اللّه رئيس بنى تميم فجاء بهم الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حين استجابوا له و اسلموا و صلوا و انكسر شوكة قبائل قريش بإسلامهم قال ابو الحسن الأشعري تفضيل ابى بكر على غيره من الصحابة قطعى قلت قد اجمع عليه السلف و ما حكى عن ابن عبد البر ان السلف اختلفوا فى تفضيل ابى بكر و على فهو شى ء غريب الفرد به عن غيره ممن هو أجل منه علما و اطلاعا منهم الشافعي و قد ذكرنا ادلة تفضيل الشيخين نقلا و عقلا فى السيف المسلول و له مواقف رفيعة فى الإسلام كثباته على كمال تصديقه ليلة الاسراء و جوابه للكفار فى ذلك و هجرته مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ترك عياله و أطفاله و ملازمته له فى الغار و ساير الطريق و كلامه يوم بدر و يوم الحديبية حين اشتبه على غيره الأمر فى تأخير دخول مكة و ثباته مع كمال حزنه فى وفات رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و خطبه الناس و تسكينهم ثم قيامه فى قصة البيعة لمصالح المسلمين و اهتمامه فى بعث جيش اسامة و قيامه فى قتال اهل الردة و تجهيزه الجيوش الى العراق و الشام و اخر مناقبه انه فوض الخلافة الى عمر رض وَ كُلًّا قرأ ابن عامر بالرفع و الباقون بالنصب اى كل واحد من الفريقين من الصحابة الذين أنفقوا قبل الفتح و الذين أنفقوا بعده وَعَدَ اللّه الْحُسْنى ط لا يحل الطعن فى أحد منهم و لا بد حمل مشاجراتهم على محامل حسنة و اغراض صحيحه او خطأ فى الاجتهاد و ايضا يدل صدر الاية على افضلية الصحابة على من بعدهم بسبقهم فى الإسلام و الانفاق و الجهاد و روى الشيخان فى الصحيحين عن ابى سعيد الخدري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا تسبوا أصحابي فلو ان أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم و لا نصيفه وَ اللّه بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ع عالم بالبواطن كعلمه بالظواهر فيجازى كلا على حسبه.

١١

مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّه اى يقرض عباد اللّه بحذف المضاف او المعنى ينفق ماله فى سبيل اللّه رجاء ان يعوضه فصار كمن يقرضه فاستعير لفظ القرض لبدل على التزام الجزاء قَرْضاً حَسَناً بالإخلاص و تحرى أكرم المال و أفضل الجهات له فَيُضاعِفَهُ لَهُ اى يعطى اجره ضعافا قرا عاصم فيضاعفه من المفاعلة منصوبا على جواب الاستفهام باعتبار المعنى فكانه قال يقرض اللّه أحد فيضاعفه له

و قرا ابن عامر و يعقوب فيضعفه من التفعيل منصوبا

و قرا ابن كثير فيضعفه من التفعيل مرفوعا عطفا على يقرض و الباقون فيضاعفه من المفاعلة مرفوعا وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ حال من الضمير المنصوب فى فيضاعفه يعنى و الحال ان ذلك الاجر المضموم اليه الأضعاف كريم فى نفسه ينبغى ان يطلب و ان لم يضاعف فكيف و قد يضاعف أضعافا.

١٢

يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ ظرف لقوله او فيضاعفه او متعلق بمقدر يعنى اذكر يَسْعى نُورُهُمْ اى يضى ء نور التوحيد و الطاعات معهم على الصراط و أينما كانوا و يكون ذلك دليلهم الى الجنة و جملة يسعى حال من المؤمنين و المؤمنات بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ قال بعض المفسرين أراد جميع جوانبهم فعبر بالبعض عن الكل و يؤيد هذا التأويل الدعاء المأثورة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم فانه كان يقول إذا خرج للصلوة اللّهم اجعل فى قلبى نورا و فى بصرى نورا و فى سمعى نورا و عن يمينى نورا و عن شمالى نورا و خلفى نورا و اجعلنى نورا رواه الشيخان و ابو داود و النسائي و روى ابن ماجة عن ابن عباس و فى رواية عند مسلم و ابى داود و النسائي و زاد فى لسانى نورا و اجعل من خلفى نورا و من امامى نورا و اجعل من فوقى نورا و من تحتى نورا اللّهم أعطني نورا فان هذا الدعاء يقتضى احاطة النور من جميع جوانبه و لعل وجه تخصيص الجهتين بالذكران السعداء يوتون صحائف أعمالهم من هاتين الجهتين و قال الضحاك و مقاتل يسعى نورهم بين أيديهم و بايمانهم كتبهم و قيل يجعل اللّه لهم نورا فى الجهتين اشعارا بانهم بحسناتهم سعدوا بصحايفهم البيض أفلحوا اخرج ابن جرير و ابن ابى حاتم عن ابن مسعود قال يوتون نورهم على قدر أعمالهم يمرون على الصراط منهم من نوره مثل الجبل و منهم من نوره مثل النخلة و أدناهم نورا من كان فى إبهامه يتقدمرة و يطفى اخرى و قال قتادة ذكر لنا ان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال من المؤمنين من يضى ء نوره من المدينة الى عدن و الى الصنعاء فدون ذلك حتى ان من المؤمنين من لا يضى ء نوره الا بين القدمين- (فصل) فى موجبات النور و الظلمة اخرج ابو داود و الترمذي عن بريدة و ابن ماجة عن انس كليهما عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال بشر المشائين فى الظلم الى المساجد بالنور التام يوم القيامة و ورد مثله فى حديث سهل بن سعد و زيد بن الحارثة و ابن عباس و ابن عمر و حارثة بن وهب و ابى امامة و ابى الدرداء و ابى سعيد و ابى موسى و ابى هريرة و عائشة رض و روى احمد و الطبراني عن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه و سلم من حافظ على الصلوات كانت له نورا و برهانا و نجاة يوم القيامة و من لم يحافظ عليها لم يكن له نورا و لا برهانا و لا نجاة و كان يوم القيامة مع قارون و فرعون و هامان و روى الطبراني عن ابى سعيد مرفوعا من قرا سورة الكهف كانت له نورا يوم القيامة من مقامه الى مكة و

روى ابن مردوية عن ابن عمر من قرا سورة الكهف يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدميه الى عنان السماء يضى ء له يوم القيامة و روى احمد عن ابى هريرة مرفوعا من تلا اية كانت له نورا يوم القيامة و روى الديلمي عن ابى هريرة مرفوعا الصلاة علىّ نور على الصراط

