سُورَةُ الصَّفِّ مَدَنِيَّةٌ

وَهِيَ أَرْبَعَ عَشَرَةَ آيَةً

مدنيّة و هى اربع عشرة اية و فيها ركوعان

 بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

 اخرج الترمذي و الحاكم و صححه عن عبد اللّه بن سلام قال قعدنا نفرا من اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فشداكرنا فقلنا لو نعلم اى الأعمال أحب الى اللّه لعلمناه فانزل اللّه تعالى

_________________________________

١

سَبَّحَ للّه ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

٢

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ قرأها علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى ختمها

و اخرج ابن جرير عن ابن عباس نحوه و ذكر البغوي قول المفسرين ان المؤمنين قالوا لو علمنا أحب الأعمال الى اللّه عز و جل لعملنا و بذلنا فيه أموالنا و أنفسنا فانزل اللّه تعالى ان اللّه يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفا فابتلوا بذلك يوم أحد فولوا مدبرين فانزل اللّه تعالى لم تقولون ما لا تفعلون

و اخرج ابن جرير عن ابى صالح قال قالوا لو كنا نعلم اى الأعمال أحب الى اللّه و أفضل لعملنا فنزلت يايّها الذين أمنوا هل أدلكم على تجارة الاية فكرهوا الجهاد فنزلت يايّها الذين لم تقولون ما لا تفعلون

و اخرج ابن ابى حاتم من طريق على عن عباس نحوه

و اخرج ابن ابى حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس و ابن جرير عن الضحاك قال أنزلت لم تقولون مالا تفعلون فى الرجل فى القتال ما لا يفعله من الضرب و الطعن و القتل

و اخرج ابن ابى حاتم عن مقاتل انها نزلت فى قوليهم يوم أحد و قال محمد بن كعب لما اخبر اللّه رسوله صلى اللّه عليه و سلم ثواب شهداء بدر قالت الصحابة لئن لقينا بعده قتالا لنفرغن فيه وسعنا خفروا يوم أحد فعيرهم اللّه بهذه الاية و قال ابن زيد نزلت فى المنافقين كانوا يعدون النصر للمومنين و هم كاذبون.

٣

كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّه أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ المقت أشد الغضب و نصبه على التميز من نسبة كبر الى فاعله و هو ان تقولوا و فيه دلالة على ان قولهم هذا مقت خالص كبير عند اللّه الذي يحقر دونه كل عظيم مبالغة فى المنع من ان يقولوا كذبا ما لا يفعلوه او يعدوا شيئا ثم لا يفوابه.

٤

إِنَّ اللّه يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا اى مصطفين مصدر بمعنى الفاعل او وصف به مبالغة و جاز ان يكون صفا مصدر بفعل محذوف و الجملة حال من فاعل يقاتلون تقديره يصفون فى أنفسهم صفا لا يزالون فى القتال عن أماكنهم كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ فى تراصهم من غير فرجة و بلا تحرك للفرار حال من المستكن فى الحال الاول و الرص اتصال بعض البناء بالبعض و استحكامه.

٥

وَ اذكر إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ بنى إسرائيل يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي بالعصيان و الرمي بالادرة و هى نفخة فى الخصيتين وَ قَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللّه إِلَيْكُمْ بما جئتكم بالمعجزات و انجيتكم من اهل فرعون يسومونكم سوء العذاب و جاوزت بكم البحر و العلم بالنبوة يوجب التعظيم و يمنع الإيذاء فَلَمَّا زاغُوا اى عدلوا عن الحق و لم يمتنعوا عن الإيذاء أَزاغَ اللّه قُلُوبَهُمْ صرفها عن قبول الحق و الميل الى الصواب وَ اللّه لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ هداية موصولة الى معرفة الحق او الجنة قال الزجاج لا يهدى من سبق فى علمه انه فاسق.

