٨٣قوله {وإ ذْ أخذْنا م يثاق بن ي إ سْرائ يل لا تعْبُدُون إ لاّ اللّه}. وقوله {وب الْوال ديْن إ حْساناً} فجعله أمْراً كأنّه يقول: "وإحساناً بالوالدين " أي: "أحْس نُوا إحْسانا". وقال {وقُولُواْ ل لنّاس حُسْناً} فهو على أحد وجهين إمّا أنْ يكون يراد بـ"الحُسْن " "الحسن" كما تقول: "البُخْل" و"البخل"، وإمّا أنْ يكون جعل "الحُسْن" هو "الحسن" في التشبيه كما تقول: "إنّما أنْت أكلٌ وشُرْبٌ". قال الشاعر: [من الوافر وهو الشاهد الثامن بعد المئة]: وخيْلٍ قدْ دلفْتٌ لها ب خيْلٍ * تح يّةُ بيْن ه مْ ضرْبٌ وج يعٌ "دلفْتُ": "قصدْتُ" [٥٧ء] فجعل التحية ضربا. وهذه الكلمة في الكلام ليست بكثيرة وقد جاءت في القرآن.وقد قرأها بعضهم {حسنا} يريد "قولوا لهم حسناً" وقال بعضهم {قولوا للناس حُسْنى} يؤنثها ولم ينّونها، وهذا لا يكاد يكون لا "الحُسْنى" لا يتكلم بها الا بالالف واللام، كما لا يتلكم بتذكيرها الا بالالف واللام [فـ] لو قلت: "جاءني أحْسنُ وأطْولُ" لم يحْسُن حتّى تقول: "جاءني الأحْسنُ والأطْولُ" فكذلك هذا يقول: "جاءتْن ي الحُسْنى والطُولى". إلاّ أنهم قد جعلوا أ شياء من هذا أسماء نحو "دُنْيا" و "أُوْلى". قال الراجز: [وهو الشاهد التاسع بعد المئة]: * في سعْي دُنْيا طال ما قدْ مدّت * ويقولون: "هي خيْرةُ الن ساء " ["هنّ خيْراتُ النّ ساء"] لا يكادون يفردونه وافراده جائز. وفي كتاب اللّه عز وجل {ف يه نّ خيْراتٌ ح سانٌ} وذلك انه لم يرد "أفْعل" وانما اراد تأنيث الخير لأنه لما وصف فقال: "فلانٌ خيْرٌ" أشبه الصفات فأدخل الهاء للمؤنث. وأما قوله {وإ ذْ أخذْنا م يثاق بن ي إ سْرائ يل} ثم قال {وقُولُواْ ل لنّاس حُسْناً} ثم قال {ثُمّ تولّيْتُمْ مّ ن بعْد ذال ك} فلأنه خاطبهم من بعدما حدث عنهم وذا في الكلام والشعر كثير. قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد العاشر بعد المئة]: أسيئي ب نا أوّ أحْس ن ي لا ملُومةٌ * لديْنا ولا مقْليةٌ إ نْ تقلّب [٥٨/ ء] وانما يريدون "تقلّيْت ". وقال الآخر: [من الكامل وهوالشاهد الحادي عشر بعد المئة]: شطّتْ مُزار العاش قين فأصبحتْ * عس راً عليّ ط لابُك ابْنةٌ مخْرم إنّما أراد "فأصبحت ابنةُ مخرمٍ عسراً على طلابُها". وجاز ان يجعل الكلام كأنه خاطبها لانه حين قال: "شطّتْ مزار العاش قين" كأنه قال: "شططْت مزار العاش قين" لأنه إيّاها يريدُ بهذا الكلام. ومثله مما يخرج من أوله قوله: [من الرجز وهو الشاهد الثاني عشر بعد المئة]: * إنّ تميماً خُل قتْ ملْمُوما * فأراد القبيلة بقوله: "خُل قتْ" ثم قال "ملْمُوما" على الحي أو الرجل، ولذلك قال: * مثل الصّفا لا تشْتك ي الكُلُوما * ثم قال: * قوماً ترى واحدهُم ص هْم يما * فجاء بالجماعة لانه