|
٨ لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ بدل من لذى القربى و ما عطف عليه فان الرسول لا يسمى فقيرا و قد اخرج اللّه رسوله من الفقراء لقوله ينصرون اللّه و رسوله قبل هذا بدل الكل من الكل و اللام فى للفقراء للعهد و المراد منه هم المذكورون اعنى ذوى القربى و اليتامى و المساكين فلا يلزم ان لا يكون المذكورون سابقا مصرفا نظرا الى المبدل منه لا يكون مقصودا بالنسبة بل البدل هو المقصود بالنسبة و عندى ان الفقراء المهاجرون و ما عطف عليه أعم مطلقا مما سبق فانهم استوعبوا المؤمنين الى يوم القيامة أجمعين غنيهم و فقيرهم على ما ستذكر إنشاء اللّه تعالى فهذا بدل الكل من البعض و هو من قبيل الاشتمال و على كلا التقديرين فما سبق فى الذكر من ذوى القربى و ما عطف عليه و ان لم يكن مقصودا بالنسبة لفظا لكنها داخلة فى المقصود اعنى البدل او عينه و اللّه تعالى اعلم الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ التي بمكة وَ أَمْوالِهِمْ فان كفار مكة أخرجوهم و أخذوا أموالهم و فى الاية دليل على ان كفار مكة ملكوا اموال المهاجرين التي خلفوها و هاجروا عنها لان اللّه تعالى اطلق عليهم الفقراء و الفقير من لا يملك شيئا و ليس من لا يملك مالا و هو فى مكان لا يصل اليه فقيرا بل هو مخصوص باسم ابن السبيل و لذا عطفوا عليه فى نص الصدقة و من هاهنا قال ابو حنيفة و مالك الكفار إذا استولت على اموال المسلمين ملكوها بشرط الاحراز بدارهم عند ابى حنيفة و بمجرد الاستيلاء عند مالك و قال الشافعي لا يملكونها و ذكر ابن همام لاحمد فيه روايتين كقول ابى حنيفة و كقول الشافعي و ذكر ابن الجوزي قول احمد كقول الشافعي لا غير و يويد مذهب ابى حنيفة من الأحاديث ما رواه ابو داود فى مراسيله عن تميم بن طرفة قال وجد رجل مع رجل ناقة له فارتفعا الى النبي صلى اللّه عليه و سلم فاقام البينة انها له و اقام الاخر البينة انه اشتراها من العدو فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان شئت ان تأخذ بالثمن الذي اشتراها به فانت أحق و الا فخل عنه ناقة و المرسل عندنا و عند اكثر اهل العلم حجة و اخرج الطبراني مسندا عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة و فى سنده ياسين الزيات مضعف و اخرج الدارقطني ثم البيهقي فى سننهما عن ابن عباس عنه صلى اللّه عليه و سلم قال فى ما احرز العدو فاستنفذه المسلمون منهم ان وجده صاحبه قبل ان يقسم فهو أحق به و ان وجد قد قسم فانشاء اخذه بالثمن فيه حسن بن عمارة قال الدارقطني متروك و اخرج الدارقطني عن ابن عمر سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول من وجد ماله فى الفي ء قيل ان يقسم فهو له و ان وجده بعد ما قسم فليس له شى ء و فيه اسحق بن عبد اللّه بن فروة ضعيف و فى طريقة الاخر رشدين ضعيف ايضا أخرجه الطبراني عن ابن عمر مرفوعا من أدرك ماله فى الفي ء قبل ان يقسم فهو له فان أدركه بعد ان يقسم فهو أحق به بالثمن و فيه ياسين ضعيف و به قال الشافعي و احتجوا ايضا بان عمر بن الخطاب قال من أدرك ما أخذ العد و قبل ان يقسم فهو له و ما قسم فلاحق له فيه الا بالقيمة و قال هذا انما روى عن الشعبي عن عمرو عن رجا بن حيوة عن عمر مرسلا و كلاهما لم يدرك عمر و روى الطحاوي بسنده الى قبيصة بن ذويب ان عمر بن الخطاب قال فيما اخذه المشركون فاصابه المسلمون فعرفه صاحبه اى أدرك قبل ان يقسم فهو له و ان جرت فيه السهام فلا شى ء له و روى فيه ايضا عن ابى عبيدة مثل ذلك و روى بإسناده الى سليمان بن يسار عن زيد بن ثابت مثله و روى ايضا بإسناده الى قتادة عن جلاس ان علىّ ابن ابى طالب رض قال من اشترى ما احرز العد و فهو جائز و هذه الأحاديث و ان كانت بعضها ضعيفة و بعضها مرسلة لكنها اعتضد بعضها ببعض و صارت حجة و عملا بهذه الأحاديث شرط ابو حنيفة الاحراز و قال ان ظهر عليها المسلمون فوجدها المالكون قبل ان يقسم فهى لهم بغير شى ء و ان وجدوها بعد القسمة أخذوها بالقيمة ان أحبوا و كذا ان دخل دار الحرب تاجر فاشترى ذلك فاخرجه الى دار الإسلام فمالكه الاول بالخيار ان شاء اخذه بالثمن الذي اشتراه و ان شاء تركه و كذا لو وهبوا لمسلم يأخذه المالك بقيمته و استدل بعض الحنفية بما فى الصحيحين انه صلى اللّه عليه و سلم لما سئل يوم الفتح اين