و اخرج الطبراني فى الأوسط من ذهب بصره فى الدنيا جعل اللّه له نورا يوم القيامة ان كان صالحا- و روى الطبراني عن عبادة بن صامت مرفوغا فى الحج اما حلق راسك فانه ليس من شعره يقع فى الأرض الا كانت له نورا يوم القيامة و روى البزاز عن ابن مسعود مرفوعا إذا رميت الجمار كانت به نورا يوم القيامة و روى الطبراني بسند جيد عن ابى امامة مرفوعا من شاب شيبة فى الإسلام كانت له نورا يوم القيامة روى البزاز بسند جيد عن ابى هريرة مرفوعا من رمى بسهم فى سبيل اللّه كان له نورا يوم القيامة و روى البيهقي فى شعب الايمان بسند منقطع عن ابن عمر مرفوعا ذاكر للّه فى السوق له بكل شعرة نور يوم القيمة و روى الطبراني عن ابى هريرة مرفوعا من فرج عن مسلم كربه جعل اللّه له يوم القيمة شعبتين من نور على الصراط يستضى ء بهما عالم لا يحصيهم الا رب العزة

و اخرج الشيخان عن ابن عمر و مسلم عن جابر و الحاكم عن ابى هريرة و ابن عمرو الطبراني عن ابن زياد قالوا قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إياكم و الظلم فانه هو الظلمات يوم القيامة و اللّه تعالى اعلم بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ يعنى يقول لهم ذلك من يلقيهم من الملائكة كانت الجملة فى الأصل فعلية تقديره يبشركم اليوم بجنات فعدلت الى الاسمية للدلالة على الاستمرار بشرى مبتدا و جنات خبره و اليوم ظرف البشرى اى المبشر به جنات او بشركم دخول جنت تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ صفة لجنات خالِدِينَ فِيها ط حال من الجملة التي يفهم من الكلام السابق يعنى يدخلونها خالدين فيها و لا يجوز ان يكون حالا من جنات و إلا لزم جريانه على غير من هو له ذلِكَ النور و البشرى بالجنات المخلدة هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

١٣

يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا بدل من يوم ترى انْظُرُونا قرأ حمزة بهمزة القطع و فتحها فى الحالين و كسر الظاء من الافعال من النظرة بمعنى المهلة كما فى قوله تعالى حكاية عن إبليس رب أنظرني الى يوم يبعثون يعنى مهلونا جعل ثانيهم فى المشي حتى يلحقوا بهم امهالا لهم مجازا و الباقون بحذف الالف فى الوصل و ضمها فى الابتداء بمعنى الانتظار فى القاموس نظره و انتظره و تنظره تأنى عليه و نظرة كفرجة التأخير قال اللّه تعال ى فنظرة الى ميسرة و اللّه تعالى اعلم نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ و مجزوم فى جواب الأمر اى تستضى ء بكم و نمشى فى نوركم و لا يكون للمنافقين و الكافرين نور يوم القيامة حيث لم يكن لهم نور الايمان فى الدنيا و هو المستفاد من القران و من لم يجعل اللّه له نورا فماله من نور و به قال الكلبي

و اخرج ابن ابى حاتم عن ابى امامة الباهلي قال يبعث اللّه ظلمة يوم القيامة فما من مؤمن و لا كافر يرى كفه حتى يبعث اللّه بالنور اى المؤمن بقدر أعمالهم فيتبعه المنافقون و يقولون انظرونا نقتبس من نوركم

و اخرج عنه من وجه اخر فى حديث طويل فيه فيغشى الناس ظلمة شديدة ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا او يترك الكافر و المنافق فلا يعطيان شيئا و هو مثل ضرب اللّه فى كتابه او كظلمات فى بحر لّجّىّ يغشاه من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا اخرج يده لم يكد يراها و من لم يجعل اللّه له نورا فماله من نور فلا يستضى ء الكافر و المنافق بنور المؤمن كما لا يستضى ء الأعمى ببصر البصير و يقول المنافقون للذين أمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورا و هى خدعة اللّه التي خدع بها المنافقين قال يخدعون اللّه و هو خادعهم فيرجعون الى المكان الذي قسم اللّه فيه النور فلا يجدون شيئا فينصرفون إليهم و قد ضرب بينهم بسور له باب الاية اخرج ابن جرير و البيهقي عن ابن عباس قال بينهما الناس فى ظلمة إذ بعث اللّه نورا فلما راى المؤمنون النور توجهوا نحوه و كان دليلا لهم من اللّه الى الجنة فلما راى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا الى النور تبعوهم فاظلم على المنافقين فقالوا حينئذ للمؤمنين انظرونا نقتبس من نوركم فانا كنا معكم فى الدنيا قالوا ارجعوا وراءكم من حيث جئتم من الظلمة فالتمسوا نورا هناك

و اخرج ابن المبارك من طريق مجاهد عن يزيد بن شجرة قال انكم تكتبون عند اللّه باسمائكم و سيماكم و و نجواكم و مجالسكم فاذا كان يوم القيامة نودى يا فلان بن فلان لا نور لك و

قال البغوي ان اللّه يعطى المؤمنين نورا على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط و يعطى المنافقين ايضا نورا خديعة لهم و هو قوله عز و جل و هو خادعهم فبينماهم يمشون إذا بعث اللّه ريحا و ظلمة فاطفأ نور المنافقين فذلك قوله تعالى يوم لا يخزى اللّه النبي و الذين أمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم و بايمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا مخافة ان يسلبوا نورهم كما سلب نور المنافقين كذا اخرج الحاكم و البيهقي عن ابن عباس بلفظ ليس أحد من الموحدين الا يعطى نورا يوم القيامة فاما المنافق فيطفى ء نوره و اما المؤمن فيشقق مما راى من اطفأ نور المنافق فهو يقول ربنا أتمم لنا نورنا و الطبراني عنه نحوه

