سُورَةُ الضُّحٰي مَكِّيَّةٌ وَهِيَ إِحْدَى عَشَرَةَ آيَةً مكيّة و هى احدى عشر اية بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اخرج الشيخان فى الصحيحين و غيرهما عن جندب بن عبد اللّه قال اشتكى النبي صلى اللّه عليه و سلم فلم يقم ليلة و ليلتين فقالت امرأة يا محمد ما ارى لشيطانك الا قد تركك فانزل اللّه تعالى _________________________________ ١ وَ الضُّحى ٢ وَ اللَّيْلِ إِذا سَجى ٣ ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى و قال البغوي قال يعنى جندب ان امرأة التي قالت ذلك أم جميل امرأة ابى لهب و اخرج الحاكم عن زيد بن أرقم قال مكث رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم أياما لا ينزل عليه الوحى فقالت أم جميل امرأة ابى لهب ما ارى صاحبك الا قد ودعك و قلاك فانزل اللّه و الضحى الآيات و اخرج سعيد بن منصور و غيره عن جندب قال ابطأ جبرئيل على النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال المشركون قد ودع محمد فنزلت و اخرج ابن جرير عن عبد اللّه بن شداد ان خديجة قالت للنبى صلى اللّه عليه و سلم ما ارى ربك الا قد قلاك مما ترى من جزعك فنزلت و كلاهما مرسل و رجالهما ثقات قال الحافظ ابن حجر و الذي يظهر ان كلا من أم جميل و خديجة قالت ذلك لكن أم جميل قالت شماتة و خديجة قالت توجعا و اخرج ابن شيبة و الطبراني بسنه فيه من لا يعرف عن حفص بن ميسرة القرشي عن امه عن أمها و كانت خادمة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان جروا دخل بيت النبي صلى اللّه عليه و سلم فدخل تحت السرير فمات فمكث النبي صلى اللّه عليه و سلم اربعة ايام لا ينزل عليه الوحى فقال يا خولة ما حدت فى بيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم جبرئيل لا يأتيني فقلت فى نفسى لو نقيات البيت و كنسة فاهويت بالكناسة تحت السرير فاخرجت الجر و فجاء النبي صلى اللّه عليه و سلم ترعد لحيته و كان إذا انزل عليه أخذته الرعد فانزل اللّه و الضحى الى قوله ترضى قال الحافظ ابن حجر قصة إبطاء جبرئيل بسبب الجر و مشهورة لكن كونها سبب نزول الاية غريب بل شاذ مردود كما فى الصحيح قال البغوي فى مدة احتباس الوحى عنه اختلاف فقال ابن جريج اثنى عشر يوما و قال مقاتل أربعون يوما فقال المشركون ان محمدا ودعه ربه و قلاه فانزل اللّه تعالى هذه السورة كذا اخرج ابن مردوية عن ابن عباس فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم يا جبرئيل ما جئت اشتقت إليك فقال جبرئيل انى كنت أشد شوقا إليك و لكنى عبد مامور بما انزل اللّه و ما نتنزل الا بامر ربك قوله تعالى و الضحى قبل أريد به النهار كله بدليل مقابلة الليل نظيره قوله تعالى ان يأتيهم بأسنا ضحى يعنى نهارا و قال قتادة و مقاتل يعنى وقت الضحى و هى الساعة التي فيها ارتفاع الشمس قيل خص ذلك الوقت لانها الساعة التي كلم فيها موسى عليه السلام و القى فيها السحرة سجدة و هى الساعة يعدل فيها النهار فى الحر و البرد فى الصيف و الشتاء و الليل إذا سجى الظرف اما متعلق بفعل القسم او بمضاف مقدر على الليل اى و حصول الليل إذا سجى او صفة الليل بتقدير المضاف و إذا بمعنى الوقت منسلخا عن معنى الظرفية بدل من الليل مقسم به قال الحسن اقبل بظلام و هى رواية العوفى عن ابن عباس و قال الوالبي إذا ذهب و قال عطاء و الضحاك غطى كل شى ء بالظلمة و قال مجاهد استوى و قال قتادة و ابن سكن استقر ظلامه فلا يزداد بعد ذلك او المراد سكن الناس فيه و الأصوات يقال ليل ساج و بحر ساج إذا كان ساكنا و تقديم الليل فى السورة السابقة باعتبار الأصل و تقديم الضحى هاهنا