١٠أما قوله {فزادهُمُ اللّه مرضاً} فمن فخم نصب الزاي فقال {زادهم} ومن امال كسر الزاي فقال {زادهم} لانها من "ز دت" اولها مكسور. فناس من العرب يميلون ما كان من هذا النحو وهم بعض اهل الحجاز ويقولون ايضاً {ول منْ خ اف مقام ربّ ه }و {فانك حُواْ ما ط اب لكُمْ مّ ن النّ سآء } [و] {وقدْ خ اب} ولايقولون {ق ال} ولا (ز ار) لانه يقول (قُلْتُ) و (زُرْتُ) فأوله مضموم. فانما يفعلون هذا في ما كان اوله من "فعلتُ" مكسوراً إلاّ أنّهم ينحون الكسرة كما [١٨ب] ينحون الياء في قوله {وسق اهُمْ ربُّهُمْ}. و {قدْ أفْلح من زكّاها}. ويقرأ جميع ذلك بالتفخيم. وما كان من نحو هذا من بنات الواو وكان ثالثاً نحو {والْقمر إ ذا تلاها} ونحو {والأرْض وما طحاها}. فان كثيراً من العرب يفخمه ولا يميله لانها ليست بياء فتميل اليها لانها من "طحوْتُ" و "تلوْتُ". فاذا كانت رابعة فصاعداً أمالوا وكانت الامالة هي الوجه، لانها حينئذ قد انقلبت الى الياء. الا ترى انك تقول "غزوْتُ" و "أغْزيْتُ" ومثل ذلك {واللّيْل إ ذا يغْشاها}. و {قدْ أفْلح من تزكّى}و {والنّهار إ ذا تجلّى} أمالها لأنّها رابعة, و "تجلّى" فعلْتُ منها بالواو لأنها من "جلوْت" و "زكا" من "زكوْتُ يزكو" و {واللّيْل إ ذا يغْشاها} من "الغشاوة". وقد يميل ما كان منه بالواو نحو (تلا ها) و (طح اها) ناسٌ كثير، لأنّ الواو تنقلب الى الياء كثيرا مثل قولهم في (حُور) (ح ير) وفي "مشُوب" "مش يب" وقالوا "أرْضٌ مسْن يّة" اذا كان يسنوها المطر. فأمالوها الى الياء لانها تنقلب اليها. وأمالوا كل ما كان نحو "فعْلى" و "فُعْلى" نحو "بُشْرى" و "مرْضى" و "سكْرى"، لان هذا لوْثُنّ ي كان بالياء فمالوا اليها. واما قوله {ب ما كانُوا يكْذ بُون} فـ(يُكذّ بُون): يجحدون وهو الكفر. وقال بعضهم: (يكْذّ بُون) خفيفة [١٩ء] وبها نقرأ. يعني "يكذ بون على اللّه وعلى الرسل". جعل "ما" والفعل اسما للمصدر كما جعل "أنْ" والفعل اسما للمصدر في قوله "أُحبُّ أنْ تأت يني", واما المعنى فانما هو "بكذ به م" و "تكْذيب ه م". وأدخل "كان" ليخبر انه كان فيما مضى، كما تقول: "ما أحسن ما كان عبدُ اللّه" فأنت تعجّبُ من" عبد اللّه لا من "كونه". وانما وقع التعجبُ في اللفظ على كونه. وقال {فاصْدعْ ب ما تُؤْمرُ} وليس هذا في معنى "فاصدع بالذي تؤمر به". لو كان هذا المعنى لم يكن كلاما حتى تجيء بـ"به" ولكن "إصدع بالأمر" جعل "ما تؤمر" اسما واحداً. وقال {ولا تحْسبنّ الّذ ين يفْرحُون ب مآ أتوْاْ} يقول "بالإ تيان" يجعل "ما" و "أتوْا" اسما للمصدر. وإنْ شئت قلت: "أتوْا" ها هنا "جاءُوا" كأنه يقول: "بما جاءوا" يريد "جاءوه" كما تقول "يفرحون بما صنعوا" أي "بما صنعوه" ومثل هذا في القرآن كثير. وتقديره "بكون هم يكذبون" فـ"يكذبون" مفعول لـ"كان" كما تقول: "سرني زيد ب كونه يعقل" اي: بكونه عاقلا. |
﴿ ١٠ ﴾