و اخرج مسلم و احمد و الدارقطني فى الرواية من طريق ابن الزبير انه سمع جابر بن عبد اللّه فذكر حديثا طويلا و فيه و يعطى كل انسان منهم منافق او مؤمن نورا ثم يتبعونه و على جسر جهنم كلاليب و خسك تأخذ ما شاء اللّه ثم يطفى ء نور المنافقين- و المختار عندى ان المنافقين لا يكون لهم نورا أصلا كما يدل عليه القران و ما تقدم من الأحاديث و لعل المراد بالمنافقين الذين يعطى لهم نورا فيطفى قبل بلوغهم الى الجنة فى الأحاديث المتاخرة اصحاب الهواء من المؤمنين كالروافض و الخوارج و القرينة على هذا المراد قوله عليه السلام فى حديث ابن عباس ليس أحد من الموحدين الا يعطى نورا و الموحد لا يكون الا بالشهادتين بإخلاص كما مر فى حديث وفد عبد القيس أ تدري ما الايمان باللّه وحده و اللّه اعلم قيل قال ابن عباس يقول لهم المؤمنون و قال قتادة يقول لهم الملائكة ارْجِعُوا وَراءَكُمْ اى الى المكان الذي قسم فيه النور كما يدل عليه حديث ابى امامة و ابن عباس و ذلك خديعة بهم او المعنى ارجعوا ورائكم الى الدنيا فَالْتَمِسُوا هناك نُوراً بتحصيل الايمان و المعارف الالهية و الأخلاق الفاضلة و كسب الطاعات فان هذا النور ظهور ذلك فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بين المؤمنين و المنافقين بِسُورٍ بحائط لَهُ بابٌ ط يدخل فيه المؤمنون باطِنُهُ اى باطن السور او الباب فِيهِ الرَّحْمَةُ لانه يلى الجنة وَ ظاهِرُهُ اى خارج السور او الباب مِنْ قِبَلِهِ اى من جهة الظاهرة الْعَذابُ لانه يلى النار-

قال البغوي روى عن عبد اللّه بن عمر قال ان السور الذي ذكر اللّه فى القران بسور له باب هو سور بيت المقدس الشرقي باطنه فيه المسجد و ظاهره من قبله العذاب وادي جهنم و قال ابن شريح و كان كعب يقول فى الباب الذي يسمى باب الرحمة فى البيت المقدس انه الباب الذي قال اللّه تعالى عز و جل فضرب بينهم بسور له باب الاية.

١٤

يُنادُونَهُمْ يعنى ينادى المنافقون المؤمنين من وراء السور حين حجب بينهم بالسور و بقوا فى الظلمة أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ ط فى الدنيا نصلى و نصوم قالُوا بَلى وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ اى اهلكتموها بالنفاق و الكفر و استعملوها فى المعاصي و الشهوات و كلها فتنة وَ تَرَبَّصْتُمْ بالمؤمنين الدواير بمحمد صلى اللّه عليه و سلم الموت و قلتم يوشك ان يموت فنستريح منه وَ ارْتَبْتُمْ شككتم فى الدين و فيما أوعدكم به وَ غَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ الأباطيل و ما نكتم تتمنون من نزول الدواير بالمؤمنين حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللّه يعنى الموت وَ غَرَّكُمْ بِاللّه الْغَرُورُ الشيطان او الدنيا بان اللّه كريم لا يعذبكم او بانه لا بعث و لا حساب و قال قتادة ما زالوا على خدعتهم من الشيطان حتى قذفهم فى النار.

١٥

فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ قرأ ابو جعفر و ابن عامر و يعقوب بالتاء لتانيث المسند اليه و الباقون بالياء لان التأنيث غير حقيقى و قد وقع الفصل ايضا مِنْكُمْ فِدْيَةٌ بدل و عوض وَ لا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ط جهارا و مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ اى مكانكم الذي يقال فيه و هو اولى بكم او ناصركم على طريقة قولهم تحية بينهم ضرب وجيع او متوليكم اى يتولكم كما توليتم موجباتها فى الدنيا وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ النار اخرج ابن ابى شيبة فى المصنف عن عبد العزيز بن رواد و ابن ابى حاتم عن مقاتل بن حبان ان اصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم ظهر فيهم المزاح و الضحك فنزلت.

١٦

أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا من انى الأمر يانى إذا جاء اناه وقته أَنْ تَخْشَعَ اى ترق و تلين و تخضع قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللّه

قال البغوي قال عبد اللّه ابن مسعود و ما كان بين اسلامنا و بين ان عاتبنا اللّه بهذه الاية الا اربع سنين و قال ابن عباس ان اللّه استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على راس ثلثة عشر سنة من نزول القران

و اخرج ابن المبارك فى الزهد عن سفيان عن الأعمش قال لما قدم اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم المدينة فاصابوا من العيش بعد ما كان بهم من الجهد مكانهم و فتروا عن بعض ما كانوا فنزلت أ لم يأن الاية

و اخرج ابن ابى حاتم عن السدى عن القاسم قال ملّ اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ملة فقالوا فنزل اللّه نزل احسن الحديث ثم ملواملة فقالوا حدثنا يا رسول اللّه فانزل اللّه أ لم يأن للذين أمنوا الاية و

قال البغوي قال الكلبي و مقاتل نزلت فى المنافقين بعد الهجرة بسنة و ذلك انهم سالوا السلمان الفارسي ذات يوم فقالوا حدثنا عن التورية فان فيه العجائب فنزلت نحن نقص عليك احسن القصص فاخبرهم ان القران احسن من غيره فكفوا عن سوال سلمان ما شاء اللّه ثم عادوا فسالوا سلمان عن مثل ذلك فنزل اللّه نزل احسن الحديث فكفوا عن سواله ما شاء اللّه ثم عادوا فقالوا حدثنا عن التوراة فان فيها العجائب فنزلت هذه الاية و على هذا فتاويل الاية أ لم يأن للذين أمنوا فى العلانية و باللسان تخشع سرايرهم و قلوبهم لذكر اللّه وَ ما نَزَلَ قرأ نافع و حفص و يعقوب بتخفيف الزاء و الباقون بالتشديد مِنَ الْحَقِّ اى القران الموصول معطوف على ذكر اللّه عطف أحد الوصفين على الاخر و يجوز ان يراد بالذكر ذكر اللّه سوى القران وَ لا يَكُونُوا اى الذين أمنوا منصوب بان معطوف على تخشع و جاز ان يكون مجزوما على انه نهى معطوف على امر مفهومه مما سبق فان المفاد من قوله تعالى أ لم يأن للذين أمنوا ان تخشع قلوبهم ليخشع قلوب الذين أمنوا و لا يكونوا

كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ يعنى اليهود و النصارى و المراد بالنهى عن مماثلة اهل الكتاب فيما حكى عنهم بقوله تعالى فَطالَ معطوف على أوتوا عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ اى الزمان بينهم و بين أنبيائهم أو طال عليهم الزمان بطول أعمارهم فى الكفر و المعاصي فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ط معطوف على طال وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ خارجون عن دينهم رافضون لما فى كتابهم لفرط القساوة جملة اسمية معطوف على فعلية و جاز ان يكون حالا و جملة أ لم يأن مستانفة.