للشرف و جواب القسم قوله تعالى ما وَدَّعَكَ اى ما تركك و قطع عنك قطع مودع ربّك و ما قلى و ما أبغضك حذف الضمير المنصوب اكتفاء بما سبق اختصار او رعاية للفواصل اخرج الطبراني فى الأوسط بإسناد حسن عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عرض على ما هو مفتوح لامتى بعدي فسرنى فانزل اللّه تعالى. ٤ وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى ط يجوز ان يكون هذه الاية متصلا بما سبق و وجه اتصاله ان قوله تعالى ما ودعك ربك و ما قلى يتضمن ان اللّه مواصلك بالوحى إليك و انك حبيب اللّه و لا يكون كرامته أعظم ذلك فاخبره بأن حاله فى الدار الاخرة خير له و أعظم من ذلك لتقدمه على الأنبياء و اختصاصه بالمقام المحمود الذي يغبطه الأولون و الآخرون و شهادة أمته على الأمم و قد ذكرنا بعد ما يختص به النبي صلى اللّه عليه و سلم فى الاخرة من الفضائل فى سورة البقرة فى تفسير قوله تعالى تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض الاية و روى البغوي بسنده من طريق ابن ابى شيبة عن ابن مسعود قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله و سلم انا اهل بيت اختار اللّه لنا الاخرة على الدنيا او المعنى و للاخرة اى الحالة الاخرة خير لك من الاولى و نهاية أمرك خير من بداية يعنى لا تزال تتصاعد فى الرفعة و الكمال قالت الصوفية من استوى يوماه فهو مغبون و اخرج الحاكم و البيهقي فى الدلائل و الطبراني و غيرهم عن ابن عباس قال عرض على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما هو مفتوح على أمته فسرته فأنزل اللّه تعالى. ٥ وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى حذف المفعول الثاني ليعطيك ليدل على العموم و الشمول اى يعطيك عطاء جزيلا من النصر و التمكين و كثرة المؤمنين و شيوع دينك فى الأرضين فى الدنيا و من الشفاعة و كثرة الثواب و غير ذلك لا يخفى و ما لا يعلمه الا اللّه تعالى فى الاخرة و أفضل العطيات روية اللّه سبحانه على حسب كمال النبي صلى اللّه عليه و سلم و أعلى درجات القرب قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اذن لا ارضى و واحد من أمتي فى النار و عن على ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال اشفع لامتى حتى ينادى ربى أ رضيت يا محمد فاقول اى ربى رضيت و قال عطا عن ابن عباس المراد يعطيك ربك الشفاعة فى أمتك حتى ترضى و هو قول على و الحسن عليهما السلام و عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص ان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال اللّهم أمتي أمتي و بكى فقال اللّه يا جبرئيل اذهب الى محمد فقل انا سنرضيك فى أمتك و لا تسؤك به رواه مسلم و روى حرب بن شريح سمعت أبا جعفر محمد بن على يقول انكم معشر اهل العراق تقولون أرجى اية فى القران يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللّه و انا اهل البيت نقول أرجى اية فى كتب اللّه و لسوف يعطيك ربك فترضى و اللام قيل للابتداء دخل على الخبر بعد حذف المبتدا و التقدير و لانت سوف يعطيك لا للقسم فانها لا تدخل على المضارع الا مع النون المؤكدة و جمعها مع سوف للدلالة على ان اللام لام القسم لا لاما لابتداء و قد علم انها ليس للابتداء لدخولها على سوف و لام الابتداء لا تدخل على سوف ثم عد اللّه سبحانه ما أنعم عليه من أول حاله ليقيس ما يترقب من فضل اللّه على ما سلف منه فقال. ٦ أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً ان كان من وجدت بمعنى علمت يتيما مفعول الثاني و ان كان بمعنى المصادفة فمنصوب على الحال و الاستفهام للانكار