١١

وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا اى تفرقوا إِلَيْها الجملة الشرطية معطوفة على الشرطية السابقة و فيها التفات من الخطاب الى الغيبة أفرد الضمير للتجارة برد الكناية إليها لانها المقصود فان المراد من اللّهو الطبل الذي كانوا يستقبلون به العير و الترديد للدلالة على ان منهم من انفض لمجرد سماع و رويته

و اخرج ابن جرير عن جابر ايضا قال كان الجواري إذا نكحوا كانوا يموون بالكبر و المزامير و يتركون النبي صلى اللّه عليه و سلم قائما على المنبر فينفضون إليها فنزلت قال صاحب لباب النقول فكانها نزلت فى الامرين معا قال ثم رايت ابن المنذر أخرجه عن جابر بقصة النكاح و قدوم العير معا من طريق واحد و انها نزلت فى الامرين فللّه الحمد و على هذا فالوجه لافراد الضمير راجعا الى التجارة للدلالة على ان الانفضاض الى التجارة مع الحاجة إليها و الانتفاع بها إذا كان مذموما كان الانفضاض الى اللّهو أول بذلك و قيل تقديره إذا راوا تجارة انفضوا إليها و إذا راوا لهوا انفضوا اليه و قال الحسن و ابو مالك أصاب اهل المدينة جوع و غلا سعر فقدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام و النبي صلى اللّه عليه و سلم يخطب يوم الجمعة فلما راوه قاموا اليه بالبقيع خشوا ان يسبقوا اليه فلم يبق مع النبي صلى اللّه عليه و سلم الارهط منهم ابو بكر و عمر رض فنزلت هذه الاية فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و الذي نفس محمد بيده لو نتابعتم حتى لا يبقى منكم أحد سال بكم الوادي نارا و قال مقاتل بينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يخطب يوم الجمعة إذ اقبل دحية بن خليفة الكلبي من الشام بالتجارة فكان إذا قدم لم يبق بالمدينة عاتق الا أتته و كان يقدم إذا قدم بكل ما يحتاج اليه من دقيق و يرو غيره فنزل عند أحجار الزيت و هو مكان من سوق المدينة ثم يضرب بالطبل ليؤذن الناس بقدومه فيخرج اليه الناس ليبتاعوا منه فقدم ذات جمعة و كان ذلك قبل ان يسلم و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قائم على المنبر يخطب فخرج اليه الناس فلم يبق فى المسجد الا اثنا عشر رجلا و امرأة فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كم بقي فى المسجد فقالوا اثنا عشر رجلا و امرأة فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم لو لا هؤلاء لقد سومت لهم الحجارة من السماء فانزل اللّه هذه الاية و أراد باللّهو الطبل قيل كانت العير إذا قدمت المدينة استقبلوها بالطبل و التصفيق وَ تَرَكُوكَ قائِماً تخطب كذا صرح مسلم فى رواية انهم انفضوا و هو يخطب و رجحه البيهقي على رواية من روى و هو يصلى يجمع بينهما بان يراد من قال و هو يصلى يخطب مجازا و قد مر فيما سبق حديث كعب بن عجرة و قال علقمة سئل عبد اللّه كان النبي صلى اللّه عليه و سلم قائما او قاعدا قال اما تقرأ و تركوك قائما و فى قصة انفضاض الناس فى حالة الخطبة و بقاء اثنى عشر رجلا دليل على جواز الجمعة باقل من أربعين رجلا و احتمال انه صلى اللّه عليه و سلم لم يصل بهم الجمعة و صلى الظهر او انهم رجعوا الى النبي صلى اللّه عليه و سلم بعد الانفضاض او اجتمع اليه رجال آخرون غيرهم فصلى بهم امر لا يقتضيه سياق القصة و لا دليل عليه و لو كان شى ء من الاحتمالات المذكورة لنقل و اللّه تعالى اعلم و ليس فى القصة دليل على اشتراط اثنى عشر رجلا كما قال بعضهم كما انه لا دليل فى قصة اسعد بن زرارة انه صلى أول جمعة جمع بأربعين رجلا على اشتراط أربعين رجلا و لا فى صلوته صلى اللّه عليه و سلم فى بنى سالم بن عمرو بماية رجل على اشتراط الماية و اللّه تعالى اعلم (مسئله) لو