١٧

اعْلَمُوا أَنَّ اللّه يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ط تمثيل لاحياء القلوب القاسية بالذكر و التلاوة او لاحياء الأموات ترغيبا فى الخشوع و زجرا عن القسوة قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ لكى يكمل عقولكم.

١٨

إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَ الْمُصَّدِّقاتِ قرأ ابن كثير و ابو بكر عن عاصم بتخفيف الصاد فيهما من التصديق اى المؤمنين و المؤمنات و الباقون بالتشديد اى المتصدقين أدغمت التاء فى الصاد وَ أَقْرَضُوا اللّه قَرْضاً حَسَناً بطيب النفس و الإخلاص عطف على معنى الفعل لان المعنى الذين صدقوا او تصدقوا و عطف القرض الحسن على التصدق للدلالة على ان المعتبر هو التصدق بالإخلاص

فان قيل عطف اقرضوا على الصلة فى المصدقين و عطف المصدقات على الموصول و يلزم فيه العطف على الموصول قبل تمام الصلة و ذلك غير جائز

قلنا المصدقين و المصدقات اعتبر من حيث المعنى موصولا واحد عطف على صلة اقرضوا و التقدير الناس تصدقوا و اقرضوا من الرجال و النساء و جاز ان يقدر للمصدقين و المصدقات خبرا ثم يقدر موصولا اخر معطوفا عليه فيقال ان المصدقين و المصدقات يدخلون الجنة و الذين اقرضوا اللّه الاية و جاز ان يكون اقرضوا معطوفا على خبر مقدر تقديره ان المصدقين و المصدقات أنفقوا أموالهم و اقرضوا اللّه قرضا حسنا و على هذا يضاعف اما صفة لقرض او مستانف و جاز ان يكون التقدير ان المصدقين و المصدقات فازوا و قد اقرضوا و على هذا يكون و اقرضوا حالا و لا يرد على هذه الوجوه إشكال و اللّه تعالى اعلم يُضاعَفُ لَهُمْ قرأ ابن كثير و ابن عامر و يعقوب يضعف لهم من التفعيل و الباقون من المفاعلة و لم يجزم يضاعف لانه خبر ان و هو مسند الى لهم او الى ضمير المصدر وَ لَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ عطف على يضاعف او حال من الضمير فى لهم و قد مر مثله فيما سبق.

١٩

وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّه وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ اى المبالغون فى الصديق او الصدق فانهم صدقوا جميع اخبار اللّه تعالى و رسوله صلى اللّه عليه و سلم و هذه الاية تدل على جواز اطلاق الصديق على كل مؤمن و من هاهنا قال مجاهد كل من أمن باللّه و رسوله فهو صديق و شهيد- و كذا قال عمرو بن ميمون و للصديق اطلاق اخر أخص منه و هو من اكتسب كمالات النبوة بالوراثة و التبعية و هو المعنى من قوله تعالى فاولئك مع الذين أنعم اللّه عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين قلت و يمكن ان يراد فى هذه الاية ايضا هو المعنى و المراد بالموصول المعهود يعنى الصحابة رض فانهم هم الذين كانوا موجودين فى زمن النبي صلى اللّه عليه و سلم و الحصر المستفاد من الضمير الفصل يدل على انحصار الصديقية فى الصحابة و يكون الحصر إضافيا بالنسبة الى اكثر الناس قال المجدد رح الصحابة كلهم كانوا فى كمالات النبوة كان كل من راى النبي صلى اللّه عليه و سلم نظرة مع الايمان يستغرق فى كمالات النبوة و للصديق اطلاق اخر أخص من ذلك و بذلك المعنى قال على رض انا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي الاكاذب و بذلك الإطلاق قال الضحاك هم ثمانية نفر من هذه الامة سبقوا اهل الأرض فى زمانهم الى الإسلام ابو بكر و على و زيد و عثمان و طلحة و الزبير و سعد و حمزة و تاسعهم عمر بن الخطاب الحقه اللّه بهم لما عرف من صدق نية و معنى الحقه بهم ان اللّه تعالى جعله صديقا بعدهم بستة سنة لا بمعنى انه دونهم فى الرتبة بل هو أفضل غير ابو بكر رضى اللّه عنه وَ الشُّهَداءُ للّه و للرسول او على الأمم يوم القيمة عطف على الصديقين و قيل مبتداء خبره عِنْدَ رَبِّهِمْ و هو قول ابن عباس و مسروق و جماعة فقيل هم الأنبياء لقوله تعالى فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً يروى ذلك عن ابن عباس و قول مقاتل ابن حبان و قال مقاتل بن سليمان هم الذين استشهدوا فى سبيل اللّه لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ اى الاجر و النور الموعد ان لهم وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ اى خالدين فيها دون غيرهم فان الصحة تدل على الملازمة و التركيب يشعر بالاختصاص.

٢٠

اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا مبتداء المراد ما يرغب فيه الناس فى الحيوة الدنيا بما لا يتوصل به الى المنافع الاخرة لَعِبٌ مع ما عطف عليه خبر يعنى لا فائدة فيها فانها كانت قليلة النفع نظرا الى ما يفيد فى الاخرة شريعة الزوال عد لعبا كانه لا فائدة فيها أصلا وَ لَهْوٌ يمنع الناس عمايهم لهم من الأمور الاخروية وَ زِينَةٌ يتزينون به كالملابس الحسنة و المراكب البهية و المنازل الرفيعة وَ تَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ بالأنساب و غير ذلك مما لا مزية بها عند اللّه تعالى

وَ تَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ ط اى مباهات بكثرة الأموال و الأولاد و جملة انما الحيوة الدنيا إلخ قايم مقام مفعولى اعلموا كَمَثَلِ غَيْثٍ خبر اخر للمبتداء و الكاف فى محل الرفع أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ صفة الغيث تمثيل لامور الدنيا فى سرعة زوالها و قلة جدواها و انما خض الاعجاب بالكفار لان المؤمن إذا راى شيئا معجبا انتقل فكره الى قدرة صانعه فاعجب بها و الان مطمح نظره الى محاسن الاخروية فلا يمد عينه الى زهرة الحيوة الدنيا و قيل المراد بالكفار و الزراع ذكر فى القاموس فى معنى الكافر الزراع لان معنى الكفر الستر و الزراع يستر البذر فى الأرض ثُمَّ يَهِيجُ عطف على اعجب اى ثم يبس بعاهة فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً ط الحطام ما يكسر باليبس كذا فى القاموس وَ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ لاعداء اللّه لاشتغالهم عما يفيدهم فى الاخرة بما هو لعب و لهو وَ مَغْفِرَةٌ مِنَ اللّه وَ رِضْوانٌ ط لاوليائه لتجافيهم عن دار الغرور و تهيئهم لدار الخلود وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ لمن لم يستعملها الطلب الاخرة و اما من استعملها الطلب الاخرة فله متاع بلاغ الى ما هو خير منه.

