|
٧ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ جملة مستانفة فى جواب ما بالهم يثأبون كذلك او فى جواب الأبرار ما هم فهو تعريف للابرار بانهم يودون الواجبات و يخافون اللّه فيجتنبون المكروهات و يرحمون العباد و يفعلون الحسنات خالصا للّه تعالى ابتغاء مرضاته هذا شأن الأبرار و يحصل ذلك المراتب بعد فناء النفس و زوال رزائله و اما المقربون فشأنهم ارفع من ذلك او تعليل لما سبق يعنى ان الأبرار يشربون إلخ لانهم يوفون النذر فى الدنيا و النذر فى اللغة ان توجب على نفسك ما ليس بواجب كذا فى الصحاح و ايفائهم ما يوجبوا على أنفسهم ما ليس بواجب عليه يدل بالطريق الاولى على ايفائهم ما فرض اللّه عليهم من الصلاة و الزكوة و الصوم و الحج و العمرة و الجهاد و غيرها فلعله هو المراد بما قال قتادة يوفون بما فرض اللّه عليهم من الصلاة و الزكوة و الحج و العمرة و غيرها من الواجبات- (فصل) للايجاب و لما كان النذر عبارة عن إيجابه على نفس ما ليس بواجب ظهر انه لا بد لانعقاده من شرطين أحدهما ان يكون طاعة فان ما ليس بطاعة لا يصلح للايجاب قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انما النذر ما ابتغى به وجه اللّه رواه احمد من حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص و الثاني ان لا يكون واجبا بايجاب اللّه تعالى و قال ابو حنيفة و لا بد ايضا ان يكون العبادة مقصودة بنفسها و ان يكون من جنسها واجب بايجاب اللّه و عند الجمهور لا يشترط ذينك الشرطين و الإجماع على وجوب الاعتكاف بالنذر يقتضى انتفاء هذين الشرطين فانه عبادة لاجل انتظار الصلاة لا بنفسه و ليس منه عينه واجب و من ثم قال الشافعي يجب بالنذر كل قربة لا تجب ابتداء كعيادة المريض و تشييع الجنازة و السلام و يدل على التعميم حديث عائشة من نذر ان يطيع اللّه فليطعه و من نذران يعصى اللّه فلا يعصه رواه البخاري و زاد الطحاوي و فى هذه الوجه و ليكفر عنه عن يمينه قال ابن العطاء عند الشك فى رفع هذه الزيادة (مسئلة:) من نذر بطاعة و قيده بقيود للطاعة فيها يلغو تلك القيود و ينعقد النذر بالطاعة كمن نذر بالصلوة فى مكان معين و بالصوم قايما و نحو ذلك فيجب الصلاة و الصوم و يتادى بكل مكان و على كل حال اجماعا الا ان أبا يوسف و الشافعي و غيرهما قالوا لو نذران يصلى فى المسجد الحرام لم يجزه فى غيره و لو نذر فى المسجد الأقصى او مسجد النبي صلى اللّه عليه و سلم يجوز له الأداء فى المسجد الحرام و لم يجزه فيما هو اقل منه فضلا و قال ابو حنيفة رض فى جميع الصور يجوز الأداء فى كل مكان و فى حديث جابر ان رجلا قال يوم الفتح يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انى نذرت ان افتح اللّه عليك مكة ان أصلي فى البيت المقدس فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم صل هاهنا فاعادها على النبي صلى اللّه عليه و سلم مرتين او ثلثا فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم شانك إذا رواه ابو داود و الدارمي فبهذا الحديث الغى ابو حنيفة تقييده بالمسجد الأقصى قال ابو يوسف و الشافعي تقييده الصلاة بمسجد من هذا المساجد الثلاثة كثرة الثواب و المعنى الطاعة فلا يلغى عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم صلوة فى مسجدى هذا خير من الف صلوة فيما سواه الا المسجد الحرام متفق عليه و عن انس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم صلوة الرجل فى بيته بصلوة و صلوته فى مسجد القبائل بخمس و عشرين صلوة و صلوته فى المسجد الذي يجمع فيه بخمسمائة صلوة و صلوته فى المسجد الأقصى بألف صلوة و صلوته فى مسجدى بخمسين الف صلوة و صلوته فى المسجد الحرام مائة الف صلوة رواه ابن ماجه و قال انما ذلك على الصلاة المكتوبات لا على النوافل عن زيد بن ثابت قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم صلوة المرأ فى