شرع الامام الصلاة بعدد ينعقد بهم الجمعة على اختلاف الأقوال فذهب منهم واحد و لم يبق ذلك العدد قال ابو حنيفة رح ان ذهب قبل سجود الامام فى الركعة الاولى بطلت الجمعة و يستانف بالظهر و ان ذهب بعد سجوده أتمها جمعة و قال مالك ان انفضوا بعد تمام الركعة بسجدتيها أتمها جمعة و قال احمد ان انفضوا بعد إحرام أتمها جمعة و قال الشافعي رح فى أصح أقواله ان بقاء الأربعين الى اخر الصلاة شرط كما ان بقاء الوقت شرط الى اخر الصلاة و لو نقص من الأربعين واحد قبل أن يسلم الامام يجب على الباقين أن يصلوها أربعا ظهرا و فى قول للشافعى أن بقي معه اثنان أتمها جمعة و فى قول له ان بقي واحد أتمها جمعة و عند المزني ان انفضوا بعد ما صلى بهم الامام ركعة أتمها جمعة و ان لم يبق مع الامام واحد و ان كان فى الركعة الاولى يتمها أربعا ان انتقص من أربعين واحد و قال زفران نفروا قبل القعده بطلت الجمعة و استأنف ظهرا (مسئله) إذا أدرك المسبوق مع الامام شيئا من الصلاة سواء أدرك قعدة او سجدة سهو أتمها جمعة عند ابى حنيفة رح و عند مالك و الشافعي و احمد ان أدرك ركعة أدرك الجمعة و أتمها و ان أدرك دونها أتمها ظهرا و قال طاؤس لا يدرك الجمعة ما لم يدرك الخطبتين و اللّه تعالى اعلم قُلْ ما عِنْدَ اللّه من الثواب على الصلاة و الثبات مع النبي صلى اللّه عليه و سلم خَيْرٌ مِنَ اللّهوِ وَ مِنَ التِّجارَةِ فان ذلك محقق قوى محلا بخلاف ما يتوهمون من نفعها وَ اللّه خَيْرُ الرَّازِقِينَ لانه يوجب الأرزاق فاياه فاسئلوا و منه اطلبوا (مسئله) يستجب الإجمال فى طلب الرزق و الاقتصاد و يكره الحرص و حب المال عن ابى حميدى الساعدي ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال اجملوا فى طلب الدنيا فان كلكم ميسر لما كتب له رواه الحاكم و ابو الشيخ و ابن ماجة نحوه و عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يا ايها الناس ان الغنى ليس عن كثرة العرض لكن الغنى غنى النفس و ان اللّه يؤتى عبده ما كتب له من الرزق فاجملوا فى الطلب خذوا ما حل و دعوا ما حرم رواه ابو يعلى و سنده حسن و اوله متفق عليه و عن ابى الدرداء قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان الرزق ليطلب العبد كما يطلب الاجل رواه ابن حبان و البزاز و الطبراني و لفظه ان الرزق ليطلب العبد اكثر مما يطلبه و عن ابى سعيد الخدري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لوفر أحدكم من رزقه أدركه كما يدركه رواه الطبراني فى الأوسط و الصغير بسند حسن و عن سعد بن ابى وقاص يقول سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول خير الذكر الخفي و خير الرزق ما يكفى رواه ابو عوانة و ابن حبان و عن ابى ذر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من أصبح و همه الدنيا فليس من اللّه فى شى ء و من لم يهتم بالمسلمين فليس منهم و من اعطى الذلة فى نفسه طايعا غير مكره فليس منا رواه الطبراني و عن كعب بن مالك قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما ذئبان جايعان أرسلا فى غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال و السرف رواه الترمذي و صححه هو و ابن حبان و عن ابى هريرة ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول اللّهم انى أعوذ بك من علم لا ينفع و من قلب لا يخشع و من نفس لا تشبع و من دعاء لا يسمع رواه النسائي و هو عند مسلم و الترمذي من حديث زيد بن أرقم عن انس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لو كان لابن آدم واديان من مال لا تبغى إليهما ثالثا و ما يملأ جوف ابن آدم الا التراب و يتوب اللّه على من تاب.

﴿ ١١