٢١

سابِقُوا اى سارعوا مسارعة السابقين فى المضمار بالايمان و الخوف و الرجاء و الأعمال الصالحة إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها اى بسطها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ و قال السدى كعرض سبع سموات و سبع ارضين يعنى لو وصل بعضا ببعض و إذا كان العرض كذلك نطولها اكثر منه أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللّه وَ رُسُلِهِ ط فيه دليل على ان الجنة مخلوقة و ان الايمان وحده كاف فى استحقاقها و ان الايمان باللّه لا يعتد به مالم يومن برسوله ذلِكَ الموعود فَضْلُ اللّه يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ط يتفضل به على من يشاء من غير إيجاب فيه دليل على ان إدخال المؤمنين الجنة انما هو بفضل اللّه تعالى و مبنى على وعده غير واجب على اللّه تعالى كما قال به المعتزلة خذلهم اللّه اخرج ابو نعيم عن على رض قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان اللّه تبارك و تعالى اوحى الى نبى من أنبياء بنى إسرائيل قل لاهل طاعتى من أمتك ان لا يتكلوا على أعمالهم فانى لا اناصب عبد الحساب يوم القيامة ان شاء أعذبه إلا عذبته و قل لاهل معصيتى من أمتك لا تلقوا بايديهم فانى اغفر الذنوب العظيمة و لا أبالي فى الصحيحين عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان لا ينجى أحدا منكم عمله قالوا و لا أنت يا رسول اللّه قال و لا انا الا ان يتغمدنى برحمة منه و فضل و عن عائشة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال سددوا قاربوا بشروا فانه لا يدخل الجنة أحدا عمله قالوا و لا أنت يا رسول اللّه قال و لا انا الا ان يتغمدنى اللّه بمغفرة و رحمته- و لمسلم من حديث جابر نحوه و قد ورد هذا من حديث ابى سعيد أخرجه احمد و ابى موسى و شريك بن طارق أخرجهما البزاز و شريك بن ظريف و اسامة بن شريك و اسد بن كدر أخرجها الطبراني و ستشكل هذا مع نحو قوله تعالى ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون و أجيب بان درجات الجنة متفاوتة تنال بتفاوت الأعمال و اصل دخولها و الخلود فيها بفضل اللّه و رحمته و يؤيده ما أخرجه هناد فى الزهد عن ابن مسعود قال تجوزون الصراط بعفو اللّه و تدخلون الجنة برحمة اللّه و تقيمون المنازل بأعمالكم

و اخرج ابو نعيم عن عون بن عبد اللّه مثله وَ اللّه ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ فانه لا يبعد منه التفضل بذلك و ان عظم قدره-.

٢٢

ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ كجدب و عاهة و كائنة فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ كمرض وافة و موت الأحباب صفة لمصيبة إِلَّا فِي كِتابٍ فى موضع الحال اى كاينة فى حال من الأحوال إلا حال كونها مكتوبة فى اللوح مثبة فى علم اللّه تعالى مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها ط اى نخلقها و الضمير للمصيبة او للارض او للانفس إِنَّ ذلِكَ الإثبات مع كثرتها عَلَى اللّه يَسِيرٌ هين.

٢٣

لِكَيْلا تَأْسَوْا اى كتب فيه لئلا تحزنوا عَلى ما فاتَكُمْ من نعم الدنيا وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ ط منها فان من علم ان الكل مقدر لا يجوز تغيره بان عليه الأمر قرا ابو عمر و بقصر الالف من الإتيان معا و لا بقوله تعالى ما فاتكم و الباقون بالمد أي بما اعطاكم اللّه و فى قراءة الجمهور اشعار بان الفوات لا يستدعى علة فانه عدم أصلي اما الوجود و البقاء فلا يتصور إلا بعلة و المراد به نفى الاسى المانع من التسليم لامر اللّه و الصبر و الفرح الموجب للنظر و الاختيال و لذلك عقبه بقوله وَ اللّه لا يُحِبُّ الجملة منصوبة على الحال كُلَّ مُخْتالٍ متكبر بنعم الدنيا فَخُورٍ به على الناس قال عكرمة ليس أحد الا و هو يفرح و يحزن و لكن اجعلوا الفرح شكرا و الحزن صبرا قال جعفر الصادق يا ابن آدم مالك تأسف على مفقود لا يرده إليك الفوت و مالك تفرح بموجود لا يتركه فى يدك الموت.

٢٤

الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ط منصوب على انه بدل من كل مختال او مرفوع على انه مبتدا خبره محذوف دل عليه قوله تعالى وَ مَنْ يَتَوَلَّ اى يعرض عن الانفاق فى سبيل اللّه فَإِنَّ اللّه هُوَ الْغَنِيُّ عنه عن إنفاقه لا يضره الاعراض عن شكره لا ينفعه التقرب اليه لشكر نعمة قرا نافع و ابن عامر بغير هو و كذلك فى مصاحفهم و الباقون بضمير الفصل الْحَمِيدُ محمود فى ذاته.

