٤٠

وقوله : اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ [الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ «٣»] ... (٤٠)

المعنى لا تنسوا نعمتى ، لتكن منكم على ذكر ، وكذلك كل ما جاء من ذكر النعمة فإن معناه - واللّه أعلم - على هذا : فاحفظوا ولا تنسوا. وفى حرف عبد اللّه :

 (٣) زيادة فى أ.

«ادّكروا» «١». وفى موضع آخر : «٢» : «و تذكّروا ما فيه». ومثله فى الكلام أن تقول : اذكر مكانى من أبيك».

وأما نصب الياء من «نِعْمَتِيَ» فإن كل ياء كانت من المتكلم ففيها لغتان :

الإرسال والسّكون ، والفتح ، فإذا لقيتها ألف ولام ، اختارت العرب اللغة التي حرّكت فيها الياء وكرهوا الأخرى لأن اللّام ساكنة فتسقط الياء عندها لسكونها ، فاستقبحوا أن يقولوا : نعمتى «٣» التي ، فتكون كأنها مخفوضة على غير إضافة ، فأخذوا بأوثق الوجهين وأبينهما. وقد يجوز إسكانها عند الألف واللام

وقد قال اللّه : «يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ» «٤» فقرئت بإرسال الياء ونصبها ، وكذلك ما كان فى القرآن مما فيه ياء ثابتة ففيه الوجهان ، وما لم تكن فيه الياء لم تنصب.

وأما قوله : «فَبَشِّرْ عِبادِ. الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ» «٥». فإن هذه بغير ياء ، فلا تنصب ياؤها وهى محذوفة وعلى هذا يقاس كل ما فى القرآن منه.

وقوله : «فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ» «٦» زعم الكسائىّ أن العرب تستحبّ نصب الياء عند كل ألف مهموزة سوى الألف واللام ، مثل قوله : «إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ» «٧» و«إِنِّي أَخافُ اللَّهَ» «٨». ولم أر ذلك عند العرب رأيتهم يرسلون الياء فيقولون : عندى أبوك ، ولا يقولون : عندى أبوك بتحريك الياء إلا أن يتركوا الهمز فيجعلوا الفتحة فى الياء فى هذا ومثله. وأما قولهم : لى ألفان ، وبي أخواك كفيلان ،

(١) ذكر هذه القراءة البيضاوي ولم ينسبها. ونسبها ابن خالويه إلى يحيى بن وثاب.

(٢) «فى موضع آخر» : ساقط من ج ، ش ، وهو يشير إلى قراءة ابن مسعود فى آية ٦٣ سورة البقرة : «و اذكروا ما فيه لعلكم تتقون».

(٣) رسم فى أ: «نعمت» تحقيقا لحذف الياء فى اللفظ.

(٤) آية ٥٣ سورة الزمر.

(٥) آية ١٧ ، ١٨ سورة الزمر.

(٦) آية ٣٦ سورة النمل.

(٧) آية ٧٢ سورة يونس.

(٨) آية ٤٨ سورة الأنفال ، وآية ١٦ سورة الحشر. وفتح الياء قراءة نافع.

فإنهم ينصبون فى هذين لقلتهما «١» ، [فيقولون : بي أخواك ، ولى ألفان ، لقلتهما «٢»] والقياس فيهما وفيما قبلهما واحد.

﴿ ٤٠