اراد القبيلة او الحي ثم قال: * لا راح م الناس ولا مُرْحُوما * و قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد الثالث عشر بعد المئة]: أقولُ لهُ والرمحُ يأط رُمتْنهُ * تأمّل خُفافاً إ نّن ي أناذل كا و "تبيّنْ خْفافاً"، يريد: "أنا هُو". وفي كتاب اللّه عز وجل {حتّى إ ذا كُنتُمْ ف ي الْفُلْك وجريْن ب ه م} فأخبر بلفظ الغائب وقد كان في المخاطبة لان ذلك يدل على المعنى. وقال الأسْود: [من البسيط وهو الشاهد الرابع عشر بعد المئة]: وجفْنةٍ كإ زاء الحوْضُ مُتْرعةٍ * ترى جوان بها ب الشّحْم مفْتُونا [٥٨ب] فيكون على انه حمله على المعنى أي: ترى كلّ جانبٍ منها، او جعل صفة الجميع واحدا كنحو ما جاء في الكلام. وقوله "مأط رُ متْنه" يثنى متنه. وكذلك {الْحمْدُ للّه ربّ الْعالم ين} ثم قال {إ يّاك نعْبُدُ} لان الذي أخبر عنه هو الذي خاطب. قال رؤبة: [من الرجز وهو الشاهد الخامس عشر بعد المئة]: الحمْدُ للّه الاعزّ الأجْلل * أنْت مل يكُ الناس ربّاً فاقْبل وقال زهير: [من الوافر وهو الشاهد السادس عشر بعد المئة]: فإنّي لوْ أُلاق يك أجْتهدْنا * وكان ل كُلّ مُنْكرةٍ ك فاء فأُبْر ىء مُوضحات الرأس م نْهُ * وقدْ يشْف ى من الجرب اله ناءُ وقال اللّه تبارك وتعالى {ذُوقُواْ ف تْنتكُمْ هذاالّذ ي كُنتُمْ ب ه تسْتعْج لُون} فذكّر بعد التأنيث كأنه أراد: هذا الامر الذي كنتم به تستعجلون. ومثله {فلماّ رأى الشّمْس باز غةً قال هذاربّ ي هاذآ أكْبرُ فلمّآ أفلتْ} فيكون هذا على: الذي أرى ربّي أي: هذا الشيء ربي. وهذا يشبه قول المفسرين {أُح لّ لكُمْ ليْلة الصّ يام الرّفثُ إ لى ن سآئ كُمْ} قال: إنّما دخلت "إلى" لأن معنى "الرفث" و"الأفْضاء" واحد، فكأنه قال: "الافضاءُ إلى ن سائ كُمْ"، وانما يقال: "رفْث بامرأت ه" ولا يقال: "إلى امرأته" وذا عندي كنحو ما يجوز من "الباء" في مكان "إلى" في [قوله تعالى: { وقدْ أحْسن بي إ ذْ أخْرجن ي م ن السّ جْن } وانما هو "أحسن اليّ" فلم "إلى" ووضع "الباء" مكانها] وفي مكان "على" في قوله [٥٩ء] {فأثابكُمْ غمّاً ب غمٍّ} انما هو "غمّاً على غمٍّ" [ وقوله] {وم نْ أهْل الْك تاب منْ إ ن تأْمنْهُ ب ق نْطارٍ} أي: "على ق نطارٍ" كما تقول: "مررتُ ب ه " و"مررت عليْه " كما قال الشاعر: - وأخبرني من أثق به أنه سمعه من العرب -: [من الوافر وهو الشاهد الرابع والعشرون]: إذا رض يتْ عليّ بنُو قُشيْرٍ * لعمْرُ اللّه أعْجبن ي ر ضاها يريد: "عنى". وذا يشبه {وإ ذا خلوْاْ إ لى شياط ين ه مْ} لانك تقول: "خلوْتُ إليْه وصنعنا كذا وكذا" و"خلوْتُ به". وان شئت جعلتها في معنى قوله {منْ أنصار ي إ لى اللّه} أي: "مع اللّه", وكما قال {ونصرْناهُ م ن الْقوْم } أي: "على القوْم " |
﴿ ٨٣ ﴾