٢٥

لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا من الملائكة الى الأنبياء و منهم الى الأمم بِالْبَيِّناتِ بالحجج و المعجزات وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ لتبين الحق من الباطل و العمل الصالح من الفاسد و الحلال من الحرام وَ الْمِيزانَ اى العدل و قال مقاتل بن سليمان و هو ما يوزن به و انزاله إنزال الأمر بالاستعمال ليسوى به الحقوق و قيل ان جبرئيل عليه السلام نزل بالميزان فدفعه الى نوح و قال مرقومك يزنوا به لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ج بالعدل و ان لا يظلم أحد أحدا علة لانزال الكتاب و الميزان وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ روى عن ابن عمر يرفعه ان اللّه انزل اربع بركات من السماء الى الأرض الحديد و النار و الماء و الملح و قال اهل المعاني معنى قوله تعالى أنزلنا الحديد انشأنا و أحدثنا اى اخرج لهم الحديد من المعادن و علمهم صنعته بوحيه و قال قطرب هذا من النزل كما يق انزل الأمير على فلان نزلا حسنا فمعنى الاية جعل ذلك نزلا لهم و مثله قوله تعالى و انزل لكم من الانعام ثمانية ازواج فِيهِ بَأْسٌ اى حرب شَدِيدٌ فان آلات الحرب متخذة منه وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ إذ ما من صنعة الا و الحديد آلتها وَ لِيَعْلَمَ اللّه عطف على محذوف اى لتقاتلوا فى سبيل اللّه أعدائه و ليعلم اللّه مَنْ يَنْصُرُهُ وَ رُسُلَهُ و جاز ان يكون اللام صلة لمحذوف اى و أنزله ليعلم اللّه و جاز ان يكون معطوفا على مفهوم فيه بأس شديد تقديره و أنزلنا الحديد لان فيه بأسا شديدا و ليعلم اللّه بِالْغَيْبِ ط حال من المستكن فى ينصره إِنَّ اللّه قَوِيٌّ على إهلاك من أراد هلاكه عَزِيزٌ ع لا يحتاج الى نصره أحد و انما امر الناس بالجهاد تفضلا على الناس ليبتغوا به مرضات اللّه و استوجبوا ثواب امتثال الأمر و إعزاز الدين او الشهادة.

٢٦

وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَ إِبْراهِيمَ بيان و تفسير لما سبق من قوله تعالى و لقد أرسلنا رسلنا و خصا بالذكر بفضلهما و كثرة ذريتهما وَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ يعنى فضلناهما بجعل النبوة و الكتاب فى ذريتهما فان الكتب الاربعة التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان أنزلت فى ذرية ابراهيم و هو من ذرية نوح عليهما السلام و ذكر فى المدارك عن ابن عباس ان المراد بالكتاب الخط بالقلم يقال كتبت كتابا فَمِنْهُمْ اى من الذرية او من المرسل إليهم و قد دل عليهم الإرسال و الفاء للسببية مُهْتَدٍ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ

٢٧

ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ اى اثار نوح و ابراهيم من أرسل إليهم و لا يجوز إرجاع الضمير الى الذرية لان الرسل المقفى بهم كانوا من ذريتهما.

بِرُسُلِنا وَ قَفَّيْنا الرسل أجمعين قبل محمد صلى اللّه عليه و سلم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ و كان اخر أنبياء بنى إسرائيل و كان بعده فترة الرسل حتى بعث اللّه خاتم النبيين محمدا صلى اللّه عليه و سلم وَ آتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وَ جَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً مودة ولينا وَ رَحْمَةً ط تعطفا على إخوانهم و على المؤمنين كما قال اللّه تعالى لتجدن أقربهم مودة للذين أمنوا الذين قالوا انا نصارى و كما قال فى صفة اصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم رحماء بينهم وَ رَهْبانِيَّةً و هى المبالغة فى العبادة و الرياضة و الانقطاع عن الناس و ترك الشهوات حتى المباحة منها كالاكل بالنهار و النوم بالليل و النكاح و غيرها منسوبة الى الرهبان فعلان من الرهب بمعنى خاف كخشيان من خشى معطوف على رافة جعلنا فى قلوبهم الميل الى رهبانية ابْتَدَعُوها من قبل أنفسهم صفة لرهبانية و ابتداعهم إياها لا ينافى جعل اللّه تعالى ميلها فى قلوبهم و جاز ان يكون رهبانية منصوبا بالفعل يفسره قوله تعالى ابتدعوها و الجملة معطوفة على جعلنا فى قلوبهم رافة و رحمة و ابتدعوا من قبل أنفسهم رهبانية ما كَتَبْناها اى ما كتبنا شيئا من خصائل الرهبانية عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللّه فالاستثناء حينئذ متصل و قيل الاستثناء منقطع لعدم دخول ابتغاء مرضات اللّه فى الرهبانية و المعنى و لكن كتبنا عليهم ابتغاء مرضات اللّه فَما رَعَوْها اى الرهبانية النفي لسلب العموم لا لعموم السلب و المعنى فمارعوها جميعهم حَقَّ رِعايَتِها ج بل ضيعها بعضهم بترك ما التزموا على أنفسهم من المبالغة فى الرياضة او لقصد الرياء و السمعة و الميل الى الدنيا او بكفرهم و قولهم ثالث ثلثة او قولهم بالاتخاذ او بتهودهم و كفرهم بعيسى و محمد او بكفرهم بمحمد صلى اللّه عليه و سلم بعد ما استقاموا على دين عيسى قبل مبعثه فهؤلاء كلهم مارعوها حق رعايتها- فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا ايمانا صحيحا و حافظوا حقوقها حتى أمنوا بمحمد صلى اللّه عليه و سلم على ما وصى به عيسى عليه السلام مِنْهُمْ اى ممن ادعى باتباع عيسى عليه السلام أَجْرَهُمْ ج اى الاجر الموعود لهم على حسب أعمالهم فمن رعى حق رعاية الترهيب كما التزم أتاه اجر عمله و من استقام على الدين الايمان و لكن لم يراع الرهبانية حقها أتاه اجر عمله وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ خارجون عن اتباع عيسى و هم الذين قالوا بالتثليث و للاتخاذ او التهود او دخلوا فى دين الملوك و اثبتوا على دين عيسى لكنهم كفروا بمحمد صلى اللّه عليه و سلم روى البغوي بسنده عن ابن مسعود قال دخلت على رسول اللّه فقال يا ابن مسعود اختلف من كان قبلكم على ثنتين و سبعين فرقة نحا منهم ثلثة و هلك سايرهن فوقة وازت الملوك و قاتلوهم على دين عيسى فاخذوهم و قتلوهم و فرقة لم يكن لهم طاقة بموازاة الملوك و لا بان يقيموا بين ظهرانيهم يدعونهم الى دين اللّه و دين عيسى فساحوا فى البلاد و ترهبوا و هم الذين قال اللّه تعالى و رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم من أمن بي و صدقنى و اتبعنى فقد رعاها حق رعايتها و من لم يؤمن بي فاولئك هم الهالكون و