و انكار النفي اثبات و الغرض منه التقرير اى اقرار المخاطب به و المعنى وجدك يتيما يعنى صغيرا فقيرا حين مات أبوك و لم يخلف لك مالا و لا ماوى و فى هذه الجملة تأكيد لقوله فاودعك فَآوى يعنى اولك الى عمك ابى طالب و ضمك اليه حتى كفلك روى البغوي من طريق الترمذي عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سالت ربى مسالة وددت انى لم أكن سالته قلت يا رب انك أتيت سليمان بن داود ملكا عظيما و أتيت فلانا كذا قال يا محمد الم يجدك يتيما فاويتك قلت بلى اى رب قال الم أجدك ضالا فهديتك قلت بلى اى رب قال الم أجدك عائلا فاغنيتك قلت بلى اى رب و زاد فى بعض الروايات الم نشرح لك صدرك و وضعنا عنك وزرك بلى اى رب زعم اكثر الناس ان النبي صلى اللّه عليه و سلم سال ربه هذه المسألة المال و الغنى حيث قالوا ان النبي صلى اللّه عليه و سلم كان مفلسا و كانت قريش تعير بذلك حتى قالوا ان كان بك طلب الغنى جمعنا لك مالا حتى تكون كايسر اهل مكة فاغتم النبي صلى اللّه عليه و سلم و ظن ان قومه انما كذبوه بفقره فسال ربه هذه المسألة فعدد اللّه عليه نعمه و وعده الغنى ليسليه و هذا ليس بشئ بوجوه أحدها ان رفعة شأن النبي صلى اللّه عليه و سلم لا يقتضى ان سال ربه الدنيا و راودته الجبال الشم من ذهب عن نفسه فاراها أيما شمم و أكدت و هذه فيها ضرورته ان الضرورة لا تعدوا على العصم و ثانيها ان قوله تعالى و وجدك عائلا فاغنى يابى عنه فان صيغة الماضي تدل على الحصول و سوال الغنى بعد حصول محال و ثالثها انه لو سال ربه لاعطاه و قد صح انه ما شبع ال محمد من خبز الشعير يومين حتى قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كذا فى الصحيحين من حديث عائشة و قالت الصوفية العلية فى تحقيق مثل هذا المقام ان الصوفي قد يعرضه حالة الانقطاع من الخلق بالكلية و خلوص التوجه الى اللّه سبحانه و يسمونها بالعروج و السير الى اللّه او السير في اللّه و قد يعترضه حالة التوجه الى الخلق لاجل الإرشاد و الدعوة الى اللّه فيسرى نفسه فى هذه ال حالة فى بادى النظر منقطعا عن اللّه متوجها الى الخلق و هو فى الحقيقة و عند التعمق غير منقطع كمال الانقطاع و ايضا لما كان هذا الانقطاع مامورا به مرضيا للمحبوب فهو فى حكم الوصل و الاتصال بل اولى منه و يسمونه بالنزول و البر من اللّه باللّه فيغتم الصوفي فى هذه الحالة غاية يكون فى الشدة و البلاء مثله كمثل سمكة ألقيت من البحر الى الصحراء و قد ذكر مرارا ان من كان نزوله أتم كان إرشاده أشمل و أعم قالوا ان نوحا عليه السلام لم يبلغ فى النزول غاية و لذلك ما أمن معه الا قليل و هم اصحاب السفينة مع لبثه فيهم الف سنة الا خمسين عاما و ان محمدا صلى اللّه عليه و سلم كان نزوله أتم و اوفى و لم يبلغ تلك المنزلة أحد من الأنبياء و لذلك شاع دينه فى الورى مع لبثه فيهم ثلثة و عشرين عاما كما كان عروجه أعلى و أسنى فكان قاب قوسين او ادنى قال الشيخ الأكبر أنكروا دعوة نوح بما كان من الفرقان و أجابوا دعوة محمد صلى اللّه عليه و سلم بما كان من القران و لاجل كمال نزول كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم دايم الهم واصل الحزن و هذا معنى قوله صلى اللّه عليه و سلم ما أوذي أحد مثل ما أوذيت رواه ابن عدى و ابن عساكر عن جابر و ابو نعيم فى الحلية عن انس و لو لا هذا التأويل فلا يظهر المعنى لهذا القول و قد أوذي نوح عليه السلام الف سنة الا خمسين عاما و أوذي عيسى ع حتى ارتقى الى السماء و يحيى و غيرهم حتى قتلوا فى البلاء فلعل نزول هاتين السورتين اعنى و الضحى و الم نشرح كان لتسلية النبي صلى اللّه عليه و سلم فى