٤٨وقوله : وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ... (٤٨) فإنه قد يعود على اليوم والليلة ذكرهما مرّة بالهاء وحدها ومرة بالصّفة فيجوز ذلك «٤» كقولك : لا تجزى نفس عن نفس شيئا وتضمر الصفة ، ثم (٤) مراده بالصفة حرف الجر كما هو اصطلاح الكوفيين ، وهو هنا (فى) المتصل بالضمير العائد على اليوم (فيه) فحذف الجار والمجرور لأن الظروف يتسع فيها ما لا يتسع فى غيرها. والحذف هنا فيه خلاف بين النحويين ، قال البصريون : التقدير «و اتقوا يوما لا تجزى فيه نفس عن نفس شيئا» ثم حذف فيه كما قال : و يوما شهدناه سليما وعامرا قليلا سوى طعن النهال نوافله أي شهدنا فيه. وقال الكسائي : هذا خطأ لا يجوز (فيه) والتقدير «و اتقوا يوما لا تجزيه نفس» ، ثم حذف الضمير المنصوب ، وإنما يجوز حذف الهاء لأن الظروف عنده لا يجوز حذفها ، قال : لا يجوز هذا رجل قصدت ، ولا رأيت رجلا أرغب ، وأنت تريد قصدت إليه وأرغب فيه. قال : ولو جاز ذلك لجاز (الذي تكلمت زيد) بمعنى تكلمت فيه. وقال الفراء : يجوز حذف (الهاء) و(فيه) ، وحكى جواز الوجهين عن سيبويه والأخفش والزجاج. تظهرها فتقول : لا تجزى فيه نفس عن نفس شيئا. وكان الكسائىّ لا يجيز إضمار الصفة فى الصلات ويقول : لو أجزت إضمار الصفة هاهنا لأجزت : أنت الذي تكلمت وأنا أريد الذي تكلمت فيه. وقال غيره من أهل البصرة : لا نجيز الهاء ولا تكون ، وإنما يضمر فى مثل هذا الموضع الصفة. وقد أنشدنى بعض العرب : يا ربّ يوم لو تنزّاه «١» حول ألفيتنى ذا عنز وذا طول و أنشدنى آخر : قد صبّحت «٢» صبّحها السّلام بكبد خالطها سنام فى ساعة يحبّها الطّعام ولم يقل يحبّ فيها. وليس يدخل على الكسائىّ ما أدخل على نفسه لأن الصفة فى هذا الموضع والهاء متّفق معناهما ، ألا ترى أنك تقول : آتيك يوم الخميس ، وفى يوم الخميس ، فترى المعنى واحدا ، وإذا قلت : كلمتك كان غير كلّمت فيك ، فلما اختلف المعنى لم يجز إضمار الهاء مكان «فِي» ولا إضمار «فِي» مكان الهاء. (١) فى ج ، ش : «تذراه» ولم نعثر على هذا البيت فيما لدينا من مراجع. (٢) صبحت أنت بالتصبيح يريد به الغداء مجازا ، من قولهم : صبح القوم وصبحهم سقاهم الصبوح ، وهو ما يشرب صباحا من لبن أو خمر. |
﴿ ٤٨ ﴾