٦

وَ ما أَفاءَ اللّه عَلى رَسُولِهِ القى الرجوع و أفاء بمعنى عاد و قال الجوهري الفى الرجوع الى حالة محمودة قال اللّه تعالى حَتَّى تَفِي ءَ إِلى أَمْرِ اللّه فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا ... فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللّه غَفُورٌ رَحِيمٌ و لما كان الرجوع يقتضى سبق الملك

قال البيضاوي أفاء بمعنى صير مجازا او بم عنى رده عليه فانه كان حقيقا بان يكون له عليه السلام لان اللّه خلق الإنسان لعبادته و خلق ما خلق لهم ليتوسلوا به الى طاعة فهو جدير بان يكون للمطيعين مِنْهُمْ اى من بنى النضير فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ اى ما أجريتم على تحصيله من الوجيف بمعنى سرعة السير مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ ما يركب من الإبل غلب فيه كما غلب الراكب على راكبه و المعنى انه لم يلحق المؤمنين فى تحصيل ما أفاء اللّه من بنى النضير من المشقة بالحرب و إيجاف الخيل و الركاب حتى يستحقوا الغنائم وَ لكِنَّ اللّه يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ ط يقذف الرعب فى قلوبهم وَ اللّه عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ فيفعل ما يريد تارة بالوسايط فى الظاهر و تارة بلا وسائط هذه الاية و الأحاديث الصحيحة تدل على ان مال بنى نضير كان خالصا لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ثم صرفه عليه السلام حيث شاء روى الشيخان فى الصحيحين عن مالك بن أوس ابن الجدثان النضيري انه قال عمر بن الخطاب ان اللّه قد خص رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى هذا الفي ء بشى ء لم يعط أحدا غيره ثم قرا ما أفاء اللّه على رسوله منهم الى قوله قدير فكانت هذه خالصة لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يتفق عليه و على اهله نفقة سنتهم من هذا المال ثم يأخذه ما بقي فيجعله فجعل مال اللّه و ايضا فى الصحيحين عنه انه جاء عمر حاجبه يرفا فقال هل لك فى عثمان و عبد الرحمن و الزبير و سعد رض يستاذنون قال نعم فادخلهم فلبث قليلا ثم جاء فقال هل لك فى عباس و على رض يستاذنان قال نعم فلما دخلا قال عباس يا امير المؤمنين اقض بينى و بين هذا و هما يختصمان فى التي أفاء اللّه على رسوله من بنى النضير فقال الرهط يا امير المؤمنين اقض بينهما و ارح أحدهما من الاخر قال اتئدوا أنشدكم اللّه الذي باذنه تقوم السماء و الأرض هل تعلمون ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال لا نورث ما تركناه صدقة يريد بذلك نفسه قالوا قد قال ذلك فاقبل عمر على علىّ و عباس فقال أنشدكما باللّه هل تعلمون ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال ذلك قالا نعم قال فانى أحدثكم عن هذا الأمر ان اللّه قد خص رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى هذا الفي ء بشى ء لم يعطه أحدا غيره فقال وَ ما أَفاءَ اللّه عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ الى قوله قدير فكانت هذه خالصة لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ثم و اللّه ما اختارها دونكم و لا استاثرها عليكم فقد أعطاكموها و قسمها فيكم حتى بقي المال منها فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ينفق على اهله نفقة سنتهم من هذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعله فجعل مال اللّه فعمل بذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حيوته ثم توفى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال ابو بكر فانا ولى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقبضه ابو بكر فعمل فيه بما عمل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أنتم حينئذ جميع و اقبل على على و عباس يذكران ان أبا بكر فيه كما يقولان و اللّه يعلم انه فيها لصادق بارر أشد ثم توفى اللّه أبا بكر فقلت انا ولى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ابى بكر فقبضتها سنين من امارتى اعمل فيه بما عمل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ابو بكر و اللّه يعلم انى فيه صادق بارر أشد تابع للحق ثم جئتمانى كلا كما و كلمتكما واحدة و امر كما جميع فقلت لكما ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال لا نورث ما تركنا صدقة فلما بدا الىّ ان ادفعه اليكما قلت ان شئتما دفعت اليكما على ان عليكما عهد اللّه و ميثاقه لتعملان فيه بما عمل فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ابو بكر و ما عملت فيه منذ و ليت و إلا فلا تكلمانى فقلتما ادفعه إلينا بذلك فدفعته اليكما افتلتمسان منى قضاء غير ذلك فو اللّه الذي تقوم باذنه السماء و الأرض لا أقضي فيه بقضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة فان عجزتما عنه فادفعا الى فانا أكفيكما هما و ايضا فى الصحيحين عن عمر قال كانت اموال بنى نضير مما أفاء اللّه على رسوله مالم يوجف المسلمون عليه بخيل و لا ركاب فكانت لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خاصة ينفق على اهله نفقة سنتهم ثم يجعل ما بقي فى السلاح و الكراع عدة فى سبيل اللّه.

﴿ ٦