|
٦ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الص َّالِحاتِ استثناء متصل من الإنسان لاخراجهم من حكم الرد فانهم لا يرددون الى النار و لا يصيرون الى أخبث الأحوال فَلَهُمْ اى للمومنين الصالحين أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ط اى غير مقطوع او لا يمن به عليهم الفاء للسببية و الجملة فى مقام التعليل للاستثناء مقرر له و قيل معنى الاية خلقنا الإنسان فى احسن تقويم اى اعدل صورة او أقوم حالة بحيث تيسر له كل ما أراد به و بتسخير له الحيوانات كلها و البر و البحر بل الجن و الشياطين ايضا ثم رددناه فى بعض الافراد اى صيرناه بالهرم و أرذل العمر أسفل السافلين و السافلون هم الضعفاء و الزمناء و الأطفال فان الشيخ الكبير إذا زال عقله و ضعف بدنه و غلب عليه العوارض و الأمراض يصير أضعف من الضعفاء فعلى هذا قوله تعالى الا الذين أمنوا و عملوا الصالحات استثناء منقطع بمعنى لكن للاستدراك و دفع توهم نشأ و هو ان المؤمنين ايضا بعد الهرم و سوء الكبر يكونون أسوأ حالا من الضعفاء و وجودهم فى هذه الحالة و بال عليهم فقال اللّه لكن الذين أمنوا و عملوا الصالحات قبل الهرم فى حالة القوة و الشباب فاجورهم غير مقطوعة لا يزال يكتب حسناتهم على حسب ما كانوا يعملون قال الضحاك اجرا بغير عمل اخرج ابن جرير من طريق العوفى عن ابن عباس فى هذه الاية قال هم نفر ردوا الى أرذل العمر على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فسئل حين اسفت عقولهم فأنزل اللّه عذرهم ان لهم أجرهم الذي عملوا قبل ان تذهب عقولهم قال البغوي قال عكرمة لا يضر هذا الشيخ كبره إذا ختم اللّه له بأحسن ما كان يعمل و روى العاصم الأحول عن عكرمة عن ابن عباس قال الا الذين أمنوا و عملوا الصالحات قال الا الذين قرؤا القران لم يردوا الى ارزل العمر و قال جلال الدين المحلى رحمة اللّه تعالى إذا بلغ المؤمن من الكبر بالعجز عن العمل كتب له ما كان يعمل و روى عن انس ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال إذا ابتلى المسلم ببلاء فى جسده قال للملك اكتب له صالح عمله الذي كان يعمل و عن عبد اللّه ابن عمر و نحوه رواهما البغوي فى شرح السنة و روى البخاري عن ابى موسى نحوه فى المريض و المسافر فان قيل مقتضى البلاغة تأكيد الكلام على قدر انكار المخاطب و كون الإنسان مخلوقا على احسن صورة ثم رده بالهرم الى ضعف امر بديهي لا ينكره أحد فكيف أورد الكلام بالقسم و لام التأكيد و كلمة قد على هذا التأويل قلنا لما كان تحول الأحوال على الإنسان دليلا واضحا على جواز الاعادة و الجزاء و الكفار كانوا ينكرون الاعادة و الجزاء كانهم أنكروا التحول لانه من أنكر المدلول فكانه أنكر الدليل الواضح لاستلزام أحدهما الاخر. |
﴿ ٦ ﴾