٤١وقوله : وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ ... «٣» (٤١) فوحّد الكافر وقبله جمع وذلك من كلام العرب فصيح جيد فى الاسم إذا كان مشتقّا من فعل ، مثل الفاعل والمفعول يراد به ولا تكونوا أوّل من يكفر فتحذف «من» ويقوم الفعل مقامها فيؤدّى الفعل عن مثل (٣) هذه الآية ليست على الترتيب وكذا ما بعدها. ما أدّت «من» عنه من التأنيث والجمع وهو فى لفظ توحيد. ولا يجوز فى مثله من الكلام أن تقول : أنتم أفضل رجل ، ولا أنتما خير رجل لأن الرجل يثّنى ويجمع ويفرد [فيعرف «١»] واحده من جمعه ، والقائم قد يكون لشىء ولمن فيؤدّى عنهما وهو موحّد ألا ترى أنك قد تقول : الجيش مقبل والجند منهزم ، فتوحّد الفعل لتوحيده ، فإذا صرت إلى الأسماء قلت : الجيش رجال والجند رجال ففى هذا تبيان «٢» وقد قال الشاعر : و إذا هم طعموا فألأم طاعم وإذا هم جاعوا فشرّ جياع «٣» فجمعه وتوحيده جائز حسن. (١) ساقط من أ. [.....] (٢) راجع تفسير الطبري ج ١ ص ١٩٩ طبع بولاق فى هذا البيان فعبارته أوضح. (٣) من ثلاثة أبيات فى نوادر أبى زيد ١٥٢ ، نسبها إلى رجل جاهلىّ. وقوله : وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا ... (٤١) و كل ما كان فى القرآن من هذا قد نصب فيه الثّمن وأدخلت الباء فى المبيع أو المشترى ، فإن ذلك أكثر ما يأتى فى الشيئين لا يكونان ثمنا معلوما مثل الدنانير والدراهم فمن ذلك : اشتريت ثوبا بكساء أيّهما شئت تجعله ثمنا لصاحبه لأنه ليس من الأثمان ، وما كان ليس من الأثمان مثل الرقيق والدّور وجميع العروض فهو على هذا. فإن جئت إلى الدراهم والدنانير وضعت الباء فى الثّمن ، كما قال فى سورة يوسف : «وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ» «٣» لأن الدراهم ثمن أبدا ، والباء إنما تدخل فى الأثمان ، فذلك قوله : «اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا» «٤» ، «اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ» «٥» ، [اشتروا الضلالة بالهدى «٦»] «وَ الْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ» «٧» ، فأدخل الباء فى أىّ هذين شئت حتى تصير إلى الدنانير والدراهم فإنك تدخل الباء فيهن مع العروض ، فإذا اشتريت أحدهما [يعنى الدنانير والدراهم ] «٨» بصاحبه أدخلت الباء فى أيّهما شئت لأن كل واحد منهما فى هذا الموضع بيع «٩» وثمن ، فإن أحببت أن تعرف فرق ما بين العروض وبين الدراهم ، فإنك تعلم أن من اشترى عبدا بألف درهم معلومة ، ثم وجد به عيبا فردّه لم يكن له على البائع «١٠» أن يأخذ ألفه بعينه ، ولكن ألفا. ولو اشترى عبدا بجارية ثم وجد به عيبا لم يرجع بجارية أخرى مثلها ، فذلك دليل على أن العروض ليست بأثمان. (١) أي لقلة (لى) و(بي) فكلاهما حرفان ، فلو سكنت الياء خفيت فتبدو الكلمتان كأنهما حرف واحد. (٢) ما بين المربعين ساقط من أ. (٣) آية ٢٠ من السورة المذكورة. (٤) آية ٩ سورة التوبة. [.....] (٥) الآية ٨٦ من البقرة. (٦) زيادة خلت منها الأصول. (٧) الآية ١٧٥ من البقرة. (٨) ساقط من أ. (٩) يراد بالبيع المبيع. (١٠) فى الأصول «المشترى» والتصويب وجد بهامش نسخة (أ). و قوله : وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ «١» (٣٦) فإنه خاطب آدم وامرأته ، ويقال أيضا : آدم وإبليس ، وقال : «اهْبِطُوا» يعنيه ويعنى ذرّيته ، فكأنه خاطبهم. وهو كقوله : «فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ» «٢». المعنى - واللّه أعلم - أتينا بما فينا من الخلق طائعين. ومثله قول إبراهيم : «رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ». ثم قال : «وَ أَرِنا مَناسِكَنا» «٣» وفى قراءة عبد اللّه «و أرهم مناسكهم» فجمع قبل أن تكون ذرّيته. فهذا ومثله فى الكلام مما تتبيّن به المعنى أن تقول للرجل : قد تزوّجت وولد لك فكثرتم وعززتم. (١) يلاحظ أن هذه الآية ليست فى موضعها من الترتيب والأصول كلها على هذا الوضع. (٢) آية ١١ سورة فصلت. (٣) آية ١٢٨ سورة البقرة. |
﴿ ٤١ ﴾