٥

وَ أَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلَى اللّه كَذِباً اعتذار عن اتباع بعضهم السفيه فى ذلك بظنهم انه لا يكذب على اللّه أحد و كذبا منصوب على المصدرية لانه نوع من القول او على المفعولية على انه مقولة تقول او على انه وصف لمحذوف اى قولا مكذوبا

و قرا ابو جعفر تقول بفتح الواو و التشديد و على هذا مصدر البتة لان التقول لا يكون الا كذبا و ان بعد الظن مصدرية او مخففة و معنى الآيتين على تقدير فتح همزة ان و كونها معطوفة على به فى أمنا به- انه تيقنا انه كان قول سفيهنا بعيدا عن الحق حوازا فى الحكم و ان زعمنا بعدم كذب الجن كان باطلا

فان قيل كان الجن قبل مبعث النبي صلى اللّه عليه و اله و سلم يقعدون من السماء مقاعد السمع فيستمعون كلام الملائكة من التسبيح و غير ذلك فما الوجه فى اتباعهم سفيههم و ظنهم انهم لا يقولون كذبا و عدم ايمانهم مع استماعهم كلام الملائكة كثيرا و ايمانهم لما سمعوا القران من النبي صلى اللّه عليه و سلم مرة واحدة قلت الايمان امر وهبى لا يتصور وجوده فهذه تلقى الهداية من اللّه الهادي على الإطلاق و ذلك التلقي لا يكون الا بواسطة يأخذ الفيض من اللّه تعالى لمناسبة المعنوية به تعالى بعلو استعداده و يفيض على العالمين لمناسبة بهم صورية و ذلك الواسطة هى من الأنبياء عليهم السلام فان لهم مع اللّه مناسبة معنوية لاجل كون مبادى تعيناتهم و مربياتهم الصفات العاليات و لهم على قدر كمالهم فى مراتب النزول مناسبة صورية بالاسفلين و اما الملاء الا على من الملائكة فلهم مناسبة مع اللّه كهيئة الأنبياء و لا مناسبة لهم بالاسفلين لكونهم متصاعدين مراتب غير محصلين كمالات النزول و كذلك لم يتاثر الجن منهم هداية و لا إيمانا و ان سمعوا منهم كلمات الهداية و تأثروا من سفهاء الجن و الشياطين لكمال المناسبة و كذا لم يتاثر من المكلفين من نوح عليه السلام و غيره من الأنبياء الذين لم يبلغوا فى مراتب النزول غاية و تأثروا من سيد الأنبياء فانه كان هاديا لكمالات الفروع و الأصول محدد الدرجات العروج و النزول لاجل ذلك بعثه اللّه تعالى الى الناس كافة بل الى الجن و الانس عامة فاستنار بنور هدايته العالمين و استضاء بضوع إرشاده جماهير المكلفين الا من ختم اللّه على قلبه و سمعه و جعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد اللّه حيث لم يخلق فيه استعداد قبول الحق و اللّه يهدى من يشاء الى صراط مستقيم و هذا معنى قول الشيخ الأكبر أنكروا دعوة نوح لما كان من الفرقان و أجابوا دعوة محمدا كان من القران صلى اللّه عليه و على اله و سلم و على جميع إخوانه من الأنبياء و المرسلين و بارك و سلم.

﴿ ٥