٦

وَ إِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ لعله لم يقل يا قوم كما قال موسى لانه لا نسب له فيهم إِنِّي رَسُولُ اللّه إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ اى من قبلى مِنَ التَّوْراةِ وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسكن الياء ابن عامر و حفص و حمزة و الكسائي و فتحها الباقون و مصدقا و مبشرا حالان من ضمير انى رسول اللّه و العامل فيهما و فى الرسول من معنى الإرسال لا الجار و المجرور فانه ظرف لغوصلة للرسول فلا يعمل اسْمُهُ أَحْمَدُ و هو أحد اسمى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم افعل من الحمد يعنى اكثر حامدية للّه تعالى من غيره و الأنبياء كلهم حمادون و اكثر محمودية من غيره من المخلوقات و الأنبياء كلهم محمودون موصوفون بالخصال الحميدة و هو صلى اللّه عليه و سلم اكثر مناقبا و اجمع فضايلا و محاسنا بها يستحق الحمد من غيره قال المجدد اسمه صلى اللّه عليه و سلم أحمد له خصوصية بنشإ الروحانية و لذلك سماه عيسى بذلك الاسم قبل نشاء العنصرية بالجسمانية و اسمه عليه السلام محمد له خصوصية بنشاء الجسمانية و له ولايتان ولاية محمدية و هى ا لمحبوبية الممتزجة بالمحبة و ولاية احمدية و هى المحبوبية الخالصة فعلى هذا الاولى ان يقال اشتقاه من المحمودية و اللّه تعالى اعلم ذكر عيسى عليه السلام تصديقه بالأنبياء حتى يكون دليلا على صدق دعواة الرسالة فان الحق يطابق الحق و الأنبياء شهداء بعضهم لبعض فذاك أول الكتب المشهورة الذي حكم به النبيون و النبي الذي هو خاتم المرسلين الذي بشر به الأنبياء كلهم و التورية و غيرها من الكتب السماوية فَلَمَّا جاءَهُمْ عيسى او احمد صلى اللّه عليه و سلم بِالْبَيِّناتِ المعجزات الظاهرة من احياء الموتى و إبراء الأكمه و الأبرص و بالقران المعجز الباقي بمعنى الدهور و الأزمان و شق القمر و غير ذلك ما لا يحصى و الظرف متعلق بقوله تعالى قالُوا يعنى كفار بنى إسرائيل او كفار قريش و غيرهم هذا سِحْرٌ قرأ حمزة ساحر اشارة الى عيسى او محمد صلى اللّه عليه و سلم

و قرا الباقون سحر اشارة الى ما جاء به المعجزات مُبِينٌ ظاهر.

٧

وَ مَنْ يعنى لا أحد أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللّه الْكَذِبَ نسبة الشريك و الولد اليه و بان قالوا ما أَنْزَلَ اللّه عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْ ءٍ او قالوا إِنَّ اللّه عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ او قال شريعة موسى شريعة موبدة الى يوم القيمة وَ هُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ الظاهر حقيقه المقتضى له خير الدارين فيضع موضع الاجابة الافتراء على اللّه و يكذب رسله و يسمى آياته سحرا حال من فاعل افترى وَ اللّه لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ يعنى من كان فى علمه القديم ظالما فاللّه لا يرشده الحق و الى ما فيه فلاحه.

٨

يُرِيدُونَ حال للقوم الظالمين او استيناف فى جواب قايل يقول ما شانهم لِيُطْفِؤُا ان يطفؤا و اللام مزيدة لما فيه من معنى الارادة كما زيدت فى لا أبا لك لما فيه من معنى الاضافة او للتعليل و المفعول به محذوف اى يريدون الافتراء ليطفؤا نُورَ اللّه اى دينه بِأَفْواهِهِمْ اى بمقالاتهم الكاذبة المفتراة كمن يريد ان يطفئ نور الشمس و القمر يطفه بفيه ففيه اشارة الى تمثيل لطيف وَ اللّه مُتِمُّ نُورِهِ اى مبلغ غايته بنشره و اعلائه قرا ابن كثير و حمزة و الكسائي و حفص بالاضافة و الباقون بالتنوين و النصب وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ كلمة لو متصلة للتسوية و الجملة حال اى مستويا كراهة المشركين و عدمها يعنى انه تعالى لا يبالى فى إعلاء دينه كراهة المشركين.

٩

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ، محمدا صلى اللّه عليه و سلم بِالْهُدى اى بما يهتدى به الناس الى الحق من القران و المعجزات الباهرة وَ دِينِ الْحَقِّ اى دين اللّه و هو الملة الحنيفة البيضاء لِيُظْهِرَهُ بالسيف و الحجة عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ اى جميع الأديان وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ قد مر نظيره.

