|
١٠ وَ ما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا و اى فائدة لكم يعنى لا فائدة لكم فى عدم الانفاق فِي سَبِيلِ اللّه اى فيما يكون قربة اليه تعالى وَ للّه مِيراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ط يعنى و الحال ان اللّه يرث كل شى ء فيها و لا يبقى لاحد مال و إذا كان كذلك فانفاقه بحيث انه يستخلف عوضا يبقى و هو الثواب اولى و ترك الانفاق و جمع الأموال حتى ينتفع بها غيركم لا يفيدكم أصلا عن عائشة انهم ذبحوا شاة فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم ما بقي منها يعنى بعد الانفاق قالت ما بقي منها إلا كتفا قال بقي كلها غير كتفها رواه الترمذي و صححه و عن ابن مسعود قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أيكم مال وارثه أحب اليه من ماله قالوا يا رسول اللّه ما منا أحد الا ماله أحب اليه من مال وارثه قال ماله ما قدم و مال وارثه ما اخر رواه البخاري و النسائي لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ اى فتح مكة فى قول اكثر المفسرين و قال الشعبي هو صلح الحديبية وَ قاتَلَ ط قبله لا يستوى افتعال بمعنى التفاعل و فاعله من أنفق مع ما عطف عليه المحذوف يعنى لا يستوى من أنفق قبل الفتح و قاتل قبله و من أنفق بعد الفتح و قاتل بعده أُولئِكَ الذين أنفقوا من قبل الفتح و قاتلوا فيه أَعْظَمُ دَرَجَةً عند اللّه ثوابا و تقربا مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ الفتح وَ قاتَلُوا ط حينئذ قال البغوي روى محمد ابن فضل عن الكلبي ان هذه الاية نزلت فى ابى بكر الصديق رض فانه أول من اسلم و أول من أنفق فى سبيل اللّه و روى البغوي بسند فى تفسيره المعالم عن ابن عمر قال كنت عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و عنده ابو بكر الصديق رض و عليه عباءة فدخلنا فى صدرها بخلال فنزل عليه جبرئيل فقال مالى ارى أبا بكر عليه عباءة فدخلها فى صدرها بخلال فقال أنفق ماله على قبل الفتح قال فان اللّه عز و جل يقول اقرأ عليه السلام و قل له أ راض أنت عنى فى فقرك هذا أم ساخط فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يا أبا بكر ان اللّه عز و جل يقرأ عليك السلام و يقول لك أ راض أنت عنى فى فقرك هذا أم ساخط فقال ابو بكر أسخط على ربى و انى عن ربى راض و كذا روى الواحدي فى تفسيره قلت هذه الاية بمنطوقه تدل على افضلية السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار على من أمن بعد الفتح و أنفق حينئذ و بمفهومه و سياقه يدل على افضلية الصديق على ساير الصحابة و افضلية الصحابة على سائر الناس فان مدار الفضل على السبقة فى الإسلام و الانفاق و الجهاد كما يدل عليه قوله عليه الصلاة و السلام من سن حسنة فاجرها و اجر من عمل بها من غير ان ينقص من أجورهم شى ء و قد اجمع العلماء على ان أبا بكر أول من اسلم و اظهر إسلامه على يده اشراف قريش و أول من أنفق الأموال العظام فى سبيل اللّه و أول من احتمل الشدائد من الكفار و من ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مالا حد عندنا يد الا و قد كافيناه ما خلا ابى بكر فان له عندنا يد يكافيه اللّه تعالى بها يوم القيامة و ما نفعنى مال أحد قط ما نفعنى مال ابى بكر رواه الترمذي من حديث ابى هريرة و عن ابن الزبير عن أبيه قال اسلم ابو بكر و له أربعون الفا أنفقها كلها على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و فى سبيل اللّه رواه ابو عمر و روى البخاري فى حديث طويل ثم يدا لابى بكر فابتنى مسجدا بفناء داره و كان يصلى فيه و يقرأ القران و روى البخاري ان عقبة بن معيط لما راى النبي صلى اللّه عليه و سلم يصلى جعل رداءه فى عنقه و خنقه فاطلع ابو بكر فدفع عنه و قال أ تقتلون رجلا ان يقول ربى اللّه و قد جاءكم بالبينات و روى ابو عمر نحوه و زاد فاخذ الكفار أبا بكر فضربوه ضربا شديدا فلما رجع ابو بكر الى داره فكان كلما وضع يده على شعره سقط شعره مع يده و يقول تباركت يا ذا الجلال و روى ابو عمرو فى الاستيعاب انه أعتق ابو بكر سبعة كانوا يعذبون فى اللّه منهم بلال و عامر بن فهيرة و قال ابو اسحق انه لما اسلم ابو بكر اظهر إسلامه و دعى الناس الى اللّه عز و جل و الى رسوله و كان ابو بكر رجلا مولفا لقومه مجيبا سهلا فجعل يدعو الى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه و يجلس اليه فاسلم بدعائه فيما بلغني عثمان بن عفان رئيس بنى عبد الشمس و زبير بن العوام رئيس بنى اسد و سعد ابن ابى وقاص و عبد الرحمن بن عوف رئيسا لبنى زهرة و طلحة بن عبد اللّه رئيس بنى تميم فجاء بهم الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حين استجابوا له و اسلموا و صلوا و انكسر شوكة قبائل قريش بإسلامهم قال ابو الحسن الأشعري تفضيل ابى بكر على غيره من الصحابة قطعى قلت قد اجمع عليه السلف و ما حكى عن ابن عبد البر ان السلف اختلفوا فى تفضيل ابى بكر و على فهو شى ء غريب الفرد به عن غيره ممن هو أجل منه علما و اطلاعا منهم الشافعي و قد ذكرنا ادلة تفضيل الشيخين نقلا و عقلا فى السيف المسلول و له مواقف رفيعة فى الإسلام كثباته على كمال تصديقه ليلة الاسراء و جوابه للكفار فى ذلك و هجرته مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ترك عياله و أطفاله و ملازمته له فى الغار و ساير الطريق و كلامه يوم بدر و يوم الحديبية حين اشتبه على غيره الأمر فى تأخير دخول مكة و ثباته مع كمال حزنه فى وفات رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و خطبه الناس و تسكينهم ثم قيامه فى قصة البيعة لمصالح المسلمين و اهتمامه فى بعث جيش اسامة و قيامه فى قتال اهل الردة و تجهيزه الجيوش الى العراق و الشام و اخر مناقبه انه فوض الخلافة الى عمر رض وَ كُلًّا قرأ ابن عامر بالرفع و الباقون بالنصب اى كل واحد من الفريقين من الصحابة الذين أنفقوا قبل الفتح و الذين أنفقوا بعده وَعَدَ اللّه الْحُسْنى ط لا يحل الطعن فى أحد منهم و لا بد حمل مشاجراتهم على محامل حسنة و اغراض صحيحه او خطأ فى الاجتهاد و ايضا يدل صدر الاية على افضلية الصحابة على من بعدهم بسبقهم فى الإسلام و الانفاق و الجهاد و روى الشيخان فى الصحيحين عن ابى سعيد الخدري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا تسبوا أصحابي فلو ان أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم و لا نصيفه وَ اللّه بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ع عالم بالبواطن كعلمه بالظواهر فيجازى كلا على حسبه. |
﴿ ١٠ ﴾