قال البغوي روى عن ابن مسعود قال كنت رديف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على حمار فقال يا ابن أم عبد هل تدرى من اين اتخذت بنو إسرائيل الرهبانية قلت اللّه و رسوله اعلم قال ظهرت عليهم الجبابرة بعد عيسى يعملون بالمعاصي فغضب اهل الايمان فقاتلوهم فهزم اهل الايمان ثلث مرات فلم يبق منهم الا قليل فقالوا ان ظهرنا هؤلاء أفتونا و لم يبق للدين أحد يدعوا اليه فقالوا تعالوا فتفرق فى الأرض الى ان يبعث اللّه النبي الذي وعدنا عيسى يعنون محمدا صلى اللّه عليه و سلم فتفرقوا فى غير ان الجبال و أحدثوا رهبانية فمنهم من تمسك بدينه و منهم من كفر ثم تلا هذه الاية و رهبانية ابتدعوها الاية فاتينا الذين أمنوا منهم يعنى ثبتوا عليها أجرهم ثم قال النبي صلى اللّه عليه و سلم يا ابن أم عبدا تدرى ما رهبانية أمتي قلت اللّه و رسوله اعلم قال الهجرة و الجهاد و الصلاة و الصوم و الحج و العمرة و التكبير على التلال قال و روى عن انس عن النبي صلى اللّه عليه و سلم ان لكل امة رهبانية و رهبانية هذه الامة الجهاد فى سبيل اللّه و روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كانت الملوك بعد عيسى عليه السلام بدلوا التورية و الإنجيل و كان فيهم مومنون يقرؤن التوراة و الإنجيل و يدعونهم الى دين اللّه فقيل لملوكهم لو جمعتم هؤلاء الذين شقوا عليكم فقتلتموهم او دخلوا فيما نحن فيه فجمعهم ملكهم و عرض عليهم القتل او يتركوا قراءة التوراة و الإنجيل الا ما بدلوا منها فقالوا نحن نكفيكم أنفسنا فقالت طايفة ابنوا لنا اسطوانة ثم ارفعونا إليها ثم أعطونا شيئا ترفع به طعامنا و شرابنا و لا نرد عليكم و قالت طايفة دعونا نسيح فى الأرض و نهيم و نشرب كما نشرب الوحش فان قدرتم علينا بأرض فاقتلونا و قالت طايفة ابنوا لنا دورا فى الفيافي نحتفر الآبار و نحترث البقول فلا نرد عليكم و لا نمر بكم ففعلوا ذلك فمعنى أولئك على منهاج عيسى و خلف قوم من بعدهم ممن قد غير الكتاب فجعل الرجل يقول نكون نحن فى مكان فلان فنتعبد كما تعبد فلان و نسيح كما ساح فلان و نتخذدورا كما اتخذ فلان و هم على شركهم لا علم لهم بايمان الذين اقتدوا بهم فلك قومه؟؟؟

عز و جل وَ رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها اى ابتدعها هؤلاء الصالحون فما رعوها حق رعايتها يعنى الآخرين الذين جاؤا من بعدهم فاتينا الذين أمنوا منهم أجرهم يعنى الذين ابتدعوها ابتغاء مرضات اللّه و كثير منهم فاسقون هم الذين جاؤا من بعدهم قال فلما بعث النبي صلى اللّه عليه و سلم و لم يبق منهم الا قليل حط رجل من صومعته و جاء سياح من سياحة و صاحب الدير من ديره و أمنوا به

و اخرج الطبراني فى الأوسط بسند فيه من لا يعرف عن ابن عباس ان أربعين من اصحاب النجاشي قدموا فشهدوا وقعة أحد فكانت فيهم جراحات و لم يقتل منهم أحد فلما رأوا ما بالمؤمنين من الحاجة قالوا يا رسول اللّه انا اهل ميسرة فاذن لنا نجى ء باموالنا نواسى بها المسلمين فانزل اللّه تعالى الذين آتيناهم الكتب من قبله هم به يؤمنون و إذا يتلى عليهم قالوا أمنا به انه الحق من ربنا انا كنا من قبله مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبرو فلما نزلت قالوا يا معشر المسلمين اما من أمن منا بكتابكم فله أجران و من لم يؤمن بكتابكم فله اجر كاجوركم فانزل اللّه تعالى.

٢٨

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّه وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ محمد صلى اللّه عليه و سلم يُؤْتِكُمْ هو و ما عطف عليه مجزوم فى جواب الأمر كِفْلَيْنِ نصيبين مِنْ رَحْمَتِهِ و كذا اخرج ابن ابى داود خاتم عن مقاتل قال لما نزلت أولئك يؤتون أجرهم مرتين الاية فخرمو من اهل الكتاب على اصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم فقالوا لنا أجران و لكم اجر فشق ذلك على الصحابة فانزل اللّه تعالى هذه الاية فجعل لهم أجرين مثل أجور مؤمنى اهل الكتاب و على هذه الرواية الخطاب فى قوله تعالى يا ايها الذين أمنوا لاصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم عامة و حينئذ قوله و أمنوا برسوله تأكيد لما سبق يعنى أمنوا لجميع ما جاء به الرسول حق الايمان و

قال البغوي و اكثر المفسرين هذا خطاب اهل الكتابين من اليهود و النصارى يقول اللّه تعالى يايها الذين أمنوا بموسى و عيسى اتقوا اللّه فى محمد أمنوا برسوله محمد صلى اللّه عليه و سلم يؤتكم كفلين من رحمته يعنى يوتكم أجرين لايمانكم بعيسى و الإنجيل و بحمد و القران و

قال البيضاوي لا يبعد ان يثابوا اى اليهود ايضا على دين السابق و ان كان منسوخا ببركة الإسلام و قيل الخطاب للنصارى الذين كانوا فى عصره و فى الصحيحين عن ابى موسى الأشعري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ثلثة لهم أجران رجل من اهل الكتاب أمن بنبيه و أمن بمحمد صلى اللّه عليه و سلم و العبد المملوك ادى حق اللّه و حق مواليه و رجل كانت عنده امة يطاها فادبها فاحسن تأديبها و علمها فاحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ على الصراط كذا قال ابن عباس و مقاتل فهذه الاية نظيره قوله تعالى يسعى نورهم بين أيديهم و بايمانهم و يروى عن ابن عباس ان النور هو القران

و قال مجاهد هو الهدى و البيان اى يجعل لكم سبيلا واضحا فى الدين تهتدون به الى جناب القدس و جنات الفردوس وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ط ما سبق من ذنوبكم

وَ اللّه غَفُورٌ رَحِيمٌ اخرج ابن جرير عن قتادة قال بلغنا انه لما نزلت يؤتكم كفلين من رحمته حسد اهل الكتاب المسلمين عليها فانزل اللّه تعالى.

