٣

هُوَ الْأَوَّلُ قبل كل شى ء ليس قبله شى ء فانه هو الموجد للاشياء محدثها كلها وَ الْآخِرُ الباقي بعد فناء الأشياء و لو بالنظر الى ذاتها مع قطع النظر عن غيرها فان وجوده تعالى اصل لا يحتمل الانفكاك و الزوال و وجود غيره مستعار فى حكم اللّه وجود بالنظر الى ذاته فهو الاخر بعد كل شى ء ليس بعده شى ء وَ الظَّاهِرُ فوق كل شى ء ليس فوقه فى الفهور شى ء فان منشاء الظهور الوجود و لا ظهور للمعدوم و وجود كل شى ء مستفاد منه و ظل لوجوده فظهور كل شى ء فرع لظهوره غير انه تعالى لكمال ظهوره و شعشان وجوده اختفى عن الابصار لقصورها كما اختفى الشمس عن عين الخفاش و اختفى الشمس ايضا فى تصف النهار لشدة الظهور و كمال النور عن أعين الناس فمن ادنى تميز يعترف بوجوده تعالى حتى الصبيان و المجانين كما يعترف الناس لوجود الشمس فى النهار وَ الْباطِنُ ج لكمال ظهوره و ايضا باطن كنه ذاته دون كل شى ء ليس دونه شى ء حتى عجز من دركه بصائر اولى الابصار من النبيين و الصديقين الأخيار روى مسلم و ابو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجة و ابن ابى شيبة عن ابى هريرة و ابو يعلى الموصلي عن عائشة انه صلى اللّه عليه و سلم كان يقول و هو مضطجع اللّهم رب السموات و الأرض و رب العرش العظيم ربنا و رب كل شى ء فالق الحب و النوى و منزل التوراة و الإنجيل و الفرقان أعوذ بك من شر كل شى ء أنت أخذ بناصيته اللّهم أنت الاول فليس قبلك شى ء و أنت الاخر فليس يعدك شى ء و أنت الظاهر فليس فوقك شى ء و أنت الباطن فليس دونك شى ء اقض عنا الدين و اغننا عن الفقر

قال البغوي و سئل عمر رض عن هذه الاية فقال معناها ان علمه بالأول كعلمه بالاخر و علمه بالظاهر كعلمه بالباطن وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ يستوى عنده الظاهر و الخفي.

﴿ ٣