حالة النزول فى بدو امره حين راى نفسه فى بادى النظر منقطعا عن اللّه متوجها الى الخلق و وافق ذلك فترة الوحى و حزن حزنا شديدا حتى قال فى صحيح البخاري بلغنا انه غدا مرارا كى يتردى من رؤس شواهق الجبل و كلما او فى بذروة الجبل لكى يلقى نفسه منه ينادى جبرئيل فقال يا محمد انك رسول اللّه حقا فيسكن لذلك جاشه تقر نفسه و قالت خديجة انى ارى ربك قد قلاك مما نرى من جزعك و كان سوال النبي صلى اللّه عليه و سلم لسلب تلك الحالة الموجبة للانقطاع عن الخالق و التوجه الى الخلق التي زعمها وداعا و قليا و حزن عليها و الوصل بلا انقطاع و لا حجاب دائما فعلى هذا معنى قوله ما ودعك ربك و ما قلى انه ليس الفراق الذي اعترضك وداعا و قليا حتى تغتم به بل هو كمال عروج و وصل معنى و ان كان هبوطا و فراقا صورة و للاخرة خير لك من الاولى يعنى كل حالة آخرة تأتى عليك خير من الحالة الاولى لا يتطرق فى أحوالك قصور و فتور قط حتى تكون فى الدار الاخرة روية و وصالا بالكلية و لا يكون هناك تكليف التبليغ و التوجه الى الخلق و مشقة الفراق أصلا و لسوف يعطيك ربك عاجلا و أجلا ما تحب و ترضى ألم يجدك يتيما فاوى. ٧ وَ وَجَدَكَ عطف على معنى الم يجدك يتيما فان معناه وجدك فهو عطف الخبر على الخبر دون الإنشاء ضَالًّا عن معالم النبوة و احكام الشريعة غافلا عن كل مالا طريق الى دركه الا السمع نظيره قوله تعالى و ان كنت من قبله لمن الغافلين و قوله ما كنت تدرى ما الكتاب و لا الايمان كذا قال الحسن و الضحاك و ابن كيسان و قيل و وجدك ضالا فى شعاب مكة صبيا صغيرا حين فطمتك حليمة و جاءت بك لترد الى جدك عبد المطلب كذا روى ابو الضحى عن ابن عباس و قال السعيد بن المسيب خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مع عمه ابى طالب فى قافلة ميسرة غلام خديجة فبينما هو راكب ذات ليلة ظلماء ناقة جاء إبليس فاخذ بزمام الناقة فعدل به عن الطريق فجاء جبرئيل فنفخ إبليس نفخة وقع منها الى الحبش و رده الى القافلة و قيل وجدك ضالا نفسك لا تدرى من أنت و قال بعض الصوفية معناه وجدك محبا عاشقا مفرطا فى الحب و العشق يكنى باتصال لاستلزام السكر غالبا و السكران يغاط الطريق غالبا و فى الحديث حبك الشي ء يعمى و يصم فهى تسمية السبب باسم المسبب كما فى قوله تعالى انزل اللّه من السماء من رزق يعنى من مطر قال اللّه تعالى عن اخوة يوسف ان أبانا لفى ضلال مبين و انك لفى ضلالك القديم و قال نسوة فى المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبّا انّا لنريها فى ضلال مبين فَهَدى اى فهداك الى معالم الدين او الى جدك عبد المطلب او الى القافلة او عرفك نفسك و حالك و من عرف نفسه فقد عرف ربه او هديك الى وصل محبوبك حتى كنت قاب قوسين او ادنى. ٨ وَ وَجَدَكَ عائِلًا فقيرا فَأَغْنى اى اعطاك بمال خديجة او بما حصل لك ربح فى التجارة بالغنائم و المراد بالغناء على هذا التقادير دفع الحاجة و ان كان بالقليل لا بمالكية النصاب و قال مقاتل يعنى اغنى قلبك فارخاك بما اعطاك من الرزق و اختاره الفراء و قال لم يكن النبي صلى اللّه عليه و سلم غنيا بكثرة المال و العرض لكن الغنى عنى النفس متفق عليه و عن عبد اللّه بن عمرو قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد أفلح من اسلم و رزق كفافا فقنعه اللّه بما أتاه رواه مسلم. ٩ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ هذه الجملة و ما بعدها الى اخر السورة معترضات أوردت استطرادا بين قوله الم يجدك الى آخره الم نشرح لك او هى تذئيل بما سبق ذكر اليتيم و العائل الفقير السائل غالبا و اتصال السائل للارشاد غالبا و ذكر نعمة