٢٩

لِئَلَّا يَعْلَمَ متعلق بافعال واقعة فى جواب الأمر على التنازع قيل متعلق بمحذوف تقديره أعلمكم بذلك لئلا يعلم و لا مزيدة و المعنى ليعلم أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْ ءٍ مِنْ فَضْلِ اللّه ان هى المخففة و المعنى انه لا ينالون شيئا من فضل اللّه الا بمشية اللّه تعالى و لا يقدرون على نيله باختيارهم هذه الرواية عن قتادة يناسب ما روى الطبراني عن ابن عباس و ابن ابى حاتم عن مقاتل ان الخطاب فى قوله تعالى يايها الذين أمنوا اتقوا اللّه و أمنوا برسوله للمؤمنين عامة لا لاهل الكتاب و ذكر البغوي قول قتادة انه حسد الذين لم يؤمنوا من اهل الكتاب المؤمنين منهم فانزل اللّه تعالى لئلا يعلم اهل الكتاب ان لا يقدرون على شى ء من فضل اللّه على خلاف ما زعموا انهم أبناء اللّه و أحبائه و اهل رضوانه و انهم لا يتمكنون من نيل شى ء من الاجر و الثواب لانهم لم يؤمنوا برسله و هو مشروط بالايمان به و على هذا يناسب ما ذكر المفسرون فى الاية خطاب لاهل الكتابين و قيل لا غير مزيدة و المعنى لئلا يعتقد اهل الكتاب انه لا يقدر النبي و المؤمنون به على شى ء من فضل اللّه و لا ينالون

و اخرج ابن المنذر عن مجاهد و كذا ذكر البغوي ان لا يقدرون على شى ء من فضل اللّه على خلاف ما زعموا انهم أبناء اللّه و أحبائه و اهل رضوانه و انهم لا يتمكنون من نيل شى ء من الاجر و الثواب لانهم لم يومنوا برسله و هو مشروط بالايمان به و على عنه انه قال قالت اليهود يوشك ان يخرج منا نبى فيقطع الأيدي و الأرجل فلما خرج من العرب كفروا به فانزل اللّه لئلا يعلم اهل الكتاب اى ليعلم الذين لم يؤمنوا منهم انه لا يقدرون على شى ء من فضل اللّه فضلا ان يتصرفوا فى أعظمه و هو النبوة و يؤيده قوله تعالى وَ أَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّه يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ط خبر بعد خبر لان وَ اللّه ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ روى البخاري فى صحيحه عن ابن عمر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال انما اجلكم فى أجل من خلا من الأمم ما بين صلوة العصر الى مغرب الشمس و انما مثلكم و مثل اليهود و النصارى كرجل استعمل عملا فقال من يعمل لى الى نصف النهار على قيراط قيراط فعملت اليهود الى نصف النهار على قيراط قيراط ثم قال من يعمل من نصف النهار الى العصر على قيراط قيراط فعملت النصارى من نصف النهار الى صلوة العصر على قيراط قيراط ثم قال من يعمل لى من صلوة العصر الى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين الا فانتم الذين تعملون من صلوة العصر الى مغرب الشمس الا لكم الاجر مرتين فغضب اليهود و النصارى فقالوا نحن اكثر عملا و اقل عطاء فقال اللّه تعالى فهل ظلمتكم من حقكم شيئا قالوا لا قال اللّه تعالى فانه فضل أعطيه من شئت و روى البخاري عن ابى موسى عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال مثل المسلمين و اليهود و النصارى كمثل رجل استاجر قوما يعملون عملا يوما الى الليل على اجر معلوم فعملوا الى نصف النهار فقالوا لا حاجة لنا الى أجرك الذي شرطت لنا فهو باطل فقال لهم الا تفعلوا بقية عملكم و خذوا اجركم كاملا فابوا و تركوا و استاجر آخرين بعدهم فقال اكملوا بقية يومكم هذا و لكم الذي شرطت من الاجر فعملوا حتى إذا كان صلوة العصر قالوا ما عملنا باطل و لك الاجر الذي جعلت لنا فيه فقال اكملوا بقية عملكم فانما بقي من النهار شى ء يسير فابوا فاستاجر قوما ان يعملوا له بقية يومهم فعملوا بقية يومهم حتى غاب الشمس فاستكملوا اجر الفريقين كليهما فذلك مثلهم و مثل ما قبلوا من هذا النور و اللّه تعالى اعلم قلت حديث ابن عمر حكاية عن اليهود و النصارى الذين عملوا على ما أمرهم اللّه تعالى قبل ان ينسخ دينهم فلهم أجرهم على ما وعدهم اللّه تعالى و حديث ابى موسى حكاية عن اليهود الذين كفروا بعيسى و النصارى الذين كفروا بمحمد صلى اللّه عليه و سلم و تركوا ما أمرهم اللّه تعالى و قد أخذ منهم الميثاق انه إذا جاءكم رسول مصدقا لما معكم لتؤمنن به و لتنصرنه فهؤلاء لا اجر لهم أصلا و حبط ما كانوا يعملون و فى الحديثين بشارة لامة محمد صلى اللّه عليه و سلم بانهم يوتون الأجور على أضعاف أجور الصالحين من الأمم الماضيين و بانهم لا يزالوا على الحق الى يوم القيامة إنشاء اللّه تعالى و عن معاوية قال سمعت النبي صلى اللّه عليه و سلم ي قول لا يزال من أمتي قائمة بامر اللّه لا يضرهم من خذلهم و لا خالفهم حتى يأتي امر اللّه و هم على ذلك متفق عليه اللّهم اجعلنى من الامة القائمة بامرك المويدة لدينك و بحرمة نبيك و اله و أصحابه أجمعين صلى اللّه تعالى عليه و على اله و أصحابه أجمعين برحمتك يا ارحم الراحمين روى ابو داود و الترمذي و النسائي عن عرباض بن سارية انه صلى اللّه عليه و سلم كان يقرأ المسبحات قبل ان يرقد و يقول ان فيهن اية خير من الف اية قلت لعل ذلك الاية التسبيح روى النسائي عن معاوية موقوفا انهن الحديد و الحشر و الصف و الجمعة و التغابن و الأعلى قلت و منها على بنى إسرائيل و لم يذكرها معاوية و قد روى الترمذي و النسائي و الحاكم و حتى يقرأ بنى إسرائيل و الزمر خشيت ان النبي صلى اللّه عليه و سلم كان يقرأ المسبحات السبع قبل ان يرقد.

﴿ ٠