٤ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ اى على النصف ما شئت فالمامور به فى هذه الاية القيام اكثر من الربع و لو ساعة و الظاهر ان الأمر بالقيام فى هذه الاية للوجوب كما هو مقتضى الأمر فى الأصل فمقتضى الكلام البغوي و هو المستفاد من قول عائشة و غيرها ان قيام الليل بهذه الاية كان واجبا على النبي صلى اللّه عليه و سلم و على أمته ثم نسخ قال البغوي كان النبي صلى اللّه عليه و سلم و أصحابه يقومون على هذه المقادير فكان الرجل لا يدرى متى ثلث الليل و متى النصف و متى الثلثان فكان يقوم حتى يصبح مخافة ان لا يحفظ القدر الواجب و اشتد ذلك عليهم حتى انتفخت أقدامهم فرحمهم اللّه تعالى و خفف عنهم و نسخها بقوله فاقرءوا ما تيسر منه و كان بين أول السورة و آخرها سنة عن سعيد بن هشام قال انطلقت الى عائشة فقلت يا أم المؤمنين انبئينى عن خلق رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قالت الست تقرأ القران قلت بلى قالت فان خلق نبى اللّه كان القران قلت فقيام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يا أم المؤمنين قالت الست تقرأ يايها المزمل قلت بلى قالت فان اللّه افترض القيام فى أول هذه السورة فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم و امسك اللّه تعالى خاتمتها اثنى عشر شهرا فى السماء ثم انزل التخفيف فى اخر هذه السورة فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة رواه ابو داود و النسائي و البغوي و كذا اخرج الحاكم و اخرج ابن جرير مثله عن ابن عباس و غيره قال مقاتل و ابن كيسان كان هذا بمكة قبل ان يفرض الصلوات الخمس ثم نسخ ذلك بالصلوة الخمس و الظاهر عندى ان الوجوب كان مختصا بالنبي صلى اللّه عليه و اله و سلم بدليل قوله تعالى ان ربك يعلم انك تقوم ادنى من ثلثى الليل و نصفه و ثلثه و طائفة من الذين معك فان كلمة من للتبعيض صريح فى ان الصحابة بعضهم كانوا يقومون دون بعض فان قيل لو كان وجوبه مختصا بالنبي صلى اللّه عليه و سلم فكيف يصح تعليل التخفيف لقوله تعالى علم ان سيكون منكم مرضى و آخرون يضربون فى الأرض يبتغون من فضل اللّه و آخرون يقتلون فى سبيل اللّه فان هذه الاية تقتضى رعاية حال الامة و ضعفهم قلنا خفف اللّه سبحانه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم لرعاية ضعف الامة و اعذارهم لان الناس بما واظب عليه النبي صلى اللّه عليه و سلم مسنون للامة مطلوب الإتيان منهم من غير إيجاب بل بحيث يلام تاركه قال اللّه تعالى و لكم فى رسول اللّه أسوة حسنة لمن كان يؤمن باللّه و اليوم الاخر و ما قيل ان المسنون ما واظب عليه النبي صلى اللّه عليه و سلم على سبيل التطوع احترازا عن صوم الوصال و نحوه فليس بشئ لان الأصل التأسي و الاقتداء مطلقا فلا يترك الا إذا كان ذلك الأمر ممنوعا محرما او مكروها فى حق الامة كصوم الوصال و وصل النكاح فوق الاربعة و غير ذلك و لا وجه لتخصيص التأسي بما واظب النبي صلى اللّه عليه و سلم على سبيل التطوع وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ط عطف على قم الليل و ما قيل الترتيل مندوب اجماعا فعطفه على القيام يقتضى كون الأمر بالقيام ايضا للندب فليس بشئ عن عبد اللّه بن عمر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقال لصاحب القران اقرأ و ارتق و رتل كما كنت ترتل فى الدنيا فان منزلتك عند اخر آية تقرءها رواه احمد و الترمذي و ابو داود و النسائي و الترتيل عبارة عن إرسال الكلمة من الفم بسهولة و استقامة كذا فى الصراح و فى القاموس نحوه و عن ابن عباس معناه بينه بيانا و عن الحسن نحوه و قال مجاهد ترتيل فيه ترسلا عن قتادة قال سئل عن انس رض كيف كانت قراءة النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال كانت مدا ثم قرا بسم اللّه الرحمن الرحيم يمد ببسم اللّه و يمد بالرحمن يمد بالرحيم رواه البخاري قلت معنى قوله يمد ببسم اللّه و يمد بالرحمن و يمد بالرحيم انه يظهر فيه الالف من اللّه بعد اللام و من الرحمن بعد الميم بقدر حركة و اما مد الرحيم فيجوز فيه المد بقدر الحركتين و اربع و ست عند الوقف و فى الوصل لا يجوز الا بقدر حركة اجمع عليه القراء و عن أم سلمة انها سئل عن قراءة النبي صلى اللّه عليه و سلم فاذا هى تنعت قراءة مفسرة حرفا حرفا رواه الترمذي و ابو داود و النسائي و عنهما قالت كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقطع قراءته يقول الحمد للّه رب العلمين ثم يقف ثم يقول الرحمن الرحيم ثم يقف رواه الترمذي قلت و يتضمن الترتيل تحسين الصوت بالقرآن عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما اذن اللّه لشئ ما اذن لنبى يتغنى بالقران متفق عليه و فى رواية عنه ما اذن اللّه ما اذن لنبى حسن الصوت بالقران يجهر به متفق عليه و عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ليس منا من لم يتغن بالقران رواه البخاري و ليس المراد الا تحسين الصوت كما خرج به فى بعض الروايات دون إخراجه على وجه الغناء فانه حرام ممنوع عن حذيفة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اقرؤا القران بلحون العرب و أصواتها و إياكم و لحون اهل العشق و لحون اهل الكتابين و سيجئ بعدي قوم يرجعون بالقران ترجيع الغناء و النوح لا يتجاوز حناجرهم مفتونة قلوبهم و قلوب الذين يعجبهم شانهم رواه البيهقي فى شعب (فائدة) و الحكمة فى الترتيل التدبر فى معانى القران و الألفاظ بموعظة و الخوف عند اية الوعيد و الرجاء عند اية الوعد و نحو ذلك روى البغوي عن ابن مسعود رض قال لا تنثروه نثر الدقل و لا تهزوه هذا الشعر قفوا عند عجائبه و حركوا به القلوب و لا يكن بهم أحدكم اخر السورة و عن حذيفة رض قال صليت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم صلوة الليل فما مر باية فيها ذكر الجنة الا وقف و سال اللّه الجنة و ما مر باية فيها ذكر النار الا وقف و تعوذ من النار و عن عبيد المليكي و كانت له صحبة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يا اهل القران لا تتوسدوا القران و اتلوه حق تلاوته اناء الليل و النهار و أفشوه و تغنوه و تدبروا ما فيه لعلكم تفلحون و لا تعجلوا هرابه فان له ثوابا رواه البيهقي فى الشعب و عن سهل بن عبد الساعدي قال بينا نحن نقرأ إذ خرج علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال الحمد للّه كتاب اللّه واحد و فيكم الأخيار و فيكم الأحمر و الأسود و الأبيض اقرؤا القران قبل ان يأتي أقوام يقرأونه يقيمون حروفه كما يقام السهم و لا يجاوز تراقيهم يتعجلون اجره و لا يتاجلونه. |
﴿ ٤ ﴾