الإيواء و الهداية و الغناء فضل ما أجمل ذكره باما و أورد بالفاء للسببية فى فاما اليتيم فلا تقهر لان كونه صلى اللّه عليه و سلم يتيما و قال الفراء و الزجاج لا تقهر على ماله فتذهب بحقه بضعفه كما كانت العرب تفعل كذلك نهى لامته و ان كان خطاب اليه بشرفه عن ابى هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال خير بيت فى المسلمين بيت فيه يتيم بحسن اليه و شر بيت فى المسلمين بيت فيه يتيم يساء اليه قال صلى اللّه عليه و سلم اما انا و كافل اليتيم فى الجنة هكذا يشير بإصبعيه رواه البغوي و كذا روى البخاري فى الأدب و ابن ماجة و ابو نعيم فى الحلية. ١٠ وَ أَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ قال المفسرون السائل على الباب لا تنهره و تزجره فقد كنت فقيرا عائلا فاما ان تطعمه و اما ان ترده رد إلينا برفق و روى عن الحسن فى قوله و اما السائل فلا تنهر قال طالب العلم إذا سال عن مسئلة فلا تنهره و عن ابن مسعود من كتم علما عن اهله الجم يوم القيامة لجام من نار و هذه الجملة على التأويل الثاني يتصل بقوله و وجدك ضالا فهدى و يكون النشر على ترتيب اللف و اما على التأويل الاول فيتصل بقوله و وجدك عائلا. ١١ وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ع يعنى اشكر على ما أنعم ربك عليك و هذه الجملة على تقدير اللف و النشر المرتب متصل بقوله تعالى و وجدك عائلا فاغنى عن سنان بن سنية عن أبيه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الطاعم الشاكر له مثل اجر الصائم الصابر رواه احمد و ابن ماجة و الدارمي بإسناد صحيح و رواه الترمذي من حديث ابى هريرة و عن اشعث بن قيس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان اشكر الناس للّه اشكرهم للناس و فى رواية لا يشكر اللّه من لا يشكر الناس رواه احمد و رواته ثقاة و عن جابر بن عبد اللّه ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال من صنع اليه معروف فليجزيه فان لم يجد ما يجزيه فليثن عليه فانه إذا اثنى عليه فقد شكر و ان كتمه فقد كفره و من تحلى بما لم يعطه كان كلابس ثوبين من زور رواه البغوي و عن النعمان بن بشير قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول على المنبر من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير من لم يشكر الناس لم يشكر اللّه و التحدث بنعمة اللّه شكر و تركه كفر و الجماعة رحمة اللّه و الفرقة عذاب اللّه رواه البغوي هذه الأحاديث يقتضى شكر المشائخ و الاساتذة و حسن الثناء عليهم و رضوان اللّه عليهم أجمعين قال المجاهد المراد بالنعمة فى الاية النبوة روى عنه بشير و اختاره الزجاج و المعنى بلغ ما أرسلت به و حدث بالنبوة التي أتاك و قال الليث عن مجاهد يعنى القران و هو قول الكلبي امره ان يقراه فعلى هذا هذه الاية متصل بقوله و وجدك ضالا فهدى قال مقاتل اشكر ما ذكر فى هذه الاية مما أنعمنا عليك من الإيواء و الهداية و الأغنياء و التحدث بنعمة اللّه شكر و هذا اظهر فان النعمة المذكورة مطلق لا وجه للتخصيص و الشكر على كل نعمة دينية كانت او دنيوية واجب فعلى هذا هذه الاية متصل بالجمل الثلث المذكورات و قد ذكر ما فى هذه الاية من اختلاف القراءة فى الامالة و الفتح فى اخر سورة الليل- (مسئله) يجب الشكر على كل نعمة و الشكر صرف النعمة فى رضاء المنعم فشكر نعمة المال صرفها بالإخلاص فى سبيل الحق و شكر نعمة البدن أداء الواجبات و الاجتناب عن المعاصي و شكر نعمة العلم و العرفان التعليم و الإرشاد- (مسئله) تحديث النعمة شكر و من هذا القبيل قوله صلى اللّه عليه و سلم انا سيد ولد آدم و لا فخر