٥

ثُمَّ رَدَدْناهُ اى صيرناه أَسْفَلَ سافِلِينَ

قال البغوي نكرة تعم الجنس يعنى بمعونة المقام كما يقال كريم قائم و يؤيده ما فى مصحف ابن مسعود أسفل سافلين و ان لم تعم فهو مهملة فى قوة الجزئية فيجوز ان يكون بعض السافلين أسفل منه و يوافق هذه الاية اعنى خلق الإنسان فى احسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين قوله عليه الصلاة و السلام ما من مولد الا يولد على فطرة الإسلام ثم أبويه يهوادنه و ينصرانه و يمجسانه متفق عليه من حديث ابى هريرة غير ان فى الاية أسند الرد الى اللّه تعالى نظرا الى انه خالق لافعال العباد و فى الحديث الى الأبوين نظرا الى الكسب و لعل المراد بالسافلين ما جعله اللّه سبحانه سافل الاستعداد بحيث لا يمكنه تحصيل كمال من الكمالات الانسانية و الصعود الى مصاعد القرب و التجليات الرحمانية من السباع و البهائم و الشياطين و الاجنة و جمعه سالما تغليبا للعقلاء منهم على غيرهم و هم الشياطين و مردة الجن فالانسان لما ضيع استعداده و ترك شكر المنعم و إتيان موجبات الفوز و رضوان اللّه تعالى و اتى بموجبات سخطه من الكفر و مقتضياته جعل أخبث من كل خبيث و أحط مرتبة من كل دنى و أسوأ حالا و ابتر مالا من الكلاب و الخنازير بل من الشياطين ايضا لما ورد فى حديث انس قال و يعرج له اى للكافر فرجة قبل الجنة فينتظر الى زمرتها و ما فيها فيقال به انظر الى ما صرف اللّه عنك ثم يعرج له فرجة الى النار الحديث رواه ابن ماجة من حديث ابى هريرة و ذلك ليفرح المؤمن كمال الفرح و يتحسر الكافر كمال الحسرة و روى البخاري عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا يدخل الجنة أحد الا ارى مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا و لا يدخل النار أحد الا ارى مقعده من الجنة لو احسن ليكون عليه حسرة و اما الشياطين فليس كذلك و لم يكن لهم مقعد فى الجنة لعدم استعدادهم دخولها و قال الحسن و مجاهد و قتادة معنى الاية ثم رددناه أسفل سافلين يعنى الى النار لان جهنم بعضها أسفل من بعض و قال ابو العالية يعنى الى النار فى شر صورة فى صورة خنزير و نحوه.

﴿ ٥