بيته أفضل من صلوته فى مسجدى هذا الا المكتوبة رواه ابو داود و الترمذي و ما يدل على الغاء قيود لا طاعة و فيها حديث ابن عباس قال بينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يخطب إذا هو برجل قائم فى الشمس فسال عنه فقال ابو إسرائيل نذران يكون و لا يقعد و لا يستظل و لا يتكلم و لا يصوم فقال مروه فليتكلم و ليستظل و ليقعد وليتم صومه رواه ابو داود و ابن ماجة و ابن حبان و رواه البخاري و ليس فيه فى الشمس و رواه مالك فى المؤطأ مرسلا و فيه تأمره بإتمام ما كان للّه طاعة و تترك ما كان معصية قال مالك و لم يبلغنى انه امر بكفارة و أخرجه الشافعي و فى آخره و لم يأمره بكفارة و رواه البيهقي من حديث محمد بن كريب عن أبيه عن ابن عباس و فيه الأمر بالكفارة و محمد بن كريب ضعيف (مسئلة:) من فاته ما وجب عليه بالنذر يجب قضاءه بمثله حقيقة او حكما فيقتضى الصلاة بالصلوة و الصوم بالصو م و الشيخ الفاني يطعم بكل صوم مسكينا و من نذر الحج ماشيا فركب بعذر يهدى هديا و به قال الجمهور و هو الصحيح من مذهب ابى حنيفة و فى رواية الأصل عن ابى حنيفة لا يجب عليه المشي فى الحج بالنذر فلا يجب عليه الهدى لحديث عقبة بن عامر الجهني قال نذرت أختي ان تمشى الى الكعبة حافية حاسرة فاتى عليها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال ما بال هذه قالوا نذرت ان تمشى الى الكعبة حافية حاسرة قال مروها فلتركب و لتخمر متفق عليه و حديث انس ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم راى شيخا يهادى بين ابنين له فسأل عنه فقال نذران يمشى فقال ان اللّه لغنى عن تعذيب هذا و يأمره بان يركب متفق عليه قلنا اما حديث عقبة بن عامر فقد رواه ابو داود بسند جيد نذرت أختي ان تمشى الى البيت فامر النبي صلى اللّه عليه و سلم ان تركب و تهدى هديا و روى داود من حديث زيد بن عباس بلفظ ان اخت عقبة بن عامر نذرت ان تحج ماشية و ان لا تطيق ذلك فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم ان اللّه غنى عن مشى أختك فلتركب و لتهد بدنة و روى الطحاوي من حديث عقبة بن عامر نحوه بسند حسن فظهران ما فى الصحيحين فيه اختصار على ذكر بعض المروي و ما ذكرنا من الروايات يقتضى تخصيص البدنة بالهدى و روى عبد الرزاق عن على بسند صحيح فيمن نذران يمشى الى البيت قال يمشى فان عيى ركبوا هدى جذورا و اخرج نحوه عن ابن عمر و ابن عباس و قتادة و الحسن (مسئلة) و من نذر بمعصية او بامر مباح لا يصلح للطاعة لا يجب و لا ينعقد النذر اجماعا فيلغو عند ابى حنيفة و عند الجمهور يتعقد يمينا للتحرز عن الغاء كلام العاقل و صيغته أكيد يصلح لكونه يمينا لفظا لاشتماله على ذكر اسم اللّه تعالى و معنى لان فيه تحريم ضد المنذور فضدهم يجب ان يحنث و يكفر فى المعصية و فى المباح يخير بين ان يفعل او يكفر و الحجة لهم أحاديث حديث عقبة بن عامر كفارة النذر كفارة اليمين رواه مسلم و حديث عمران بن حصين مرفوعا لا نذر فى معصية اللّه و كفارته اليمين رواه النسائي و الحاكم و البيهقي و مداره على محمد بن زبير الحنظلي و هو ليس بالقوى و قال الحافظ بن الحجر له طرق اخر إسنادها صحيح الا انه معلول و رواه احمد و اصحاب السنن و البيهقي من رواية الزهري عن ابى سلمة عن ابى هريرة و هو منقطع لم يسمع ابو سلمة عن ابى هريرة و رواه اصحاب السنن عن عائشة و فيه سليمان بن أرقم متروك و رواه الدار قطنى عن عائشة مرفوعا من جعل عليه نذرا فى معصية اللّه فكفارته كفارة اليمين و فيه غالب بن عبد اللّه متروك و روى ابو داود من حديث كريب عن ابن عباس و اسناده حسن قال النووي حديث لا نذر فى معصية اللّه فكفارته كفارة يمين ضعيف باتفاق المحدثين و قال الحافظ قد صححه الطحاوي و ابو على ابن السكن و حديث ابن عباس ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال من نذر نذرا لم يسمه فكفارته كفارة يمين