تنزل غدا بمكة قال هل ترك لنا عقيل من منزل وجه الاحتجاج ان عقيلا استولى عليه و هو على كفره و قيل ان الحديث انما هو دليل على ان المسلم لا يرث الكافر فان عقيلا استولى على الرباع بإرثه إياها أبا طالب فانه مات و ترك عليا و جعفر مسلمين و عقيلا و طالبا كافرين فورثاه و اللّه تعالى اعلم احتج الشافعي بحديث رواه احمد و مسلم فى صحيحه عن عمران بن حصين قال كانت العضباء لرجل من بنى عقيل و كانت من سوابق الحاج فاسر الرجل و أخذت العضباء معه فحبسها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لرجله ثم ان المشركين أغاروا على سرج المدينة و فيه العضباء و أسروا امرأة من المسلمين و كانوا إذا نزلوا يريحون إبلهم فى أفنيتهم فلما كانت ذات ليلة قامت المرأة و قد نوموا فجعلت لا تضع يدها على بعير الا رغا حتى أتت على العضباء فاتت على ناقة ذلول فركبتها ثم توجهت قبل المدينة و نذر ت لئن اللّه عز و جل نجاها عليها لنحر بها فلما قدمت عرفت الناقة فاتوا بها النبي صلى اللّه عليه و سلم فاخبرت المرأة نذرها فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم تبسما خبريتها او وفيتها ان اللّه أنجاها عليها لتنحر بها ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا وفاء لنذر فى معصية اللّه و لا فيما لا يملك ابن آدم وجه الاحتجاج انه لو ملكها المشركون ما أخذها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ما بطل نذرها و حديث رواه داود عن ابن عمر قال ذهب فرس له فاخذها الكفار فظهر عليهم المسلمون فرد عليه فى زمن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ابق عبد له فلحق بالروم فظهر عليهم المسلمون فرد عليه خالد بن وليد وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و الجواب عن الحديث الاول ان ظاهر هذا الحديث يدل على ان الكفار لم يحرزوا العضباء بديارهم حيث قال و كانوا إذا نزلوا يريحون أهلهم فى أفنيتهم و عن الحديث الثاني انا نقول على حسب مقتضى هذا الحديث حيث نقول ان المشركين إذا غلبوا على أموالنا و ملكوها فظهر عليهم المسلمون و وجدها ملاكها قبل القسمة ردت تلك الأموال عليها بلا شى ء و بعد القسمة ردت بالقيمة و ان عبدا إذا ابق فدخل إليهم فاخذوه لم يملكوه عند ابى حنيفة رح ثم إذا ظهر عليهم المسلمون يأخذ المالك القديم بغير شى ء موهوبا كان او مشترى مغنوما قبل القسمة و بعده و اللّه تعالى اعلم يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللّه يعنى ثوابا زايدا على قدر أعمالهم أضعافا كثيرة وَ رِضْواناً جملة يبتغون حال مقيدة لاخراجهم بما يوجب تفخيم شانهم وَ يَنْصُرُونَ اللّه يعنى دينه عطف على يبتغون وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ فى ادعاء ايمانهم و حالهم على صدق دعواهم فمن قال من الروافض انهم كانوا منافقين و كانوا كاذبين فى ادعاء الايمان كفر لاستلزام انكار هذه الاية و قال قتادة هؤلاء المهاجرين الذين تركوا الديار و الأموال و العشائر و خرجوا حبّا للّه و لرسوله و اختاروا الإسلام على ما كانت فيه من شدة حتى ذكران الرجل كان يعصب الحجر على بطنه يقيم به صلبه من الجوع و كان الرجل يتخذ الحفيرة فى الشتاء ماله دثار غيرها قلت و كانوا يحبون القتل فى سبيل اللّه روى البغوي فى المعالم و شرح السنة من امية بن خالد بن عبد اللّه بن أسيد عن النبي صلى اللّه عليه و سلم انه كان يستفتح بصعاليك المهاجرين و روى مسلم عن عبد اللّه بن عمرو قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة الى الجنة بأربعين خريفا و روى ابو داود عن ابى سعيد الخدري رض عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال ابشروا يا معشر صعاليك المهاجرين بالنور التام يوم القيامة تدخلون الجنة قبل اغنياء الناس بنصف يوم و ذلك مقدار خمسمائة سنة قلت لعلهم يدخلون الجنة قبل اغنياء المهاجرين بأربعين خريفا و قبل اغنياء سائر الناس بخمسمائة سنة و اللّه تعالى اعلم اخرج ابن المنذر عن يزيد بن الأصم ان الأنصار قالوا يا رسول اللّه اقسم بيننا و بين إخواننا المهاجرين الأرض يعنى الأرض المملوكة للانصار نصفين قال لا و لكن تكفونهم المئونة و تقاسمونهم الثمرة و الأرض أرضكم قالوا رضينا فانزل اللّه تعالى يعنى انزل فيهم قوله. |
﴿ ٨ ﴾