٥

ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ كما فعل ابو ليلى ما شرطية منصوب المحل مفعول لقطعتم و من لينة بيان له يعنى اى شى ء قطعتم حال كونه من لينة فعلتم من اللون و يجمع على الألوان و قيل هو من اللين كذا ذكر فى الصحاح

قال البغوي اختلفوا فى معنى اللينة فقال قوم النخل كلها لينة داخلا العجوة و هو قول عكرمة و قتادة و رواية زاذان عن ابن عباس قال كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يقطع نخلهم الا العجوة و اهل المدينة ما خلا العجوة من التمر الألوان واحدها لين و لينة و قال الزهري هو ألوان النخل كلها الا العجوة و البرنية

و قال مجاهد و عطية هى النخل كلها من غير استثناء و قال العوفى عن ابن عباس من النخل و قال سفيان هى كرام النخل و قال مقاتل هى ضرب من النخل يقال لتمرها اللون و هى شديد الصفرة يرى نواة من خارج يغيب فيالضرس و كان من أجود تمر هى اعجب إليهم و كانت النخلة الواحدة ثمنها ثمن رصيف و أحب إليهم من رصيف أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها كما فعل عبد اللّه بن سلام فَبِإِذْنِ اللّه خبر مبتداء محذوف يعنى فقطعه و تركه بإذن اللّه ليس فى شى ء من ذلك اثم اخرج البخاري عن ابن عمران رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حرق نخل بنى نضير و قطع و هى البويرة هذه الاية كذا روى اصحاب الكتب

و اخرج ابو يعلى بسند ضعيف عن جابر قال رخص و قطع النخل ثم شدد عليهم فاتوا النبي صلى اللّه عليه و سلم قالوا يا رسول اللّه هل علينا اثم فيما قطعنا و تركنا فانزل اللّه هذه الاية وَ لِيُخْزِيَ اللّه بالاذن فى القطع الْفاسِقِينَ اليهود عطف على بإذن اللّه و علة لمحذوف و الجملة معطوفة على جملة تقريره و فعلتم او اذن لكم لنخزى هم على فسقهم بما غاظهم منه (مسئله) من هاهنا قال ابو حنيفة رح إذا حاصر الامام حصنا للكفار جاز ان يقطع أشجارهم و يفسد زروعهم و هدم بيوتهم و يحرقها قال ابن همام هذا إذا لم يغلب على الظن انهم ماخذون بغير ذلك فان كان الظاهر انهم مغلوبون و ان الفتح لا بد منه كره ذلك لانه إفساد و فى غير محل الحاجة و ما أبيح الا لها و قال احمد لا يجوز قطع أشجارهم الا بأحد الشرطين أحدهما ان يفعلوا بنا مثل ذلك ثانيهما ان يكون لنا حاجة الى قطع ذلك لنتمكن من قتالهم و قال الشافعي يجوز إتلاف بنائهم و شجرهم لحاجة القتال و الظفر بهم و كذا ان لم يرج حصولها لنا فان رجى ندب الترك و الدليل على جواز قطع الأشجار هذا الاية و الحديثين المذكورين و ما روى احمد عن اسامة بن زيد قال بعثني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الى قرية قال أيتها صباحا ثم حرق قال ابن الجوزي احتجاجا لمذهبه انه قد روى أصحابنا ان النبي صلى اللّه عليه و سلم كان إذا بعث جيشا قال لا تعود واعينا و لا تعقروا شجرا إلا شجر يمنعكم من القتال و الحديثان يعنى حديث ابن عمر و حديث اسامة بن زيد محمولان على ما ذكرنا انتهى كلامه

قلنا لا يجوز على ما ذكر ابن الجوزي لان بنى نضير لم يقطعوا أشجار المدينة قط و لا دليل على كون القطع لحاجة القتال بل الاية صريحة فى ان الأمر بالقطع كان لخزى الفاسقين و كبت اعداء اللّه و كسر شوكتهم لا لغرض اخر لكن الظاهر ان الفتح لم يكن غالبا فى الظن حين امر النبي صلى اللّه عليه و سلم بقطع أشجارهم يدل على قوله تعالى ما ظننتم ان يخرجوا و ظنوا ما نعتهم حصونهم و ما روى اصحاب احمد حجة على عدم جواز القطع ان صح لا يمكن ان يكون معارضا لكتاب اللّه المستلزم للجواز و اللّه اعلم

قال البغوي فلما ترك بنو النضير رياعهم و ضياعهم طلب المسلمون تقسيمها بيتهم كما فعل لغنايم خيبر فبين اللّه تعالى حكمها و قال.

﴿ ٥