١٠

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ قرأ ابن عامر بالتشديد من التفصيل للتكثير و الباقون مخففا من الافعال مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ كما ان تجارة الدنيا تنجى من الفقر و عذاب الجوع و نحو ذلك اخرج ابن ابى حاتم عن سعيد بن جبير قال لما نزلت يايّها الذين أمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم قال المسلمون لو علمنا ما هذه التجارة لاعطينا فيها الأموال و الأهلين فنزل قوله تعالى.

١١

تُؤْمِنُونَ بِاللّه وَ رَسُولِهِ وَ تُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّه بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ بيان للتجارة يعنى هى الجمع بين الايمان و بين المجاهدة بالأموال و الأنفس سمى تجارة لان فيه مبادلة الأموال و الا نفس بنعيم الاخرة و رضوان اللّه و مبادلة الأهواء يعنى العقائد الباطلة بالعلوم الحقة المكنى عنها بالايمان و فيه مرابحة صريحة او رد لفظ الخبر و المراد به الأمر إيذانا بان هذا الشي ء لا يترك و اشعارا بمدح الصحابة بانهم معتادون بذاك ذلِكُمْ الجمع بين الايمان و المجاهدة خَيْرٌ لَكُمْ من الأهواء و الأنفس و الأموال إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ شرط مستغن عن الجزاء بما مضى ان كنتم تعلمون كونه خيرا فاتوا به و لا تتركوه و المعنى ان كنتم تعلمون انه خير لكم كان حينئذ خيرا لكم حيث تحبون الايمان و الجهاد و فوق كل شى ء.

١٢

يَغْفِرْ لَكُمْ اى اللّه سبحانه ذُنُوبَكُمْ جواب للامر المدلول عليه بقوله تؤمنون و تجاهدون تقديره ان تؤمنوا و تجاهدوا يغفر لكم او للاستفهام المدلول عليه للاستفهام المذكور تقديره هل تقبلون ان أدلكم ان تقبلوا يغفر لكم و لا يجوز ان يكون جوابا لهل أدلكم لان مجرد الدلالة لا يوجب المغفرة الا ان يقال ان الدلالة سبب للعمل و العمل يوجب المغفرة فقد رتب المسبب على سبب السبب إيذانا بقوة سببية دلالته و إرشاده صلى اللّه عليه و سلم للاهتداء بقوة تأثير نفسه الشريفة و وضوح امره بحيث لا يضل بعدها الا من هو أشقى الناس فى علم اللّه تعالى و أخبث الاستعداد وَ يُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً عطف الجزء على الكل فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ اى استقرار و ثبات يقال عدن بمكان كذا اى استقر و منه المعدن المستقر للجوهر قال القرطبي قيل الجنات سبع دار الحلال و دار السلام و دار الخلد و جنة عدن و جنة المأوى و جنة نعيم و جنة الفردوس و قيل اربع فقط كما يدل عليه قوله تعالى وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ ...

وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ و فى الصحيحين عن ابى موسى الأشعري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم جنتان من فضة أبنيتهما و ما فيهما و جنتان من ذهب أبنيتهما و ما فيهما و ما بين القوم و بين ان ينظروا الى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه فى جنة عدن و الاربعة كلها يوصف بالمأوى و الخلد و العدن و السلام و هذا ما اختاره الحكيم اخرج ابو الشيخ فى كتاب العظمة عن ابن عمر قال خلق اللّه تبارك و تعالى أربعا بيده العرش و عدن و القلم و آدم ثم قال لكل شى ء كن فكان

و اخرج ابن المبارك و الطبراني و ابو الشيخ و البيهقي عن عمران بن حصين و ابى هريرة قال سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن هذه الاية وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ قال قصر من اللؤلؤ فى ذلك القصر دارا من ياقوت حمراء فى كل دار سبعون بيتا من زمرد خضراء فى كل بيت سرير على كل سرير سبعون لو نأمن الطعام فى كل بيت سبعون و صيفا و وصيفة و يعطى المؤمن فى كل غداة من القوة ما يأتي على ذلك كله اجمع ذلِكَ المغفرة و إدخال الجنة الْفَوْزُ الْعَظِيمُ يستحقر بالنسبة اليه كل فوز.