و من نذر نذرا فى معصية فكفارته كفارة يمين و من نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين و من نذر نذرا اطاقته فليف به رواه ابو داود و ابن ماجة و حديث ثابت بن الضحاك ان رجلا نذر ان ينحرا بلا فى موضع و فى رواية ببوانة فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم هل كان فيه وثن من الأوثان الجاهلية تعبد قالوا لا قال هل كان فيها عيد من أعيادهم قالوا لا قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أوف بنذرك رواه ابو داود و سنده صحيح و روى من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده و نحوه روى ابن ماجة عن ابن عباس و هذا الحديث يدل على جواز وفاء النذر بما ليس بطاعة و لا معصية و كذا حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان امرأة قالت يا رسول اللّه انى نذرت ان اضرب على راسك بالدف تعنى عند قدومك قال او فى بنذرك رواه ابو داود و لعل ذلك قبل تحريم الضرب بالدف و النذر المعلق عند وجود الشرط حكمه حكم المنجز مطلقا عند ابى حنيفة فى ظاهر الرواية و عند ابى يوسف و هى رواية عن الشافعي و به قال مالك غير انه قال فى صدقة جميع المال يلزمه التصدق بالثلث و فيما سوى ذلك فعنده يجب عليه الوفاء بما أوجب لا غير و روى عن ابى حنيفة انه رجع عن هذا القول و قال أجزأه عن المعلق كفارة يمين و يخرج عن العهدة بفعله و به قال محمد و اختار صاحب الهداية و المحققون عن علماء الحنفية ان المراد بالشرط الذي يجزء عنه الكفارة عند ابى حنيفة الشرط الذي لا يريد وجوده نحو ان دخلت الدار و كلمت فلانا او فعلت كذا فعلىّ حج او صوم سنة و يسمى هذا النذر نذر الحاج و اما الشرط الذي يريد وجوده نحو ان شعبت او قدم غايبى او مات عدوى او ولدت امرأتى ابنا فعلىّ كذا قالوا وجب عليه الوفاء لا غير و يسمى هذا النذر نذر تبرد و لهذا التفصيل قال احمد و هى الأظهر من الروايات عن الشافعي و الرواية الثالث عن الشافعي ان الواجب فى النذر الحاج الكفارة لا غير و هى رواية عن احمد عن سعيد بن المسيب ان أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث فسال أحدهما صاحب القسمة فقال ان عدت بشانهما القسمة فكل مالى فى رباح الكعبة فقال له عمران الكعبة غنية عن مالك كفر عن يمينك و كلم أخاك فانى سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول لا يمين عليك و لا نذر فى معصية الرب و لا فى قطعة الرحم و لا فى فيما لا يملك رواه ابو داود- (مسئلة:) و من نذر بعبادة لا يطيقها جاز له ان يكفر عنه و قال ابو حنيفة يستغفر اللّه و لا كفارة عليه لنا ما مر من حديث ابن عباس من نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين و حديث فى قصة اخت عقبة قال النبي صلى اللّه عليه و سلم ان اللّه لا يصنع بشقاء أختك مشيا فلتركب و لتحج راكبة و تكفر يمينها رواه ابو داود و عن عبد اللّه بن مالك عن عقبة بن عامر قال نذرت أختي ان أحج للّه ماشية غير مختمرة فذكرت ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال قل لاختك فلتخمر و لتركب و لتصم ثلثة رواه ابو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجة و الدارمي و روى الطحاوي نحوه و وجه الجمع ان النبي صلى اللّه عليه و سلم لعله امر بالكفارة بعد ما علم عجزها عن هذا و اللّه تعالى اعلم وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ اى مكروهة و فى الصحاح الشر الذي يرغب عنه مُسْتَطِيراً منتشر غاية الانتشار من استطار الحريق و الفجر قال مقاتل كان شره فاشيا فى السموات فانشقت و تناثر كواكبها و كورت الشمس و القمر و فزعت الملائكة و فى الأرض فنسفت الجبال و غارت المياه فكسر كل شى ء على الأرض من جبال و بناء فيه اشعار الى حسن عقيدتهم و اجتنابهم عن المعاصي كما ان فى يوفون بالنذر دلالة على إتيانهم الواجبات و قوله تعالى. |
﴿ ٧ ﴾