سُورَةُ تَبَّتْ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ خَمْسُ آياَتٍ

مكيّة و هى خمس آيات

 بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

 روى الشيخان فى الصحيحين انه لما نزلت قوله تعالى و انذر عشيرتك الأقربين جمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أقاربه فانذرهم و فى رواية عند البخاري و غيره صعد على الصفا فنادى فاجتمعت اليه قريش ارايتم لو أخبرتكم ان العدو مصبحكم او ممسيكم اما كنتم مصدقى قالوا بلى قال فانى نذير لكم بين يدى عذاب شديد فقال ابو لهب تبا لك أ لهذا جمعتنا و أخذ حجرا ليرميه فنزلت

_________________________________

١

تَبَّتْ التباب خسران يودى الى الهلاك اى هلكت يَدا أَبِي لَهَبٍ اى نفسه كما فى قوله تعالى و لا تلقوا بايديكم الى التهلكة و قيل انما خصتا بالذكر لما أخذ حجر الرمي و قيل أراد بها دنياه و آخرته و قيل أراد ماله و ملكه يقال فلان قليل ذات يد قرا ابن كثير ابى لهب بإسكان الهاء و الباقون بفتحها و اسمه عبد العزى بن عبد المطلب قال مقاتل كنى باللّهب لحسنه و اشراق وجهه و انما ذكر هاهنا بالكنية لاستكراه ذكر اسمه و لانه لما كان من اصحاب النار كانت الكنية أوفق بحاله و بمجانسة قوله ذات لهب وَ تَبَّ ط اخبار بعد اخبار للتاكيد او الاولى دعائية و الثاني اخبارية و التعبير بالماضي لتحقق وقوعه قال ابن مسعود لما دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أقرباءه الى اللّه عز و جل قال ابو لهب ان كان ما يقول ابن أخي حقا فاننى افتدى نفسى بمالى و ولدي فانزل اللّه تعالى.

٢

ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ ما نافية او استفهامية للانكار يعنى ما يدفع عنه عذاب ما جمع من المال او اى شى ء يغنى عنه ماله و كان صاحب مال و مواش وَ ما كَسَبَ ط من المال و الولد عن عائشة مرفوعا أطيب ما أكلتم من كسبكم و ان أولادكم كسبكم رواه البخاري فى التاريخ و الترمذي و قد افترس ولده عتبة اسد فى طريق الشام كما ذكرنا فى سورة عبس و مات ابو لهب بالعدس بعد وقعة بدر بايام معدودة و ترك ثلثا حتى أنتن ثم استاجروا بعض السودان حتى دفنوه أوعده اللّه تعالى بالنار فقال.

٣

سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ اى تلتهب جملة مستانفة او فى مقام التعليل لقوله ما اغنى اتفق القراءة على فتحة هاء لهب هاهنا لرعاية القوافي.

٤

وَ امْرَأَتُهُ ط عطف على المستكن فى سيصلى سوغه الفصل او مبتداء بعده خبره و هى أم جميل بنت حرب بن امية اخت ابى سفيان حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ج قرا عاصم بالنصب على الذم و الشتم و الباقون بالرفع على انه خبر مبتداء اخرج ابن جرير عن ابن اسحق عن رجل من همدان يقال له يزيد ان امرأة ابى لهب كانت تلقى فى طريق النبي صلى اللّه عليه و سلم الشوك و العضاة لتعقرهم فنزلت و كذا روى عن الضحاك

و اخرج ابن المنذر عن عكرمة مثله و هى رواية عطية عن ابن عباس و قال قتادة و مجاهد و السدى كانت تمشى بالنميمة و تنقل الحديث فتلقى العداوة بين الناس و توقد نارا كما توقد الحطب نارا و قال سعيد بن جبير حمالة الخطايا قال اللّه تعالى و هم يحملون أوزارهم على ظهورهم.

٥

فِي جِيدِها عنقها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ع خبر لامرأته بعد خبر على تقدير كونه مبتداء او حال منه على تقدير كونه فاعلا سيصلى قال ابن عباس و عروة بن الزبير المراد به سلسلة فتلت من حديد قتلا محكما ذرعها سبعون ذراعا يدخل فى فمها و يخرج من دبرها و يكون سائرها فى عنقها و المسد ما قتل و احكم من اى شى ء كان و روى الأعمش عن مجاهد من مسد اى من حديد و قال الشعبي و مقاتل من ليف مقتول و ذلك الليف هو الحبل الذي كانت تحتطب به فبينما هى ذات يوم حاملة حزمة فأعيت فقعدت على حجر تستريح فاتيها ملك فجذبها من خلفها فأهلكها و قال ابن زيد حبل من شجر ينبت باليمن يقال له مسد و قال قتادة هى قلادة قال الحسن كانت خرزات فى عنقها و قال سعيد بن المسيب كانت لها قلادة فى عنقها فأخرة فقالت لانفقها فى عداوة محمد صلى اللّه عليه و سلم قلت فان كان المراد بثبوت حبل كائنا من مسد اى حديد فى جيدها فى الاخرة فهى اما خبر لامرأته بعد خبر ان كان مبتداء او حال منه إن كان فاعلا سيصلى و حمالة الحطب على تقدير النصب يكون معترضة للذم و لا يجوز ان يكون فى جيدها حبل من مسد حالا من الضمير المستكن فى حمالة الحطب لعدم اتحاد زمان الحال حينئذ لان حمل الحطب كان فى الدنيا الا ان يقال معنى حمالة الحطب انها تحمل حطب جهنم كالزقوم و الضريع او ما يوقد به جهنم جزاء لما كانت تحمل الحطب فى الدنيا بعداوة النبي صلى اللّه عليه و سلم و أصحابه كذا ذكر البيضاوي لكن لم ينقل هذا التأويل من السلف و ان المراد به ثبوت حبل فى عنقها فى الدنيا فحينئذ اما خبر مبتداء محذوف اى هى او خبر بعد خبر لامرأته او حال من الضمير المستكن فى حمالة الحطب بلا إشكال و الظاهر على هذا التأويل ان يكون فى الكلام ترشيحا للمجازا و تصويرا لها بصورة الخطابة التي يحتمل لتحرمه و تربطها فى جيدها كيلا يسقط من راسها لتحقيرها و لا يكون الكلام على الحقيقة و ما قال الشعبي فهو مستبعد جدا لكونها و زوجها فى بيت عز و ثروة و جدة-

و اللّه تعالى اعلم.

﴿ ٠