و نحو ذلك و قد ذكرنا فى سورة البقرة و من هذا القبيل ما قال الشيخ محى الدين عبد القادر رضى اللّه عنه و كل ولى له قدم و انى على قدم النبي بدر الكمال و قوله قدمى هذه على رقبة كل ولى اللّه و منه ما ذكر المجدد رض مما أعطاه اللّه سبحانه مدارج القرب من الولايات الثلاث و كمالات النبوة و الرسالة و اولى العزم ايضا بالتبعية و الوراثة و حقائق الأنبياء كذلك و غير ذلك و كونه مخلوقا فى طينة النبي صلى اللّه عليه و سلم و كونه مجددا و قيوما فمن أنكر على ما هؤلاء الرجال فى مثل هذه المقال فكانه أنكر هذه الاية الكريمة من اللّه ذى الجلال غير انه لا بد للتحديث بمثل هذه الأقوال تنزه القائل عن صفات النفس بالكلية فلا يجوز لكل أحد الاجزاء على مثل هذه الأقوال كيلا يتردى فى ورطة انا خير منه خلقتنى من نار و خلقته من طين- (فصل) قال البغوي السنة فى قراءة اهل مكة ان يكبروا من أول السورة و الضحى على راس كل سورة حتى يختم القران فيقول اللّه اكبر قال البغوي كذلك قرائته على الامام المقري ابى نصر محمد و ذكر سلسلة اسناد قراءة ابى كثير و قال ابن كثير انه قرا على مجاهد و هو على ابن عباس و هو على ابن كعب ثم ذكر سلسلة اخرى لاسناد قراءة ابى اسمعيل بن قسطنطين و شبل بن عباد قال فلما بلغت و الضحى قال لى كبر حتى تختم مع خاتمة كل سورة فانا قرأنا على ابن كثير فامرنا بذلك و أخبره ابن عباس انه قرا على ابى بن كعب فامره بذلك و أخبره انه قرا على النبي صلى اللّه عليه و سلم فامره بذلك و كان سبب التكبير ان الوحى لما احتبس قال المشركون هجره شيطانه و ردعه فاغتم النبي صلى اللّه عليه و سلم لذلك فلما نزل و الضحى كبر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فرحا بنزول الوحى فاخذوه سنة انتهى و ما ذكره البغوي آخرا ذكره ابو عمرو الداني فى التيسير اولا و ما ذكره اولا ذكره الداني آخرا فانه قال ان البزي روى عن ابن كثير بإسناده انه كان يكبر اخر و الضحى مع فراغته و من كل سورة الى اخر قل أعوذ برب الناس يصل التكبير فان كان اخر السورة متحركا نحو إذا حسد و الناس و الأبتر وصل التكبير و أسقط همزة الوصل منه و ان كان ساكنا نحو فحدّث و فارغب او منونا نحو توابا و لخبير و من مسد حرك الساكن و نون التنوين بالكسر و وصل بالتكبير فان شاء القاري قطع عليه اى على التكبير و ابتداء بالبسملة موصولة باول السورة التي بعدها قلت او مفصولة و ان شاء وصل التكبير بالبسملة و وصل البسملة باول السورة و لا يجوز القطع على بسملة إذا وصلت التكبير بها يعنى إذا وصلت التكبير باخر السورة فالاحتمالات اربعة القطع على التكبير و البسملة او الوصل فيها او القطع على الاول دون الثاني او بالعكس فيجوز الثلاثة الاول و لا يجوز الرابع قال الداني و قد كان بعض اهل الأداء يقطع على اواخر السورة ثم يبتدئ بالتكبير موصولا بالبسملة قال ابو عمرو كذلك روى النقاش عن ابى ربيعة عن البزي و بذلك قرأه على الفارسي عنه و هذا ما ذكره البغوي اولا قلت و بكلا الوجهين قرأت على الشيخ المقري صالح المصري و هو على شيخ القراء قدوة المتأخرين الشيخ عبد الخالق المتوفى و ذكر الشيخ الصالح المصري صفة التكبير على رواية البزي لا اله الا اللّه و اللّه اكبر فان قرا التكبير أول سورة و الضحى لا يقرأ بعد سورة و الناس و لا يقطع على التكبير بين السورتين موصوله للتكبير بالأولى منها فان وصل التكبير باخر السورة الاولى وجب الوصل بين التكبير و البسملة و أول السورة جميعا و ان قطع التكبير عن اخر السورة فله الخيار فى الوصل و القطع بين التكبير و البسملة و بينها و بين السورة و اللّه تعالى اعلم. |
﴿ ٠ ﴾