١٣

وَ أُخْرى مرفوع على الابتداء و الخبر محذوف اى ذلكم نعمة عاجلة او منصوب بإضمار يعطيكم او تحبون او مجرور عطف على تجارة يعنى هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ و تجارة اخرى تُحِبُّونَها صفة لاخرى و فيه تعريض ان الناس يوثرون العاجل على الاجل نَصْرٌ مِنَ اللّه وَ فَتْحٌ قَرِيبٌ عاجل يعنى النصرة على قريش و فتح مكة او فتح خيبر و قال عطاء يريد فتح فارس و الروم قلت و الظاهر ان المراد جنس النصرة و الفتح فانهما يترتبان على السعى و المجاهدة من العبد قال اللّه تعالى و لينصرن اللّه من ينصره فان كان اخرى مرفوعا على الابتداء و الخبر محذوف فقوله نصر و فتح بدل او بيان و جاز ان يكون اخرى مبتداء و هذا خبره و على قول النصب و الخبر هذا خبر مبتداء محذوف اى هى نصر و فتح و الجملة صفة لاخرى او استيناف وَ بَشِّرِ ايها الرسول الْمُؤْمِنِينَ بما وعدهم عليها عاجلا واحدا عطف على محذوف تقديره قل يا محمد يايّها الذين أمنوا هل أدلكم و بشرهم او على تؤمنون فانه فى معنى الأمر كانه قال أمنوا و جاهدوا ايها المؤمنون و بشرهم ايها الرسول.

١٤

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللّه اى أنصار دينه قرا الكوفيون و ابن عامر بالاضافة و الحجازيون و ابو عمرو بالتنوين و لام فى للّه على ان المعنى كونوا بعض أنصار اللّه كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ تشبيه باعتبار المعنى و المراد قل يا محمد يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللّه كَما قالَ عِيسَى او كونوا أنصار اللّه كما كان الحواريون حين قال عيسى ابن مريم

لِلْحَوارِيِّينَ قد مر تحقيق الحواريين فى سورة ال عمران مَنْ أَنْصارِي فتح الياء نافع و أسكنها الباقون اى جندى متوجها إِلَى اللّه اى الى نصر دينه قالَ الْحَوارِيُّونَ و هم أول من أمن به و كانوا اثنا عشر رجلا كما مر هناك نَحْنُ أَنْصارُ اللّه اضافة الأنصار الى عيسى اضافة أحد المتشاركين الى الاخرى لما بينهما من الاختصاص و الاضافة الى اللّه اى الى دينه اضافة الفاعل الى المفعول فَآمَنَتْ بعيسى طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ اسبقهم الى الايمان الحواريون وَ كَفَرَتْ طائِفَةٌ معهم فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا بالحجة او بالحرب عَلى عَدُوِّهِمْ بعد رفع عيسى عليه السلام

فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ غالبين

قال البغوي قال ابن عباس لما رفع عيسى تفرق قومه ثلث فرق فرقة قالوا كان اللّه فارتفع و فرقة قالوا كان ابن اللّه فرفعه اللّه و فرقة قالوا كان عبد اللّه و رسوله فرفعه اليه و اتبع كل فرقة منهم طائفة من الناس فاقتتلوا و ظهرت الفرقتان الكافرتان على المؤمنين حتى بعث اللّه محمدا صلى اللّه عليه و سلم فظهرت الفرقة المؤمنة على الكافرة و ذلك قوله تعالى فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا قال و روى المغيرة عن ابراهيم قال أصبحت حجة من أمن بعيسى ظاهرة بتصديق محمد صلى اللّه عليه و سلم ان عيسى كلمة اللّه و روحه قلت لكن عطف قوله تعالى فَآمَنَتْ و قوله تعالى فَأَيَّدْنَا و فَأَصْبَحُوا على قوله قال الحواريون بكلمة الفاء التي للتعقيب بلا تراخ يدل على ان بعضهم كفر من بعض و تأيده اللّه تعالى للمؤمنين و ظهورهم على الكافرين بعد قول الحواريين ذلك بلا مهلة و اللّه تعالى اعلم.

﴿ ٠