٨ثم قال {وم ن النّاس من يقُولُ آمنّا ب اللّه وب الْيوْم الآخ ر } فجعل اللفظ واحدا، ثم قال {وما هُم ب مُؤْم ن ين} فجعل [١٦ب] اللفظ. جميعا، وذلك ان {منْ} اللفظ بها لفظ واحد، ويكون جميعا في المعنى، ويكون اثنين. فان لفظت بفعله على معناه فهو صحيح. وان جعلت فعله على لفظه واحدا فهو صحيح [و] مما جاء من ذلك قوله {بلى منْ أسْلم وجْههُ للّه وهُو مُحْس نٌ فلهُ أجْرُهُ ع ند ربّ ه ولا خوْفٌ عليْه مْ ولا هُمْ يحْزنُون} وقال {وم نْهُمْ مّن يسْتم عُون إ ليْك} وقال {وم نهُمْ مّن ينظُرُ إ ليْك} وقال {ومن يقْنُتْ م نكُنّ للّه ورسُول ه وتعْملْ صال حاً نُؤْت هآ أجْرها مرّتيْن } فقال {يقْنُتْ} فجعله على اللفظ، لان اللفظ في {من} مذكر وجعل {تعْملْ} و {نُؤْت هآ} على المعنى. وقد قال بعضهم {ويعْملْ} فجعله على اللفظ لان لفظ {منْ} مذكر. وقد قال بعضهم {ومنْ تقْنُتْ} فجعله على المعنى لانه يعني امرأة. وهي حجة على من قال: "لا يكون اللفظ في من على المعنى الا ان تكون {منْ} في معنى {الذي}، فاما [في] المجازاة والاستفهام فلا يكون اللفظ في {منْ} على المعنى. وقولهم* هذا خطأ لان هذا الموضع الذي فيه {ومنْ تقْنُتْ} مجازاة. وقد قالت العرب "ما جاءتْ حاجتُك" فأنّثُوا "جاءتْ" لانها لـ"ما"، وانما انثوا لان معنى "ما" هو الحاجة. وقد قالت العرب او بعضُهُم "من كانت أمّك" فنصب و قال الشاعر [من الطويل وهو الشاهد التاسع عشر]: [١٧ء] تعشّ فإ نْ عاهدتن ي لا تخونُني * نكُنْ مثل منْ يا ذئبُ يصطح بان ويروى {تعال فإن}. وقد جعل {منْ} بمنزلة رجل. قال الشاعر [من الرمل وهو الشاهد العشرون]: رُبّ منْ انضجتُ غيظاً صدْرهُ * قد تمنّى ل ي شرّاً لم يُطعْ فلولا انها نكرة بمنزلة "رجل" لم تقع عليها "ربّ". وكذلك (ما) نكرة الا انها بمنزلة "شيء". ويقال: ان قوله: {هذاما لديّ عت يدٌ} على هذا. جعل (ما) بمنزلة "شيء" ولم يجعلها بمنزلة "الذي" فقال: "ذا شيْءٌ لديّ عتيد". و قال الشاعر [من الخفيف وهو الشاهد الحادي والعشرون]: رُبّ ما تكْرهُ النفوسُ من الأمْر * له فرْجةٌ كحل الع قال فلولا انها نكرة بمنزلة "منْ" لم تقع عليها "رُبّ". وقد يكون {هذا مالديّ عت يدٌ} على وجه آخر، أخبر عنهما خبرا واحدا كما تقول: "هذا أحمرُ أخضرُ". وذلك ان قوما من العرب يقولون: "هذا عبدُ اللّه مقبلٌ". وفي قراءة ابن مسعود {وهذا بعلي شيْخٌ} كأنه أخبر عنهما خبرا واحدا او يكون كأنه رفعه على التفسير كأنه اذا قال {هذا ما لديّ}، قيل: "ما هو"؟ أو علم انه يراد ذلك منه فقال {عت يد} اي ما عندي عتيد. وكذلك {وهذا بعْل ي شيخٌ}*. وقال الراجز [وهو الشاهد الثاني والعشرون]: منْ يكُ ذابتٍّ فهذا بتّى * مُقيّ ظٌ مُصيّ ف مُشتّ ى [١٧ب] وقال {إ نّ اللّه ن ع مّا يع ظُكُمْ ب ه } فـ"ما" ها هنا اسم ليست له صلة لانك ان جعلت {يع ظُكُمْ ب ه } صلة لـ(ما) صار كقولك: "إنّ اللّه ن عْم الشيء" أو "نعم شيئا" فهذا ليس بكلام. ولكن تجعل (ما) اسما وحدها كما تقول: "غسلتُه غسْلاً ن ع مّا" تريد به: "ن عْم غسْلاً". فان قيل: "كيف تكونُ (ما) اسما وحدها وهي لا يتكلم بها وحدها" قلتُ: "هي بمنزلة "يا أيُّها الرجل" لان "ايا" ها هنا اسم ولا يتكلم به وحده حتى يوصف فصار (ما) مثل الموصوف ها هنا. لانك اذا قلت "غسلتُه غسْلاً ن ع مّا" فانما تريد المبالغة والجودة، فاسنغني بهذا حتى تكلم به وحده. ومثل "ما أحْسن زيدا" (ما) ها هنا وحدها اسم وقوله "اني مما ان اصنع كذا وكذا" (ما) ها هنا وحدها اسم كأنه قال: "إنّي م ن الأمر" أو "منْ أمْري صنيعي كذا وكذا" ومما جاء على المعنى قوله "كمثل الذي استوقد ناراً أضاءتْ ما حولهُ ذهب اللّه بنور ه م}[١٧] لان "الذي" يكون للجميع، كما قال {والّذ ي جآء ب الصّ دْق وصدّق ب ه أُوْلائ ك هُمُ الْمُتّقُون}. |
﴿ ٨ ﴾